تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 27

الموضوع: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

  1. #1

    افتراضي منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    في شرح الشيخ حفظه الله لسنن الترمذي وإكماله لبَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ أَمَّ قَوْماً وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ ، وبَاب مَا جَاءَ إِذَا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً , سئل حفظه الله هذا السؤال :

    إذا أراد طالب العلم أن يقرأ كتب الفقه فما المنهجية في ذلك ؟

    فأجاب بالتالي: :
    بسم الله ، الحمد لله ، والصلاة والسلام على خير خلق الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أمابعد :
    الله المستعان لو نجلس إلى الفجر في منهجية الفقه ما يكفي !

    الفقه علم عظيم ليس بالأمر الهين والمنهجية في قراءة المتون والشروح والمطولات يعني الكلام عليها متشعب ؛ لكن على كل حال طبعاً :

    أولاً : لابد من متن يقرأه طالب العلم في الفقه .

    ثانياً : لابد من شيخ يضبط ذلك المتن ويعرف دليل مسائله من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم والأدلة العقلية المبنية على الأدلة النقلية ، فإذا وُجد المتن المناسب والعالم الذي ضبط الفقه وضبط ذلك المتن الشيخ الذي تريد أن تقرأ عليه إسأله هل قرأت هذا المتن على أحد هل عنده إجازة هل اتصل سنده ما تقرأ لكل واحد كل من هب ودب ما يصلح هذا.

    كذلك - أيضاً - ينبغي أن يكون شيخاً واحداً ما تقرأ كتاب العبادات على شيخ والمعاملات على شيخ ؛ السبب أن الفقه له أدلة فإذا كان الشيخ الأول يدرسك بطريقة وبأدلة أو رجح بطريقة فالآخر لا يتفق معه في نفس الطريقة ، وهذا الذي جعل العلماء-رحمهم الله- يدونون علم الأصول حتى لا يصبح الشخص متلاعباً بالأدلة فتارة يرى المفهوم حجة في العبادات ولا يراه حجة في المعاملات ، ومن هنا كانوا يقولون : من أقوى ما تكون دراسة الفقه إذا درس معه الحديث على شيخ واحد والتفسير فيصبح استنباطه لأدلة الكتاب والسُّنة على منهج واحد وطريقة واحدة لا تتعارض ولا تتناقض .

    ما الذي جعل العلماء يجعلون أصول الفقه عند الحنابلة ، المالكية ، والشافعية ، والحنفية-رحمة الله عليهم- ، والظاهرية لماذا دون ؟
    يعني الإمام ابن حزم-رحمة الله عليه- من أغير الناس على الكتاب والسُّنة كغيره من العلماء والأئمة ؛ ولكن ألف في الأصول ؛ لأن الفهم له طريقة معينة فلابد أن تفهم ، إذا كان تقرأ على الشيخ زيد مثلاً كتاب الصلاة ، ثم تقرأ على الآخر كتاب الزكاة طيب الشيخ زيد يرجح أن المفهوم حجة ويقرر لك فيما بينك وبين الله أنك تتعبد بمسائل مبنية على دليل المفهوم ، ثم جاءك الشيخ الآخر وإذا به لا يرى هذا المفهوم حجة ويبطل مسائل فيها دليل المفهوم فكيف يكون الدليل هنا حجة وهنا ليس بحجة .؟

    هذا الذي جعل العلماء يقولون : أنه لابد من القراءة على مذهب واحد ؛ لكن لا يتعصب له الإنسان من أجل ما تضطرب عنده الموازين وتختل يقرأ على مذهب بالدليل ويكون العالم الذي يقرؤه ضابطاً للأدلة .

    فإذا ضبط المسائل وضبط أدلتها ، يرتقي بعد ذلك إلى القول المخالف ، ثم وجه المخالفة ، ثم الترجيح حتى يصل إلى درجة الاجتهاد ، ولذلك ما من عالمٍ ولا إمام ويصل إلى درجة الاجتهاد إلاَّ بعد أن تمذهب على مذهب ، فحولك العلماء والأئمة كلهم أخذوا بمذهب ، نجد مثلاً الحافظ ابن عبدالبر-رحمه الله- كان مالكياً وقرأ مذهب الإمام مالك ، ثم اجتهد في المذهب ونبغ فيه حتى أصبح من أئمته ، ثم خرج حتى أصبح إماماً مجتهداً له أصوله ، كذلك الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية قرأ في مذهب الحنابلة وكان يقول : وبه قال أصحابنا .. ، بل في بعض الأحيان يقول : ونُسب هذا القول إلى إمامنا والصحيح أنه لا يقول بهذا ، ويجتهد حتى في داخل المذهب ويناقش أصحاب المذهب نفسه ، كذلك - أيضاً - الحافظ ابن حجر-رحمه الله- كان شافعي المذهب ، الإمام النووي كلهم كانوا على مذهب ؛ لكن لا يتعصب الإنسان لقول يصادم حجة من كتاب الله وسنة النبي ، فإذاً :
    قضية المذهبية ضبطٌ للأصول فإذا غلي فيها غلواً شنيعاً حتى تصبح كأنها حجة وبرهان لا ، وإذا احتقرت احتقاراً كاملاً فأصبح الشخص مذبذباً لا ضابط له ولا أصل لم يجد فقهاً .

    ولذلك انظر إلى الذي يتفقه على أصلٍ واحد وانظر إلى الذي ليس له أصل يتفقه عليه ، وانظر إلى طالب العلم الذي يدرس بدراسة متأنية راعى فيها ضوابط العلماء-رحمهم الله- بالتسلسل والتدرج والذي يقرأ بدون هذا التسلسل وهذا التدرج تجد البون بينهما بوناً شاسعاً ، وتجد الذي يضبط الفقه ضبطاً دقيقاً يعطيك القول في العبادة ، ثم تسأله مباشرة عن مسألة في البيع فيجيبك ، ثم تسأله عن مسألة في آخر الفقه في القضاء والأيمان والنذور فيجيبك ، العلوم عنده مرتبة منظمة أخذت على شيخ بضابط بأصل واضح يعرف ما الذي له وما الذي عليه ، فكانوا يقولون : فقه الأوائل كالبناء المستحكم لماذا تجد في بعض الأحيان عند بعض الفقهاء أقوالاً غريبة يكون له قول غريب مثلاً في المعاملات ؟
    السبب أنه لما دخلوا في هذا الباب كانوا لاينظرون إلى آية آو حديث كانوا يجمعون أحاديث الباب وأدلة الباب ، ولذلك عندهم في كل باب ما يسمونه بالأصل ، والأصل هو الآية والحديث الذي تفرعت عليه مسائل الباب فيدرسون هذا الأصل ، إذا كان عام ما الذي خصصه ، وإن كان مطلق ما الذي قيده ، وإذا كان له محترزات وقيود واستدل بالإجماع أو بأصول شرعية وقواعد شرعية ضبطوا هذه الأصول وحرروها ، فتجد القول في مسألة غريباً ؛ لكن السبب أنهم ضبطوا ذلك بأصلٍ واحد فلم يختل عندهم هذا الأصل وصاروا فيه بمنهج واحد فتجدهم يضبطونه ، وفي بعض الأحيان تجد الشخص يقرأ المسألة يقول هذا القول غريب ما له دليل لا من كتاب ولا من السنة ؛ لأنه يريد دليلاً على المسألة بعينها .

    مثلاً : عند المالكية-رحمة الله عليهم- قال مالك في مسألة المساقاة : إذا كان الزرع تتبع الأرض التي فيها زرع في حدود الثلث وما زاد عن الثلث فلا يتبع ، يأتي شخص ويقول : انظر كيف الرأي ثلث ما الدليل على الثلث وغير الثلث ، فتجد الإمام مالك-رحمه الله- لماّ سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد : (( الثلث والثلث كثير )) قال : العبرة عندي بعموم اللفظ فلا بخصوص السبب ، اللفظ يقول : (( الثلث كثير )) فهو يريد أن يمنعه من الوصية بالكثير فنطق بالثلث فإذا كان الذي يتبعه يسيراً اغتفر ، وإذا كان كثيراً لم يغتفر ما الضابط الذي يفرق بين الكثير وغيره؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( الثلث والثلث كثير )) انظر هذه مسألة في المساقاة في بطون مسائل الإجارات عند المالكية أنها نوع من الإجارات المجهولة ، تأتي إلى مسألة في أوائل العبادات المسح على الخفين قال : إذا كان الخف مخرق وكانت فيه خروق تصل إلى ثلث الخف أثرت ، وأما إذا كانت دون الثلث لم تؤثر ، أخذ أصلاً عاماً وضابطاً عاماً ما اختلف عنده لا في عبادة ولا في معاملة طيب إذا جاء واحد ويقرأ وكان يرجح (( الثلث والثلث كثير )) وجاء في مسألة العبادات وقرأت عليه على أن الثلث وأخذت ضابط الثلث في العبادات على هذا الأساس ، ثم قرأت باب الأنكحة أو باب البيوع على شيخ آخر لا يرى الثلث ولا يرى الثلث كثيراً كيف يكون الحال ؟*
    هنا ترى نص حديث رسول الله حجة وهنا لا تراه حجة ، هنا تختل الموازين (( يفقه في الدين )) يأخذ أصلاً ويسير عليه وينضبط به أنا أقول طبعاً هذا الحديث فيه نظر ؛ لكن نقول أنظروا إلى استنباط العلماء هو يقول : بدل ما اجعل ضابط للقليل والكثير باجتهادٍ من عندي أجعل ضابط ورد الشرع به وعندهم الاستئناس بالوارد .

    تجد مثلاً عند الحنفية-رحمهم الله- مثلاً تارة يقولون : إن العبرة بالاثنين للتكرار فإذا وصل إلى الثلاث خلاص صدق عليه أنه متكرر إذا جاء يعلم الصيد الكلب الذي-أكرمكم الله- يعلم الصيد طبعاً الشرط أنك تدعوه يأتيك تصيح عليه صيحة بينك وبينه يعرفها تشليه فينشلي فيشمل هذا أنك تصيح عليه صيحة فيأتي ، ثم تصيح عليه صيحة تحرشه على الفريسة يستجيب إذا كرر هذا مرتين عند الحنفية ناديته فجاء ثم ناديته فجاء ثم حرشته مرة فأجاب ، ثم حرشته المرة الثانية فاستجاب فجأه ظهر لك صيد فحرشته بعد المرة الثانية فذهب وأمسك بالصيد وجاء به ميتاً حل أكله ؛ لأنه معلم خلاص صدق عليه أنه متعلم بعد المرتين فجعلوا أن المرة الثانية تقول له في المرة الثانية دخل في التعليم ، بناءً على هذا صار أصل عندهم ، التكرار في العادة هذا بالنسبة للصيد ، جاءوا في العادة المرأة التي أصابها الحيض إذا كان المرأة عادتها ستة أيام وانضبطت ستة أيام ، بعد سنة ، سنتين ازداد يوماً فوجئت يوم من الأيام وأصبح الحيض سبعة أيام في الشهر الأول تحسب ستة واليوم السابع استحاضه تصوم وتصلي ، في الشهر الثاني إذا جاءها في الشهر الثاني وعادوها ثبتت عادتها بالشهر الثاني وانتقلت إلى كونها معتادة بسبع لا بستٍ ، إذاً ضبطوا هذا الأصل عبادةً ومعاملةً .

    في بعض الفقهاء قالوا : لا الجمهور عندهم أنه لابد من الثلاثة ، لابد من الثلاث في مسألة العادة ولايحكم بكونها حائض انتقلت عادتها من عدد إلى عدد إلا إذا تكررت ثلاثة أشهر بمعنى واحد وعدد واحد ، بناءً على ذلك الفرق أن الحنفية ينقلونها ، والجمهور لا ينقلونها ، لو أنه قرأ باب العبادات على شيخ يرجح الاثنين ، وعبد الله عز وجل بهذا ثم جاء في باب الصيد على شيخ يرجح الثلاثة إذاً تختل هذا فقط في أمثلة بسيطة فكيف بالأدلة والنصوص ووجه الاستنباط هناك أمور في أصول الفقه تحار فيها العقول يعني يمكن المسألة من المبحث ، أو الفرع من المسألة من المبحث تجد فيها أصلاً يحار فيه العقل ، فهذه أمور ليست بالهينة لا يظن أحد أن الفقه لقمه سائغة مسائل وأنه إذا جـاء وقرأ باباً أو كتاباً أنه انتهى وأصبح فقيهاً أبداً وقد يقرأ مثلاً كتاب النكاح ، كتاب الصيد ، كتاب الأيمان ، كتاب النذور ولكنه ليس بفقيه ، ولو قرأه بالمذاهب الأربعة بأدلتها وردودها والمنقاشات والنقاش التي وقعت فيها فليس بفقيه ؛ لأنه لن يستطيع أن يجد الشريعة مقطعة الأوصال ؛ وإنما يجدها تامة كاملة مترابطة الأجزاء .
    ومن هنا تجد القصور فيمن يأخذ حديثاً في مسألة لا ينظر معه إلى أحاديث أخر ، ولا ينظر معه إلى أصول عامة وقواعد عامة في البيوع وفي المسألة كل هذا يرجع إلى جمع النصوص ، ولذلك كانوا يستحبون في قراءة الفقه أن يجمع في قراءة الفقه والحديث والتفسير على أصلٍ واحد ، ثم بعد ذلك يتوسع ولا يتعصب ، فإذا قرأ على هذا الأصل وكان الأصل مقعداً صحيحاً ، وجاءه غيره أدرك فضل الله عليه بضبط ذلك المأصل وعرف قيمة ما وهبه الله عز وجل، وإن كان الذي قرأه ضعيفاً ووجد ما هو أقوى منه رجع إلى الحق فالرجوع إلى الحق فضيلة وفريضة.
    وبناءً على ذلك لابد :

    أولاً : أن تكون قراءة الفقه باختصار أن تكون قراءة الفقه مرتبه على منهج السلف بقراءة المتون المختصرة ، ثم أدلتها ، ثم يتوسع طالب العلم بعد ذلك ، ويشترط أن يقرأ على شيخ واحد وعلى أصلٍ واحد حتى لايتذبذب ولا يتناقض .

    الأمر الثاني في قراءة الفقه : أن تكون المنهجية في القراءة طبعاً هذا أول شيء المنهجية في اختيار الفقه وطريقة قراءته ، ثم بعد ذلك على ذلك الشيخ أن يُعلم طالب الفقه التصورات والأحكام ، فلا ينتقل إلى حكم مسألة حتى يتم تصورها ، لا تقرأ مسألة بأدلتها وردودها قبل أن تتصورها أول شيء تصور المسألة ، والتصورات تحتاج إلى معرفة كتب اللغة ، وكتب المصطلحات المتخصصة ، ثم بعد ذلك بعد أن يضبط هذه الأشياء يتصور المسائل ، ثم بعد أن يتصور المسائل يتصور أحكامها وهذا يحتاج معه إلى مقدمات في أصول الفقه ويحتاج معه إلى تبيسط بعض القواعد الفقهيه والأصول العامة في الشريعة حتى يفهم بها ، ومما يعين على ضبط الفقه أن طالب العلم دائماً يحرص على قلة المسائل ، أخرج من درسك وعندك ثلاث أو أربع مسائل ولا تشتت نفسك ، ثم اجلس طيلة الأسبوع أو طيلة اليوم وأنت تكرر هذه الثلاث مسائل حتى تمل يعني طلاب العلم اليوم بمجرد ما يجلس في الدرس ويفهم المسألة ويتصورها يجد أنه قد انتهى !
    أبداً اقرأ المسألة قبل جلوسك في مجلس العلم وأثناء جلوسك في مجلس العلم وذاكر فيها ، ثم بعد أن ترجع راجع وراجع إذا وصلت درجة الملل ستجلس يوم تجلس للفتوى والسؤال وأنت منهك البدن مشتت الذهن قل أن تُخِطئ في حرفٍ واحد من توفيق الله عز وجل؛ لأن من كانت له بداية محرقة من كان جد واجتهد في تحصيل هذا العلم وتعب وجلس ، وكانوا يجلسون من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر وهم يكررون أربع مسائل أو خمس مسائل في الفقه وبهذا يضبط العلم ، أما الشخص يريد مثلاً في العطلة الصيفية أن ينتهي من كتاب العبادات وإن كان تيسر معه المعاملات شيء طيب ، وإن كان مع الفقه الأصول فأطيب وإن لَحّقَ بهذا التفسير والعقيدة.. ما يحصل هذا (( إن المنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضا قطع )) - يا أخي في الله - ليست القضية أن يخرج الإنسان إلى الناس ؛ ولكن القضية أن يرضي رب الجنة والناس وأن ينصح لدين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا وقف فقيهاً وقف على أرض ثابتة فجعل الله له النور فيما يقول والحق الذي يبلغه من رسالة الله عز وجل لعباده.
    - فنسأل الله العظيم ، رب العرش الكريم ، أن يلهمنا السداد والصواب ، إنه ولي ذلك والقادر عليه -

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    21

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جَزَاكَ اللهُ خيراً

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    147

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاك الله خيرا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    90

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاكم الله تعالى خيرًا ، كلام نفيس جدًا ، و الموضوع يستحق التثبيت .
    و قد قال العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في بداية شرح صوتي له على الواسطية : (( أحث طلبة العلم على أن لا يتشوفوا إلى الخلاف بين العلماء ، لأن النفوس تحب الإطلاع ، فتجد الرجل يحب أن يطلع - مثلا - على "المغني" ، على "شرح المهذب" ليطلع على أقوال العلماء ، و لكن هذا بالنسبة للطالب المبتديء ضرر عظيم ، لأنه يتشتت ذهنه ، و لا يكون له شيء يركز عليه ، بل يركز أولا على الأشياء المختصرة التي ليس فيها أقوال ، و لا أخذ و رد ، ثم إذا ترعرع و مشى شوطًا بعيدًا فحينئذ يمكن أن يطلع على خلاف العلماء .
    و كذلك – أيضًا - أوصيكم بأنكم إذا قعدتم عند عالم تدرسون عنده أن تعتقدوا أنه عالم معلم ، لا حاك للأقوال أو حاك للشروح فقط ، معلم بمعنى أنه أسوة لكم تقتدون به في علمه و في آراءه و في أعماله الصالحة ، حتى يكون لكم نبراسًا تمشون عليه .
    أما الإنسان الذي يجلس عند العالم ليطلع على ما عنده من علم فقط فلن يستفيد كثيرًا ، بل هو شيخك [ ... ] اقتد به ، خذ بأقواله ، احترمها ، لا تطلب غيرها ، كما كنا نفعل و كان غيرنا أيضًا يفعلون ، نعتقد أن شيخنا هو شيخنا ، هو أسوتنا ، هو قدوتنا ، و لا نبغي بديلا بقوله ، بل نأخذ به ، و إذا قدر للإنسان أن يترعرع و يؤتى علمًا كثيرًا فإنه يجب عليه أن يتبع ما دل عليه الكتاب و السنة ، لأن شيخه غير معصوم ، لكن في أول الطلب لا . اجعل شيخك قدوة لك في العلم و العمل و الخلق حتى تنتفع منه ، أما أن تجلس على شيخ لتنظر ما عنده فهذا غلط .
    كذلك أوصيكم إذا قرأتم على عدة مشايخ أن لا تدرسوا على كل شيخ ما درستموه على الآخر ، فمثلا تدرسون على هذا في النحو فهو شيخكم لا تتعدوه إلى غيره ، في التفسير هو شيخكم لا تطلبوا التفسير عند غيره ، في الفقه هو شيخكم لا تطلبوا الفقه عند غيره .
    لأنكم إذا فعلتم ذلك ارتبكتم ، و العلماء يختلفون في علمهم و فهمهم و مآخذهم للأحكام من أدلتها اختلافًا كثيرًا فلا تشتتوا أذهانكم .
    و الإنسان – الحمد لله – في سعة ما دام لم يصل إلى حدٍّ يتمكن به من أخذ الأحكام من أدلتها بنفسه ، فإذا وصل إلى هذا فهو – على كل حال – واجب عليه أن يتبع ما جاء به الدليل . لكن لا تجعلوا لأنفسكم شيخين في فنٍّ واحدٍ ، فإنكم سوف تتعبون و سوف تتذبذبون ، ثم إذا جلستم عند واحدٍ و قرر ما يقوله بالأدلة و التعليل ، ثم عند آخر و قرر خلافه بما يرى أنه دليل و تعليل حينئذ يتوقف الطالب : من يتبع ؟ فتضيع عليه الأمور )) .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    90

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    للرفع .

  6. #6

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    الحمد لله

    جزاك الله الناقل و المنقول عنه خيرا .

    يرفع لأهميته.
    ( صل من قطعك

    وأحسن إلى من أساء إليك

    وقل الحقّ ولو على نفسك )

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    129

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    ما شاء الله !
    شيوخَنا الكرام : جزاكم الله خيرا على هذه النصائح المفيدة ..
    نسأل الله الإعانة .
    كُنْ كالنخيْل عَن الاحْقَاد مُرْتَفعَا
    يُرْمَى بصَخْر فَيُعْطي أجْوَدَ الثمَر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    للرفع بارك الله فيك

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    قال الشيخ :

    (- يا أخي في الله - ليست القضية أن يخرج الإنسان إلى الناس ؛ ولكن القضية أن يرضي رب الجنة والناس وأن ينصح لدين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا وقف فقيهاً وقف على أرض ثابتة فجعل الله له النور فيما يقول والحق الذي يبلغه من رسالة الله عز وجل لعباده ..)

    و ما أعظمها منه غفر الله له و سدد خطاه .

  10. #10

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك على نقلك الكلمات المفيدة من هذا الشيخ الجليل
    وأتمنى أن لا نقف عند الشكر فقط بل ليحاول كل شخص بقدر إستطاعته أن يثري هذا الموضوع سواء بالتأيد أو الإضافة أو المخالفة و أن يضيف طريقة أو فائدة يرى أنها مناسبة إذا كانت لديه.
    و أقترح على من لم يقرأ مقدمة النووي على المجموع أن يقرأها ومن قرأها أن يعيد قرأتها فهي مليئة بالفوائد.
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    298

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو رزان العربي مشاهدة المشاركة
    و أقترح على من لم يقرأ مقدمة النووي على المجموع أن يقرأها ومن قرأها أن يعيد قرأتها فهي مليئة بالفوائد.
    بارك الله فيك على هذه الفائدة..وهذا رابط لمقدمة الامام النووي رحمه الله:

    http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=1298

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    298

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زيد الشنقيطي مشاهدة المشاركة

    أولاً : لابد من متن يقرأه طالب العلم في الفقه .
    ثانياً : لابد من شيخ يضبط ذلك المتن ويعرف دليل مسائله من الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم والأدلة العقلية المبنية على الأدلة النقلية
    هل يعرف احدا متنا مالكيا تنطبق عليه هذه الشروط؟

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاكم الله خيرا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    13

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    من باب المشاركة .. فهذه كلمة من مشكاة العالم محمد بن محمد المختار الشنقيطي يذّكر فيها طالب العلم ببعض النصائح والارشادات وهي مبتسرة من مقدمة شرحه على الزاد .. أترككم تستمتعون مع هذه الكلمة النورانية من هذا العالم الزاهد ..

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه والتابعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:
    فالحمد لله الذي أكرمنا بأن تغبرت الخطا في طاعته ومحبته ومرضاته، وهنيئاً لطلاب العلم يوم خرجوا من البيوت إلى حَلْقة من حلق العلم، وروضة من رياض الجنة، أسأل الله العظيم أن يكتب لنا ولهم أجر الخطا، وأن يوجب لنا ولهم بها من لدنه الحب والرضا. أيها الأحبة في الله: إن الله تعالى إذا أراد بالعبد خيراً شرح صدره للعلم، وشرح صدره لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل ذلك الصدر والقلب بمثابة الحِواء والوعاء لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. إنها نعمة العلم التي شرح الله بها صدور العلماء، فرفع لهم بها القدر، وأعظم لهم البهاء، فعظم بها عند الله قدرهم، وانشرحت لها قلوبهم، وعظم في الدين بلاؤهم. إن العلم نعمة من نعم الله عز وجل، جعلها الله تبارك وتعالى من مواريث النبوة، يوم يصبح الإنسان إماماً من أئمة المسلمين، يؤتمن على أحكام الشريعة والدين، يوم تتلهف القلوب وتشتاق الأسماع إلى معرفة حكم الله من حلال وحرام، وما يكون من الشريعة والأحكام، فيبينها ذلك اللسان الصادق، والعبد الموفق المحقق، فما أجلها من نعمة وما أعظمها من منّة، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهلها. ولذلك أجمع العلماء على أنه لا ينشرح صدر عبد للعلم إلا أراد الله به خيراً، وقد شهد الله تعالى لأهل هذه النعمة العظيمة أنهم أهل الدرجات، وقرن درجاتهم بدرجات أهل الإيمان، الذي هو أعز شيء وأسمى شيء وأكمل شيء، وشهد الله تبارك وتعالى أن أهل العلم هم أهل خشيته، حتى قال الإمام أحمد رحمه الله: أصل العلم خشية الله.

    حقوق العلم على أهله
    إذا كانت نعمة العلم عظيمة، ومنة الله بها على العبد جليلة كريمة، فإنه ينبغي لكل طالب علم أن يقف قبل العلم وقفات يتدبر فيها ويتأمل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في حقوق هذا العلم، فقد أخبر الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن للعلم حقوقاً، ومن هذه الحقوق:
    أولاً: الإخلاص:
    فمن أعظم هذه الحقوق وأجلها: حق الإخلاص الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من فاته فقد فاته حق العلم كله، بل أخبر أن علمه حينها وبالٌ عليه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لينال به عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من تعلم العلم ليماري به السفهاء، وليجادل به العلماء، فليتبوأ مقعده من النار). وأخبر صلوات الله وسلامه عليه أن أول خلق الله الذين تسعر بهم نار جهنم من أراد بعلمه غير وجه الله جل جلاله، ذلك القلب المفتون الذي اتجه إلى هذه الدنيا الفانية، فآثرها على الآخرة الباقية، فأصبح حظه من العلم أن ينال السمعة والرياء، فيقف بين يدي الله جل وعلا ليقول له: (عبدي! ألم تكن جاهلاً فعلمتك؟ قال: بلى، ألم تكن وضيعاً فرفعتك؟ قال: بلى، قال: فما عملت لي؟ قال: تعلمت فيك، وعلّمت من أجلك، فقال الله له: كذبت، وقالت الملائكة له: كذبت)، نعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم أن يجعلنا ذلك الرجل. فما أعظمها من ساعة رهيبة لو وقف العبد أمام الأولين والآخرين، فقال الله على رءوسهم: كذبت، نعوذ بالله من ذلك المقام. وما أشرف ذلك المقام لمن أخلص لوجه الله، فوقف في ذلك الموقف العظيم فقال: (تعلمت لوجهك، وعلمت من أجلك، فقال الله له: صدقت، وقالت الملائكة له: صدقت).
    فحق العلم الأول: أن يخرج الطالب من بيته وليس في قلبه إلا الله، وأن يخرج إلى حلق العلم وهو يرجو ما عند الله، فإنك إن أردت وجه الله بارك الله لك في العلم، وحفظك الله بهذا العلم، ولا زال العلم يأخذ بيدك حتى يقودك إلى الجنة. العلم الخالص لوجه الله قربة، والعلم الخالص لوجه الله يوجب من الله الرضا والمحبة. فيا أيها الأحبة في الله: على طالب العلم ألا يخرج إلى حلق العلم إلا وهو يريد وجه الله والدار الآخرة، ليشتري رحمة الله بخطواته، ويشتري رحمة الله بمجالسه وإنصاته وكتابته، فتكتب في دواوينه تلك الحسنات، فرجله تمشي في طاعة الله، ويده تكتب في مرضاة الله، وعينه ترى كتب العلم في مرضاة الله، وسمعه يسمع ما أمر الله تعالى به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في طاعة الله، وذهنه وقاد مشتغل بتلك الآيات الكريمات، وتلك الأحكام الجليلة العظيمة، وكل ذلك في طاعة الله ومرضاته، إذا أخلص لوجه الله جل جلاله. فلا نخرج لطلب العلم إلا ونحن نريد ما عند الله عز وجل، ولذلك قال بعض العلماء: من تعلم العلم لغير الله مكر الله به، فينبغي لطالب العلم أن ينزه قلبه من حظوظ الدنيا؛ فإن من طلب العلم للسمعة سمّع الله به، ومن طلبه للرياء راءى الله به، فعلى العبد أن يتقي ربه، وليحرص كل الحرص على الإخلاص، وهذا الحق كان العلماء كثيراً ما يذكرون به. وقال بعض مشايخنا رحمة الله عليه: الإخلاص يُحتاج أن يذكر به طلاب العلم في كل مجلس من مجالس العلم، ولو أن كل مجلس من مجالس العلم استفتحه العالم بالكلام على الإخلاص لكان ذلك خليقاً به وليس بكثير. فالإخلاص هو الفرق بين العبد المطيع الذي أراد وجه الله عز وجل والدار الآخرة، ومن أراد ما عند عباد الله من حظ السمعة والرياء.
    ثانياً: التضحية والمجاهدة:
    والوقفة الثانية أيها الأحبة في الله تعالى: أن هذا العلم يحتاج إلى تضحية وجهاد، ولا ينال إلا بالتعب والنصب، فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يهيئ من نفسه الهمة الصادقة في طلب العلم؛ فإن في العلم سآمة ومللاً، وتضحية بالأوقات والأعمار، وتضحية بالمال والنفس، وبالجَهد والجُهد. فإذا أخلص طالب العلم لله عز وجل، فليتبع إخلاصه بالصبر والتحمل، حتى يبلغ من هذا العلم أعلى المراتب، وكلما ضحى الإنسان نال أعالي الدرجات عند الله عز وجل، وانظر في سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم، وكيف أن الله فاضل بين علمائهم، فجعل لبعضهم من الدرجات ما لم يجعل لبعض، وصدق الله إذ يقول: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف:76]. فينبغي على الإنسان أن يجتهد وأن يجد في تحصيل هذا العلم، حتى قال بعض العلماء: (أعط العلم كلك يعطك بعضه) فكيف إذا أعطى الإنسان العلم بعضه؟! فينبغي على الإنسان أن يجتهد في تحصيل هذا العلم، وأن يجد، وتكتحل عيناه بالسهر، وأن يضنى جسمه من التعب والنصب، لعلمه أن الله يسمعه ويراه، ولعلمه أن كل تعب ونصب يبذله فإن الله يحب ذلك التعب والنصب. وإن أفضل ما أنفقت فيه الأعمار، وأفضل ما قضي فيه الليل والنهار طاعة الله جل وعلا بالعلم. فهذا العلم الذي تقاد به الأمم، والذي تتبدد به دياجير الظلم، وتنشرح به الصدور، وتخرج به الأمة من الظلمات إلى النور، يحتاج صاحبه أن يجد ويجتهد، وكلما قرأت في سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم من العلماء العاملين الربانيين وجدت الهمة العالية والتعب والنصب من أبرز ما يكون في تراجمهم. يتغرب أحدهم من أجل العلم، فتهون عليه الأموال والأولاد والأوطان، كل ذلك لكي يسمع حديثاً من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سمعه رفع الله درجته وأعلى مقامه، وكل آية تسمعها وتتعلم حكمها وتفهمه وتعمل به، فإن الله يرفعك بها درجات، وكل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلمته وعملت به وعلّمته يرفعك الله به درجات، فاستقل من ذلك الخير أو استكثر.

    ثالثاً: الأخوة والرفقة:
    والوقفة الثالثة التي ينبغي أن يتواصى بها طلاب العلم: المحبة، والتعاون، والتكاتف، والتعاطف لبلوغ هذه الغاية الكريمة؛ إذ يحتاج الطالب دائماً إلى الأخ الصادق الذي يشد من أزره في طاعة الله جل وعلا، ويحتاج إلى من يذاكره العلم، ومن يعينه على تفهم المسائل والأحكام واستذكارها واستحضارها. فينبغي على طالب العلم أن ينظر في إخوانه وخلانه، فمن وجده صادق العزيمة، تلوح من أعماله وأقواله أمارات الإخلاص فليقربه إليه، وليحبه في الله ولله، وليجتهد معه في بلوغ هذه الغاية الموجبة لرضى الله جل وعلا. ولذلك قال الله عن نبيه موسى صلوات الله وسلامه عليه: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا [طه:29-34]. فما أجلها من نعمة حين يقيض الله لك عبداً صالحاً، فإذا كنت على طاعة ثبتك، وإذا كنت على غيرها دعاك للإقلاع عنها. فينبغي علينا أن نحرص على طلب الإخوة في طلب العلم، وكثير من طلاب العلم يضيعون هذا الأمر العظيم الذي يكمل به طالب العلم نقصه، فطالب العلم لا يستطيع أن يعيش وحده، ولا يمكن أن يحصل هذا العلم على أتم الوجوه وأكملها إلا بأخ صادق يعينه على استحضار المسائل، وكذلك على حل المشاكل، ومعرفة ما كان في حلق العلم، ويحاول الإنسان أن يتناقش معه مناقشة تدل على المودة والمحبة، ولذلك قالوا في العلم: واعلم بأن العلم بالمذاكرة والدرس والفكرة والمناظرة فيحتاج العلم إلى مذاكرته مع الأخ الصادق.
    رابعاً: محبة العلماء:
    والوصية الأخيرة في حقوق العلم التي أحب أن أوصي بها: أنه ينبغي على طالب العلم أن يكون حريصاً على محبة العلماء، فإن من مفاتيح العلم محبة العلماء، ومن فقد محبة العلماء والقرب منهم، فإنه قد حرم خيراً كثيراً من العلم، فحبهم قربة، والدنو منهم قربة، وكذلك اعتقاد فضلهم ونشر علمهم وفتاويهم قربة من الله جل وعلا، وكان السلف يوصون طالب العلم بالحرص على القرب من الشيخ وحفظ علمه، ونشر فتاواه، والدعاء له بظهر الغيب. فينبغي على طالب العلم أن يحرص على هذه المرتبة التي تقربه من الله جل وعلا. فحب العلماء الغالب فيه أن يكون خالصاً لوجه الله عز وجل، فمن أحبهم أحبهم لدين الله الذي في صدورهم، فقد جعلهم الله عز وجل أمناء على وحيه، هداة مهتدين إلى طاعته وسبيله ومرضاته، فحبهم طاعة وقربة، والجفوة التي بين طلاب العلم وبين العلماء لا تليق، ولذلك كانوا يثنون على كثيرٍ من السلف بحبهم للعلماء، وقل أن تجد عالماً نفع الله بعلمه إلا وجدته آية في حب عالمه، والقرب منه والاستفادة منه، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في ذلك الحظ الأوفر والمقام الأكبر رضوان الله عليهم، فقد كانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم. فقد قال سهيل حينما وصف النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: (والله ما كلمهم إلا أطرقت رءوسهم حتى يقضي حديثه، ولا تنخم نخامة إلا سقطت في كف أحدهم فدلك بها وجهه)، وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام؛ ولا يليق بغيره كائناً من كان، فكان الصحابة أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في كلام قريب من هذا الكلام: (إذا رأيت العالم بالسنة العامل بها، فإن النظر إليه عبادة وقربة)، فالعلماء حبهم والقرب منهم طاعة، وهم الأدلاء على الخير الأمناء على الطاعة والبر، وما رقت القلوب إلا بالقرب منهم، ولا أنس المستوحشون إلا بحبهم والدنو منهم. فينبغي على من وفقه الله للخير أن يحرص على حب العلماء، وأئمة الإسلام أمواتهم وأحيائهم. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل لنا ولكم من ذلك أوفر حظ ونصيب.
    نصائح وإرشادات لطالب العلم
    أولاً: عدم الاستعجال في طلب العلم:

    ينبغي على طالب العلم ألا يستعجل في طلب العلم، فبعض طلاب العلم يقول: لو استمرينا في قراءة متن على طريقة ما بالبسط والشرح فقد نمكث سنوات، ونحن نريد في أقرب فرصة أن ننتهي من هذا العلم، وهذا الكلام يعتبر من آفات العلم في هذا الزمان، فقد كان السلف الصالح رحمة الله عليهم يعتنون بطول الزمان في طلب العلم، فكلما طال زمان طالب العلم كلما أحبه الله، وهيأه لمرتبة عظيمة في الإسلام، وكلما استعجل طالب العلم فظهر للناس ظهر على قصور، وحب الانتهاء من العلم بداراً يدل على وجود الفتنة في قلب صاحبه، وأنه يحب الظهور للناس. فينبغي على الإنسان أن لا يستعجل وأن يتريث، فقد تفقه علماء الإسلام على أئمة سنوات عظيمة؛ فقد تفقه عبد الله بن وهب -وهو إمام من أئمة الحديث والفقه- على يدي الإمام مالك رحمه الله تعالى أكثر من عشرين سنة، وكان سواده لا يفارق سواد الإمام مالك رحمة الله عليه. وكانوا يلازمون العالم يسمعون ما يقول، ويعملون بما يأمر به، ثم لا يمكن أن يفوتهم مجلس من مجالس العلم، ولا يمكن أن تفوتهم فتوى، حتى إن بعض أئمة الإسلام -وهذا من الأمر العجيب الذي يدل على حرص السلف وطول الصحبة- كان الرجل منهم أو الصاحب للعالم يقول: حضرته عند بئر كذا، وقد سئل عن مسألة كذا وكذا في الطلاق أو البيع، فهذا يدل على أنهم كانوا يلازمون العلماء ملازمة تامة. وذكر عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه لما قرئ عليه الموطأ فيما يقرب من عام قال: (كتاب ألفته في أكثر من عشرين سنة، تقرؤونه في عام! ما أقل ما تفقهون) أي: ما أقل ما يكون لكم من الفقه. فإياك أن تقول في البداية: لا أستطيع أن أداوم على ذلك المجلس؛ لأن الزمان يطول، فالهدف أن تعمر الأوقات في طاعة الله، والشرف أن تتشرف الآذان بسماع كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. فلذلك لا ينبغي الاستعجال في تحصيل هذا العلم، وأنبه على هذا الأمر؛ لأن الحلق في العلم كثيرة، فيستعجل كثير من طلابها، وقد ينقطع عنها الناس بسبب الاستعجال في وصول أو بلوغ النهاية في العلم، فلا يزال الإنسان في طاعة ما صبر على طلبه. فينبغي على طالب العلم الموفق أن يجعل نصب عينيه لحده حتى ينتهي من العلم. وأذكر علماء أجلاء ومشايخ فضلاء كانوا مع علمهم وجلالة قدرهم يجلسون في مجالس بعض المشايخ كأنهم أطفال لا يفقهون شيئاً. فطالب العلم الذي يريد مرضاة الله عز وجل يصبر، ويطول زمانه في طلب العلم وصحبة العلم. ولذلك أقول: خيرٌ لنا أن نتقن هذا العلم المبارك، وأن نقرأ مسائله بتفصيل وبيان مع ضبط ولو طال الزمان، وذلك خير من أن يكون على سبيل العجالة، ونسأل الله العظيم أن يرزقنا الصبر، وأن يرزقنا التحمل لذلك.

    ثانياً: تحضير الدروس:
    ينبغي على طالب العلم أن يقرأ الدرس ولو مرة واحدة على الأقل، وأكمل ما يكون من التحضير الصورة التالية: أن يقرأ المتن أو الباب الذي يريد أن يشرحه ثلاث مرات، ويقرأه مع إدمان نظر، ثم يأخذ أبسط الشروح وأخصرها، ويمر عليه مرة واحدة، ويحاول أن يكون عنده تصور ولو أبتداءً للذي قاله المصنف، ثم بعد ذلك يحضر في حلقة علم، ثم يرجع ويقرأه المرة والمرتين. وفي الخاتمة أن يدون ما علق بذهنه كتابةً، فبعد أن يقرأ ثلاث مرات ويحضر الدرس ويعلق يقرأ الدرس مرة أخرى أو مرتين، وكلما أكثر كلما ضبط، ثم بعد ذلك يكتب شرحاً مختصراً من إملائه، ثم يرفع هذا الشرح ويستذكر به دائماً، وحبذا لو أنه بعد انتهائه من هذا الشرح المبسط يعرضه على عالم يستبين فيه صحة ما كتبه ودونه .

    فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يجعل هذا الفقه موجباً لحب الله ورضوان الله علينا وعليكم.

  15. #15

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاك الله خيرا أخي على الفائدة.
    ووالله لو كنت عند شيخنا محمد المختار الشنقيطي حفظه الله لتشرفت بحمل نعله.

  16. #16

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاكم الله كل الخير

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    174

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاه الله خيرا
    أخي طالب العلم: أتشرف بك صديقاً مُشاركاً في صفحتي على الفيس بوك :
    http://www.facebook.com/khabab.al.hamad

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    90

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    و مما قال الشيخ العلامة عبد الكريم الخضير - حفظه الله تعالى - في هذا الباب - و هو من نفيس الكلام - بعد أن ذكر خطأ مطالبة المبتدئين من طلبة الحديث محاكاة المتقدمين مباشرة ما نصه :
    (( ونظير هذه الدعوى دعوى سبقتها بأكثر من عشرين سنة تدعو إلى نبذ كتب الفقه والتفقه مباشرة من الكتاب والسنة، لا نختلف مع أحد في أن الأصل الكتاب والسنة ، وأنه لا علم إلا من الكتاب والسنة ، لكن كيف يتفقه الطالب المبتدئ من الكتاب والسنة؟ هل لديه من الأهلية ما يمكنه من ذلك ؟ هل حفظ من النصوص ما يدفع به التعارض ويتمكن من الجمع بينها ؟ هل عرف المطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والعموم والخصوص ؟ هذا الطالب الذي يخاطَب بمثل هذا الكلام : ( اترك كتب الفقه ، هذه أقوال الرجال ) ، بل وجد من أحرق بعض الكتب كالزاد وغيره، ويتندرون بطلاب العلم ويقولون لمن حفظ الزاد: صار حكماً بين العباد، مبالغة في التنفير من هذه الكتب ، نقول: لا ، الطالب المبتدئ لا بد أن يتفقه على الجادة ، فيفهم الزاد ، أو غيره من الكتب، من غير إلزام بكتاب معين ، المقصود أنه يسلك الجادة ، يأتي إلى الزاد وهو على سبيل المثال من أجمع الكتب، والزاد من أجمع الكتب وأكثرها مسائل ، يأتي إليه الطالب فيفهم المسائل ، إن كان ممن تسعفه الحافظة فيحفظ وإلا يقتصر على الفهم، يأتي إلى الزاد مسألة مسألة فينظر في هذه المسألة في قول المؤلف كذا، يراجع الشرح ، يتصور المسألة على وجهها، يستدل لهذه المسألة، يلتمس الدليل لهذه المسألة ، ثم ينظر من قال بما قاله المؤلف من أهل العلم ؟ وبما استدلوا ؟ من خالف هذا القول ؟ وبما استدل ؟ ثم يوازن بين الأدلة، و هذه مرحلة لاحقة ، يعني المبتدئ يكفيه أن يعرف هذه المسائل ويتصورها على الوجه الصحيح ثم مرحلة ثانية يستدل لهذه المسائل، ثم مرحلة ثالثة يقارن بين أقوال الأئمة مع أدلتها، ويرجح القول الراجح إذا تأهل، ليس معنى هذا أن الزاد دستور مثل القرآن لا يحاد عنه ، لا ، الزاد فيه أكثر من ثلاثين مسألة خالف فيها المذهب ، فضلاً عن القول الراجح ، حينما ينصح بالزاد أو بغيره من الكتب ليس معنى هذا أنها ضربة لازب ، لا ، لا يحاد عنها ، إنما يتمرن عليه، مثل خطة البحث، تتخذ هذا الكتاب خطة ومنهج تسير عليه، تتفقه عليه، فإذا تصورت مسائله وذكرت الأدلة وعرفت من خالف بدليله واستطعت أن توازن بين الأقوال بأدلتها، ورجحت القول الراجح وما تدين الله به، وهذه – مثلما ذكرنا- مرحلة ثالثة ، حينئذ تتأهل لأن تتفقه من الكتاب والسنة، أما تتفقه من الكتاب والسنة كيف تتفقه منه ؟ تجد آية عامة تخصيصها في حديث مثلاً قد لا تقف عليه إلا بعد سنوات، تجد آية مطلقة حديثها مقيدها حديث لا تقف عليه إلا بعد مدة طويلة، حديث تنظر فيه في أوائل صحيح البخاري لا تقف على ناسخه إلا آخر ابن ماجه، متى تتفقه على الكتاب والسنة؟

    نعم إذا تأهلت : فرضك الاجتهاد ، ولا يجوز لك أن تقلد الرجال إذا تأهلت ، لكن قبل أن تتأهل الطالب المبتدئ في حكم العامي فرضه التقليد ، اسألوا أهل الذكر، فرضه سؤال أهل العلم، في حكم العامي، لكن إذا تأهل، يعني شخص يقرأ في كتاب من كتب السنة: باب الأمر بقتل الكلاب، ويتفقه من السنة، ثم يأخذ المسدس وما شاف من كلب قتله، درسه في الكتاب نفسه من الغد: باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، فمثل هذا يتفقه من الكتاب والسنة؟ وفي كتب الفقه مباشرة والأمر بقتل الكلاب منسوخ ينتهي الإشكال، ينظر كيف جاء الأمر بقتل الكلاب ؟ من خلال هذه الجملة ينظر في أحاديث..، لأنه دل على أن هناك أمر بقتل الكلاب، ودل من خلال هذه الجملة أن هناك نسخ لهذا الأمر بجملة واحدة .

    لا يعني هذا أننا ندعو إلى التقليد ، لا والله ، بل فرض طالب العلم المتأهل الاجتهاد، الاجتهاد حسب القدرة والطاقة، وإلا الاجتهاد المطلق لو قيل باستحالته لما بعد، وقد أغلقه الأئمة من قديم، أغلقه العلماء ، أغلقوا باب الاجتهاد ، لكنه مفتوح ، وشرطوا له شرائط ، لكن إيش معنى الاجتهاد المطلق الذي هو مفتوح ؟ هل معناه الاجتهاد في كل مسألة مسألة بجميع ما تطلبه هذه المسألة ؟ يعني إذا أردنا حكم من الأحكام وبحثنا فيما جاء في هذا الحكم من نصوص جئنا إلى ما جاء في القرآن ، جئنا إلى ما ذكر في السنة من أحاديث وجمعنا طرق هذه الأحاديث ونظرنا في رجال هذه الطرق واحداً بعد واحد ، فبدأنا بأول إسناد وفيه خمسة ستة من الرواة ، وكل راوٍ من الرواة فيه أقوال تصل أحياناً إلى العشرين عن أهل العلم، عن أهل الشأن.
    فإن أردت أن تحكم على هؤلاء الخمسة والستة والسبعة من خلال هذه الأقوال العشرين، وأردت أن ترجح وتوازن بين هذه الأقوال، الراوي الواحد يحتاج إلى وقت طويل ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يلي ه، إلى ستة، ثم بعد ذلكم الطريقة الثاني ، إن احتجت إليه، ثم الثالث إن احتجت إليه ، وهكذا، وهذا كله في مسألة واحدة تأتي إلى المسألة التي تليها فتصنع بها مثل ما صنعت بالمسألة الأولى ، هذا إذا أردت أن تجتهد في الاستنباط وفي إثبات عمدة الاستنباط،.... إثبات الدليل، لا شك أن هذا يحتاج إلى وقت طويل.
    وإذا عرفنا أن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز أو الألباني أو غيرهما -رحمة الله على الجميع- ممن يشار إليه بالتفرد في هذا العلم لم يخرجوا عن ربقة التقليد في هذا العلم ، كيف ذلك ؟
    أنت إذا أردت أن تجمع حديث بطرقه يمكن يجتمع لك من الرجال في هذا الحديث في مجموع طرقه أكثر من مائة رجل، مائة رجل في كل راوٍ ثلاثة أقوال خمسة عشرة، وصل بعضهم إلى عشرين ، كم عندك من قول لأهل العلم في حديث واحد ، في رواة هذا الحديث ، قد تتداخل بعض الطرق مع بعض ، لكن افرض أن عندك كم؟ كمٍ هائل ، ألف قول لرجال طرق هذا الحديث ، تحتاج إلى عُمْر، فأنت إن اتجهت إلى هذا وعنيت بالرواية لا شك أنه على حساب الدراية، وهذا ظاهر في صنيع من ؟ الألباني -رحمه الله تعالى-.
    وإن اتجهت إلى الدراية مع العناية بالاعتماد على الكتاب والسنة لا شك أنه على حساب الرواية ، وهذا ما يصنعه الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - ، يكفيه أن يثبت الخبر ، أو يثبته أحد الأئمة ، وهما –أعني الشيخ عبد العزيز والشيخ الألباني - رحمة الله على الجميع - يعتمدان اعتماداً أغلبياً على التقريب ، وهذا تقليد ما خرجنا من التقليد ؛ لأن التقريب يحكي وجهة نظر ابن حجر - رحمه الله -، تجد هناك " التقريب " ، " التقريب " وهو عمدة كثير من أهل العلم ، لكن نضرب مثال بهذين الإمامين لأنهما بلغا الغاية في نظرنا، وأفنيا العمر الطويل في خدمة هذا العلم ، فإذا أردنا أن نقلد ابن حجر في الحكم على الرجال -ولا مفر من التقليد- رأينا أن ابن حجر أيضاً وقعت له أوهام في التقريب ، له أوهام في التقريب ، ليس بمعصوم.
    على كل حال على الإنسان أن يسلك الجادة ويتمرن والعلم يجتمع شيئاً فشيئاً، وإذا علم الله -سبحانه وتعالى- صدق النية أعان، وإذا كان الإنسان ممن أوتي الحافظة مع الفهم وأخلص وصدق النية مع الله -سبحانه وتعالى- ، وسلك الطريق المتبع عند أهل العلم فإنه يرجى له أن يحتاج إليه في يوم من الأيام، أما إذا كان يتخبط يوم كذا ويوم كذا ويوم كذا، فهذا في الغالب وإن أوتي ذكاءً أو أوتي حفظاً فإنه في الغالب يضيع وقته متردد متحير )) .
    المصدر :
    http://www.khudheir.com/ref/1539/****

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    للرفع
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    385

    افتراضي رد: منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي

    جزاك الله خير .. وبارك الله في الشيخ محمد المختار الشنقيطي عضو هيئة كبار العلماء .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •