تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حدّ الحِدّة المشروع..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    2,078

    افتراضي حدّ الحِدّة المشروع..

    جاء في خلال أبي بكر الصديق"وكان فيه حدة"
    وأما عمر الفاروف فحدته أشهر من أن تذكر..أي في الحق
    وفي البخاري في معرض قصة عن سعد "وكان فيه حدة"
    وكانت أم المؤمنين عائشة تعتريها حدة كأبيها..تأمل قولها:"أحرورية أنت..!"
    وقولها:"لقد قفّ شعر رأسي.."..وقولها:".. قد أعظم على الله الفرية.."
    وقولها"أجعلتمون كالبهائم"..وقوله لابن أختها عروة"بئسما قلت يا ابن أختي.."

    ولا أعرف صحابيا اشتهر بالحلم مثل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه..
    فقد ضرب فيه المثل..ولذلك قال ابن عمر:أبي خير منه وهو أسود منه



    وإذا تجاوزنا الصحابة إلى من بعدهم..
    فعن إسماعيل بن أبي حكيم "وغضب عمر بن عبد العزيز يوما وكان فيه حدة"
    وكان الأئمة كمالك والشافعي..ربما احتدوا على سائل..
    حتى لو كان ظاهر سؤاله مشروعا..كقوله أرأيت..لو كان كذا..إلخ

    أما ابن حزم فهو مدرسة وحده في الحدة!..حتى قارنوها بسيف الحجاج

    ثم ابن تيمية..فكانت تعتريه حدة ما يلبث أن يقهرها بالحلم..
    وكذا ابن القيم على نحو أقل..

    وهكذا إلى عصرنا الحاضر..وأرغب عن تسمية بعضهم..اكتفاءا بما قيل

    وقبل ذلك..حدة الأنبياء..فهذا موسى الكليم يحكي الله عنه"وألقى الألواح"
    "وأخذ برأس أخيه يجره إليه"

    والمقصود أن الحدة ليست مذمومة لذاتها ولا على إطلاقها..
    فإنا نسمع كثيرا ممن يلوم بعض طلبة العلم كلما احتد..مطالبا إياه أن يلزم اللين
    ولا يخفى ما في ذلك من تثبيط الحماسة والغيرة في حس المؤمن

    والناس في ذلك مراتب:-
    -فإن احتد على من تلبس بكفر..عملا أو قولا..فهذا هو المتعين
    وإن خلا من التعمر لأجل ذلك..فلا حظ له من الإيمان..
    وتأمل شدة الخطاب القرآني في بيانه"وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم"
    ولهذا لم ينكر رسول الله على أبي بكر قوله لعروة "امصص بَظر اللات"!..فقد جاء كافرا متهكما

    -وإن احتد على انتهاك محارم الله..فهو واجب أيضا..
    ولذلك شواهد من السنة..كيوم أن نزع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الذهب وألقاه أرضا..
    وقال:يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده!

    -وإن احتد على من فعل مكروها..فهذا له وجه بحسب حال الواقع في المكروه
    فإن كان من أهل الديانة المتينة..وتكرر منه ذلك..
    ولكن ضابطه ألا تكون الحدة موهمة أن الفعل محرم

    -وإن احتد على المستكثر من فضول المباحات..فكسابق ه..
    بشرط ألا يثرّب على فاعله تثريب الواقع في المكروه فضلا عن المحرم..
    إلا أن يبلغ مقاما..يستهجن منه ذلك..
    ومن ذلك قول عمر لجابر بن عبد الله:أكلما اشتهيتم اشتريتم!

    -وإن احتد على ما من يخالفه في مسألة اجتهادية مما يسوغ فيها الخلاف..
    فهذا مذموم..بالإجماع
    إلا أن يكون هذا القول السائغ ذريعة معروفة لارتكاب منكر في حالة أو زمان معين..فهنا له وجه

    -وإن احتد على من قال بقول ضعيف..فمقبول..لأن حاديه على ذلك نصرة الدليل
    الذي هو قال الله قال رسوله..بشرط ألا تجاوز الحدة ههنا تسفيه صاحب القول

    -وإن احتد على من جاء بقول شاذ..لا ينهض به دليل ولا أثارة من علم السلف
    فهذا احتداد وجيه..حفاظا للشريعة..وصيانة للسنة

    -وإن احتد على من يقول بقول يلزم منه التذرّع به إلى منكر أو الإفضاء إلى ضرر
    فهذا احتداد وجيه..ذبا عن حياض الشرع..ولهذا احتد الإمام مسلم على القائل بقول البخاري من اشتراط ثبوت اللقي..

    وهكذا..
    ولهذه الحدة المشروعة ضوابط..حتى يؤجر صاحبها عليها وتكون مستحبة محمودة منها:-
    -أن يراعي مراقبة الله عز وجل..فإن من يحتدّ على أخيه..قد يفضي به إلى استعظام نفسه..والعجب بها..حيث تمعّر وجهه غضبا لله عز وجل..فأشبه رسول الله في كونه لم يكن يغضب إلا أن تنتهك محارم الله تعالى
    فعليه أن يسائل نفسه أحدته خالصة لله..أم لنفسه حظ منها ؟

    -وأن يقدّر هذه الحدة بقدرها..فلا يحتد على ارتكاب محرم..كما يحتد على ارتكاب مكروه
    مع مراعاة ما تقدم من اعتبار المقام والحال

    -وألا تكون حدته وغضبه مشتملة على منكر..فيقع في إنكار منكر يراه..بوسيلة منكرة
    فإن قيل فما بال موسى ألقى الألواح..وظاهر الفعل كفر؟!
    فالجواب أن موسى استغلق الغضب عليه عقله من تعظيمه للشريعة وامتلاء صدره بالتوحيد..وإجلال الله عز وجل..وحبه لربه..فلم يتمالك نفسه..ولم يتحكم بشعوره لأن قومه عبدوا العجل ..والحال أنه لم يمض على تنجية الله إياهم إلا زمن يسير..ولهذا عذره الله تعالى

    -وألا يغلب على الظن أن هذه الحدة صادة لمن احتُدّ عليه عن الحق
    إلا أن تكون مقالته عامة..مؤثرة..فتقد م مصلحة النفع العام على شعوره الخاص

    هذا ما تيسر على عجالة..
    ولم أقصد الإحاطة بل التنويه بذكر بعض الملامح

    مع التنبيه أن الأصل في علاقة المسلمين الرفق واللين..
    كما قال تعالى"رحماء بينهم"..وقال"أذلة على المؤمنين"
    بل هو الأصل في دعوة الكفار..ومنه قوله تعالى"فقولا له قولا لينا"
    وقوله"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"
    وقد أصّل رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأصل فقال"ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"

    والله أعلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    172

    افتراضي رد: حدّ الحِدّة المشروع..

    بارك الله فيك أخي الحبيب اللبيب أبوالقاسم ونفع بك..

    جزاك الله خيرا على هذه الفائدة القيمة..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    701

    افتراضي رد: حدّ الحِدّة المشروع..

    جزيت الجنة ، وبارك الله فيك وزادك الله من فضله
    مجموعة من كتبي وقف لله يحق لكل مسلم طبعها ، شريطة التقيد بالنص
    http://www.saaid.net/book/search.php...C7%E1%DD%CD%E1

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •