وقفت على طائفة من عبارات الجرح والتعديل التي أطلقها المتقدمون من الأئمة؛ ففسرها الحافظان الجليلان الذهبي وابن حجر باجتهادهما مع التنصيص على أن هذا التفسير تحصل لهما من الاستقراء لاستخدام صاحب العبارة لها في الحكم على الرواة، وأنهما لم يقفا على هذا التفسير للعبارة النقدية من صاحبها ولا من غيره من الأئمة.
وإليك ما وقفت عليه من ذلك:
= قول عبد الله بن أحمد عن أبيه: في الراوي ((كذا وكذا)) ، فسّره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4 / 483- ترجمة يونس بن أبي إسحاق) فقال: ((هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرًا فيما يجيبه به والده، وهي بالاستقراء كناية عمّن فيه لين)) .
= قول أبي داود عن أحمد في الراوي ((منكر الحديث))، فسّره ابن حجر في مقدمة "فتح الباري" (ص: 453) فقال: ((هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يغرب على أقرانه بالحديث عرف ذلك بالاستقراء من حاله)) .
= قول البخاري: ((سكتوا عنه)) ، فسّره الذهبي في "الموقظة" (ص: 83) فقال: ((فظاهرها أنهم ما تعرضوا له بجرح ولا تعديل، وعلمنا مقصده بها بالاستقراء: أنها بمعنى تركوه))*.
= قول أبي حاتم الرازي في الراوي ((ليس بالقوي)) فسّره الذهبي في "الموقظة" (ص: 83) فقال: ((وبالاستقراء: إذا قال أبو حاتم: (ليس بالقوي)، يريد بها: أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوي الثبت)).
= قول أبي حاتم الرازي في الراوي ((يكتب حديثه)) فسّره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/ 360) فقال: ((قد علمت بالاستقراء التام أن أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل: يكتب حديثه، أنه عنده ليس بحجة)).
__________
* وأما قول البخاري: ((فيه نظر))، فقد فسّره الذهبي في "الموقظة" (ص: 83) فقال: ((عادته إذا قال: ((فيه نظر)) بمعنى أنه متهم، أو: ليس بثقة، فهو عنده أسوأ حالا من الضعيف)).
فظاهره أن الذهبي قاله استقراء؛ لكنه في "سير أعلام النبلاء " 12/ 439 نقل عن الإمام البخاري أنه قال: " إذا قلت: فلان في حديثه نظر: فهو متهم واه ".