بقلم/ د. أحمد النقيب
إن الخلاف بين الدينَيْنِ خلاف حقيقي ضارب في أعماق التاريخ ممتدٌّ عبره ليصل إلى أيّامنا تلك!
وإن المرء ليَتساءلُ بسذاجة: إذا كان رافضة الأمس قد استباحوا دماء أهل الإسلام وحالفوا الصليبيين في جبال الشام وسواحله، كما حالفوا التتر في دخول بغداد وغيرها من حواضر الإسلام؛ حيث ذُبِحَ ملايين المسلمين بأيدي التتر بمباركة وتأييد وإيعاز أهل الرفض، وإذا كان رافضة الأمس قد دبَّروا لاغتيال قادة الإسلام وعلمائه (كمحاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي، واغتيالهم فعلًا الوزير السُّني المجاهد العالم "نظام الملك السلجوقي") وإذا كانوا بالأمس القريب ومنذ ما يزيد عن 350 سنة حالفوا البرتغال والأسبان لدخول البحر الأحمر والالتفاف حول مصر وديار الإسلام، ثم انقضُّوا على العراق واستولوا عليها وأمعنوا في أهلها القتل والاسترقاق، وهو ما حدا بالسلطان العثماني سليم الأول أن يُوقِفَ فتوحاته بأوروبا بعد أن وصلت جيوشه إلى النمسا وحاصرت قواته "فيينا"! أوقفَ السلطان العثماني مشروعه الجهادي بأوروبا ليستدير لنزع شوكة الرافضة، فكان لقاؤه الرهيب مع جيوش الرافضة بقيادة "إسماعيل شاه الصفوي"!
لقد كان هذا بالأمس البعيد أو القريب، وقالوا: إن هذا تاريخ! وإن إثارته إثارةٌ للنزعات الطائفيّة، لكن نفجأ بموقف الرافضة العلويّة والإمامية من مسلمي السنة في الأحداث الطائفية بلبنان فترة أخريات السبعينات وبدايات الثمانينات من القرن المُنصرم؛ لقد اجتمعت ميليشيات الرافضة ليذبحوا المسلمين السنة في لبنان، وليضربوا عليهم الحصار الخانق ليضطروهم لأكل الجيَف والنَّتَنِ ولحوم القطط والكلاب وأوراق الشجر! هذا في مُخيّمات برج البراجنة وبرج الميّه ميّه وغيرهما.
أما جيوش الرافضة العلوية فإنها استباحت الحرمات وذبّحت شباب أهل السنة في مناطق عدة، لا سيّما في طرابلس الساحل، ثم نجدُ تحالفهم (أخزاهم الله ولعنهم) مع اليهود وعبدة الصليب المارونيين، ثم تحالفهم مع الدُّروز الكفار!! لقد تحالفوا مع كل من كان عدوًّا لأهل السنة، ورموا أهل السنة عن قوس واحدة، وصار أهل السنة في لبنان في وضع خطير لاتفاق الكفار مع المنافقين ضد أهل السنة، وإلى الله المُشتكى!.
لعلّك تقول: لقد تابوا وغسلوا أيديهم من دماء أهل السنة وهم ندامى! لكن تأتي الأحداث لتبيّن أنهم هم لم يتغيّروا، وإنما تطوّروا في أساليبهم وأفانينهم؛ ليتسنّى لهم خِداعُ أهل السنة! ننظر إلى تحالفهم مع الصليبيين رومان العصر أمريكا! إنهم في الظاهر يُحاربونهم كلاميًّا ويرشقونهم بألسنة حداد! إنهم يتهمونهم بأنهم "الطاغوت الأكبر" وأن أمريكا: "زعيمة الاستكبار العالمي"، ومع هذا حالفوهم؛ ليُدخِلوهم بلاد أهل السنة (العراق، وأفغانستان) كما فعل إخوانهم في الكفر والنفاق قديمًا؛ عندما أدخلوا حلفاءهم التتر الكفار ديار أهل السنة كبغداد وغيرها، وسنة الله في الأمم ماضية، وصفحات التاريخ لم تطوَ ولن تطوى ما كان هناك شباب سُنِّي يُحبُّ الله ورسوله وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ظهرت علينا نابتة عجيبة (وإن تزيّوا بزيّ أهل العلم) يرونَ أن مذهب الشيعة الإمامية (قاتلهم الله) مذهب خامس؛ كمذهبِ أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، ويرون أن الملّة الرافضية هي نفسها ملّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم! وأن الخلاف بسيط في الفروع فقط، والأصول واحدة!.
وإلى هؤلاء المُغفّلين السُّذج أسوقُ شيئًا يسيرًا من كفرهم في الأصول (إن صحّحنا هذا المُصطلح)؛ ليعلَمَ أهل السنة أن الرافضة ملة خبيثة، ودين لم ينزل من عند الله ولم يأتِ به رسول، وإنما هو دين إبليس، وأن أهل الحق ومنهم أئمة آل البيت كمحمد الباقر وجعفر الصادق وغيرهما برآء من كفر هؤلاء الكَذَبة، الذين بلغوا في كذبهم مبلغًا عظيمًا!.
إن الروافض الذين يطعنون في الصحابة الكرام يطعنون أيضًا في كتب السنة، لا سيّما الصحيح منها، ويأتي "صحيح البُخاري" في المقدّمة، ويزعمون أن البُخاري صنّف مؤلّفه في القرن الثالث الهجري، وكان الناس قبله يروون الحديث ولم يكونوا في حاجة إليه! وهذا كذبٌ وافتراء؛ فإن البُخاري لم يُؤلّف مُصنّفه وإنما جمعه، والصحابة الكرام دوّنوا الأحاديث في عهده صلى الله عليه وسلّم ثم التابعون؛ ولعلّ أقدم صحيفة حديثيّة مجموعة مدوّنة هي صحيفة همّام بن منبه التي رواها عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد خرّجها الإمام أحمدُ في مُسنده في مُسند أبي هريرة رضي الله عنه.
وإن تعجب فاعجب من تناقضهم!!
إنهم يتّهمون البُخاري في صحيحه بتأخره! ثم إنهم يأتون بالبديل الرافضي، وهو: "بخاري الرافضة" أعني: أصول الكافي * للكليني، محمد بن يعقوب (ت 329 هـ)، وهو المُلقّبُ عند الرافضة بـ "ثقة الإسلام".
وعندما تقرأ ُ في "بُخاري الزنادقة الرافضة" ترى عجبًا وهولًا، ترى دينًا جديدًا يُخالِفُ ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأَنقِلُ لأحبّتي القُرّاء شيئًا مما ورد في هذا الكتاب الشيطاني؛ ليرى إخواني أهل السنة (رعاهم الله وحفِظهم) أن دين الرافضة ليس دينَ محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الخلاف جدّ خطر، ليس خلافًا مذهبيًّا، ولا شخصيًّا، ولا مرحليًّا، ولا تاريخيًّا يجب أن يُعفى عنه، لا، ثم لا، إنما هو خلاف بين دينَيْن، بين حق وباطل، بين ظلمة ونور، بين وحي الرحمن وقرآن الشيطان، بين أحباب الرسول وآله وبين رافضة الوحي والرسول وآله، وما ذَمُّ ولعنُ أبي بكرٍ وعمرَ وعائشةَ وحفصةَ على لسان الرافضي الشيعيّ الخبيث المُرتدِّ "ياسر الحبيب" عنّا ببعيد! ودونكم نصوص بُخاري الرافضة، وسنأخذُ نموذجًا يسيرًا من كتاب الإيمان والكفر (المجلّد الثاني) وفيه هذا الضلال:
• أخرج الكليني (ج/1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم يُناد بشيء كما نوديَ بالولاية، (قلتُ؛ كاتب المقال: فالولاية التي يعني بها ولاية الإمام المعصوم من لدن عليٍّ رضي الله عنه إلى إمامهم الغائب، وهو الإمام الثاني عشر، هذه الولاية أحدُ أركان الإسلام، بل هي أعظمُ ركن من أركان دينهم !! أفكوا لعنهم الله!).
وفي لفظ آخر لهذا الحديث نجده في (ج/4) يقول: فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه (يعني الولاية) !!.
• وأخرج الكليني (ج/5) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: "بني الإسلام على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية"، قال زرارة: فقلتُ: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل؛ لأنها مِفتاحُهنّ، والوالي: هو الدليل عليهن، قلتُ: ثم الذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة... (إلى أن قال): "أما لو أن رجلًا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه: ما كان له على الله جل وعزّ حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان!".
• وانظر بقيّة أحاديث الباب لترى منزلة الوليّ، وأن من قصّر عن معرفته فَسَد دينُه (ج/6)، وأن من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية (ج6، 7)، وأن الولاية أمرَ اللهُ بها (ج/7)، ونص على أن الولاية التي هي من الله جعلها الله لعليّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمالحسن والحسين وعليّ بن الحسين، ولمحمد بن عليّ ثمّ لجعفر، ثم يقول جعفر الصادق بعد هذا (ج/14): "هذا واللهِ دينُ الله ودينُ آبائي الذي أدينُ الله به في السِّر والعلن"!
وأظن أن هذه النصوص (مع وجازتها) وهناك آلاف النصوص من نظائرها تُنظِّرُ وتُقعِّدُ لملّة الرفض الخبيثة، فأهل السنة عندهم لا ثواب على طاعتهم لله سبحانه (كالمُنافقين) وأنهم ليسوا على الإيمان، وأنهم فاسدو الدين وأنهم جاهليون، وأنهم مشاققون لدين النبي صلى الله عليه وسلم، ودين آل بيته! لماذا هذا كلُّه؟ لأنهم لم يُؤمنوا بالإمام وعصمته! سبحان الله!.
هذه نقطة واحدة من جملة أصولهم، نسوقها لدعاة التقريب، الذين ولجوا هذه اللجة إما جهلًا وإما غباءً وإما نفاقًا وكفرًا.
اللهم أسألك أن تُقيّض لهذا الدين من يأخذه ويحمله وينصره وينشره، اللهم انصر عبادك المؤمنين الموحّدين الصادقين، واقصم الرافضة وانتقم منهم، اللهم كل من انتقص من صحابة نبيّك فأهلكه وأذقه خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم هل بلّغت؟ اللهم فاشهد.
وصلى الله وسلّم وبارك على النبي الحبيب محمد، وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين، ومن سلك سبيلهم وانتهج نهجهم إلى يوم الدين.