تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الظَفَر، بأحكام جمع الصلاتين لأجل المطر!! كتبه فؤاد الحاتم

  1. #1

    افتراضي الظَفَر، بأحكام جمع الصلاتين لأجل المطر!! كتبه فؤاد الحاتم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    نظرا لبدء موسم الأمطار هذا العام، أحببت تذكير نفسي وإخواني بأحكام الجمع لأجل المطر.

    وسوف يكون الكلام على المسائل التالية:
    أولا: دليل جواز الجمع لأجل المطر.
    ثانيا: اختصاص الجمع لأجل المطر بصلاتي المغرب والعشاء.
    ثالثا: شروط الجمع لأجل المطر.
    رابعا: وقت اداء السنة الراتبة للمغرب والعشاء، والوتر.
    خامسا: مناقشة بعض أدلة من اعترض على جواز الجمع.

    وقد حرصت على عدم الإطالة، والاختصار قدر الإمكان، أسأل الله جل في علاه ان يجعل ما أنزله علينا من هذه الأمطار أمطار خير وبركه، وان ينفع بها البلاد والعباد.

    الاصل في جواز جمع الصلاتين لأجل المطر: الآثار وهي كالإجماع.

    فمن تلك الآثار:
    أولا: أن ابنَ عمر رضي الله عنهما كان اذا جَمَعَ الأمراءُ بين المغربِ والعشاءِ في المطر، جمع معهم. [اخرجه الامام مالك في الموطأ، بإسناد صحيح، وعبدالرزاق من طريق مالك أيضاً في المصنف 2/556]

    ثانيا: ان عروةَ بن الزبير، وسعيدَ بن المسيب، وأبا بكر بن عبدالرحمن بن الحارث، يجمعون بين المغرب والعشاء، في الليلة المطيرة، اذا جمعوا بين الصلاتين، ولا ينكرون ذلك.
    وفي رواية: أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة، إذا كان المطر، وأن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم، ولا ينكرون ذلك. [اخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/168ـ169، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل 3/40]

    قال ابن قدامة: ولا يُعرَف لهم في عصرهم مخالف، فكان إجماعا اهـ [المغني 2/274]

    و
    قال تقي الدين ابن تيمية: فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم، المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك، فعُلِم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك اهـ مجموع الفتاوى 24/83

    وجوّز الجمع لأجل المطر جمهور الأئمة، مالك، والشافعي، واحمد، وهو قول الفقهاء السبعة، وغيرهم؛ ولم يجوزه أصحاب الرأي. [المغني 2/274]

    اتفق القائلون بالجمع لأجل المطر على جمع المغرب والعشاء، واختلفوا في جمع الظهر مع العصر.

    فذهب مالك واحمد الى عدم جواز جمع الظهر مع العصر. [التمهيد 12/210، والاستذكار كلاهما لابن عبدالبر 6/30، والمغني لابن قدامة 2/274]

    والدليل على جواز الجمع بين العشائين فقط، أمران:
    أحدهما: الآثار المتقدمة آنفا في جواز أصل الجمع، فكلها جاءت في جمع المغرب والعشاء.
    وهذا هو المعروف من عمل الصحابة والتابعين، ولم يرد عنهم الجمع بين الظهر والعصر.[بداية المجتهد 1/415]
    والآخر: العلة التي من اجلها شُرع الجمع، وهي المشقة، فهي متحققة في جمع المغرب والعشاء حال الظلمة، دون جمع العصر والظهر.

    شروط الجمع لأجل المطر خمسة:
    الشرط الأول: اختصاص الجمع لمن يصلي جماعة في المسجد، لأن الجمع شُرِعَ لأجل المشقة التي تلحق المصلي بخروجه من بيته الى المسجد، بخلاف من يصلي في البيت، وكذلك النساء، فانه لا تلحقهن مشقة في صلاة كل فريضة في وقتها. [المغني 2/276، المجموع 4/261]

    ويستوي في من يصلي في المسجد من كان بيته بعيدا او قريبا؛ لأن مشقة بلل الثياب وغيره تلحق بالقريب كما تلحق بالبعيد أيضاً، وان كانت في البعيد اكثر مشقة.

    الشرط الثاني: ان يكون المطر يبل الثياب، وتلحق المشقة بالخروج فيه.
    واما الطل، والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب، فلا يبيح الجمع اهـ [المغني 2/275]

    الشرط الثالث: استمرار المطر عند افتتاح الصلاتين، المغرب و العشاء. [المجموع 4/262]

    ونزال المطر في أثناء الاولى ثم عاد قبل الفراغ منها، أو انقطع بعد الإحرام بالثانية، جاز الجمع ولم يؤثر انقطاعه؛ لأن العذر وجد في وقت النية اهـ [المغني2/280]

    الشرط الرابع: الترتيب بين الصلاتين.
    قال النووي: فيبدأ بالأولى، ولو بدأ بالثانية، لم يصح اهـ [روضة الطالبين 1/499]

    الشرط الخامس: المولاة بين الصلاتين.
    بان لا يفرق بين الصلاتين الا بقدر الإقامة والوضوء، وهذا مذهب الجمهور. [مواهب الجليل2/473، والمجموع 4/255، والمغني 2/279]

    وقت اداء السنة الراتبة، والوتر.
    وقتهما بعد الفراغ من الجمع.
    قال ابن قدامة: اذا جمع في وقت الأولى فله ان يصلي سنة الثانية منهما، ويوتر قبل دخول وقت الثانية؛ لأن سنتها تابعة لها، فتتبعها في فعلها ووقتها.
    والوتر وقته ما بين صلاة العشاء الى صلاة الصبح، وقد صلى العشاء، فدخل وقته اهـ المغني 2/281، وأنظر مواهب الجليل 2/472

    تابع

  2. #2

    افتراضي رد: الظَفَر، بأحكام جمع الصلاتين لأجل المطر!! كتبه فؤاد الحاتم

    ذهب بعض الفضلاء من المعاصرين إلى عدم جواز الجمع لأجل المطر، واحتج بإمور:
    منها: أنه لم يصح في مسالة الجمع بين الصلاتين في المطر حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    وهذا حق لا مرية فيه، ولكن الأحكام لها أدلة غير الكتاب والسنة؛ كالإجماع، والقياس، وقول الصحابي، وغير ذلك، مما اتفق عليه سلف الأمة.

    وهذه المسالة دليلها كما تقدم هو فعل ابن عمر رضي الله عنهما، وغيره من التابعين، ولم يرد إنكار لهم من غيرهم.
    وقد قال تقي الدين ابن تيمية: فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم، المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك، فعُلِم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك اهـ مجموع الفتاوى 24/83

    ومما استدل به على عدم جواز الجمع لأجل المطر: حديث "صلوا في رحالكم".
    وقد رواه عدة من الصحابة، وهو لا يخالف مسألة الجمع لأجل المطر، ولم يفهم أحد من حكم الرخصة في الصلاة في الرحال المنع من الجمع لأجل المطر.

    بل إن العذر الواحد قد يترتب عليه أكثر من حكم، كالسفر مثلا بشروطه: يترتب عليه أحكاما منها: القصر، والجمع، وترك الجماعة.

    وقد حمل الإمام أحمد في رواية له رخصة الصلاة في الرحال على حال السفر.
    كما في الصحيحين من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر، فقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم، ألاصلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذاكانت ليلة بادرة أو ذات مطر في السفر أن يقول: "ألا صلوا في رحالكم"

    و في الصحيحين نحوه عن ابن عباس، وفيه زيادة أن ذلك في يوم الجمعة.

    و أخرج مسلم في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر؛ فمطرنا؛ فقال: "ليصل من شاء منكم في رحله"
    وليس فيما تقدم من هذه الأحاديث عدم جواز الجمع، وإنما هو دليل على العذر بترك الجماعة في حال المطر.
    وهو مذهب الحنابلة وغيرهم، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أن ذلك عذر في السفر فقط. الانصاف للمرداوي مع المقنع والشرح الكبير 4/469

    ومما استدل به على عدم الجمع لأجل المطر: ما أخرجه الفسوي عن يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد في رسالته للإمام مالك، وذكر فيها ان الصحابة الذين سكنوا الشام، ومصر، والعراق، لم يجمعوا بين المغرب والعشاء قط، مع أن مطر الشام أكثر من مطر المدينة.[المعرفة والتاريخ للفسوي 1/388ـ389]

    وهذا الاستدلال ضعيف من عدة وجوه:
    اولا: ان راوي هذه الرسالة عن الليث هو يحيى بن عبدالله بن بكير القرشي المخزومي مولاهم، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة، ووثقه من جاء بعدهم.

    قال عنه أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، كان يفهم هذا الشأن.
    وقال النسائي: ضعيف، وفي موضع آخر: ليس بثقة.
    وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.
    وقال الساجي: صدوق، روى عن الليث فأكثر.
    وقال ابن عدي: كان جار الليث بن سعد، وهو أثبت الناس فيه، وعنده عن مالك ما ليس عندأحد.
    وقال الخليلي: كان ثقة، وتفرد عن مالك بأشياء. [الجرحوالتعديل لابن أبي حاتم 9/165، وتهذيب التهذيب 6/151]

    فالأئمة الذين كانوا أقرب إليه زمنا، وأعلم بحاله ممن لم يدركه ضعفوه، وفيهم يحيى بن معين وهو ممن روى عن ابن بكير!

    ولاشك أن قولهم لهذه الأسباب وغيرها مقدم على من جاء بعدهم.

    ولم ينفرد ابن بكير بذكر هذه الرسالة، بل تابعه عليها عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث.
    أخرجها الدوري عن ابن معين عن عبد الله بن صالح عن الليث بلفظه.
    تاريخ الدوري 2/373ـ374

    وعبدالله بن صالح المصري كاتب الليث مختلف في توثيقه بين الأئمة.

    فمنهم من وثقه مطلقا، ومنهم من ضعفه مطلقا وفيهم أناس من اهل بلده مصر، وبعضهم كذبه، ومنهم من توسط فيه، وبين حاله على التفصيل. الجرح والتعديل لابن ابي حاتم 5/86ـ88، والكامل في الضعفاء لابن عدي 4/206ـ208، وميزان الاعتدال للذهبي 2/440ـ445، وتهذيب التهذيب لابن حجر3/168ـ170

    ثانيا: ان هذا الكلام ليس له اسناد بين الليث وبين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، والليث لا يروي عن أحد من الصحابة، ولم يدرك أحدا منهم، بل قد يكون بين الليث وبين الصحابة رجل أو رجلان، فهو إما مرسل على منهج المتقدمين، وإما معضل على منهج المتأخرين.

    وبناء عليه فهو إسناد ضعيف، لا يصح أن يعارض بما صح عن ابن عمر، وغيره.

    ثالثا: ان من يحتج بقول الصحابي يكتفي بخبر الواحد منهم، ما لم يرد عن صحابي آخر خلافه.
    ولا يعتبرون عدم النقل عن جماعتهم قادحا في قول أحدهم.

    وهذا هو الحق الذي عليه السلف، من التابعين ومن بعدهم من الأئمة الاربعة وغيرهم، كما هو محرر في كتب اصول الفقه.

    رابعا: ان كلام الليث نفي، وخبر ابن عمر إثبات، فلا يعارض النفي بالاثبات، لأن المثبت مقدم على المنفي.

    خامسا: ان خبر ابن عمر وغيره من التابعين ثابت بالإسناد الصحيح، فلا يعارض بما هو أضعف منه.

    سادسا: ان التقيد بفهم سلف الامة هو الحق الذي لا مرية فيه، سواء في العقيدة، أو الفقه وأصوله، أو في الحديث وعلله، أو غيرها، ومن فرق فعليه الدليل.

    وقد ذهب جمهور الأئمة، ومحققي أهل العلم قديما وحديثا، ممن تقدم ذكرهم وغيرهم، إلى جواز الجمع لأجل المطر كما تقدم.

    وهو الذي لا شك فيه.

    هذا ما تيسر بحثه في هذه المسألة، أسأل الله أن ينفع بها كاتبها، وقارئها، وصلى الله على نبينا محمد.

    قاله وكتبه راجي عفو ربه
    فؤاد بن عبد الله الحاتم
    الرياض6/2/1434هـ

  3. #3

    افتراضي رد: الظَفَر، بأحكام جمع الصلاتين لأجل المطر!! كتبه فؤاد الحاتم

    ...

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •