إنكار المنكر بالقلب :
الواجب إنكار المنكر بالقلب ، إذا لم يستطع إنكاره بيده ولا بلسانه ، لأنه لا ضرر في فعله ولا سلطان لأحد من الناس على قلبه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن . وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ). رواه مسلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ).
قال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم : فدلت هذه الأحاديث كلها على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة عليه ، وأما إنكاره بالقلب لا بد منه ، فمن لم ينكر قلبه المنكر ، دل على ذهاب الإيمان من قلبه.
وفي مصنف ابن أبي شيبه : قيل لحذيفة رضي الله عنه : ما ميت الأحياء ؟ قال : من لم يعرف المعروف بقلبه ، وينكر المنكر بقلبه .
فحقيقة الإنكار بالقلب :
" هو عدم الرضا بالمنكر وكراهيته والنفور منه وتمني زواله والتربص به وعقد العزم على تغييره عند القدرة على ذلك .
وهذا الشعور الذي يعتمل في قلب العاجز عن إنكار المنكر بيده أو لسانه ، عمل إيجابي ، يشحن النفس ويعدها للانقضاض على هذا المنكر عند أول فرصة تسنح ، كما أنه يحفظ حيوية القلب وحساسيته ضد المنكر ، فلا يألفه ويأنس به ، وإن كثرت مشاهدته له ، مادام منكرا له بقلبه ." [ المرجع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في تحقيق الأمن ]
قال تعالى : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم }.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" أي : إن قعدتم معهم في الحال المذكورة فأنتم مثلهم ؛ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم ، والراضي بالمعصية كالفاعل لها ، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به ، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة ، أو القيام مع عدمها " انتهى .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله - مجموع الفتاوى - :
" لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَحْضُرَ مَجَالِسَ الْمُنْكَرِ بِاخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ...... وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ : إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْخَمْرِ وَالزَّمْرِ لَمْ يَجُزْ حُضُورُهَا ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، فَمَنْ حَضَرَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَم ْيُنْكِرْهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِتَرْكِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ إنْكَارِهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي يَحْضُر ُمَجَالِسَ الْخَمْرِ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا يُنْكِرُ الْمُنْكَرَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ هُوَ شَرِيكُ الْفُسَّاقِ فِي فِسْقِهِمْ فَيَلْحَقُ بِهِمْ " انتهى .