هل بنطال الرجال مستثنى من الإسبال ؟
(1 من 2)
عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "
صحيح. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه – عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:
"ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"رواه البخاري وغيره
..................
زعم البعض أن الحديث الأول مخصص لأحاديث الإسبال ومقيد لها بالأصناف الثلاثة: الإزار، والقميص، والعمامة. وعليه فإسبال البنطال غير مشمول بالوعيد. وهذا الإدعاء مردود بالحديث نفسه ، إذ أن المراد من الحديث عدم حصر الإسبال في الإزار وإنما يتعداه إلى كل ما يلبس سواء أكان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم- كالقميص والعمامة والسراويل- أو في غيرها من الأزمان كالبنطال في زماننا وغيره والأدلة على ذلك كثيرة نورد بعضها للاختصار:
· المعنى اللغوي للإزار والسراويل والثوب:
الإزار:كما في لسان العرب : كل ما واراكَ وسَتَرَكَ . وتعني أيضا : الملحفة
إزرة المؤمن : الحالة وهيئة الائتزار.
السراويل:من سَرَلَ، فارسي معرب ، طائر مسَروَلٌ : أَلبَسَ ريشُهُ ساقَيْهِ، حمامة مسَروَلةٌ: في رجليها ريش.
الثوب: من ثَوَبَ ويعني: اللباس والجمع ثياب وأثْوُبٌ وأثواب.
أقوال أهل العلم قديما وحديثا:
· َسُئِلَ ابن تيمية رحمه اللهعَنْ طُولِ السَّرَاوِيلِ إذَا تَعَدَّى عَنْ الْكَعْبِ هَلْ يَجُوزُ ؟ .
فَأَجَابَ :( طُولُ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَسَائِرِ اللِّبَاسِ إذَا تَعَدَّى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ . كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : : { الْإِسْبَالُ فِي السَّرَاوِيلِ وَالْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ } يَعْنِي نَهَى عَنْ الْإِسْبَالِ).(م موع الفتاوى(5/123))
· قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري:
(وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا وَرَدَ الْخَبَر بِلَفْظِ الْإِزَار لِأَنَّ أَكْثَر النَّاس فِي عَهْده كَانُوا يَلْبَسُونَ الْإِزَار وَالْأَرْدِيَة ، فَلَمَّا لَبِسَ النَّاس الْقَمِيص وَالدَّرَارِيع كَانَ حُكْمهَا حُكْم الْإِزَار فِي النَّهْي . قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا قِيَاس صَحِيح لَوْ لَمْ يَأْتِ النَّصّ بِالثَّوْبِ ، فَإِنَّهُ يَشْمَل جَمِيع ذَلِكَ ، وَفِي تَصْوِير جَرّ الْعِمَامَة نَظَر ، إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد مَا جَرَتْ بِهِ عَادَة الْعَرَب مِنْ إِرْخَاء الْعَذْبَات ، فَمَهْمَا زَادَ عَلَى الْعَادَة فِي ذَلِكَ كَانَ مِنْ الْإِسْبَال ...) الفتح 16/331
· وقال الحافظ أيضا :
(وَأَمَّا رِوَايَة عُمَر بْن مُحَمَّد وَهُوَ اِبْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر فَوَصَلَهَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب " أَخْبَرَنِي عُمَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ وَسَالِم وَنَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " بِلَفْظِ " الَّذِي يَجُرّ ثِيَابه مِنْ الْمَخِيلَة " الْحَدِيث) 16/331
فالثياب تعم البنطال وغيره مما يلبس.
· قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الْإِسْبَال فِي الْإِزَار وَالْقَمِيص إِلَخْ ):
(فِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى عَدَم اِخْتِصَاص الْإِسْبَال بِالْإِزَارِ بَلْ يَكُون فِي الْقَمِيص وَالْعِمَامَة كَمَا فِي الْحَدِيث .قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَالطَّيْلَسَان وَالرِّدَاء وَالشَّمْلَة .قَالَ اِبْن بَطَّال : وَإِسْبَال الْعِمَامَة الْمُرَاد بِهِ إِرْسَال الْعَذَبَة زَائِدًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَة اِنْتَهَى . وَتَطْوِيل أَكْمَام الْقَمِيص تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَاد مِنْ الْإِسْبَال . وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الْعُلَمَاء كَرَاهَة كُلّ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَاد فِي اللِّبَاس فِي الطُّول وَالسَّعَة كَذَا فِي النَّيْل .)
وقَالَ أيضاِ :
( مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَار فَهُوَ فِي الْقَمِيص ):
( أَيْ مَا بَيَّنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَار مِنْ حُكْم الْإِسْبَال فَهُوَ فِي الْقَمِيص أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْإِزَارِ كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث اِبْن عُمَر الْمَرْفُوع الْمَذْكُور آنِفًا وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَر الْأَحَادِيث إِنَّمَا وَرَدَ بِذِكْرِ إِسْبَال الْإِزَار وَحْده لِأَنَّ أَكْثَر النَّاس فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْإِزَار وَالْأَرْدِيَة ، فَلَمَّا لَبِسَ النَّاس الْقَمِيص وَالدَّرَارِيع كَانَ حُكْمهَا الْإِزَار فِي النَّهْي ، كَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ).( عون المعبود 9/126)
(2 من 2)
· قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري(31/429):
"قوله من جر ثوبه يدخل فيه الإزار والرداء والقميص والسراويل والجبة والقباء وغير ذلك مما يسمى ثوبا بل ورد في الحديث دخول العمامة في ذلك ..."
· جاء في شرح سنن ابن ماجة:
( ...والتحقيق ان الإسبال يجرى في جميع الثياب ويحرم مما زاد على قدر الحاجة وما ورد به السنة فهو اسبال والتخصيص بالإزار من جهة كثرة وقوعه لأن أكثر لباس الناس في زمان النبوة رداء وإزار وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا " الإسبال في الإزار... الحديث" ووقع في حديث آخر عن بن عمر أيضا من ثوبه مطلقا ثم العزيمة في الإزار الى نصف الساق وكان إزاره صلى الله عليه و سلم كذلك وقال ازار المؤمن الى نصف الساقين و الرخصة فيه الى الكعبين فيما أسفل من الكعبين فهو حرام وحكم ذيل القباء والقميص كذلك والسنة في الاكمام ان يكون الى الرسغين والاسبال في العمامة بارخاء العذبات زيادة على العادة عدد أو طولا وغايتها الى نصف الظهر والزيادة عليه بدعة واسبال محرم ... ) :[ السيوطي ، عبدالغني ، فخر الحسن الدهلوي]
الناشر : قديمي كتب خانة - كراتشي (1/255)
· قال المناوي في التيسير شرح الجامع الصغير:-
" ( الاسبال ) المذموم وهو ما أصاب الأرض يكون ( في الازار) وفي ( القميص) وفي ( العمامة ) ونحو ذلك من كل ملبوس ( من جر منها شيئا ) على الأرض ( خيلاء ) أي على وجه الخيلاء أي التيه والكبر والتعاظم ( لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) أي نظر رحمة ورضا إذا لم يتب فيندب للرجل الاقتصار على نصف الساق وله أرساله إلى الكعبين فقط" مكتبة الإمام الشافعي/ الرياض (1/861)
· قال في المنتقى من فتاوى الفوزان:
يرى البعض أن تطويل الثياب لما تحت الكعبين لا بأس به في الوقت الحاضر لسببين : الأول : إذا كان القصد ليس الكبر والخيلاء ؟ الثاني : أن الشوارع والمنازل في الوقت الحاضر أصبحت نظيفة وطاهرة . ما رأيكم في ذلك . ؟
لا يجوز للذكر إسبال الثياب تحت الكعبين لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وتوعده عليه بالنار فهو من الكبائر ، وإذا كان الإسبال من أجل الكبر والخيلاء فهو أشدّ إثمًا . وإن خلا من الكبر والخيلاء فهو محرم أيضًا لعموم النهي . وقول القائل إن الشوارع نظيفة فلا مانع من الإسبال هو من الكلام السخيف الذي لا قيمة له وقائله جاهل لا عبرة به وبقوله .) 248 -جزء 75 /صفحة 3
· قال ابن عثيمين رحمه الله:
" السؤال : بالنسبة لإسبال الإزار الطويل، والثوب الطويل -بنطلون يعني- ما يوازي الكعبين في وقت الصلاة أقوم برفعه هكذا، أرفعه يعني: أعلى من الكعبين بحوالي (10) سنتيمتر.
الشيخ / لابد أن يرفعه.
السائل / وقت الصلاة فقط؟
الشيخ / وقت الصلاة وغير وقت الصلاة.
السائل / غير وقت الصلاة أيضاً.
الشيخ / إي نعم؛ لأن ما أسفل من الكعبين ففي النار.
السائل / يعني: لابد أن يُقَصَّر كلَّه؟
الشيخ / لابد أن يكون من الكعبين فما فوق. )كتاب فتاوى" سؤال من حاج "1/70 موقع الشبكة الإسلامية
· وقال رحمه الله في "لقاءات الباب المفتوح" :
السؤال: إذا كان الإزار على الكعبين هل يعتبر مسبلاً؟
الجواب: إذا كان الإزار على الكعبين أو القميص على الكعبين أو المشلح على الكعبين أو السروال على الكعبين فإنه لا يعد إسبالاً، الإسبال ما كان أسفل من الكعبين، كما جاء في الحديث: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار). (151/19قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية)
· قال ابن باز رحمه الله:
(فالواجب على الرجل المسلم أن يتقي الله وأن يرفع ملابسه سواء كانت قميصا أو إزارا أو سراويل أو بشتا وألا تنزل عن الكعبين ، والأفضل أن تكون ما بين نصف الساق إلى الكعب) "مجموع الفتاوى والمقالات 6/350
· وقال أيضا:
(س : بعض الناس يقومون بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعب ولكن السراويل تبقى طويلة فما حكم ذلك ؟
ج : الإسبال حرام ومنكر سواء كان ذلك في القميص أو الإزار أو السراويل أو البشت وهو ما تجاوز الكعبين لقول النبي صلى الله عليه وسلم وما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري ...........) "مجموع الفتاوى والمقالات:6/410
· وقال أيضا :
(.....والإسبال من جملة المعاصي التي يجب تركها والحذر منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري في صحيحه ، وما سوى الإزار حكمه حكم الإزار كالقميص والسراويل والبشت ونحو ذلك...) "مجموع الفتاوى والمقالات: 12/67
فتاوى اللجنة الدائمة
الفتوى رقم (3826)
"س: رجل يلبس الثوب أو السروال تحت الكعبين ويكشف الرأس ويحلق اللحية ويقوم للإمامة فهل يجوز له؟
ج: لبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين حرام، سواء كانت قميصا أم سراويلا؛ لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار رواه الإمام أحمد والبخاري في صحيحه ..."
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب الرئيس // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
---------------
السؤال الأول من الفتوى رقم ( 9390 )
س1 : ما حكم الإسبال ، وهل ينتقض الوضوء منه أم لا ، والسراويل والرداء والجبة ، وهكذا ثياب أُخَر كلهن في حكم الإسبال سواء أم لا ؟
ج1 : الإسبال في الملابس حرام ، والإزار والجبة والسراويل وسائر الثياب في ذلك سواء ، ولكنه لا ينقض الوضوء .وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
----------------
السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 19600 )
"س3 : ما حكم المسبل ؟
ج3 : الإسبال بلبس الملابس الطويلة التي تصل إلى ما تحت الكعبين محرم على الرجال ، سواء كان الملبوس ثوبا أو قميصا أو سروالا أو بنطلونا أو عباءة أو غير ذلك ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ..." وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الخلاصة:
يتبين مما سبق من كلام وفتاوى أئمة العلم أن أحاديث الإسبال شاملة لكل ملبوس للرجال من ثوب أو بنطال أو عباءة (المشلح أو البشت) أو سروال أو غيره ، فلا يجوز إسبالها إلى ما دون الكعبين .
والله تعالى أعلى وأعلم .
إعداد:
أبي معاذ زياد محمد الجابري