فرعون يقتل كل مولود ذكر من بني اسرائيل
ولسان القَدَر يقول له :
لا نُربيه إلا في حِجرك
قال ابن القيم
رحمه الله تعالى :
(الصبر عن الشهوة أسهل
مـن الصبر على ما توجبه الشهوة،
فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة،
وإما أن تقطع لذة أكمل مـنـهـــــا،
وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة،
وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثـلـمـــه،
وإما أن تُذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه،
وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضـعـــــــــه،
وإمـا أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة،
وإما أن تطرق لوضيع إليك طريـقــاً لم يكن يجدها قبل ذلك،
وإما أن تجلب هماً وغماً وحزناً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة،
وإما أن تنـســي علماً ذكره ألذ من نيل الشهوة،
وإما أن تُشمت عدواً وتحزن ولياً،
وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة،
وإما أن تحدث عيباً يبقى صفة لا تزول؛
فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق)[1].
^^^^^^^^^^^^^^^^
[1] الفوائد، ص131.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى
معلقا على حديث:
«بلغوا عني ولو آية»
وحديث:
«ليبلغ الشاهد منكم الغائب».
قال رحمه الله:
ولو لم يكن في تبليغ العلم عنه
إلا حصول ما يحبه صلى الله عليه وسلم لكفى به فضلا،
وعلامة المحب الصادق
أن يسعى في حصول محبوب محبوبه،
ويبذل جهده وطاقته فيها
ومعلوم أنه لا شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
من إيصاله الهدى إلى جميع الأمة،
فالمبلِّغ عنه ساع في حصول محابِّه
فهو أقرب الناس منه
وأحبهم إليه
وهو نائبه وخليفته في أمته،
وكفى بهذا فضلا وشرفا للعلم وأهله.
«مفتاح دار السعادة» 201/1.
{ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيرَ مُشرِكينَ بِهِ
وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ
أَو تَهوي بِهِ الرّيحُ في مَكانٍ سَحيقٍ }
[الحج: 31]
مائلين عن كل دين سوى دينه المُرْتَضى عنده،
غير مشركين به في العبادة أحدًا،
ومن يشرك بالله فكأنما سقط من السماء،
فإما أن تخطف الطير لحمه وعظامه،
أو تقذفه الريح في مكان بعيد.
- المختصر في تفسير القرآن الكريم
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي
وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي
وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضّا دَ
وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ
إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ
لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي
وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ
أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـ ـهُ
غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ
قال الحق عز وجل :
{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ
مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ *
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ
وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ
وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }
فلما بين تعالى ما بيَّن من هذه المخلوقات العظيمة،
وما فيها من العبر الدالة على كماله وإحسانه،
قال:
{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } أي:
الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها،
هو الرب المألوه المعبود، الذي له الملك كله.
{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأصنام
{ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } أي:
لا يملكون شيئا، لا قليلا ولا كثيرا،
حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء،
وهذا من تنصيص النفي وعمومه،
فكيف يُدْعَوْنَ، وهم غير مالكين لشيء
من ملك السماوات والأرض؟
ومع هذا { إِنْ تَدْعُوهُمْ }
لا يسمعوكم لأنهم ما بين جماد وأموات وملائكة مشغولين بطاعة ربهم.
{ وَلَوْ سَمِعُوا } على وجه الفرض والتقدير
{ مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } لأنهم لا يملكون شيئا، ولا يرضى أكثرهم بعبادة من عبده،
ولهذا قال: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } أي: يتبرأون منكم،
ويقولون: { سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ }
{ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }
أي: لا أحد ينبئك، أصدق من الله العليم الخبير،
فاجزم بأن هذا الأمر، الذي نبأ به كأنه رَأْيُ عين،
فلا تشك فيه ولا تمتر.
فتضمنت هذه الآيات، الأدلة والبراهين الساطعة،
الدالة على أنه تعالى المألوه المعبود،
الذي لا يستحق شيئا من العبادة سواه،
وأن عبادة ما سواه باطلة متعلقة بباطل،
لا تفيد عابده شيئا.
من تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله تعالى