"العادة محكمة" و "العرف كالشرط" ، إلى غيره من الصياغات المشابهة التي تعود لمعنى واحد. ما حد العرف ؟ حتى لا يكون هناك إسراف في الاعتماد عليه ، وهل يوجد أمثلة - من وجهة نظرك - على الإفراط في في تطبيق هذه القاعدة ؟
"العادة محكمة" و "العرف كالشرط" ، إلى غيره من الصياغات المشابهة التي تعود لمعنى واحد. ما حد العرف ؟ حتى لا يكون هناك إسراف في الاعتماد عليه ، وهل يوجد أمثلة - من وجهة نظرك - على الإفراط في في تطبيق هذه القاعدة ؟
حد العرف المعمول به شرعا هو ما يكون شائعا ولا يخالف المنصوص
فإن كان عرفا خاصا فلا يجب العمل به على غير أهله، وإن كان مخالفا للنصوص فهو ساقط.
قال ابن عابدين:
والعرف في الشرع له اعتبار .................. لذا عليه الحكم قد يدار
وله رسالة في المسائل المبنية على العرف، فراجعها إن شئت.
قد يكون من الأمثلة بيع الوفاء الذي اشتهر في بعض الأزمنة وعمل به الناس فأجازه بعض الحنفية للحاجة
قال ابن عابدين في حاشيته:
" وله: (وفي الاشباه الخ) المقصود من هذه العبارة بيان حكم العرف العام والخاص، وأن العام معتبر ما لم يخالف نصا، وبه يعلم حكم بيع الوفاء وبيع الخلو لابتنائهما على العرف ".
ومعلوم أن هذا البيع هو من القرض الذي جر نفعا, ولذلك اعترض جماعة من الحنفية على إجازته, والمسألة مشهورة
وقد يقال أن بيع الوفاء مبني على الحاجة لا العرف, إلا أنه ينبغي الانتباه إلى أن من أسباب تكوُّن العرف الحاجة العامة
وهناك نقد آخر يوجه لبناء تجويز بيع الوفاء على العرف وهو أن العرف في العمل به عرف خاص لا عام, فقد جاء في غمز عيون البصائر وهو شرح للأشباه:
" تنْبِيهٌ : هَلْ يُعْتَبَرُ فِي بِنَاءِ الْأَحْكَامِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ مُطْلَقُ الْعُرْفِ وَلَوْ كَانَ خَاصًّا ؟ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ : قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّة ِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ الَّذِي خُتِمَ بِهِ الْفِقْهُ : 43 - الْحُكْمُ الْعَامُّ لَا يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَقِيلَ : يَثْبُتُ ( انْتَهَى )...
وَفِيهَا مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ فِي الْقَوْلِ السَّادِسِ مِنْ أَنَّهُ صَحِيحٌ .
قَالُوا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِرَارًا مِنْ الرِّبَا فَأَهْلُ بَلْخِي اعْتَادُوا الدَّيْنَ ، وَالْإِجَارَةَ وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي الْكَرْمِ ، وَأَهْلُ بُخَارَى اعْتَادُوا الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْأَشْجَارِ فَاضْطُرُّوا إلَى بَيْعِهَا وَفَاءً .
وَمَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ أَمْرٌ إلَّا اتَّسَعَ حُكْمُهُ ( انْتَهَى ) .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ ، وَلَكِنْ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِاعْتِبَارِهِ.. . "
جزاكم الله خيرا على هذه الإفادة. هناك أحوال قد يتطور فيها الاعتماد على العرف ليتوصل به إلى تقرير ما لا أصل له. ومن ذلك أن لأهل العلم أو النسك والعبادة عادة جارية في التميز عن سائر الناس بزي معين ولباس مشهور يُعرفون به.============================== ===
----------------------------------------------((لا يشرع للدعاة اتخاذ أمور لتكون شعاراً لأهل النسك والعبادة كارتداء لباس معين ونحوه ، فإن هذا من البدع التي لم يأمر بها الله ولا رسوله)). [1]
[1]نقلاً عن "قواعد وضوابط في فقه الدعوة عند شيخ الاسلام ابن تيمية"، وراجع الفتاوى (21/117) لنظائر من أصل هذه القاعدة.
جزاك الله خير يا أخي الشهري على ما تفضلت به من السؤال المهم ..
برأيكم هل قيادة المرأة للسيارة من الإفراط في تحكيم العرف كقاعدة فقهيـة ؟
للرفع رفع الله قدر الكاتب و الإخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكم خير الجزاء على إثارتكم هذه المسألة المهمة التي كثر اللغط فيها والتذرع بها للتملص من التشريع؛ كغيرها من مسائل التوسط ومقاصد الشريعة....
لا يعتد بالعرف أي عرف؛ وبالعادة أي عادة إلا إذا وافقت الشريعة الإسلامية موافقة.
الأعراف المخالفة للشريعة الإسلامية باطلة.
ليس المقياس في العرف طول أمد الناس به، بل موافقته النصوص الشرعية نصا أو روحا.
والله الموفق للصواب.
ومما يتعلق بهذا الموضوع ، ما أسماه الأصوليون : المصلحة الملغاة في باب المصلحة المرسلة ، كمن يقول : جرى العرف عندنا بخلوة الرجل مع المرأة الأجنبية ، لغرض التعليم والتدريب ، وهذه مصلحة. فيقال : لا نخالفك أنها مصلحة ولكن الشريعة أهدرتها لأنها تفضي إلى مفسدة أعظم وهي مفسدة تعطيل النصوص الصريحة بحرمة الخلوة [1].
= = = = = = = = = = = = = = =
[1] والضرورة تبيح الخلوة ، كأن تكون المرأة في سفر فتفقد محرمها الذي ليس لها غيره ن فإن لها أن تنيب من تثق به وتلازمه.