تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سر العبودية ...

  1. #1

    افتراضي سر العبودية ...

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

    إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...



    سر العبودية ... !!!

    دقائق تتري فتولد ساعات .. وساعات تتوالى فتولد أياماً .. وأياماً تنقضي فتتراكم سنوات .. سنوات هي أعمار .. نقف بين يدي الله نحاسب عليها وعلى ما قدمنا فيها من خير أو شر من سعادة أو شقاء ..

    ولا خير ولا سعادة إلا من كان مبتغاة وجه الله ، وسعيه رضاه ، وقلبه معلق بالجنة ، فعمل عمل أهلها .. فكانت صوب عينية .. وكانت قبلة قلبه ، وانشراح صدره .. فوجه بوصلة أعماله صوبها .. ووجه دفة حياته نحوها ... فمن كان يعلم ذلك وعمل بما يعلم .. وأيقن أن الحياة الدنيا ممر ومعبر وأن الآخرة مستقر وموطن .. فبمشيئة الله عز وجل .. قد نجــا وفــاز وحــاز ...

    نجا من النار .. وفاز بالجنة .. وحاز رضا رب العالمين . نسال الله بفضله ورحمته أن يوفقنا أن نكون منهم .


    يقف أحدنا أمام نفسه وقفة حساب وعتاب تطالعه عدد المواضيع التى طرحها فى المنتديات ..عشرات وربما مئات ... وعدد الأيام التى قضاها فى ساحات وأروقة وجنبات هذه المنتديات ... مئات وربما آلاف .. وليس هذا هو القصد ... !!

    فلا تحسب الأعمال بعددها ، ولا الأيام بطولها .. وأمـــا القصد .. فهو قصد النيـــة .. فالأهم شرط صحتها وقبولها ..... قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه .

    وهل كانت أوقاتك وأعمالك خالصة لوجه الله تبتغى بها مرضاته ؟؟ .. هذا هو جوهر القصد .. وهو معنى الإخلاص .. فالنية الصادقة والإخلاص عليهما مدار الصحة والقبول وعليهما مدار الدين كله ...


    قال ابن حزم:
    « النية سر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد، ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب....» . أحكام الأحكام .


    وقال الفضيل بن عياض رحمه الله:
    « عندما سئل عن قوله تعالى : ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ﴾ قال : هو أخلص العمل وأصوبه ، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .. ثم قرأ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا الكهف 110 » . مدارج السالكين .


    وكان من دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: « اللهم اجعل عملي كله صالحاً ، واجعله لوجهك خالصاً ، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ... » . وهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ) النسائي 3140 .

    لذلك كانت هذه الوقفة مع النفس .. فتفرقت بى المحاسبة إلى إحساس بشديد تقصير ، وعتاب على تكاسل ، وتأنيب على تفريط ، وجنوح عن الهدف ، فكم من أوقات ضاعت ؟ .. وكم من أعمال طاشت ؟ .. جانبها الإخلاص فلقيت من النفس حظاً .. ومن الدنيا نصيب ..

    يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا واغفر أيارب ذنبًا قد جنيناه



    أخي الحبيب:

    « طوبى لمن صحت له خطوة لم يرد بها إلا وجه الله » .. فلا تدخل الرياء فى عملك .. يقول ابن القيم رحمه الله: « العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً ينقله ولا ينفعه » الفوائد 67 . .. واعلم أخي أن قلب من ترائيه بيد من تعصيه .. فلتستجب لدعوتي وموضع حالي .. ولنقف جميعاً مع أنفسنا نحاسبها ...

    أما كيف نحاسب أنفسنا ؟: فحساب النفس يكون قبل العمل وبعد العمل ..
    فقبل العمل .. يجب أن تقف لترى هــل هذا العمل صحيح أم غير صحيح ؟ .. وهــل الأولى فعله أو تركه ؟ .. وهــل الباعث عليه وجه الله ورضاه أم الجاه والمال والثناء من مخلوق مثلك ؟ ... حتى يتبين لك هل تقدم عليه أم تحجم عنه .
    وبعد العمل .. أن تحاسب نفسك على طاعة قصرت فيها .. وتحاسب نفسك على عمل فعلته كان تركه خيراً من فعله .. وتحاسب نفسك على أمر مباح فعلته هل قصدت به الله والدار الآخرة أم قصدت به الدنيا وعاجلها .. مختصر( شرحها وفصلها بتوسع ابن القيم رحمه الله فى إغاثة اللهفان) .


    أخي الحبيب:
    تذكر أنك مراقب وأن الله عز وجل مطلع على السرائر والضمائر مطلع على ما فى قلبك وجوارحك وما يمر على فكرك وخاطرك .. فعليك ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) البخاري 50 .


    تذكر عندما تقوم بالعمل فلا تنتظر الشكر والمدح من مخلوق مثلك .. لا تنتظر المحمدة والثناء بل انتظر الثواب والرضا من الله قال تعالى: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَالقصص60 .

    تذكر ألا تنسب الفضل لنفسك بل ارجع الفضل لأهله .. ارجع الفضل والخير والنعمة والكرم والمنة إلى الله أن وفقك وأوقفك على هذا الباب من الخير قال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ البقرة 64 . وقال عز وجل: ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ المائدة 54 .

    تذكر التوبة والاستغفار من كل عمل أقدمت عليه أو كلمة قلتها أو ما عملت به يداك ورجلاك فى غير رضا الله ولم تبتغ به وجه الله .. قال ابن عيينة كان من دعاء مطرف بن عبد الله رضي الله عنهما : « اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه .. وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أوف به لك .. وأستغفرك مما زعمت أنى أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد عملت‏ » .‏.. يقول تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا الفرقان 70 .


    تذكر أن تخلص نيتك وأن تعوذ بالله وتدعوه أن يجنبك الرياء المفضي إلى الشرك فى النيات والمقاصد ففي الحديث الذى رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس ! اتقوا هذا الشرك ؛ فإنه أخفى من دبيب النمل . فقال له من شاء الله أن يقول : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ! قال : قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ، و نستغفرك لما لا نعلمه ) صحيح الترغيب 36 .

    تذكر أن تصحح نيتك قبل أى عمل تقدم عليه بأن تجعل نظرك إلى الخالق وأن تداوم النظر إليه وتفرد له عملك وطاعتك وعبادتك وتغض طرفك عن المخلوق .. وما أخالك أخي الحبيب إلا أن تريد لعملك القبول والرضوان .. أن يقبل ويزكى وألا يحبط ويضيع .... يقول تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًاالفرقان 23 .



    وفى الختام أخي الحبيب:

    فلا تتقاذفك أمواج الحياة .. فتكون ممن خدعته نفسه وأضله هواه وغرته الأماني .. تلهيك الدنيا وتغريك بمفاتنها .. فتأخذك فى متاهاتها وعميق يمها السحيق .. فتألف نفسك بعيداً عن بر النجاة .. وقد ودعت مجدافك من زمن بعيد .....

    آن لك الآن .. أن تقف .. أن تنتفض .. أن تجمع أمرك كله لله .. أن تنزع حظوظ الدنيا من نفسك .. أن تجعل نيتك فى كل عمل رضا الله .. أن تجعل عملك خالصاً لوجهه الكريم ... أن تشد بيد قوية على مجدافك .. أن توجه بوصلة أعمالك .. أن تحدد دفة حياتك لهدف واحد .. بنية صادقة وإخلاص ثابت .. لوجه الله ورضاه .. فقط لوجه الله ورضاه .

    آن لنا الآن ...


    نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا وأن يرزقنا الإخلاص والنية الصادقة وأن يوفقنا فى قادم الأوقات والأعمال مما فى علمه إن قدر لنا الأجل .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


    وكتب:

    عبد الرحمن اعتراف

  2. #2

    افتراضي رد: سر العبودية ...

    سر العبودية هو النية والإخلاص لله عز وجل وهذا أساس الدين وعليه يقوم بل هو معنى (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التى هي ركن الدين الأعظم، ولا يمكن أن يكون المسلم مسلما أو الإنسان مسلما إلا بها ومن ختم له بها دخل الجنة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فمعنى (لا إله إلا الله) أي لا نعبد إلا الله لا نقصد بعملنا الذي نقوم به إلا وجه الله عز وجل وامتثال أمره وابتغاء مرضاته وهذه هي النية ومناط الأعمال ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى بيان هذه الحقيقة، أصل الدين يقوم على هاتين الشهادتين (لا إله إلا الله) أي لا نعبد إلا الله (وأشهد أن محمد رسول الله) أي لا نعبد الله عز وجل إلا بما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلا بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو أصل الدين وأساسه .. ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام فى حديث عمر ابن الخطاب (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) هذا الحديث هو أصل قاعدة عظيمة سماها العلماء قاعدة الأمور بمقاصدها وهي أحد القواعد الخمس الكلية الكبرى التى تقوم عليها الشريعة وأول قاعدة هي قاعدة الأمور بمقاصدها فكل أحكام الشريعة فى الواقع ترجع إلى هذه القواعد الخمس وعلى رأسها قاعدة الأمور بمقاصدها أو (إنما الأعمال بالنيات) معنى قوله ( إنما الأعمال بالنيات) أي لا عمل إلا بنية سواء كانت هذه النية صالحة أو فاسدة مراد بها وجه الله أو مراد بها وجهغيره لا يمكن أن يوجد عمل إلا بنية (وإنما لكل امرئ ما نوى) الإنسان يثاب أو يؤزرعلى حسب نيته فإن أراد بعمله وجه الله عز وجل فإنه يثاب عليه وإن أراد به غير ذلكفإنه لا يثاب أو ربما يرتكب إثما ويؤزر على ذلك إذا (إنما الأعمال بالنيات) هذه تتعلق بالشئ المنوي وهو العمل فالإنسان بحسب نيته من العمل سواء نوى به عبادة أوغيرها ، نوى به فريضة أو نافلة، نوى به عبادة أو عادة فالذي يميز هذه الأشياء بعضهاعن بعض هي النية (وإنما لكل امرئ ما نوى) أي إنما أجره أو إثمه بحسب نيته أيضاالعبادة يعظم أجرها أو ينقص بحسب النية فرب عمل صغير تكبره النية ورب عمل كبيرتصغره النية وكما قال بعض السلف: إنما تفاوتوا بالنيات ولم يتفاوتوا بالعبادات.
    أناأحب أن أؤكد على أن فعلا النية هي سر العبودية لأمرين: الأمر الأول أن النية شرط لقبول جميع الطاعات والعبادات لا يمكن أن يقبل عمل بلا نية وهذا بإجماع العلماء منشروط صحة العبادات سواء صلاة أو صيام أو حج أو غيره هي النية وهي أول شروط صحةالعمل الأمر الثاني: أن بهذه النية تستطيع أن تحول حياتك كلها وحركاتك وسكناتك وأكلك وشربك ولعبك ونومك ومشيك وإتيانك حتى ما أباحه الله عز وجل من الشهوات والطيبات تحولها جميعا إلى عبادة وبهذا فعلا تحقق العبودية التى أرادها الله سبحانه وتعالى لعباده فى قوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56.هـ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •