تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الصفات و السنن الإلهية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي الصفات و السنن الإلهية

    بسم الله الرحمان الرحيم
    الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
    أما بعد
    فأهل السنة و الجماعة يأمنون بصفات الله و أسمائه و آثار صفاته في خلقه و هي توقيفية لا مجال للعقل في إثباتها أو الزيادة على ما جاء منها عن الله و رسوله بالوحي
    وقد أمرنا الله بتدبر ما في القرآن كله بما فيه صفاته و أسمائه
    و إن عقل المؤمن يدرك من آثار صفات الله في خلقه سنن كونية و أخرى إلاهية أخص منها
    و إن عقل الكافر لا يدرك إلا الكونية فهو مقر برب خالق رازق مدبر مجملا أو تفصيلا بقلبه كافر بها بلسانه و يده
    و إن المؤمن العارف بربه العارف بمراد ربه قد يوقن بهذه السنن مجملا و تفصيلا و يرتقي في علمه إلا ما فوق السماوات السبع و العرش العظيم
    قد خص الله العلماء الراسخون العلم بالألوهية أسماء و سنن و صفات لحفظ الدين و إتماما لنعمته

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    إن القرآن الكريم كثيرا ما يذكر سنة أو أثر الله الكونية أو الإلهية الشرعية ثم يختم بأسمائه الحسنى التي تدل على هذه السنة أو الأثر و في بحثنا هذا سنعرض بعض هذه الآيات القرآنية تقريرا و بيانا لهذا المنهج القرآني العظيم إنشاء الله تعالى

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    الحمد لله رب العالمين
    أول آية في سورة الحمد على أحد القولين و ثاني آية بعد البسملة في قول
    جمعت هذه الآية بين السنتين الكونية و الإلهية فجعلت السنة الإلهية أثرا للسنة الكونية
    فالحمد لله توحيد الألوهية
    رب العالمين توحيد الربوبية
    فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية و يستوجبه فمن كان ربا للعالمين كان له الحق على العالمين بالحمد
    و في هذا ضل المتكلمون في الألوهية فسلكوا مناهج كثيرة في إثبات التوحيد و أصول الدين كلها تدور حول إثبات السنن الكونية دون مدلولها الواجب من العبادة كالحمد و التسبيح و التكبير و الصلاة و الصيام و الزكات و الحج و جميع حقوق الدين من الإسلام و الإيمان و الإحسان
    هذا مجملا ما نبدأ به في هذه السلسلة المباركة إنشاء الله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    علمنا أن التوحيد قسمين توحيد الربوبية و توحيد الألوهية على سبيل الإجمال
    و الآن نذكر توحيد الألوهية ببعض التفصيل فنقول
    إن توحيد الألوهية ينقسم إلى أقسام الدين التي هي في حديث جبريل عليه السلام و هي الإسلام و الإيمان و الإحسان
    و أما توحيد الربوبية فهي أدلة كونية لما قبلها تنقسم إلى آيات فطرية نفسية و آفاقية
    قال الله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق
    و تفصيل الإسلام و الإيمان و الإحسان جاء في حديث جبريل عليه السلام
    الإسلام أن تشهد أن لا إلله إلا الله و أن محمد رسول الله و تقيم الصلاة و تأتي الزكات و تصوم رمضان و تحج البيت إن إستطعت إليه سبيلى
    و لقوله تعالى { و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون }
    و هو التسليم و الإستسلام بدايتا لله و للرسول تصديقا و طاعتا
    ثم الإيمان قال الله تعالى قالت الأعراب آمنى قل لم تأمنوا ولكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم
    و الإيمان هو أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره
    و قاعدتها إمرارها و تصديقها بلا تكييف و لا تمثيل و لا تحريف بداية ثم تفويض الكيف بلا تعطيل المعنى
    و هو الإحسان لحديث جبريل أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
    أما تفصيل توحيد الربوبية فهو ينقسم إلى فطرة في الأنفس و فطرة في الآفاق و صفات ربانية في فاطر
    و صفات الفاطر صقات حمد و صفات مجد
    فهو الحميد المجيد فمن الحمد الرحمان الرحيم و من المجد الملك
    و من الحمد التسبيح و من المجد التكبير
    هذا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و إخوانه إلى يوم الدين و سلم تسليما كثيرى

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    قال الله عز و جل { أَفَغَيْر دِين اللَّه يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا واليه يرجعون }
    { وَلِلَّهِ يَسْجُد مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالهمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال }
    { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْء يَتَفَيَّأ ظِلَاله عَنْ الْيَمِين وَالشَّمَائِل سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ }
    { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَر وَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنَ النَّاس }
    { وَلِلَّهِ يَسْجُد مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ دَابَّة وَالْمَلَائِكَة وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }
    { وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }
    { واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}
    { وإن منها لما يهبط من خشية الله}
    { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا }
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَغَيْر دِين اللَّه يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا واليه يرجعون }
    وَتَأْوِيل الْكَلَام : يَا مَعْشَر أَهْل الْكِتَاب : " أَفَغَيْر دِين اللَّه تَبْغُونَ " يَقُول : أَفَغَيْر طَاعَة اللَّه تَلْتَمِسُونَ وَتُرِيدُونَ { وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول : وَلَهُ خَشَعَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَخَضَعَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّ ةِ , وَأَقَرَّ لَهُ بِإِفْرَادِ الرُّبُوبِيَّة , وَانْقَادَ لَهُ بِإِخْلَاصِ التَّوْحِيد وَالْأُلُوهِيَّ ة { طَوْعًا وَكَرْهًا } يَقُول : أَسْلَمَ لِلَّهِ طَائِعًا , مَنْ كَانَ إِسْلَامه مِنْهُمْ لَهُ طَائِعًا , وَذَلِكَ كَالْمَلَائِكَة ِ وَالْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِين َ , فَإِنَّهُمْ أَسْلَمُوا لِلَّهِ طَائِعِينَ , وَكَرْهًا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَارِهًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى إِسْلَام الْكَارِه الْإِسْلَام . وَصِفَته
    عَنْ مُجَاهِد : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّه }
    عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } قَالَ : كُلّ آدَمِيّ قَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسه بِأَنَّ اللَّه رَبِّي وَأَنَا عَبْده , فَمَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَته فَهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ كَرْهًا , وَمَنْ أَخْلَصَ لَهُ الْعُبُودِيَّة فَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ طَوْعًا .
    عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا } قَالَ : حِين أُخِذَ الْمِيثَاق .
    وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِإِسْلَامِ الْكَارِه مِنْهُمْ : سُجُود ظِلّه .
    وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ إِسْلَام مَنْ أَسْلَمَ مِنْ النَّاس كَرْهًا حَذَر السَّيْف عَلَى نَفْسه .
    وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْإِيمَان أَسْلَمُوا طَوْعًا , وَأَنَّ الْكَافِر أَسْلَمَ فِي حَال الْمُعَايَنَة حِين لَا يَنْفَعهُ إِسْلَام كَرْهًا .
    عَنْ سُفْيَان , قَالَ فِي تَفْسِير مُجَاهِد : { وَلِلَّهِ يَسْجُد مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالهمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال } قَالَ : ظِلّ الْمُؤْمِن يَسْجُد طَوْعًا وَهُوَ طَائِع , وَظِلّ الْكَافِر يَسْجُد طَوْعًا وَهُوَ كَارِه .
    وَالْآصَال : جَمْع أُصُل , وَالْأُصُل : جَمْع أَصِيل , وَالْأَصِيل : هُوَ الْعَشِيّ , وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْر إِلَى مَغْرِب الشَّمْس
    والسجود بمعنى الميل؛ فسجود الظلال ميلها من جانب إلى جانب
    كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْء يَتَفَيَّأ ظِلَاله عَنْ الْيَمِين وَالشَّمَائِل سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ }
    وقوله: { وهم داخرون} أي صاغرون.
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَر وَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنَ النَّاس }
    قَالَ أَبَا الْعَالِيَة الرَّيَاحِيّ : مَا فِي السَّمَاء نَجْم وَلَا شَمْس وَلَا قَمَر إِلَّا يَقَع لِلَّهِ سَاجِدًا حِين يَغِيب , ثُمَّ لَا يَنْصَرِف حَتَّى يُؤْذَن لَهُ فَيَأْخُذ ذَات الْيَمِين وَزَادَ مُحَمَّد : حَتَّى يَرْجِع إِلَى مَطْلَعه .
    عَنْ مُجَاهِد : { وَكَثِير مِنَ النَّاس } قَالَ : الْمُؤْمِنُونَ .
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِلَّهِ يَسْجُد مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ دَابَّة وَالْمَلَائِكَة وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }
    يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِلَّهِ يَخْضَع وَيَسْتَسْلِم لِأَمْرِهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ دَابَّة يَدِبّ عَلَيْهَا , وَالْمَلَائِكَة الَّتِي فِي السَّمَاوَات , وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ التَّذَلُّل لَهُ بِالطَّاعَةِ .
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }
    وقوله { كل له قانتون} مقرّون له بالعبودية. وقال السدي: أي مطيعون يوم القيامة، وقال مجاهد: { كل له قانتون} مطيعون. قال: طاعة الكافر في سجود ظله وهو كاره، وهذا القول - وهو اختيار ابن جرير - يجمع الأقوال كلها، وهو أن القنوت الطاعة والاستكانة إلى اللّه وهو شرعي وقدري كما قال تعالى: { لله يسجد من في السموات ومن في الأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال} .
    و قوله سبحانه وتعالى { واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} [ص : 17]، وقوله { وإن منها لما يهبط من خشية الله} [البقرة : 74]
    و قوله سبحانه وتعالى { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا }
    يقول تعالى تقدسه السماوات السبع والأرض ومن فيهن، أي من المخلوقات، وتنزهه وتعظمه وتبجله وتكبره عما يقول هؤلاء المشركون، وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وإلهيته: ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد كما قال تعالى: { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا . أن دعوا للرحمن ولدا} .
    وقوله: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده} أي وما من شيء من المخلوقات إلا يسبح بحمد اللّه { ولكن لا تفقهون تسبيحهم} أي لا تفهمون تسبيحهم لأنها بخلاف لغاتكم، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات، كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل، وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخذ في يده حصيات فسمع لهن تسبيح كحنين النحل، وكذا في يد أبي بكر وعمر وعثمان رضي اللّه عنهم ""قال ابن كثير: وهو حديث مشهور في المسانيد.
    وقال الإمام أحمد عن أنس رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه دخل على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل، فقال لهم: (اركبوها سالمة ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوبة خير من راكبها، وأكثر ذكراً منه) وفي سنن النسائي عن عبد اللّه بن عمرو قال: نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قتل الضفدع، وقال: نقيقها تسبيح.
    وعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه؟ إن نوح عليه السلام قال لابنه: يا بني آمرك أن تقول سبحان اللّه فإنها صلاة الخلق، وتسبيح الخلق، وبها يرزق الخلق)، قال اللّه تعالى: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده} أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: في إسناده ضعف.
    وقال عكرمة في قوله تعالى: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده} قال: الأسطوانة تسبح، والشجرة تسبح، وقال بعض السلف: صرير الباب تسبيحه، وخرير الماء تسبيحه. وقال آخرون: إنما يسبح من كان فيه روح من حيوان ونبات، قال قتادة في قوله: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده} قال: كل شيء فيه روح يسبح من شجر أو شيء فيه، وقال الحسن والضحّاك: كل شيء فيه الروح.
    وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مرّ بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة ثم قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا أخرجه الشيخان عن ابن عباس مرفوعاً، قال بعض من تكلم عن هذا الحديث من العلماء، إنما قال ما لم ييبسا: لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة فإذا يبسا انقطع تسبيحهما، واللّه أعلم. وقوله: { إنه كان حليما غفورا} أي إنه لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، بل يؤجله وينظره، فإن استمر على كفره وعناده أخذه أخذ عزيز مقتدر كما جاء في الصحيحين: (إن اللّه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة} الآية.
    وقال تعالى: { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة} الآية.
    وقال: { وكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة} الآيتين ومن أقلع عما هو فيه من كفر أو عصيان ورجع إلى اللّه وتاب إليه، تاب عليه كما قال تعالى: { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللّه} الآية.
    وقال ههنا: { إنه كان حليما غفورا} كما قال في آخر فاطر: { إن اللّه يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا} إلى أن قال: { ولو يؤاخذ اللّه الناس} إلى آخر السورة.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    سنة العدل في الإسلام هي أعظم السنن الإلهية و هذا مقال وجدته بعنوان العدل قيمة إسلامية مطلقة أنشره أمامكم بارك الله في كاتبه و كل من ساعد على نشره

    العدل صفة من صفات الإنسانية المستقيمة، جاء في لسان العرب: العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَـوْر، وفي أَسـماء الله - سبحانه -: العَدْل هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه، ورَجُلٌ عَدْلٌ: رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة.
    ومن الألفاظ الدالة على العدل لفظ القسط؛ فمعناهما واحد، وضد العدل ونقيضه: الظلم والجور، والظُّلْمُ: وَضْع الشيء في غير موضِعه، والظُّلْم: المَيْلُ عن القَصد.
    العدل والتوحيد:
    إن مما يدل عليه القيام بالعدل وترك الظلم: التسوية بين المتمـاثلات والتفـرقـة بين المختـلفـات، ولمـا كـان اللـه - تعالى - لا مِثْل له ولا نِدَّ له ولا كفؤ له كما قال - سبحانه وتعالى -: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٢]، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]؛ فكان التفريق بين الخالق والمخلوق - وهو التوحيد - من العدل؛ لذا كان توحيد الله - تعالى - وإفراده بالعبادة أعلى مراتب العدل وأوضح صوره، وكانت المساواة بين الله - تعالى - وخلقـه مـن أبين صـور الظلـم وأقبحـه. قـال الله - سبحانه وتعالى - في ذم المشركين: {الْـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]، يثني الله - تعالى - على نفسه ويحمدها معجِّباً خلقَه المؤمنين من كَفَرة عباده؛ حيث يعدلـون (يسوون) بربهـم ما يعبدون من الأصنام والأوثان وهو الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور بما في ذلك من المنافع والحِكَم التي لا تحصى؛ لذا كان العدل اسماً من أسماء الله الحسنى، وكان الكفر بالله - تعالى - والشرك أقوى مراتب الظلم وأظهر صوره. قال الله - تعالى -: {وَالْكَافِرُون هُمُ الظَّالِـمُونَ} [البقرة: 254]، وقال - تعالى -: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، والعدل في النصوص الشرعية جاء على عدة أوجه من التصرف؛ فمنها النصوص الآمرة به أو المبينة لفضله، ومنها النصوص الزاجرة عن ضده أو المبينة لقبحه. قال - تعالى -: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] فأرسل الله رسله بالبينات المفصَّلات الواضحات وأنزل معهم الكتاب والميزان ليعمل الناس بينهم بالعدل؛ فكان العمل بالعدل من الثمار المرجوة من بعثة الرسـل - عليهـم الصـلاة والسـلام - على امتداد التـاريخ؛ إذ لا تصلح الحياة ولا تستقيم إلا بالعدل؛ «فعن عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله! لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض»[1]، وقال ابن تيمية: «... وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم، ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم»؛ فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفوراً له مرحوماً في الآخرة؛ وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة»[2].
    والعدل كما يتناول التوحيد فإنه يتعدى ذلك ليشمل السلوك الإنساني كله: في الفكر والتصورات، وفي القول والعمل، مع الذكر والأنثى، والكبير والصغير، والقريب والبعيد، والموافق والمخالف، والصديق والعدو، والغني والفقير؛ فالعدل قيمة مطلقة لا يدخلها تقييد، وقد دلت النصوص الشرعية على ذلك كله.
    العدل مع الأولاد: أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن الشعبي: (حدثني النعمان بن بشير أن أمه بنت رواحة، سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهِد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي - وأنا يومئذٍ غلام - فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بشير ألك ولد سوى هذا؟» قال: نعم. فقال: «أكلهم وهبت له مثل هذا؟» قال: لا. قال: «فلا تشهدني إذاً؛ فإني لا أشهد على جور»)[3].
    العـدل مع الغنـي والفقيـر، والقـريب والبعيد: قال اللـه - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا} [النساء: 135]. قال ابن كثير في تفسيرها: «يأمر - تعالى - عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط؛ أي بالعـدل، فـلا يعدلـوا عنـه يمينـاً ولا شــمالاً، ولا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه... قوله: {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ}؛ أي: اشهدِ الحق ولو عاد ضررها عليك وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه؛ وإن كان مضرة عليك؛ فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجاً ومخرجاً من كل أمر يضيق عليه. وقوله: {أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ }؛ أي: وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فإن الحق حاكم على كل أحد، وهو مقدَّم على كل أحد. وقوله: {إن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}؛ أي: لا ترعاه لغناه ولا تشفق عليه لفقره؛ الله يتولاهما، بل هو أولى بهما منك، وأعلم بما فيه صلاحهما. وقوله: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا}؛ أي: فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغضة الناس
    إليكم، على ترك العدل في أموركم وشؤونكم، بل الزموا العدل على أي حال كان، كما قال - تعالى -: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨]»[4].
    العدل مع الأعداء والأصدقاء: قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: ٨]. قال ابن جرير الطبري: «وأما قوله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا} [المائدة: ٨] فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوةُ قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة {اعْدِلُوا}أيها المؤمنون، على كل أحد من الناس وليّاً لكم كان أو عدوّاً، فاحملوهم علـى ما أمرتُكـم أن تحملـوهم عليه من أحكـامي، ولا تجوروا بأحد منهم عنه، وأما قوله: {هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فإنه يعني بقوله: {هُوَ} العدلُ عليهم أقرب لكم - أيها المؤمنون - إلى التقوى؛ يعني: إلى أن تكونوا عند الله باستعمالكم إياه من أهل التقوى، وهم أهل الخوف والحذر من الله أن يخالفوه في شيء من أمره، أو يأتوا شيئاً من معاصيه»[5].
    العدل مع القوي والضعيف، والشريف والوضيع: سرقت امرأة قرشية من بني مخزوم فطلب أهلها من أسامة بن زيد(حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن يتوسط لهم عند رسول الله في ترك إقامة الحد عليها فأبى الرسول العظيم ذلك وقال قولته المشهورة التي تبيِّن إصرار الرسول صلى الله عليه وسلم على إنفاذ الحدود على كل أحد بلا تفـرقة بين شـريف ووضيـع أو قوي وضعيف علـى ما تبينه الرواية التالية؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - «أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله، ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»[6].
    وقد أمر الله بالعدل في أكثر من موضع من كتابه الكريم فقال - تعالى - آمراً بالحكم بالعدل: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على الحاكمين بالعدل فقال: «المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم وما ولوا»[7]. وقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضيلة الحاكم العادل فقال: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل...» الحديث[8]، وقال: «وإنما الإمام جُنَّة يقاتَل من ورائه ويُتقَى به؛ فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجراً وإن قال بغيره فإن عليه منه»[9].
    وقال - تعالى - آمراً بقول الحق: {وَإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152]، وقال آمراً بالعدل في الصلح بين الفئات المتقاتلة: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا} [الحجرات: ٩]، وقال في كتابة الدين: {وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢]، وقال في إملاء الدين: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢]، وقال آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم في ما يقوله في دعوته لأهل الكتاب: {وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى:15]، وقال آمراً بالعدل في كل شيء أمراً مطلقاً: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ} [النحل: 90].
    وهكذا نجد العدل قد انتظم كل أحوال المسلمين: في سلوكهم وأنشطتهم، في أقوالهم وأفعالهم مع الخلق طراً.
    وقد منع الله - تعالى - ما يقابل العدل ويناقضه وهو الظلم فقال في الحديث القدسي: «يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرَّماً، فلا تظالموا»[10]، وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم محذراً من الظلم: «اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»[11].
    وقد أثبت التاريخ القديم والحديث أن غياب العدل وشيوع الظلم كان سبباً رئيساً في انهيار الحضارات، وسقوط أنظمة حُكْم دولٍ قويةٍ لم يكن يتصور أحد من الناس سقوطَها بسهولة في أيام معدودات، وفي هذه الأيام انهارت أنظمة حكم انهياراً تاماً ولم ينفعها ما تحصنت به من السلاح والرجال؛ وذلك لشيوع الظلم في جنباتها وغياب العدل فباءت بالخسران في الدنيا مع ما ينتظرهم من عقاب الله الجبار المنتقم في الآخرة.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    تفصيلا لسنة العدل هذه بعض الآيات في إنزل الجزاء بالعقاب على الظالم في الدنيا و أنها عبرة لمن إعتبر
    قال الله تعالى : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً) (سورة الإسراء آية 77)، (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) (فاطر 43)، (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (سورة الأحزاب 62)، (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) (سورة الحجر 13)، (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُو ا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً) (سورة الكهف 55)، (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) (الأحزاب 38)، (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (سورة الفتح 23)، (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) ( سورة غافر 85)، كما فيه الإرشاد إلى الاعتبار من قصص السابقين وتجاربهم (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (سورة الحشر 2).
    يخبر الله تعالى أن سننه الكونية في ربوبيته على الكفار و المنافقين المكذبين لرسله السابقين لا تتبدل و لا تتحول في هذه الأمة مع نبينا محمد صلى الله عليه و سلم في حياته و بعد وفاته إلى قيام الساعة و أن لكل أمة أجل محدود يملي و يمهل و يستدرج له و العاقبة للمتقين
    الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلكُمْ سُنَن فَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلكُمْ سُنَن } مَضَتْ وَسَلَفَتْ مِنِّي فِيمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ يَا مَعْشَر أَصْحَاب مُحَمَّد وَأَهْل الْإِيمَان بِهِ , مِنْ نَحْو قَوْم عَاد وَثَمُود , وَقَوْم هُود , وَقَوْم لُوط وَغَيْرهمْ مِنْ سُلَّاف الْأُمَم قَبْلكُمْ سُنَن , يَعْنِي ثَلَاث سِيَر بِهَا فِيهِمْ وَفِيمَنْ كَذَّبُوا بِهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ , بِإِمْهَالِي أَهْل التَّكْذِيب بِهِمْ , وَاسْتِدْرَاجِي إِيَّاهُمْ , حَتَّى بَلَغَ الْكِتَاب فِيهِمْ أَجَله الَّذِي أَجَّلْته لِإِدَالَةِ أَنْبِيَائِهِمْ وَأَهْل الْإِيمَان بِهِمْ عَلَيْهِمْ , ثُمَّ أَحْلَلْت بِهِمْ عُقُوبَتِي , وَنَزَلَتْ بِسَاحَتِهِمْ نِقْمَتِي , فَتَرَكْتهمْ لِمَنْ بَعْدهمْ أَمْثَالًا وَعِبَرًا . { فَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ } يَقُول : فَسِيرُوا أَيّهَا الظَّانُّونَ أَنَّ إِدَالَتِي مَنْ أَدَلْت مِنْ أَهْل الشِّرْك يَوْم أُحُد عَلَى مُحَمَّد وَأَصْحَابه لِغَيْرِ اِسْتِدْرَاج مِنِّي لِمَنْ أَشْرَكَ بِي , وَكُفْر بِرُسُلِي , وَخَالَفَ أَمْرِي فِي دِيَار الْأُمَم الَّذِينَ كَانُوا قَبْلكُمْ , مِمَّنْ كَانَ عَلَى مِثْل الَّذِي عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِرَسُولِي , وَالْجَاحِدُونَ وَحْدَانِيّتِي , فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة تَكْذِيبهمْ أَنْبِيَائِي , وَمَا الَّذِي آلَ إِلَيْهِ عَنْ خِلَافهمْ أَمْرِي , وَإِنْكَارهمْ وَحْدَانِيّتِي , فَتَعْلَمُوا عِنْد ذَلِكَ أَنَّ إِدَالَتِي مِنْ أَدَلْت مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَى نَبِيّ مُحَمَّد وَأَصْحَابه بِأُحُدٍ , إِنَّمَا هِيَ اِسْتِدْرَاج وَإِمْهَال , لِيَبْلُغَ الْكِتَاب أَجَله الَّذِي أَجَّلْت لَهُمْ , ثُمَّ إِمَّا أَنْ يَئُول حَالهمْ إِلَى مِثْل مَا آلَ إِلَيْهِ حَال الْأُمَم الَّذِينَ سَلَفُوا قَبْلهمْ مِنْ تَعْجِيل الْعُقُوبَة عَلَيْهِمْ , أَوْ يُنِيبُوا إِلَى طَاعَتِي وَاتِّبَاع رَسُولِي .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    18

    افتراضي رد: الصفات و السنن الإلهية

    من أخص السنن الإلهية و الكونية سنة الوفاق و التوفيق و هي داخلة تحتها سنة المساوات
    فقد فرض الله المساوات بين الأبناء في العطية مثلا
    و يا أخي القارء نضرا لضيق وقتي أطلب منكم الإدلاء بأدلت شرعية و كونية على سنة الوفاق و المساوات
    و أقصد بالوفاق بالتفاضل و المثل على قدر العمل و العامل في الجنس أي الجزاء من جنس العمل و لكل ذي فضل فضله
    و بارك الله فيكم و رحم الله عبدا أهدا إلي دليلا
    أخلص عملك لله يكفيك منه القليل

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •