رسالة: فَصْلُ المَقَالِ في التَحْذيرِ مِنْ بِدْعَةِ تَشْبِيهِ الأفْعالِ
رابط تحميل الرسالة بي دي إف: http://www.mediafire.com/view/?o4xmbo6h8v2qe5b
الحمد لله الكريم المتعال، الموصوف بأحسن الصفات وأحكم الأفعال، المنزه عن مشابهة خلقه بحال من الأحوال، والصلاة والسلام على خيرة الخلق سيد الرجال، وآله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم السؤال..
أما بعد، فمما يؤسف له أن كثيرا من الدعاة المبتدئين في طلب العلم يحسبون أن الرد على شبهات الملاحدة أمر سهل ميسور يحسنه كل عاقل، على اعتبار أن الأصل العقلي الأعظم الذي ينقضه هؤلاء الجحدة بإلحادهم وشبهاتهم لا يخفى على ذي لب ضرورته وبداهته أصلا! وهو كذلك ولا شك (أي ذلك الأصل العقلي الكلي)، ولكن ما لا يدركه أكثر هؤلاء أن شبهات الفلاسفة (على وهائها) بحر لا ساحل له، وأن تلك الفرق الكلامية الهالكة الكثيرة ما ظهرت في تاريخ أمتنا يوم ظهرت، إلا من تصدي أنصاف المتعلمين للرد على شبهات فلاسفة اليونان. مادة وافدة مترجمة فيها من الإلحاد ما فيها، تعلمها هؤلاء وتأثروا بها، وتصدوا للرد عليها من غير أن يكون لهم قدم راسخة في العلم بالكتاب والسنة وبحيل السوفسطائيين في المراء والجدل، فاعتزل منهم من اعتزل وتجهم من تجهم، وقال قوم بالقدر وقال آخرون بالجبر، ونفى قوم عن ربهم صفاته تنزيها وغلا بعضهم فمثلوه بخلقه، ورد كل فريق منهم على الآخر بدعة ببدعة وضلالة بضلالة وغلوا بغلو مقابل، حتى صارت تنبت النظريات والبدع والطوام فيما بينهم وتتكاثر كما ينبت الدود في اللحم! وإني والله لأرى التاريخ يوشك أن يتكرر، لتمضي فينا تلك السنة الكونية مرة أخرى في زماننا هذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فما أكثر أن ترى حدثا صغيرا يدخل إلى منتديات الملاحدة ليجادلهم في شبهاتهم الفلسفية، التي ربما يرجع بعضها إلى ثلاثة آلاف سنة مضت أو يزيد، وكثير منها لم يعرفه الأولون وإنما ظهر حديثا تحت فلسفة الطبيعيات ونحوها، تأسيسا وتفريعا في المجمل على تلك الفلسفات القديمة نفسها، فتراه يتقلب ما بين موافقة المعتزلة تارة، وموافقة الأشاعرة تارة، وموافقة النصارى "الخلقيين" ونحوهم من تلك النحل الفلسفية الطبيعية المعاصرة عند أهل الكتاب تارات وتارات من غير تمييز ولا تدقيق، وهو يحسب أنه يحسن صنعا، فما أشبه الليلة بالبارحة، والله المستعان! وما ظهور تلك الطائفة التي تقول ببدعة "التطور الموجه" في خلق الله لصور الحياة على الأرض منا ببعيد! قوم أنصاف متعلمين في شريعة رب العالمين، فتنهم ما وقفوا على مطالعته من نظريات الغرب، وكبر في نفوسهم جدا أن يردوا جميع ما عند هؤلاء من الباطل لعظمه ولخفاء وجه بطلانه على الأكثرين منهم، فإذا بهم يرومون "الوسط الغلط" (إذ لا وسط بين الحق والباطل إلا الباطل)، وينسبون إلى الله تعالى من عقائد أصحاب تلك النظريات ما لازمه نسبة النقص إليه وإلى صفاته جل وعلا، ورد ما أطبقت عليه الأمة قرونا طويلة فيما تعتقده من أمر الخلق الأول للأرض وما عليها!
ولعل من أخطر البدع التي يتعرض لها المسلمون عند تصدرهم للرد على شبهات الملاحدة: بدعة "تشبيه الأفعال"، وهي بدعة اشتهرت بها المعتزلة من متكلمة المسلمين تأثرا بالملاحدة والوثنيين، فرأيت أن أضع هذه الرسالة في بيانها والتحذير منها ومن مداخلها، عسى الله أن ينفع بها المسلمين وأن يعصمهم من كل بدعة يخفى ذيلها على أكثر الناس، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ترجع بدعة "تشبيه الأفعال" في الأصل والمنشأ إلى إبليس اللعين. يقول الشهرستاني في الملل والنحل: "وذاك (أي تشبيه الأفعال) من سِنخ (يعني أصل) اللعين الأول؛ إذ طلب العلة في الخلق أولا، والحكمة في التكليف ثانيا، والفائدة في تكليف السجود لآدم عليه السلام ثالثا." اهـ. (المجلد الأول ص 18).
وقد علمتَ كيف أن إبليس لما أراد أن يتصور العلة والحكمة من أمر الخالق مخلوقا بالسجود لمخلوق مثله، لم يستند إلا إلى أصل جاء به من قياس أفعال ومقاصد ربه على أفعاله هو ومقاصده هو فيما يقدر من مثل ذلك، ألا وهو تصوره أحقية من هو أحسن أو أكمل في أصل خلقته في أن يكون هو الأولى بأن يسجد له من هو دونه في ذلك لا العكس. فلو أنه كان خالقا، وأراد أن يأمر شيئا من خلقه بالسجود لغيره من مخلوقاته، لأمر الأدنى في أصل خلقته بالسجود للأحسن خلقة وتصويرا، أو لعله كان يأمر الأضعف بالسجود للأقوى، أو الأنقص بالسجود للأكمل، بحسب تصوره للعلل والحكم وما يختاره هو من مقياس في مثل ذلك إن قدرنا وقوعه منه! ومن هنا، من هذا التشبيه المغرق في الكبر والغرور، جاء اعتراضه في جواب قول الله تعالى: ((مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ))، بأن قَالَ ((أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)) الآية [الأعراف : 12] وقال ((أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً)) الآية [الإسراء : 61].
كان هذا هو أول ظهور لبدعة أن يتكلف مخلوق تصور الحكمة والعلة في أفعال الله تعالى وأوامره وإراداته، من طريق قياس أفعال الله على أفعاله هو وخياراته وترجيحاته فيما يفعل وما يريد. ولعله كان رأس الإلحاد وأساسه عند التأمل. ذلك أن إبليس لم يكن كفره من جهل ولا من تعلق لديه بمخلوق آخر من دون الله يجعله له ندا، وإنما كان كفره من كراهية نفسه الخضوع لتكليف رباني لم يأت على هواه! فما وجد اللعين إلا أن يزعم أنه لم يقتنع بأن هذا التكليف من العدل أو من الحكمة، فنفى عن خالقه الصفتين جميعا وجحد حق ربه وهو يعلم أنه على باطل، واشترط شرطا للطاعة والخضوع لأمر الخالق هو يعلم وهاءه وبطلانه. فأي شيء هذا إلا أصل أصول الإلحاد بجميع صوره وفروعه؟ الإلحاد كفر إباء واستكبار وهو من كفر إبليس مهما زعم أصحابه خلاف ذلك! إبليس لم يكن كفره بتكذيب شيء يراه بعينيه، فهو لم ينكر وجود الخالق جل وعلا، وإنما أنكر حق خالقه الواجب ببداهة العقل في أن يأمره بشيء فيطيعه في ذلك خضوعا وإذعانا وإن خفيت عليه الحكمة من وراء ذلك الأمر. وكذلك الملاحدة لم يكفروا بشيء يرونه بأعينهم، وإنما أنكروا حق الخالق في أن يخضعوا لسلطانه، وهذا هو الأصل الجامع لسائر نحل الإلحاد في زماننا، سواء ما يسمى باللا-دينية أو "اللا-أدرية" أو "الربوبية" أو غير ذلك من صنوف الإلحاد وألوانه. فبصرف النظر هل بلغت بهم السفاهة أن أنكروا وجوده بالكلية أم اقتصروا على التوقف فيه أم قالوا بخالق لا يأمر ولا ينهى ولا إرادة له أصلا، أم قبلوا كونه آمرا ناهيا ذا سلطان ولكن زعموا أنهم لا يظهر لهم رجحان شيء من تلك الأديان ونسبتها إليه، فإن أصل الأمر واحد لديهم جميعا: كفر إبليس! "أأخضع لحكمك وأنا لا أراك؟ أتطالبني بعبادتك من غير أن تجعلني على ما أحب، بل وأنت تأمرني بما أكره؟"، تماما كما قال سلفهم اللعين: ((أأسجد لمن خلقت طينا))؟
هذا الأصل الشيطاني جاء من اعتقاد المخلوق المكلف بشيء من تكاليف خالقه أن من حقه أن يعترض على ذلك التكليف لخفاء الحكمة فيه عن نظره، أو لكونه يرى فيه أو في غيره من تكاليف الخالق ما لا يستقيم وجه العدل أو الخير الراجح فيه على ميزانه ومقياسه المعرفي للخير والشر! فتراه يحكم على أفعال خالقه وإراداته وكأنما يحكم على مخلوق مثله، والله المستعان. وقد تسرب هذا الأصل الباطل المشين إلى أتباع سائر الملل والنحل على أثر فلسفات الملاحدة، فأخرج منهم طوائف تنسب إلى الله ما لا يليق بذاته، وأخرى تنفي عنه ما تزعم أنه يجب أن يتنزه عنه، بتحسينات وتقبيحات عقلية مغرقة في عين ذاك القياس الفاسد الذي قاسه إبليس من قبل، وانطلقت منه فلسفات الإلحاد في أصلها الأول حتى بلغ الأمر أن رأينا من يزعم أن صفات الخالق التي يزعمها أهل الأديان متناقضة لأنه يخلق الشر ولا يمنعه وهو قادر على منعه، فتحصل من ذلك أنه لا وجود له أصلا، وإلى الله المشتكى!
وقد كان لأمة النبي الخاتم حظ من ظهور من وقع في تلك المهلكة العقلية بين أظهرهم، تأثرا بفلسفات الملاحدة واعتراضاتهم، وهؤلاء عندنا هم المعتزلة ومن تشعب عنهم ووافقهم. ذلك أنهم ذهبوا في جواب الملاحدة – كما سيأتي معك - إلى أقوال يحسبون أنهم بها ينزهون الخالق عن قبيح ما زعمته في حقه الملاحدة، مستندين في تلك الأقوال إلى نفس الأصل العقلي الذي أدى بالملاحدة إلى نسبة تلك القبائح إلى خالقهم بالأساس، سبحانه وتعالى وتقدس، ألا وهو "تشبيه الأفعال"، أو بعبارة أخرى: الوصول إلى الحكم على أفعال الله وإراداته بالقياس على المخلوقين، والتحسين والتقبيح تأسيسا على هذا القياس.
فمن تشبيه المعتزلة للأفعال بتحسينهم وتقبيحهم العقلي، أنهم قالوا بوجوب فعل الأصلح للعباد على الله. لماذا قالوا بهذه المقالة؟ لأن الملاحدة قالت إن الخالق إذا كان قادرا على فعل الأصلح للمخلوق ولم يفعله فهو ظالم له بذلك، أو ناقص عن حدّ الكمال، فكان جواب هؤلاء الجهلاء أن قالوا بل إن فعل الأصلح في حقه واجب ولا يفعل إلا الأصلح للعبد وجوبا، فوافقوا الملاحدة على أصل شبهتهم بذلك، ألا وهو القياس في الحكم على الأفعال والإرادات الإلهية، على ما يكون من المخلوق وما يحسن في نظر المخلوق!
ومن تشبيه الأفعال عندهم أنهم قالوا بوجوب الوفاء بالوعد مطلقا وإنجاز الوعيد مطلقا على الله تبارك وتعالى. وهو تشبيه فاسد حتى على التسليم تنزلا بمعقولية ومشروعية ذلك القياس الذي قاسوه! ذلك أنهم قالوا إن الله تعالى يقبُح منه ألا يجزي عبدا طائعا على طاعته وألا يعاقب عبدا مذنبا على ذنبه، لأنه قد سبق منه الوعد للطائعين والوعيد للمذنبين، وترك الوفاء بالوعد ظلم وترك إنجاز الوعيد قبيح. ولا شك أن هذا منهم هو القبح بعينه لأن صاحب التشريع إذا ما وعد بالجزاء عن عمل ما، فإنه يعد النوع لا العين، وكذلك في الوعيد، ووجه ذلك أن من فعل المأمورات فإنه قد يستحق الجزاء المنصوص عليه (أي له بعينه) في تقدير صاحب التشريع وقد لا يستحقه، ومن فعل المنهيات فقد يستحق العقوبة المنصوص عليها وقد لا يستحقها، كل ذلك مع بقاء الوعد والوعيد ماضيين في محاسبة النوع بعموم، وليس هذا من الظلم ولا من إخلاف الوعد المذموم في شيء! وسبب كون العقل يجيز ذلك الأمر دون أن يجعله قبيحا بإطلاق في حق من فعله كما زعمته المعتزلة، أنه سواء نظرت في فعل المكلف المأمورات (التي فيها الوعد بالجزاء) أو إتيانه المنهيات (التي فيها الوعيد بالعقوبة)، فإن كلا الوجهين تحتف بهما أحوال ظاهرة وباطنة عند ذلك المكلف قد يعلمها من يقضي فيه بالحكم (جزاء أو عقوبة) وقد تخفى عليه، وهي أحوال لا يخفى منها شيء على خالق الخلق تبارك وتعالى.
لذا فإننا إذا ما تكلمنا عن محاسبة رب العالمين لمخلوقاته، فمن الأمور التي يجب ألا يتغافلها العقلاء أن الخالق سبحانه قد سبق منه إغراق عبده في سابغ النعم والعطايا في الدنيا تحقيقا، فلو أنه حاسبه محاسبة المعاوضة لأهلكه، لأننا إن سلمنا تنزلا بأن العبد إنما يكلفه خالقه بالعبادة لشكر النعم فقط لا غير، لما كفته عبادة الدهر كلها حتى يفي بعوض نعمة واحدة من نعم الله عليه! فإن تفضل سبحانه على من فعل الطاعة المقبولة بمزيد من العطايا والنعم مكافأة له، فلا يقال إن أداء هذه المكافأة إليه حق واجب على الرب تبارك وتعالى مطلقا على سبيل المعاوضة بمجرد وقوع الطاعة، لمجرد أنه قد سبق منه الوعد للطائع (نوعا) بأن يثيبه بمزيد من النعيم! هذا سوء أدب واضح مع الرب جل وعلا، قد غرقت فيه المعتزلة كما لم يقع من طائفة أخرى من أهل القبلة قاطبة! وقد كان يكفيهم أن يقولوا إن الله تعالى لن يثيب من حق مثله أن يعاقَب، ولن يعاقب من حقه أن يثاب، لأن هذا ولا شك نقص وخلف لا يصح في حقه سبحانه! ولكنهم أبوا إلا أن يدخلوا في مسألة من الذي حقه أن يثاب، ومن الذي حقه أن يعاقب! فمن جهلهم وقصور عقولهم قرروا ذلك تحكما بأقيستهم الساقطة، فقالوا إن مجرد فعل الطاعة يوجب المثوبة للفاعل مطلقا، ومجرد فعل المعصية يوجب العقوبة للعاصي مطلقا، فلا يجوز إذن أن يقابَل طائع بعدم المثوبة أو عاص بعدم العقوبة، فإذا بهم يوجبون على الله تعالى قبول كل طاعة ويحرمون عليه مغفرة كل ذنب، وهذا من تحكمهم في علم الله ورحمته وحكمته بعقولهم، قاتلهم الله!
ثم إنه قد عُلم أن العفو عند المقدرة مستحسن في أحوال، بل يكون في تلك الأحوال من شيم الكرام، فتأمل كيف انتقص هؤلاء السفهاء من ربهم إذ زعموا أنه ما كان ليعفو عن مذنب قط، ما دام قد توعد المذنبين (نوعا) بالعقوبة! وهو ما يعني أنك قد ترى الواحد منهم يستحسن عفو ملك قادر من ملوك الدنيا وتركه إنجاز الوعيد في بعض رعاياه المذنبين لخير يراه فيهم أو مصلحة راجحة في علمه أو نحو ذلك، ومع هذا لا يجيز وصف خالقه بنفس هذا المعنى الحسن مطلقا، فسبحان الذي أبى إلا أن يعامل أهل البدع بنقيض مقوصدهم، وأن يوقعهم بكل بدعة يبتدعونها في أذمّ وأشد مما زعموا أنهم يفرون منه!
و
من تشبيه الأفعال عند المعتزلة، قولهم بوجوب إرسال المرسلين على الله تعالى لأنه الأحسن والأصلح لهم في الحياة الدنيا، والله لا يفعل إلا الأحسن والأصلح. فما هذا الأحسن والأصلح ومن أين لهم بالقول به؟ إنه الأحسن والأصلح للعبد وبمقياسه هو، لا بحسب ما يكون في علم الخالق جل وعلا وحكمته! هذا جوابهم لدعوى الملاحدة قبح "التستر الإلهي" خلف ستار الغيب، وأنه لو كان يريد الخير لخلقه لما استتر عنهم ولما منعهم من رؤيته كما يرى الواحد منهم الشمس في السماء! فكان جوابهم القياس والتشبيه في الفعل والإرادة بقياس وتشبيه مثله، أو بعبارة أخرى، كان جوابهم للشبهة المنبثقة عن أصل التشبيه، بإثبات ذلك الأصل الباطل نفسه ثم التفريع عليه! فقالوا إن إرسال المرسلين عليه واجب لأنه لا يجوز في حقه أن يتخلف عن فعل ما هو أحسن، فلا يهدي العباد إلى معرفته والاتصال به. فأي شيء هذا إلا عين التحكم القبيح الذي تحكمته الملاحدة (إعمالا لأصل القياس على أفعالهم وإراداتهم) حين قالت إنه يقبح منه (سبحانه وتعالى عما يصفون) ألا يظهر نفسه لخلقه في الدنيا فيريهم إياه رأي العين؟
لا يجب على الله تعالى من الأفعال والإرادات إلا ما أوجبه هو على نفسه، سبحانه وتعالى، أو ما كان خلافه قبيحا بمجرد معناه اللغوي، لا بالقياس والاقتضاء والاستلزام ونحو ذلك، ولهذا ينبغي في هذا المقام أن نفرق بين طريقين من طرق التحسين والتقبيح العقلي في حق الله تعالى، يرجع أحدهما إلى هذا الأصل البدعي الإبليسي، بينما يقوم الآخر على الترجيح الفطري المستقيم.