تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    Lightbulb مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...



    (6)

    اختلاف الألسنة..

    1- نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه هو اختلاف الألسنة , لا الحقيقة والمجاز
    قال الله تعالى تعالى : ((ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)) , وألسنة الناس تختلف في الأحرف التي ينطقون بها , وهو ما يسمى علم الأصوات , وفي الألفاظ المفردة , وهو التصريف أو الصرف , وفي أوجه تأليف الألفاظ وجمع بعضها إلى بعض , وهو النحو , وفيما تدل عليه الألفاظ المفردة والمؤلفة , وهو علم الدلالة, وتكلم المستشرق الألماني برجشتراسر في اختلاف الألسنة , وسمَّاه التطور اللغوي , وتبعه على ذلك د. رمضان عبد التواب وغيره ( 1) , وأخذوا تلك التسمية من كلام دارون وأصحابه في التطور , وكلامهم كله باطل , وقول الله تعالى هو الحق المبين , والألسنة لا تتطور , ولكنها تختلف .
    وأسرع ما تختلف فيه الألسنة هو ما تدل عليه الألفاظ , فاللفظة الواحدة قد تدل بلسان قوم على غير ما تدل عليه بلسان قوم آخرين , ويختلف ما تدل عليه اللفظة الواحدة بلسان نفس القوم من قرن إل قرن , وقد يحدث ذلك الاختلاف في قرن واحد منهم , وقد يحدث في قرون متقاربة , وكلما كان أولئك القوم أكثر عزلة عن غيرهم , قل اختلاف لسانهم من قرن إلى قرن , وظلت أكثر ألفاظهم تدل بلسان القرن اللاحق على نفس ما كانت تدل عليه بلسان القرن السابق , وأعظم ما تختلف به الألسنة هو اختلاط الأمم , ونقل الكتب من لسان إلى لسان , فالناس ينقلون الألفاظ كثيراً إلى غير ما كانت تدل عليه عند غيرهم , وبذلك النقل تختلف ألسنتهم , ولا يظل اللسان بعد ذلك النقل لساناً واحداً , ولكنه يصير ألسنة مختلفة , وإذا نقل رجلٌ لفظة أو ألفاظاً إلى غير ما تدل عليه عند قوم اختلف لسانه عن لسانهم , وحدث لسان جديد , وقد يكون ذلك الرجل شاعراً أو خطيباً , أو كاتباً وقد يكون سيداً مطاعاً أو عامياً وقد يتبعه على ذلك اللسان الجديد قومه , أو تتبعه طائفة من الناس فلسان كل قوم أو رجل هو ما تدل عليه الألفاظ في كلام ذلك الرجل وأولئك القوم , ولا ريب أن لكل قوم أولاً اتبعوه على لسانه , فإذا علم ذلك الأول نسب اللسان إليه , وإذا نسي وبعد العهد به ينسب اللسان إلى أولئك القوم .
    ونقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه قد يكون خطأ أو جهلاً باللسان الأول , أو خلطاً بينه وين لسان آخر , وبين لسان آخر , وقد يكون عمداً , واللفظة قد تنقل من العموم إلى الخصوص , فتصير خاصة بعد ما كانت عامَّة , وتنقل من الخصوص إلى العموم , فتصير عامَّة بعدما كانت خاصة , وتعزل عن الإضافة بعدما كانت تذكر إلا مضافة , أو تضاف إلى غير ما كانت تضاف إليه وتقرن به وقد يزاد فيما تدل عليه شيء أو أشياء أو تنقل من شيء إلى غيره , وقد يكون ما نقلت إليه يشبه ما كانت له أو يقاربه , فيسمي الشيء باسم ما يشبهه , أو باسم مكانه , أو ما يجاوره , أو يتصل به ويسمى الكل باسم البعض , أو البعض باسم الكل , وكل ما ذكروه من المجازات والاستعارات فهي أوجه من ذلك النقل , وقد تنقل اللفظة إلى شيء لا يشبه ما كانت له ولا يقاربه , وقد يكون ما نقلت إليه أبعد شيء عما كانت عليه , وذلك النقل كله خطأه وعمد لا ميزان له , ولا يجري طريقة واحدة , بل قد يكون ما نقلت اللفظة إليه أبعد شيء عما كانت له , ولو كان نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه له بميزان يوزن به , أو له طريقة واحدة أو طرق معدودة يجري عليها , لكان ما نقلت إليه اللفظة باللسان الآخر , يدلُّ على ما كانت له باللسان الأول , ولكن ذلك النقل لا ميزان له , ولا يجري على طريقة واحدة , ولا طرق معدودة , وهو يكون بأوجه من العمد والخطأ لا سبيل إلى حصرها , فما نقلت اللفظة إليه باللسان الآخر لا يهدي إلى ما كانت له باللسان الأول , ولا يدل عليه , والمتكلم بلسان قوم لا يعني إلا ما تدل عليه الألفاظ بلسان أولئك القوم , ولا يخطر بقلبه ما تدل عليه بلسان قوم آخرين لا قبلهم ولا بعدهم , وإذا كان اللسان الأول محفوظاً , علم ما كانت تدل عليه الألفاظ أولاً , وما نقلت إليه بعد ذلك , وأما إذا كان اللسان الأول ليس محفوظاً , فلا يعلم ما كانت تدل عليه الألفاظ أولاً , ولا يدري أنقلت أم لم تنقل , فذلك النقل لا سبيل إلى علمه إلا في لسانين محفوظين , أحدهما قبل الآخر .
    ولسان العرب الذي حفظه الله تعالى لنا هو لسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم قومه صلى الله عليه وسلم , ولا ريب أن لسان أولئك العرب كان يختلف عن لسان العرب القديم الأول قبلهم , ولسان العرب قبلهم لم يحفظ لنا , فلا ندري ما كانت تدل عليه الألفاظ بلسان العرب الأول , ولا ما نقل منها إلى غير ما كان يدل عليه , ولا ما لم ينقل , ولو حفظ لسان العرب الأول لم ينفع في دين الله شيئاً , والله تعالى أنزل كتابه وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس بلسان العرب قبلهم ولا بعدهم , فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى وحديث رسوله هو ما كانت تدل عليه عند أولئك العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس ما ما كانت تدل عليه قبلهم .
    فإذا كانت العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم , يقولون أسدٌ لذلك السبع , ويقولون أسدٌ للرجل الجرئ الذي لا يفر , فلا تدري بأيهما تكلموا أولاً , ولا سبيل إلى العلم به , لا بنبأ صادق , ولا ببرهان , فإن لسان العرب القديم الأول ليس محفوظاً , وما ثقلت اللفظة إليه بلسان الآخر , لا يهدي إلى ما كانت له بلسان الأول , ولئن قلنا إنها كانت قبلهم تدل على أحدهما دون الآخر , فلقد صارت بلسانهم تدل عليها جميعاً , وصاروا يقولون : أسد للسبع والرجل سواءً , فلا تدل تلك اللفظة على أحدهما دون الآخر إلا بينة من كلام المتكلم أو حاله , والمحفوظ من كلامهم يشهد بذلك وسيأتي ذكره إن شاء الله , فقولهم : إنها وضعت للسبع , ثم نقلت للرجل , فهي حقيقة في السبع , مجازٌ في الرجل , زعم باطلٌ , وقولهم : إنها تدل على السبع بغير قرينة , ولا تدلُّ على الرجل إلا بقرينة , زعم باطل مثله , ولابدَّ لهم من هذين الزَّعمين في كل لفظة يدَّعون فيها حقيقة ومجازاً , وكلاهما زعم باطل لا حجّة لهم به , وإذا صارت اللفظة بلسان قوم تدل أكثر من دلالة , فلابدَّ أن يكون في كلام المتكلم أو حاله ما يبيِّن ما أراده بها , وسواءٌ أراد بها ما كانت له أوَّلاً , أو ما نقلت إليه بعد ذلك , وسواءٌ علمنا ما كانت له أولاً , وما نقلت إليه بعد ذلك , أم لم نعلمه .
    2- اختلاف ألسنة العرب قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعده
    وألسنة العرب قبل النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ألسنة كثيرة مختلفة , وليس لسان العرب واحداً من لدن معد بن عدنان إلى آخر الدهر , ولا ألسنة غيرهم من الأمم , وألسنة العرب القدماء قبل النبي صلى الله عليه وسلم ليست محفوظةً , ولو وُجد منها شيء , فلا يعلم ما يدل عليه إلا ظناً ؛ وكذلك كل لسان ذهب القوم الذين كانوا يتكلمون به , ثم وجد منه شيء قليل بعدهم مكتوباً , فلا يعلم ما كان يدل عليه عندهم إلا ظناً ؛ وحدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ألسنة كثيرة , ونقل كثيرٌ من ألفاظ العرب إلى غير ما كان يدل عليه , فإن العرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم خالطوا كثيراً من الأمم غيرهم , وتكلم بلسانهم من ليس منهم من المستعمرين من العجم والموالي , وكل من نشأ بين لسانين أخطأ فيه وغيره , ولم يزل ينزع به إلى لسانه الأول , ونقلت إلى العربية كثير من كتب الفلاسفة وغيرها , والذين نقلوا تلك الكتب لم يكونوا عرباً , فخلطوا كثيراً من ألفاظهم وكلامهم بكلام العرب وكلامهم إلى غير ما كان يدل عليه , وأحدثت طائفة من الكتاب والشعراء مذهب البديع , وأخذوه من كتاب العجم وشعرائهم وتوسعوا في الاستعارات , فنقلوا كثيراً من ألفاظ العرب وكلامهم إلى غير ما كانت تدل عليه , وتكلموا بما لم تتكلم به العرب , والمتكلمون من المعتزلة وغيرهم أخذوا كثيراً من ألفاظ الناقلين لكتب الفلاسفة ومن ألفاظ المتكلمين من اليهود والنصارى وغيرها من الأمم , وخلطوها بكلام العرب , ونقلوا كثيراً منه إلى غير ما كان يدل عليه وكانوا من العجم والموالي , وكذلك النحويون نقلوا كثيراً من ألفاظ العرب إلى غير ما تدل عليه , وكثير من ألفاظ النحويين تدل على نفس ما تدل عليه عند المعتزلة , وأكثر النحويين من البصريين والكوفيين ومن بعدهم كانوا معتزلة , وزعم كثيرٌ منهم أنهم كانوا لا يخلطون بين كلامهم في المنطق والفلسفة وكلامهم في النحو , وهو زعم باطلٌ , وكلامهم في النحو يكذبه , وما يدل عليه لفظ الاسم والصفة والعلة وغيرها عند النحويين هو نفس ما يدل عليه عند المعتزلة , والفقهاء من أهل الرأي والحديث , والصوفية وغيرهم من الخاصة والعامة , كلهم تكلموا بما لم تكن تتكلم به العرب , ونقلوا ألفاظ العرب إلى غير ما كانت تدل عليه , وحدثت ألسنة أخرى عربية مولدة , وكثرت تلك الألسنة واختلط بعضها ببعض وصارت اللفظة الواحدة تدل عند كل طائفة منهم على غير ما تدل عليه عند غيرهم , وقد تدل اللفظة في كلام رجل على غير ما تدل عليه عند غيره من الناس كلهم , وينقل ذلك الرجل تلك اللفظة إلى شيء لم يسبقه إليه أحدٌ , ولا تبعه عليه أحدٌ , فيكون ما تدل عليه بلسان ذلك الرجل خاصة غير ما تدل عليه بلسان غيره من الناس كلهم , وتلك الألسنة المحدثة كلها عربية أخرى غير لسان العرب الذي نزل القرآن به .
    وتلك الألسنة المحدثة المولدة كانت قريباً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولعل بعضها حدث أوائله في آخر المائة الأولى , وقال أبو سليمان الخطابي في كتابه ((بيان إعجاز القرآن)) : أخبرني الحسن بن عبد الرحيم , عن أبي خليفة , عن محمد بن سلام الجمحي , قال : قال أبو عمرو بن العلاء : اللسان الذي نزل به القرآن , وتكلمت به العرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عربية أخرى غير كلامنا هذا (2 ) . اهـ , وهو في طبقات الشعراء لابن سلام , وقال ابن سلام بعده : قال أبو عمرو بن العلاء : ما لسان حمير وأقاصي اليمن اليوم بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا (3 ) اهـ ؛ وقال الخطابي : وقد زعم بعضهم أن كلام العرب كان باقياً على نجره الأول وعلى سطح طبعه الأقدم , إلى زمان بني أمية , ثم دخله الخلل , فاختل منه أشياء , قال : ولهذا صار العلماء لا يحتجون بشعر المحدثين , ولا يستشهدون به , كبشار بن برد , والحسن بن هانئ , ودعبل , والعتَّابي , وأحزابهم من فصحاء الشعراء والمتقدمين في صنعة الشعر , وإنما يرجعون في الاستشهاد إلى شعراء الجاهلية , وإلى المخضرمين منهم , وإلى الطبقة الثالثة التي أدركت المخضرمين , وذلك لعلمهم بما دخل الكلام في الزمان المتأخر من الخلل , والاستحالة عن رسمه الأول ( 4) اهـ وقال ابن برهان في كتابه ((الوصول إلى الأصول)) : وأما كلام الشافعي , وأبي حنيفة رضي الله عنهما فلا يحتج به ؛ لأن الحجة إنما تثبت بأقوال العرب والفصحاء الأقحاح الأفصاح , الذين أنطقتهم طباعهم , فأما من أخذ اللغة عن العلماء وتلقف من الأدباء , وقال ما قال عن الاجتهاد , فقوله لا يكون حجة , بل لابد من النظر في دليله(5 ) يعني لا يكون حجة في العربية وعلم لسان العرب , قال الشاطبي في كتابه ((الموافقات)) : ووجه آخر وهو أن كثيراً مما ليس بمحتاج إليه في علم الشريعة قد أدخل فيها وصار من مسائلها , ولو فرض رفعه من الوجود رأسا لما اختل مما يحتاج إليه في الشريعة شيء , بدليل ما كان عليه السلف الصالح في فهمها , دع العرب المحفوظة اللسان , كالصحابة ومن يليهم من غيرهم , بل من ولد بعدما فسد اللسان , فاحتاج إلى علم كلام العرب , كمالك والشافعي وأبي حنيفة ومن قبلهم أو بعدهم , وأمثالهم , فلما دخلت تلك الأمور وقع الخلاف بسببها , ولو لم تدخل فيها لم يقع ذلك الخلاف , ومن استقرأ مسائل الشريعة وجد منها في كلام المتأخرين عن تلك الطبقة كثيراً , وقد مر في المقدمات تنبيه على هذا المعنى (6 ) .اهـ وكلام أئمة العربية في ذلك كثير معروف .
    3- لسان العرب الذي نزل القرآن به , هو لسان العرب قوم النبي
    صلى الله عليه وسلم
    فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه في كلام أولئك العرب , قوم النبي صلى الله عليه وسلم , وليس ما كانت تدل عليه قبلهم , ولا ما صارت تدلُّ عليه بعدهم , ولا يفقه أحدٌ في الدين حتى يعلم ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ عند أولئك العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم ويعلم ما تدل عليه الألفاظ عندهم من كلام أئمة العربية الموثوق بهم , وما تشهد به مواضع تلك الألفاظ في كتاب الله تعالى , وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات وحفظت ألفاظها , وأشعار العرب وأمثالهم التي يوثق بعربيتها ورواتها وكلام كل قوم المحفوظ عنهم يفسر بعضه بعضاً , ويبين ما تدل عليه الألفاظ عندهم , وإذا جمعت مواضع اللفظ في كلام قوم أو كثير منها ما يدل عليه عندهم , وما اختلف فيه أئمة العربية , فتلك الشواهد تدل المجتهد على الصواب فيه إن شاء الله تعالى .
    وكل من فسر شيئاً من القرآن والحديث بغير ما كان يدل عليه عند العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ فيه ؛ والمتكلمون من المعتزلة وغيرهم فسروا كثيراً من القرآن والحديث بأهوائهم , وبما تدل عليه الألفاظ عند الفلاسفة والناقلين عنهم , وليس بما تدل عليه عند العرب , فأخطأوا واختلفوا , وضلوا وأضلوا كثيراً من الناس , وكان لسان الفلاسفة والناقلين عنهم هو أضر الألسنة للمتفقهين ؛ وروي عن الشافعي رحمه الله أنه قال : ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب , وميلهم إلى لسان أرسطوطاليس (7 ) .

    ==========================

    الحواشي:

    ( 1 ) ((التطور النحوي للغة العربية)) محاضرات ألقاها برجشتراسر في جامعة القاهرة 1929 م ونشرها د. رمضان عبد التواب , و((التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه)) د. رمضان عبد التواب
    ( 2) ((بيان إعجاز القرآن)) ضمن ثلاث رسائل ص 45, 46
    ( 3) ((طبقات فحول الشعراء)) 1/10-11
    (4 ) ((بيان إعجاز القرآن)) ص 46
    ( 5 ) ((الوصول إلى الأصول)) 1/347
    ( 6 ) ((الموافقات)) 3/96
    ( 7) صون المنطق والكلام : (1/47- 48) .
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    وكيف نعرف معاني تلك الألفاظ التي كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت معاني الألفاظ عند من بعدهم تختلف عن معاني الألفاظ في وقتهم؟
    وهل يمكن أن نثق في نقل النقلة إذا كانوا ينقلون شيئا لا يعرفون معناه أصلا؛ لأنهم ينقلون شيئا بغير لغتهم كما تقول ! والنقل بالمعنى مشهور لا يمكن أن ينكره من له معرفة بالأثر.
    وكيف نثق في نقل كلام علماء العربية أصلا، إذا كانوا لم يحددوا لنا أن هذه المعاني المذكورة هي معاني كلام العرب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ وإنما ينقلون ذلك عن العرب إجمالا جاهليهم وإسلاميهم ومخضرمهم، لا يفرقون بين شيء من ذلك.
    وكيف نستطيع أن نفهم شيئا من كلام أصحاب المعجمات أصلا إذا كانت الألفاظ في عصرهم لها معان تختلف عما قبلهم وتختلف عما بعدهم، فما أدرانا أننا نفهم الألفاظ كما يريدون ؟؟

    وكذلك كل عصر ينقل عن العصر الذي قبله لا يمكننا - بناء على كلامك - أن نثق في نقل أي واحد من هذا العصر عن العصر الذي سبقه؛ لأن لكل عصر - كما تقول - له لغته التي تختلف عن اللغة التي قبله، وعن اللسان الذي بعده.

    وكذلك فأنت قد نعت معظم علماء العربية كوفيهم وبصريهم بأنهم قد أخذوا اصطلاحاتهم وأقوالهم عن الفلاسفة، والعلة التي ذكرتها في تأييد كلامك تدل على أنك أردت جميعهم لا معظمهم؛ لأنه لا يوجد أحد منهم على الإطلاق لم يستعمل هذه الاصطلاحات؛ مثل الاسم والعلة والصفة ونحو ذلك.

    فكيف نثق في نقل هؤلاء العلماء عن العرب إذا كانوا أصلا قد خلطوا كلامهم بهذه الفلسفة؟ وهل هم يسمون لنا العرب الذين ينقلون عنهم أصلا؟

    هل تجد في كتب اللغة عن أحد من أئمة العربية أنه يقول: سمعت العربي الفلاني يقول كذا، وسمعت الأعرابي الفلاني يقول كذا؟
    هذا موجود ولكنه نادر، والأكثر في نقل أئمة اللغة أنهم يقولون: العرب تقول كذا، وكلام العرب هو كذا وكذا، أو يذكرون الكلام مباشرة على اعتبار أن المفهوم منه النقل عن العرب.
    وبعض كلامهم هذا سماع وبعضه قياس على المسموع، ولا يشك في هذا أحد يعرف طريقتهم ومنهجهم في النقل.

    ومعظم ما هو مذكور في معجمات اللغة مأخوذ عن أئمة معدودين معروفين مثل الخليل بن أحمد وأقرانه وأتباعهم، وهؤلاء هم أئمة البصريين والكوفيين، فالتشكيك في علوم هؤلاء والطعن في مآخذهم هو طعن في اللغة التي ينقلونها أيضا؛ لأننا حينئذ لا نأمن أن يكون قد دخلها شيء أيضا من علوم الفلاسفة.

    وهذا أيضا إنما نقوله على التنزل في الكلام؛ لأننا إذا انطلقنا من المبدأ الذي ذكرته - وهو نبذ الظن مطلقا في هذا الباب - فلن نثق في أي منقول في علوم اللغة على الإطلاق؛ لأنها كلها أو جلها منقولة بالظن، ولا يمكنك أن تجد سندا صحيحا متصلا بالسماع في لفظة واحدة من ألفاظ المعجمات العربية الموجودة بين أيدينا، بل معظمها أو تكاد تكون كلها مبنية على الوجادات، وقد عمل بها أهل العلم قديما وحديثا لأنها تفيد الظن الراجح، ولا يمكن أن تفيد اليقين القطعي، ولذلك تجد الاختلاف في نسخها كثيرا، والاختلاف بين كتبها كثيرا أيضا.

    وأما الكلام الذي نقلته عن أبي عمرو وعن ابن برهان وعن الشاطبي وعن غيرهم فلا يمكن أن يستفاد منه شيء مما قدمته؛ لأنه لا يوجد واحد من هؤلاء يقول بما قدمتَ ذكره، ولا يوجد واحد منهم يقول إن الكوفيين والبصريين جميعا على خطأ.
    فإما أن يكونوا أيضا على باطل، وحينئذ يكون كلامهم الذي استشهدتَ به باطلا لأنه مبني على باطل، وإما أن يكونوا على صواب، وحينئذ يكون ما قدمت ذكره باطلا.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    790

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه في كلام أولئك العرب , قوم النبي صلى الله عليه وسلم , وليس ما كانت تدل عليه قبلهم , ولا ما صارت تدلُّ عليه بعدهم
    هداك الله
    هذه النتيجة التي توصلت إليها من أخطر ما قرأت لك.
    فلازمها أخطر مما تتصوّر.
    فما وجه إعجاز القرآن وقد جاء بدلالات لا تعرفها العرب من قبل؟
    وكيف يتحدّى القرآن قوما دلالة الألفاظ عند أسلافهم غير دلالتها فيه؟
    وكيف فهموا التشريع ما دامت دلالة ألفاظه تختلف عن دلالة ألفاظ اللسان الذي ورثوه عن آبائهم؟
    والصحابة رضي الله عنهم كانوا من قبائل ضشتى فما أدرانا أن منهم من كان يفهم ألفاظ النبي بدلالة غير التي قصدها وروى على ما فهمه فغير معنى التشريع؟
    وهل التغيير المقصود يحدث في كل قبيلة على حدة أم تتفق القبائل بل أهل الأرض جميعا أن يبدءوا التغيير في وقت معين؟
    ولو حدث في كل قبيلة على حدة فكيف كانت تتفاهم قبائل العرب وألسنتها مختلفة في كل شيء؟
    ولو كان على مستوى أهل الأرض فكيف كانو يتفقون في تحديد زمان التغيير؟
    أرى في هذا الكلام تخليطا لم أره من قبل، ولا أظن أني سأراه مرّة أخرى في غير هذا الموضع إلا أن يكون للكاتب نفسه.
    فلماذا التسرع في الكتابة دون النظر في معنى ما نكتب؟
    أو لعل دلالة الألفاظ عند الكاتب غير دلالتها عندي؟
    أمر جائز إذا سلمنا بنتيجة البحث!!!!!!!!!!!!!!

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    Lightbulb رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    يا شيخ عيد...
    العنوان العام للموضوع هو: (مسائل في المجاز)
    وأول عبارة في الموضوع هنا هي: ((نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه هو اختلاف الألسنة , لا الحقيقة والمجاز))
    فليس الكلام هنا عن مطلق الألفاظ ودلالاتها...وإنم عن جنس مخصوص من الألفاظ وهو الألفاظ التي تتغير دلالتها أو تتنوع دلالتها(وهو قدر كبير جداً من الألفاظ)...ما هو الاسم الصحيح لهذا التغير والتنوع(؟؟؟)والع بارة التي استشكلتها أنت هي: ((فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه في كلام أولئك العرب , قوم النبي صلى الله عليه وسلم , وليس ما كانت تدل عليه قبلهم , ولا ما صارت تدلُّ عليه بعدهم))الآن على ضوء ما تقدم...هل دلالة لفظ الصلاة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم هي نفس دلالة لفظ الصلاة في كلام العرب قبله..ومثال الصلاة هنا ليس دقيقاً تماماً لأمر أذكره بعدُ...
    واختلاف اللسان بعد النبي أظهر لأن الألسنة قبله لم تحفظ حفظ الألسنة بعده....ودلالة اختلاف الألسنة لا تتم إلا بين ألسنة أقدمها محفوظ
    ودونك مثال مما بعده...
    هل دلالة لفظ القهوة في كلام العرب هو نفس دلالة لفظ القهوة في كلام الناس اليوم...
    لا بالطبع ...
    إذاً مااسم هذا التباين والتغاير(؟؟؟)
    هذا جزء من محل البحث...
    أما عن كيفية الفهم وتحديد المعنى المراد فلهذا حديث آخر..
    بارك الله فيك...وجزاك الله خيراً على ما تنفعني به من المذاكرة
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    790

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    الآن على ضوء ما تقدم...هل دلالة لفظ الصلاة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم هي نفس دلالة لفظ الصلاة في كلام العرب قبله..
    أصلحك الله
    هاأنت تتكلم بكلام أصحاب المجاز الذين أعلنت الحرب عليهم.
    أليس أهل المجاز هم الذين اخترعوا أن ألفاظ الشريعة لها معنى لغوي وآخر اصطلاحي؟
    وأن الشرع جاء بدلالة جديدة للألفاظ غير ما كانت تعرفه العرب؟
    فمعنى الصلاة عند العرب هي الدعاء
    وأما في الشرع فهي حركات مخصوصة في أوقات مخصوصة لجهة مخصوصة من شخص مخصوص!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    أهذا ما استفدته من حربك مع أدعياء المجاز؟
    ألم تقرأ ردّ شيخ الإسلام عليهم في ادّعائهم ذلك في كتاب الإيمان؟
    وقد اخترتَ مثالا الردّ عليه أسهل من غيره.
    فأقول لك بكل ثقة: نعم دلالة الصلاة هي هي لم تتغير، وإن كان لها معان أخرى تختلف حسب السياق، وهذا ما قرره شيخ الإسلام وتبعته عليه بأن اللفظ المجرد ليس له معنى إلا في سياق.
    إلا إن قصدت أن تغيير الهيئة يعتبر تغيير لدلالة اللفظ فهذا أمر آخر ولا أظنك تقول به أبدا.
    فآدم أبو البشر كان يصلي ويعرف معنى الصلاة على ما هي عليه الآن
    ونوح أبو الناس كا ن يصلي ويعرف معنى الصلاة على ما هي عليه الآن
    وإبراهيم أبو الأنبياء كان يصلي ويعرف معنى الصلاة على ما هي عليه الآن
    وإسماعيل أبو العرب كان يصلي ويعرف معنى الصلاة على ما هي عليه الآن
    فكيف يجهل العرب معنى الصلاة ودلالتها وأبوهم الذي يتكلمون بلسانه كان يستخدمها في هذا المعنى، وكذلك كل قبائل العرب البائدة فما منها إلا ولها رسول كان يصلي ويعلم معنى الصلاة على ما هي عليه الآن مثل: صالح وهود وشعيب وغيرهم، وكذلك الأمم الأخرى حولهم من أهل الكتاب وغيرهم يستخدمون الصلاة في هذا المعنى؟
    من الواضح أنك لكثرة قراءتك لأصحاب المجاز لتردّ عليهم تأثرت بهم وأنت لا تشعر
    والله الموفق.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    بارك الله فيك ياشيخ عيد...

    هذا الموضوع جزء من حرب المجاز...وقد ذكرتُ لك أن مثال الصلاة ليس دقيقاً لأمور أذكرها بعدُ ...

    وقد قلتَ أنت: (( نعم دلالة الصلاة هي هي لم تتغير، وإن كان لها معان أخرى تختلف حسب السياق، ))

    المعاني الأخرى واختلافها باختلاف السياق هو نفسه استعمال اللفظ بأكثر من معنى...

    ومثبتة المجاز جعلو معنى منها حقيقة والباقي مجاز...

    ويسميه المحدثون إن اختلفت الأزمنة تطور دلالي...

    وبحثي في تقرير كونها من اختلاف الألسنة...

    ومثال الصلاة هل يدخل تحت اختلاف الألسنة أم أن العرب تكلمت بهذا اللفظ على معانيه جميعاً واستمر التكلم بها في زمن النبي وبعده (؟؟؟) فيه بحث ولذا لم يكن التمثيل به دقيقاً وما بعده من التمثيل أدق منه...

    واستعمال اللفظ بأكثر من معنى ...باب أوسع من اختلاف الألسنة...ولهذا بيان آخر...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    790

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    وما بعده من التمثيل أدق منه...
    وفقك الله
    ما بعده من التمثيل لا ينفعك
    لأنه يتكلم عن دلالة حادثة بعد فساد الألسنة وانتشار العامية واختلاط العرب بالعجم ودخول البُنّ
    بلادنا ومعه الشاي والكابتشينو وغيرها.
    ونحن نتكلم عن دلالة الألفاظ عند العرب وليس عند أهل العامية
    فالمثال فاسد
    والله الموفق

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,443

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    بارك الله فيكم...

    اختلاف الألسنة من قضايا العربية....وتُعنى ببحث ما يطرأ على الألسنة من اختلاف في كل زمان ومكان...فإن اتضح لك المراد باختلاف الألسنة فغيره هين...

    بارك الله في عقلك وعلمك...
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    790

    افتراضي رد: مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة...

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    فإن اتضح لك المراد باختلاف الألسنة فغيره هين...
    بارك الله في عقلك وعلمك...
    أنا لم أخالف في أصل المسألة ولا حتى في النتيجة النهائية.
    لكن أنا خالفتك في التقريرات.
    ولا يخفى عليكم أن القواعد والمقدمات والبراهين أهم من العناوين والمضامين والنتائج.
    والله الموفق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •