( الشعوب والطواغيت )
قُضيَ الأمرُ للشّعوبِ فأودى كلُّ طاغوتٍ قدْ تحدّى الشّعوبا
بعد حينٍ منَ الزمانِ طويلٍ وانْتظارٍ ازاغَ منها القلوبا
نالَ منها الإعياءُ والوهنُ حتّى أصبحَ القولُ بالنّهوضِ غريبا
واسْتكانتْ لولا بقيّةُ صبرٍ ويقينٌ باللهِ أنْ يستجيبا
خيّمَ الظّلمُ والظّلامُ عليها وحديثُ الخلاصِ باتَ مُريبا
والمآسي حديثُها صارَ إلفاً وحديثُ السّرورِ صارَ عجيبا
كمْ سجينٍ بغيرِ ذنبٍ جناهُ وقتيلٍ قدْ غادروهُ سليبا
وسنينٍ مرّتْ بها كالحاتٍ وهي تترى كوارثاً وحروبا
ووعودُ الإصلاحِ أضحتْ سراباً وانْدفاعاً إلى الامامِ هروبا
رفعوا رايةَ الرّخاءِ شعاراً فاسْتحالَ الرّخاءُ عهداً جديبا
وتوالتْ عهودُهمْ مظلماتٍ ملئوُها جرائماً وذنوبا
فتنٌ غيّرتْ طباعَ الّليالي فتبدّى وجهُ الزمانِ كئيبا
وبطئُ الزّمانِ صارَ سريعاً وشروقُ الزمانِ صارَ غروبا
ضاقتِ الأرضُ والفضاءُ جميعاً وتمنّى الأحياءُ موتاً قريبا
واسْتمرَّ الطاغوتُ يزدادُ غيّاً ليسَ يرضى طغيانُهُ أنْ يثوبا
لا صلاحٌ يَرٌدّهُ عن فسادٍ لا ضميرٌ يزيلُ عنهُ العيوبا
وتعامى عن واقعٍ يتلظّى قدْ تناهى شدائداً وكروبا
والذي أنحى بالنّكيرِ عليهِ ألبسوهُ الإرهابَ جُرماً رهيبا
لمْ يَعُدْ في السّكوتِ عذرٌ لشعبٍ بعد صبرٍ دانى به أيّوبا
فتنادَوا والحينُ حينُ نداءٍ أنْ هَلُمّوا فقد فتحنا الدّروبا
لمْ تَعُدْ هيبةُ الطّواغيتِ طُرٌّا في حسابِ الشّعوبِ أمراً مَهيبا
زَحَفُوا نَحْوهُمْ بكلِّ أقْتدارٍ يطلبونَ التّغييرَ حتماً وُجوبا
واسْتهانُوا بكلِّ يومٍ عصيبٍ فقديمُ الأيامِ كانَ عصيبا
خابَ في مسعى صدّهمْ كلُّ طاغٍ لمْ يكنْ في حُسبانِهِ أن يخيبا
وَسَرى الانْهيارُ فيهمْ سريعا ً كلُّ رُكنٍ منْ صَرْحِهِمْ قدْ أُصيبا
وَتَداعتْ عُروشُهمْ وَتَهاوتْ لمْ يظنّوا زَوالَها مكتوبا
كلُّ طاغٍ كساهُمُ ثوبَ ذُلٍّ ألبسوهُ الهوانَ ثوباً قشيبا
قدرٌ ما لردِّهِ منْ سبيلٍ وشهودٌ أزاحَ عنه ُ الغُيوبا
سنّةَ اللهِ في القرونِ الخوالي لو يَعيْها الإنسانُ كانَ لبيبا
حَسِبُوا حُكمَهُمْ بغيرِ حِسابٍ والعليُّ القديرُ كانَ حسيبا
فَقَضى النّصرَ للشّعوبِ فأودى كلُّ طاغوتٍ قدْ تحدّى الشّعوبا
بقلم
خليل الدولة