تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لابنِ الجوْزيّ : " عتابٌ وَنَجوَى مع نفسٍ أمَّارةٍ "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Lightbulb لابنِ الجوْزيّ : " عتابٌ وَنَجوَى مع نفسٍ أمَّارةٍ "

    يقول ابنُ الجَوزيّ - رحمهُ اللهُ تعالى - في كتابِه القيِّمِ " صيدِ الخاطِر " في فصلٍ بعنوانِ :
    " عتابٌ ونجوى مع نفسٍ أمَّارةٍ " :

    **"واعَجَباً منْ عارفٍ باللهِ عزَّ وجلَّ يُخالِفُهُ ولو في تَلِفِ نفسهِ ! هل العيشُ إلاَّ معهُ ؟! هل الدنيا والآخرةُ إلاَّ لهُ ؟! ٍ
    ***أُفِّ لمتَرخّصِ
    في فعلِ ما يكرهُ لنيلِ ما يحبُّ؛ لقد فاتَهُ أضعافَ ما حصلَ
    . أقبِلْ على ما أقولُ ياذا الذوقِ !
    * هل وقعَ لك تعثيرٌ في عيشٍ وتخبيطٌ في حالٍ إلاَّ حالِ مخالفتِه ؟!
    ولا انْثَنى عزمِي عن بابِكُم إلاَّ تعثّرتُ بأذيالي
    ** أَما سمعتَ تلك الحكايةَ عن بعضِ السَّلفِ : أنهُ قالَ :
    رأيتُ على سورِ بيروتَ شابّاً يذكرُ اللهَ تعالى ، فقلتُ لهُ : أَلَكَ حاجةٌ ؟ فقالَ : إذا وقَعَتْ لي حاجةٌ سألتُهُ بقلبي فَقَضاهَا ! .
    ***اقْبَلْ نُصحي يا مَخدوعا بغرضِهِ !
    إنْ ضَعُفتَ عن حملِ بلائِه فاسْغِثْ بهِ ، وإنْ آلَمَكَ كربُ اختيارِهِ ، فإنَّك بينَ يديهِ ، ولا تَيأسَ من روحِهِ وإِنْ قَوِيَ خناقُ البلاءِ .
    ***أيّتُها النفسُ : لقد أعطاكِ ما لم تُؤمِّلي ، وبلَّغَكِ ما لمْ تطلٌبي ، وسترَ عليكِ من قَبيحِك ما لَو فَاحَ ضَجَّتِ المشامَّ ( أي الأنوف) ! فما هذا الضَّجيجُ من فواتِ كمالِ الأغراضِ ؟! أمملُوكةٌ أنتِ أم حُرَّةٌ ! أَما علمتِ أنَّك في دارِ التَّكليفِ ؟!
    أتراهُ لو هبَّت نفحةٌ فأَخذتِ البصرَ كيفَ كانت تطيبُ لكِ الدُّنيا ؟!
    وا أَسفَاً عليكِ ! لقد عَشِيَت البصيرةُ التي هي أشرفُ وَما علمتِ كمْ أقولُ : عسى ولعلَّ ؟ وأنتِ في الخطأِ إلى قُدَّامٍ !
    ** قَرُبَت سفينةُ العُمر من ساحلِ القبرِ وما لَكِ في المركبِ بضاعةٌ تَربَحُ ... تلاعبتْ في بحرِ العمرِ ريحُ الضّعفِ ؛ ففرَّقتْ تَلفيقَ القُوى ، وكأنْ قد فصلتِ المركبُ ... بلغتِ نهايةَ الأجلِ وعينُ هواكِ تتلفَّتُ إلى الصِّبا ...!
    *** أيَّتها النفسُ : باللهِ عليكِ ؛ لا تُشمِتي بكِ الأعداءُ !
    هذا أقلُّ الأقسامِ ، وأَوفى منها أنْ أقولَ : باللهِ عليكِ ، لا يَفوتَنَّكِ قَدَمُ سابقٍ مع قدرتِكِ على قطعِ المِضمارِ .
    ***أيَّتُها النفسُ : الخُلوةَ الخُلوةَ ! واستحْضِري قرينَ العقلِ ، وَجُولِي في حَيْرَةِ الفِكر ، واسْتَدْرِكِي صُبابَةَ الأجَلِ قبلَ أنْ تميلَ بكِ الصَّبابةُ عن الصّوابِ .

    *** واعَجَبا ! كلَّما صَعِدَ العمرُ نَزِلتِ ! وكلَّما جَدَّ الموتُ هَزَلْتِ !
    أَتُراكِ ممَّنْ خُتِمَ لهُ بفتنةٍ ، وَقُضِيتْ عليه عندَ آخرِ عُمُرِه المِحنةُ ؟!
    كانَ أولُ عُمُركِ خيراً من الأخيرِ ... كنتِ في زمنِ الشبابِ أصلحَ منكِ في زمنِ أيّامِ المشيبِ ...!
    " وَتِلكَ الأمثالُ نَضْرِبُها للناسِ وَمَا يعْقِلُها إلاَّ العَالِمُون " سورة العنكبوت / الآية 43
    نسألُ اللهَ عزّ وجلّ مَا لا يَحصُل إلاّ به ، وهو توفِيقُه ؛ إنّه سميعٌ مُجيبٌ ."
    انتهى كلامُ الإمامِ " ابنِ الجَوزِيّ " رحمهُ اللهُ
    ****************

    بقلم : جاميليا حفني
    المصدر : كتابُ " صَيْد الخَاطِر " لابن الجوزيّ .
    تحقيق عامر بن علي ياسين






  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: لابنِ الجوْزيّ : " عتابٌ وَنَجوَى مع نفسٍ أمَّارةٍ "

    قال ابن القيم - رحمه الله -: وأما النفس الأمارةُ فجعل الشيطان قرينها وصاحبها الذي يليها فهو بعدها ويمينها، ويقذف فيها الباطل، ويأمرها بالسوء ويزينه لها ويطيل في الأمل، ويريها الباطل في صورة تقبلها وتستحقها، ويمدها بأنواع الإمداد الباطل من الأماني الكاذبة، والشهوات المهلكة ويستعين عليها بهواها، وإراداتها، فمنه يدخل عليها كل مكروه. فما استعان على النفوس بشيء وهو أبلغ من هواها وإراداتها إليه.ـ
    ولذا أوجب الله - تعالى- مجاهدة هذه النفس الأمارة، وحذر من الانجرار وراءها، ، والمراد بالمجاهدة: كف النفس عن إرادتها من الشغل بغير العبادة..
    وعن أبي عمرو بن بجيد: من كرم عليه دينه هانت عليه نفسه. وقال القشيري: أصل مجاهدة النفس فطمها عن المألوفات، وحملها على غير هواها.. وللنفس صفتان: انهماك في الشهوات، وامتناع عن الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك..
    قال بعض الأئمة: جهاد النفس داخل في جهاد العدو، فإن الأعداء ثلاثة ورأسهم الشيطان، ثم النفس لأنها تدعو إلى اللذات المفضية إلى الوقوع في الحرام الذي يسخط الرب، والشيطان هو المعين لها على ذلك ويزينه لها. فمن خالف هوى نفسه قمع شيطانه، فمجاهدة نفسه حملها على اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه. وإذا قوي العبد على ذلك سهل عليه جهاد أعداء الدين، فالأول: الجهاد الباطن، والثاني: الجهاد الظاهر. وجهاد النفس أربع مراتب: حملها على تعلم أمور الدين ثم حملها على العمل بذلك، ثم حملها على تعليم من لا يعلم، ثم الدعاء إلى توحيد الله، وقتال من خالف دينه وجحد نعمه. وأقوى المعين على جهاد النفس؛ جهاد الشيطان بدفع ما يلقي إليه من الشبهة والشك ثم تحسين ما نهي عنه من المحرمات، ثم ما يفضي الإكثار منه الوقوع في الشبهات، وتمام المجاهدة أن يكون متيقظاً لنفسه في جميع أحواله، فإنه متى غفل عن ذلك استهواه شيطانه ونفسه إلى الوقوع في المنهيات..
    وما أحسن قول الشاعر عندما قال:
    يا من يجاهد غازياً أعداء دين الله يرجوا أن يعـان وينصـرا
    هلا غشيت النفس غزواً إنها أعدى عدوك كي تفوز وتظفرا
    قال يحيى بن معاذ: أعداء الإنسان ثلاثة: دنياه، وشيطانه، ونفسه، فاحترس من الدنيا بالزهد فيها، ومن الشيطان بمخالفته، والنفس بترك الشهوات.
    ونقل ابن رجب في مجاهدة النفس عن أبي بكر قوله: وهذا الجهاد يحتاج أيضاً إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه أو شيطانه غلبهم، وحصل له النصر والظفر، وملك نفسه فصار ملكاً عزيزاً، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غلب وقهر وأسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يد شيطانه وهواه كما قيل:
    إذا المرء لم يغلب هواه أقامه بمنزلة فيها العزيز ذليل
    وقال ابن القيم - رحمه الله -: لا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها. ومن أحسن الظن بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه.
    وقال سفيان الثوري - رحمه الله -: ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نفسي، مرة لي، ومرة عليَّ.
    اللهم أعنا على أنفسنا، اللهم أصلح نفوسنا وآتها تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2013
    المشاركات
    34

    افتراضي رد: لابنِ الجوْزيّ : " عتابٌ وَنَجوَى مع نفسٍ أمَّارةٍ "

    بارك الله فيكما

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •