علي الرميحي

( مسائل مهمة ومختصرة في المسح على الخفين )

• الخفاف: ما يلبس على الرِجل وتكون من الجلد ونحوه، أماالجوارب: فهي ما يلبس كذلك على الرِجل، لكن تكون من القطن ونحوه(الشراب).

• المسح على الخفين من السنة، فمن كان لابساً لهما على طهارة فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل القدمين؛ ودليل ذلك مافي الصحيحين وغيرهما، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ (ذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مسح برأسه)، قال المغيرة: فأهويت لأنزع خفيه فقال: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما.

• إذا أراد أن يمسح على الخفين أو الجوربين فلا بد أن يكون قد أدخلهما على طهارة من الحدث الأصغر والأكبر، كما هو محل اتفاق عند أهل العلم، وحُكي خلاف لكنه شاذ لا يُعتد به.

• المقيم يمسح يوماً وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وهذا على الوجوب كما هو مذهب جمهور العلماء، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "..جعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم" رواه مسلم وغيره.

• يبتدئ التوقيت: من أول مسحه على خفيه، سواءا كان المسح لوضوءٍ بعد حدث أو تجديداً لوضوء، وليس من لبسهما، وهذا قول للإمام أحمد واختاره ابن المنذر وهو المأثور عن عمر ، (فإذا لبسهما الفجر على طهارة ثم لم يمسح عليهما إلا لصلاة الظهر فمن هنا يبدأ التوقيت).


• المسافر الذي يخشى فوات رفقة أو يتضرر بالنـزع ونحو ذلك من الأعذار له أن يمسح إلى زوال عذره، كمـا قـال بذلك بـعض أهل العلم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذلك لما رواه ابن ماجة وغيره عن عقبة بن عامر أنه وفد على عمر بن الخطاب عاماً، قال عقبة : وعَليَّ خفاف من تلك الخفاف الغلاظ، فقال لي عمر: متى عهدك بلبسهما؟ فقال: لبستهما يوم الجمعة واليوم جمعة، فقال له عمر: "أصبت السنة" وهذا الأثر إسناده صحيح، إلا أن قوله: " أصبت السنة " لم تثبت، فالصحيح أن عمر قال: "أصبت" ولم يقل السنة . وذكر السنة في هذا الأثر شاذ كما بين ذلك الإمام الدار قطني رحمه الله.


• يجوز المسح على الخف أو الجورب مادام اسمه باقياً، ولو كان مخروقاً، والأولى لمن عنده قدرة أن يمسح على السليم خروجاً من الخلاف، ولو مسح على المخرق جاز، قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (امسح عليهـا ما تعلقت به رجلك، وهل كانت خفـاف المهـاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة) ذكره عبدالرزاق عنه في المصنف ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى، وهذا قول إسحاق وابن المبارك وابن عيينة وأبي ثور وغيرهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه ابن عثيمين والعلوان.


• يكفي في المسح إمرار اليدين على القدمين بحيث يصدق عليه أنه مسح، ولم يرد حديث تقوم به حجة في كيفية المسح على أعلى الخفين، وليس من السنة مسح باطنهما، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمح على ظاهر خفيه " رواه أبوداود وغيره بسند صحيح.


• لا يشترط في المسح على الخفين أن ينوي المسح عليهما عند لبسهما، ويكفي لبسهما على طهارة.


• إذا مسح على الخفين وانتهت المدة وهو باقٍ على طهارته، فإنها لا تنتقض الطهارة بانتهاء المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وهو الذي رجحه العلامة ابن عثيمين، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما وقت المسح ولم يوقت الطهارة، فإذا انتهت مدة المسح فلا يمسح بعد ذلك ولا علاقة ذلك بالطهارة، والطهارة بالمسح ثبتت بدليل شرعي فلاترتفع إلا بدليل شرعي.


• إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر(فإذا مسح يوماً ثم سافر فإنه يمسح يومين زيادة).


• إذا كان مسافراً ثم قدم فإنه يتم مسح مقيم (إذا كان مسح أقل من يوم وليلة فإنه يتم ذلك، أما إذا كان مسح يوم وليلة وأكثر فإنه يخلعهما).


• صفة المسح على الخفين: أن يمسح أعلى القدمين جميعا اليد اليمنى على الرجل اليمنى واليسرى على اليسرى لظاهر قول عقبة: (فمسح عليهما)، ولو مسح اليمنى ثم اليسرى صح.


• لو خلع خفيه وهو على طهارة المسح، فإن طهارته باقية، لكن ليس له أن يعيد الخفين بعد ذلك ويمسح عليهما، ونُقل هذا القول عن جماعة من أهل العلم منهم الحسن البصري والنخعي وقتادة وعطاء وغيرهم واختاره ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الشيخ ابن عثيمين والعلوان، ويدل لذلك مارواه البيهقي والطحاوي في شرح معاني الآثار - واللفظ له- عن أبي ظبيان: "أنه رأى علياً رضي الله عنه – بال قائماً ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه ثم دخل المسجد فخلع نعليه ثم صلى " وهذا أثر صحيح. وبعضهم قاس ذلك على من مسح رأسه ثم حلقه فإنه لا يجب عليه أن يعيد مسح رأسه، وهذا القياس ضعيف فلا ينظر إليه؛ لأن الشعر أصل في الرأس وليس بدلاً وأما المسح على الخفين فإنه بدل عن غسل القدمين فلا يقاس ما كان أصلاً على ما كان بدلاً.


• إذا خلع خفيه وهو على طهارة المسح فقد مر أن طهارته باقية، لكن ليس له بعد ذلك أن يلبسهما ثم يمسح عليهما؛ لأن الدليل وهو حديث المغيرة وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" وارد في طهارة الغسل بالماء، فيقتصر عليه، ولا يصح قياس طهارة المسح عليه؛ لأنه قياس الأدنى على الأعلى.


• إذا لبس جورباً ثم لبس فوقه آخر على طهارة فيصح المسح على الفوقاني.


• أما إن لبس الفوقاني على حدث ففيه خلاف، والقول بجواز المسح على الفوقاني فيه قوة وله وجه من النظر ما دام الأصل المباشر للقدم ملبوساً على طهارة، والفوقاني تابع للتحتاني فهما كالجورب الواحد ولذلك يتبعه في التوقيت ولا يأخذ توقيتاً مستقلاً، فمدة المسح تنتهي بانتهاء مدة التحتاني، وعلى هذا القول إذا نزع الفوقاني لا يؤثر على طهارته وله إعادته مرة أخرى لثبوت أحكام المسح بالخف أو الجورب المباشر للقدم، ومن أراد الاحتياط بحيث لا يلبس الفوقاني إلا على طهارة فهذا حسن ولكن الاحتياط شيء والمنع شيء آخر. والذي لا يجعلهما بمنزلة الخف الواحد يلزمه أن يمنع من المسح على الفوقاني حتى لو لبسه على طهارة؛ لأن الطهارة التي لبس به الفوقاني طهارة مسح والدليل إنما ورد في طهارة الغسل، ولا يقاس الأدنى على الأعلى. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



للاستزادة ارجع إلى:
1/فتاوى في المسح على الخفين، للعلامة/ محمد بن صالح العثيمين.