للرفع ................
للرفع ................
قال الدكتور الأستاذ شرف القضاة المدرس في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية :
"تهنئة المسيحيين بأعيادهم مباحة ولا حرمة فيها "
يكثر السؤال في هذه الأيام عن حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وللجواب عن ذلك أقول:
إن الأصل في هذا الإباحة، ولم يرد ما ينهى عن ذلك.
وكل ما سمعته أو قرأته لمن يحرمون هذه التهنئة أن في التهنئة إقرارا لهم على دينهم الذي نعتقد أنه محرف.
ولكن الصحيح أنه لا يوجد في التهنئة أي إقرار، لما يلي:
1- لأننا لا نَعُدُّ تهنئتهم لنا بأعيادنا إقرارا منهم بأن الإسلام هو الصحيح، فالمسلم لا يقصد بالتهنئة إقرارا على الدين، ولا هم يفهمون منا ذلك.
2- لأن الله تعالى أمرنا بمعاملتهم بالحسنى، فقال تعالى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ انْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا الَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} والبر هو الخير عموما، فقد أمرنا الله تعالى بمعاملتهم بالخير كله، فتكون معاملتهم بالخير ليست جائزة فقط بل هي مستحبة، فكيف يحرم بعد ذلك تهنئتهم بنحو قولك: كل عام وأنتم بخير، فإننا لا شك نحب لهم الخير، وقد أمرنا الله بذلك.
3- لأن الله تعالى شرع لنا التحالف معهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة المنورة.
4- لأن الله تعالى شرع لنا زيارتهم في بيوتهم واستقبالهم في بيوتنا، والأكل من طعامهم، بل والزواج منهم، مع ما في الزواج من مودة ورحمة، ولا يقال: إن في ذلك كله نوعا من الإقرار لهم بأن دينهم هو الحق، فكيف يجوز ذلك كله ولا تجوز تهنئتهم!!!
هذه الفتاوى المنحرفة عن منهج الله الحق تدعو إلى اجتثات أصلٍ عظيمٍ من أصول هذا الدين الحنيف عقيدةِ الولاء والبراءِ ومثل هذه الفتاوى لا تؤثر بإذن الله على المعتزين بدين الله السالكين المنهجَ القويم والصراط المستقيم المقتضي مخالفةَ أصحاب الجحيم، وقديما قيل: عش رجباً تر عجباً
قال في الإنصاف :
قوله : وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والمحرر والنظم وشرح ابن منجا .
إحداهما : يحرم وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع
والرواية الثانية : لا يحرم فيكره ، وقدمه في الرعاية والحاويين في باب الجنائز ولم يذكر رواية التحريم .
وذكر في الرعايتين والحاويين رواية بعدم الكراهة فيباح وجزم به ابن عبدوس في تذكرته
وعنه : يجوز لمصلحة راجحة كرجاء إسلامه اختاره الشيخ تقي الدين ومعناه اختيار الآجري وأن قول العلماء يعاد ويعرض عليه الإسلام .
قلت: هذا هو الصوابوقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم صبيا يهوديا كان يخدمه وعرض عليه الإسلام فأسلم .
نقل أبو داود : أنه إن كان يريد أن يدعوه إلى الإسلام فنعم .
وحيث قلنا : يعزيه فقد تقدم ما يقول في تعزيتهم في آخر كتاب الجنائز ويدعو بالبقاء وكثرة المال والولد .
زاد جماعة من الأصحاب منهم صاحب الرعايتين والحاويين والنظم وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم قاصدا كثرة الجزية.
وقد كره الإمام أحمد الدعاء بالبقاء ونحوه لكل أحد لآنه شيء فرغ منه
واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله ..اهــ
يتبين مما تقدم من النقل أن كلامه كله ينصب على العيادة والزيارة والتعزية ، وليس للتهنئة ، فلا يستدل به المخالف على ما يرمي إليه .
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع:
أما تهنئتهم بأمور دنيوية كما لو ولد له مولود، أو وجد له مفقود فهنأناه، أو بنى بيتاً فهنأناه، أو ما أشبه ذلك فهذه ينظر، إذا كان في هذا مصلحة فلا بأس بذلك، وإن لم يكن فيه مصلحة فإنه نوع إكرام فلا يهنَّؤون، ومن المصلحة أن يكون ذلك على وجه المكافأة، مثل أن يكون من عادتهم أن يهنِّئونا بمثل ذلك فإننا نهنئهم.