تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تطفيف الدعاة

  1. #1

    افتراضي تطفيف الدعاة

    سلسلة: درك البصيرة للنجاة من الفتن الخطيرة (6)


    تطفيف الدعاة

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين .

    أما بعد :

    فاعلم – وفقك الله لرضاه – أن الله – تعالى – ذم المطففين وتوعدهم، فقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين َ}.

    والتطفيف نوعان: تطفيف في قوت الأبدان، وتطفيف في قوت القلوب .

     فالتطفيف الأول أهله (التجار الفجار) ويقع في المحسوسات وهو ما جمع بين (الظلم، والاختلاس، واللؤم). فهو يجمع بين التكلف والمحاولة بخفة ومسارقة لنظر المُكتال دالة على دناءة فاعله .

     والتطفيف الثاني أهله (الدعاة الأشرار) ويقع في المعاني والعلوم، ومتضمن للتلبيس والتدليس والكتمان والخيانة، ومن خاصيته تعمية الحق، وظلم الخلق .

    و (الدعوة إلى الله) دعوة إلى سبيله بما جاء عن رسوله - خبراً، وحكماً - ، فـ(مادة الدعوة): كل ما دلت عليه الرسالة المحمدية من الاعتقاد، والعمل – أمراً أو نهياً - .

    فـ(الداعية) – مفتياً أو مدرساً أو خطيباً أو واعظاً أو مناظراً – هو ناقل للعلم – (عقداً، وحكماً) – (للمدعو) – مستفتياً أو تلميذاً أو مأموماً أو موعوظاً أو مناظَراً – آمراً له أو ناهياً، ومبشراً أو منذراً .

    والأصل في ذلك (النقل) الجري فيه على طريقة الرسول – صلى الله عليه وسلم -: استقامة، ومتابعة، وإيماناً، وعدلاً. كما قال – تعالى - :{ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ }. فـ(المقدمات الإصلاحية) الواجب تحققها في الداعية الناجح: (الإيمان، والعمل، والمتابعة، والعدل) .

    ومقصودنا: التنبيه على ضرورة (العدل الواجب) على كل داعية سلك طريق (الإبلاغ الشرعي)، والحذر مما يناقضه من التطفيف والجور الدعوي في البيان العلمي، والتطبيق العملي - خبراً، وحكماً - .

    قال العلامة السعدي - عند تفسير قوله – تعالى -:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين َ} -:
    " ودلت الآية الكريمة، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا ( الحجج، والمقالات )، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ماله من الحجج، فيجب عليه - أيضًا - أن يبين ما لخصمه من الحجج التي لا يعلمها، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير." أهـ

    فـ(الدعوة) تقصد قصد الوسائل لتحقيق الغايات المطلوبة – شرعاً وفطرةً -. وهدفها إصلاح ما فسد من الأفراد و المجتمعات، فهي آلة (تغيير) .

    وهي نظير السيف في أمور، منها:

    • كلاهما آلة تغيير، وكما قيل: (السيف بضاربه) في تحقيق نفعه أو تفويته .

    • وكلاهما ذو حدين، وبحسب استعماله – معرفةً ومقصداً – يفضي إلى الإصلاح أو الإفساد .

    وإن الداعية الموفق هو الذي يعتني بعرفة المقاصد الرسالية، ويهتم بإحكام العواقب المآلية، عند استعماله الآلة الدعوية؛ فيتقصد من الأقوال والأعمال ما يفضي – علماً وعملاً - إلى أحسن العواقب .

    و لا ريب أن العدل في الدعوة: تأصيلاً، وتنزيلاً؛ موجب لأحسن المآلات، وهو من جنس قوله – تعالى - :{ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

    فعلى الداعية أن يحفظ حقوق المدعوين، والمتعلمين، وذلك بحفظ : (الحق، والوقت، والأولوية) . وعليه أن يحذر الجور في ذلك بتضييعها على العباد – جهلاً، أو قصداً -.

    ومن (محامل الجور) عند بعض الدعاة ( حب الاستفضال ) بأن يبقى بعض الحق منسوباً إليه، أو مقصوراً تعلمه عليه .

    وجماع ذلك: فرضه (الترؤس) كضريبة (سلطوية) على (الأتباع) مقابل بذله للعلم؛ لأنه يُعلِّم طلباً للجلوس على قمة الجبل، أو رأس الهرم .

    والعدل المطلوب : ذبح النفس (بسكين إبراهيم) – سكين التجريد عن الأغيار - بأن يصحح القصد بطلب وجه الله – تعالى – والدار الآخرة . فلا يبقى في قلبه مقصد آخر، وعندها يقنع (بالمشارك) وهي أول عقدة تحل من داء التسلط ، فيتلاشى عنده حب التفرد، وحينها لا يَعُد المشارك – علماً أو عملاً – متمرد .

    والمتابع لمجريات الأحداث في الساحة العلمية والدعوية يجد تنامياً للصراعات المقتضية للمحو والاستئصال؛ فإن شراسة التراشق بين المختصمين ، واحتدام السجال بين المختلفين معلم بأتساع التنافي، ومفض إلى التفاني .

    والمتأمل في الدواعي والأسباب يجد الغالب منها ناشئاً من جور وتطفيف من بعض حملة العلم، والدعاة – لفوات علم واجب لم تحكم أصوله، ولم يضبط تنزيله، أو لباعث سيء متولد من علل قلبية ظاهرة ومتخفية - .

    فهو فساد في العلم والقصد أقتضى ظلماً وجوراً في الأخبار والأحكام فتولد منه الافتراق والخصام .
    والله { خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }.
    أعده
    أبو زيد العتيبي
    6/ذي الحجة/1433





    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: تطفيف الدعاة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العبدين البصري مشاهدة المشاركة
    فاعلم – وفقك الله لرضاه – أن الله – تعالى – ذم المطففين وتوعدهم، فقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين َ}.

    والتطفيف نوعان: تطفيف في قوت الأبدان، وتطفيف في قوت القلوب .

     فالتطفيف الأول أهله (التجار الفجار) ويقع في المحسوسات وهو ما جمع بين (الظلم، والاختلاس، واللؤم). فهو يجمع بين التكلف والمحاولة بخفة ومسارقة لنظر المُكتال دالة على دناءة فاعله .

     والتطفيف الثاني أهله (الدعاة الأشرار) ويقع في المعاني والعلوم، ومتضمن للتلبيس والتدليس والكتمان والخيانة، ومن خاصيته تعمية الحق، وظلم الخلق .

    جزاكم الله خيرا ،،
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3

    افتراضي رد: تطفيف الدعاة

    جزاك مثله أختي الكريمة .

    للباطل صولة عند غفلة أهل الحق

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •