تقسيم الاستعارة إلى مطلقة ومُرشَّحَة ومجردة
قد علمتَ أن الاستعارة تنقسم إلى أصلية وهي: التي تقع في اسم غير مشتق، وتبعية وهي: التي تقع في الفعل أو في الاسم المشتق.
ثم إن للاستعارة تقسيما آخر فتنقسم إلى مطلقة، ومرشحة ومجردة.
فالاستعارة المُطْلَقَةُ هي: ما خلت من ملائمات المشبه به أو المشبه.
والاستعارة المُرَشَّحَةُ هي: ما ذكر معها ملائم المشبه به. والاستعارة المُجَرَّدَة هي: ما ذكر معها ملائم المشبه.
مثل: رأيتُ أسدا يحمل بندقيته ويزأر، فهذه استعارة مصرحة استعير فيها لفظ الأسد للرجل الشجاع، والأصل رأيت رجلا شجاعا كالأسد يحمل بندقيته ويزأر، والقرينة هي ( يحمل بندقيته ) ونجد في الجملة لفظا آخر وهو (يزأر ) وهو يلائم ويتناسب مع المشبه به وهو الأسد الحقيقي فإن من خصائصه الزئير، فهذه تسمى استعارة مرشحة.
ومثل: رأيت أسدا يحمل بندقيته راكبا فرسه، فهذه استعارة مصرحة استعير فيها لفظ الأسد للرجل الشجاع، والأصل رأيت رجلا شجاعا كالأسد يحمل بندقيته راكبا فرسه، والقرينة هي ( يحمل بندقيته ) ونجد في الجملة لفظا آخر وهو ( راكبا فرسه ) وهو يلائم ويتناسب مع المشبه وهو الرجل الشجاع فإن الأسد الحقيقي ليس له فرس يركبه، فهذه تسمى استعارة مجردة.
ومثل: رأيتُ أسدا يحمل بندقيته، فهذه استعارة مصرحة استعير فيها لفظ الأسد للرجل الشجاع، والأصل رأيت رجلا شجاعا كالأسد يحمل بندقيته، والقرينة هي ( يحمل بندقيته ) ولا يوجد أي لفظ آخر في الجملة يلائم المشبه (الرجل الشجاع ) أو المشبه به ( الأسد ) فتكون الاستعارة مطلقة.
فالجملة التي تحتوي على الاستعارة فيها قرينة، وبعد القرينة إن احتوت على لفظ زائد يناسب المشبه به فهي مرشحة، أو يناسب المشبه فهي مجردة، وإن لم تحتو على ما يناسب المشبه به أو المشبه فهي مطلقة.
ومثل: رأيتُ بحرًا في المسجد، فالبحر هنا مستعار للعالم والقرينة ( في المسجد ) وليس هنالك ما يلائم المشبه أو المشبه به فتكون الاستعارة مطلقة.
ومثل: رأيت بحرا في المسجد يشرح كتاب جمع الجوامع، فعبارة ( يشرح كتاب جمع الجوامع ) تلائم المشبه وهو العالم، فتكون الاستعارة مجردة.
ومثل: رأيت بحرا في المسجد تتلاطم أمواجه، فعبارة ( تتلاطم أمواجه ) تلائم المشبه به وهو البحر فتكون الاستعارة مرشحة.
مثال: قال الله تعالى: ( واتَّبَعُوا النورَ الذي أُنزلَ معه ) النور هو الضوء المحسوس، ولكن المراد هنا هو القرآن الكريم، فالأصل واتبعوا القرآن الكريم الذي هو كالنور، فهي استعارة مصرحة، والقرينة هنا ( الذي أنزل معه ) ولم يذكر في الآية شيئا يلائم المشبه أو المشبه به فتكون الاستعارة مطلقة.
مثال: قال الله تعالى: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ) الشراء هو: دفع المال مقابل سلعة ولا مال دفع في الضلالة فالمراد هو المعنى المجازي وهو الاختيار، فشبه اختيارهم الضلالة على الهدى بالشراء ثم حذف المشبه فالاستعارة مصرحة، والقرينة هي إضافة الشراء إلى الضلالة فإنه يدل على إرادة المعنى المجازي، ثم نجد أن في الآية تعبيرا يلائم المشبه به الذي هو الشراء وهو قوله تعالى ( فما ربحت تجارتهم ) فإن الربح والتجارة من ملائمات البيع والشراء فتكون الاستعارة مرشحة.
مثال: قال الله تعالى: ( فأذاقها اللهُ لباسَ الجوعِ والخوف بما كانوا يصنعونَ ) اللباس هو: الثوب الذي يستر به البدن ففي الآية مجاز لأن الجوع والخوف ليس لهما لباس حقيقي ولكن المعنى على الاستعارة حيث استعير اللباس لما غشاهم عند الجوع والخوف من الآلام، والأصل الحقيقي فأذاقها الله آلام الجوع والخوف التي هي كاللباس بجامع الإحاطة والاشتمال، ثم حذف المشبه على سبيل الاستعارة المصرحة، والقرينة هي إضافة اللباس إلى الجوع والخوف فإنه يدل على إرادة المعنى المجازي فإن الكل يعلم أن الجوع والخوف لا ثياب لهما تلبس، ويوجد هنا لفظ آخر يلائم المشبه الذي هو الآلام وهو ( أذاقها ) فإن الآلام تذاق وتحس فتكون الاستعارة مجردة، ولو قال الله سبحانه فكساها لباس الجوع والخوف لصارت استعارة مرشحة لأن الكسوة تلائم اللباس الذي هو المشبه به.
فتلخص أن الاستعارة تنقسم بالنظر إلى اقترانها بما يلائم المشبه به أو المشبه أو عدم اقترانها بشيء إلى ثلاثة أقسام: مطلقة وهي: التي خلت من ملائم المشبه أو المشبه به، ومرشحة وهي: التي ذكر معها ملائم المشبه به، ومجردة وهي: التي ذكر معها ملائم المشبه.
1-في ضوء ما تقدم ما هو الإطلاق والترشيح والتجريد ؟
2- بأي اعتبار قسمت الاستعارة إلى مطلقة ومرشحة ومجردة ؟
3- مثل بمثال من عندك لاستعارة مطلقة ومرشحة ومجردة ؟
بين الاستعارات الآتية وما بها من ترشيح أو تجريد أو إطلاق:
( زارني جبلٌ ضقتُ ذرعا بثرثرته- تبسمَّ البرقُ فأضاءَ ما حوله- وتركنا بعضهم يموج في بعض- رحمَ الله امرأً ألجمَ نفسه بإبعادها عن هواها- ظمئي إلى زيارة الكعبة لشديد - اهدنا الصراط المستقيمَ ).
اجعل الكلمات الآتية استعارة تارة مطلقة، وتارة مرشحة وتارة مجردة:
( الرياء- الريح- النعمة ).