قال ابن القيم
رحمه الله تعالى :
(الصبر عن الشهوة أسهل
مـن الصبر على ما توجبه الشهوة،
فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة،
وإما أن تقطع لذة أكمل مـنـهـــــا،
وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة،
وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثـلـمـــه،
وإما أن تُذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه،
وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضـعـــــــــه،
وإمـا أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة،
وإما أن تطرق لوضيع إليك طريـقــاً لم يكن يجدها قبل ذلك،
وإما أن تجلب هماً وغماً وحزناً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة،
وإما أن تنـســي علماً ذكره ألذ من نيل الشهوة،
وإما أن تُشمت عدواً وتحزن ولياً،
وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة،
وإما أن تحدث عيباً يبقى صفة لا تزول؛
فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق)[1].
^^^^^^^^^^^^^^^^
[1] الفوائد، ص131.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى
معلقا على حديث:
«بلغوا عني ولو آية»
وحديث:
«ليبلغ الشاهد منكم الغائب».
قال رحمه الله:
ولو لم يكن في تبليغ العلم عنه
إلا حصول ما يحبه صلى الله عليه وسلم لكفى به فضلا،
وعلامة المحب الصادق
أن يسعى في حصول محبوب محبوبه،
ويبذل جهده وطاقته فيها
ومعلوم أنه لا شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
من إيصاله الهدى إلى جميع الأمة،
فالمبلِّغ عنه ساع في حصول محابِّه
فهو أقرب الناس منه
وأحبهم إليه
وهو نائبه وخليفته في أمته،
وكفى بهذا فضلا وشرفا للعلم وأهله.
«مفتاح دار السعادة» 201/1.
{ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيرَ مُشرِكينَ بِهِ
وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ
أَو تَهوي بِهِ الرّيحُ في مَكانٍ سَحيقٍ }
[الحج: 31]
مائلين عن كل دين سوى دينه المُرْتَضى عنده،
غير مشركين به في العبادة أحدًا،
ومن يشرك بالله فكأنما سقط من السماء،
فإما أن تخطف الطير لحمه وعظامه،
أو تقذفه الريح في مكان بعيد.
- المختصر في تفسير القرآن الكريم
لا بقَوْمي شَرُفْتُ بل شَرُفُوا بي
وَبنَفْسِي فَخَرْتُ لا بجُدودِي
وبهمْ فَخْرُ كلّ مَنْ نَطَقَ الضّا دَ
وَعَوْذُ الجاني وَغَوْثُ الطّريدِ
إنْ أكُنْ مُعجَباً فعُجبُ عَجيبٍ
لمْ يَجدْ فَوقَ نَفْسِهِ من مَزيدِ
أنَا تِرْبُ النّدَى وَرَبُّ القَوَافي
وَسِمَامُ العِدَى وغَيظُ الحَسودِ
أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّـ ـهُ
غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ
قال الحق عز وجل :
{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ
مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ *
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ
وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ
وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }
فلما بين تعالى ما بيَّن من هذه المخلوقات العظيمة،
وما فيها من العبر الدالة على كماله وإحسانه،
قال:
{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ } أي:
الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها،
هو الرب المألوه المعبود، الذي له الملك كله.
{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأصنام
{ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ } أي:
لا يملكون شيئا، لا قليلا ولا كثيرا،
حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء،
وهذا من تنصيص النفي وعمومه،
فكيف يُدْعَوْنَ، وهم غير مالكين لشيء
من ملك السماوات والأرض؟
ومع هذا { إِنْ تَدْعُوهُمْ }
لا يسمعوكم لأنهم ما بين جماد وأموات وملائكة مشغولين بطاعة ربهم.
{ وَلَوْ سَمِعُوا } على وجه الفرض والتقدير
{ مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } لأنهم لا يملكون شيئا، ولا يرضى أكثرهم بعبادة من عبده،
ولهذا قال: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } أي: يتبرأون منكم،
ويقولون: { سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ }
{ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }
أي: لا أحد ينبئك، أصدق من الله العليم الخبير،
فاجزم بأن هذا الأمر، الذي نبأ به كأنه رَأْيُ عين،
فلا تشك فيه ولا تمتر.
فتضمنت هذه الآيات، الأدلة والبراهين الساطعة،
الدالة على أنه تعالى المألوه المعبود،
الذي لا يستحق شيئا من العبادة سواه،
وأن عبادة ما سواه باطلة متعلقة بباطل،
لا تفيد عابده شيئا.
من تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله تعالى
96083:
كيف أحقق التوحيد ، وما هو الجزاء الموعود ؟
السؤال:
كيف يمكن للعبد أن يحقق التوحيد لله تعالى ؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
فقد سألتَ ـ وفقك الله ـ عن أمر عظيم ،
وإنه ليسير على من يسره الله عليه ،
نسأل الله أن ييسر لنا ولإخواننا المسلمين كل خير .
اعلم أن تحقيق التوحيد
إنما يكون بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ،
وشهادة أن محمداً رسول الله
وهذا التحقيق له درجتان :
( درجة واجبة ، ودرجة مستحبة )
فالدرجة الواجبة تتحقق بثلاثة أمور :
1) ترك الشرك بجميع أنواعه الأكبر والأصغر والخفي .
2) ترك البدع بأنواعها .
3) ترك المعاصي بأنواعها .
والدرجة المستحبة وهي التي يتفاضل فيها الناس
ويتفاوتون تفاوتاً عظيماً وهي :
أن لا يكون في القلب شيء من التوجه لغير الله أو التعلق بسواه ؛
فيكون القلب متوجهاً بكليته إلى الله
ليس فيه التفات لسواه ،
نطقه لله ، و فعله وعمله لله ،
بل وحركة قلبه لله جل جلاله ،
وهذه الدرجة يعبر بعض أهل العلم عنها بأنها :
ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس ،
وذلك يشمل أعمال القلوب واللسان والجوارح .
ولابد لتحقيق هاتين الدرجتين من أمور :
أولها : العلم ،
وإلا فكيف يحقق التوحيد ويعمل به من لا يعرفه ويفهمه ،
فواجب على كل مكلف أن يتعلم من توحيد الله ما يُصَحِّحُ به معتقده وقوله وعمله ،
ثم ما زاد فهو فضلٌ وخيرٌ.
ثانيها : التصديق الجازم واليقين الراسخ
بما ورد عن الله وعن نبيه صلى الله عليه وسلم من أخبار ، وأقوال .
ثالثها : الانقياد والامتثال لأوامر الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم
بفعل المأمورات ، و ترك المحظورات والمنهيات .
وكلما كان الإنسان أكثر تحقيقاً لهذه الأمور
كان توحيده أعظم وثوابه أكبر .
وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم
أن من حقق الدرجة العليا من التوحيد
فهو موعود بأن يكون مع السبعين ألفاً
الذين يدخلون الجنة بغير حساب ـ
نسأل الله من فضله ـ
ففي صحيح البخاري (5705)
ومسلم (220)
عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ
وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ
وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ
إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي
فَقِيلَ لِي هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ
وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَنَظَرْتُ
فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ
فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي هَذِهِ أُمَّتُكَ
وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ
ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ
فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ
وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ
وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ
فَأَخْبَرُوهُ
فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ
ولا يكتوون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ
فَقَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ
ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ
فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ "
قوله : ( لَا يَسْتَرْقُونَ ) أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم .
وإن كان طلب الرقية جائزاً لكنه خلاف الأولى والأفضل .
وقوله وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ) أي لا يقعون في التشاؤم بالطير
أو بغيرها مما يتشاءم منه الناس
فيتركون بعض ما عزموا على فعله بسبب هذا التشاؤم .
والتشاؤم محرم وهو من الشرك الأصغر .
وقوله وَلَا يَكْتَوُونَ ) فيتركون الاكتواء بالنار في علاج أمراضهم
ولو ثبت لهم نفعه لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم له .
ولأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار .
فالصفة المشتركة في هذه الصفات الثلاثة أن أصحابها
( على ربهم يتوكلون )
أي حققوا أكمل درجات التوكل وأعلاها ،
فلم يعد في قلوبهم أدنى التفات للأسباب ،
ولا تعلق بها
بل تعلقهم بربهم وحده سبحانه .
والتوكل هو جماع الإيمان كما قال سعيد بن حبيب ،
بل هو الغاية القصوى كما يقول وهب بن منبه رحمه الله .
وتجد في السؤال رقم ( 4203 )
مزيدا من الكلام على هذا الحديث فراجعه لأهميته .
والله أعلم وأحكم .
وبعد : فليس تحقيق التوحيد بالتمني ،ولا بالتحلي ،
ولا بالدعاوى الخالية من الحقائق ،
وإنما بما وقر في القلوب من عقائد الإيمان ،
وحقائق الإحسان؛
وصدقته الأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة الجليلة .
فعلى المسلم أن يبادر لحظات العمر ،
ويسابق ساعات الزمن في المبادرة إلى الخيرات ،
والمنافسة في الطاعات ،
وليستهون الصعب ،
وليستلذ الألم ،
فإن سلعة الله غالية .
إن سلعة الله الجنة .
ينظر ( القول السديد على مقاصد كتاب التوحيد
للشيخ عبد الرحمن السعدي ـ
رحمه الله ـ20-23 )
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.info/ar/96083
إن الفطرة تدل على
توحيد الألوهية ؛
لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية؛
فمن أيقن أن الله ربه وخالقه،
فلا بد أن يصرف
العبادة له وحده،
كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ،
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
[البقرة: 21-22] ؛
فالإنسان إذا آمن بأن الله عز وجل
هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت،
المعطي، المانع، الضار، النافع،
بيده الأمر كله،
وإليه يرجع الأمر كله،
فلا بد أن ينتهي به الأمر إلى أنه
المعبود بحق وحده،
لا شريك له؛
فيخضع قلبه له محبة، وإنابة،
وذلا، وخوفا، وخشية، وتوكلا؛
إذ كيف يعبد، أو يخاف،
أو يحب محبة عبادة،
أو يتوكل على مخلوق
لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
=======================
المفيد في مُهمات التوحيد
للشيخ أ.د.عبد القادر صُوفي
جزاه الله تعالى خير الجزاء
http://shamela.ws/index.php/author/1987
http://www.4shared.com/office/eLnMFok4/_________.html
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحـمه الله:
وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلى الله عليه وسلم
عن اتخاذ المساجد على القبور،
هي التي أوقعت كثير من الأمم،
إما في الشرك الأكبر،
أو فيما دونه من الشرك
فإن الشرك بقبر الرجل الذي يعتقد صلاحه
أقرب إلى النفوس
من الشرك بخشبة أو حجر؛
ولهذا تجد أهل الشرك يتضرعون عندها
ويخشعون ويخضعون ويعبدون بقلوبهم
عبادة لا يفعلونها في بيوت الله
ولا وقت السَحر،
ومنهم من يسجد لها،
وأكثرهم يرجون
من بركة الصلاة عندها والدعاء
ما لا يرجونه في المساجد ( 1 ).
فنهى صلى الله عليه وسلم
عن بناء المساجد عليها
حسمًا لمادة الشرك ،
وسدًا للطرق المفضية إليه.
``````````````````
1 - نقل ذلك عنه الشيخ عبد الرحمن بن حسن
في كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص312.