بقلم: أ. نزار محمود غراب
قضية إنشاء وطن بديل عن الأديان يعبر عن أيدلوجية ولاء وانتماء دون استناد إلى أصول ثابتة وجذور راسخة، هو باختصار خداع المواطنة، لحن المواطنة خرج من رحم معطيات متعددة: أطماع سياسية، استقواء خارجي، ضعف وهزال داخلي.
ودون تريث تلقفت الدولة والمرتزقة ذلك اللحن لتحيله إلى سيمفونية دستورية، ونشيد وطني،

وتم حشد كل الأجهزة لتسويق اللحن في وسائل الإعلام ومناهج التعليم، ووزارة الثقافة، والمؤسسات الرسمية الدينية.
وبينما العزف مستمر، والضجيج ارتفع إلى مستوى الضوضاء، إذا بالواقع يلفظ الخداع ويعلن الحقيقة؛ فأصحاب الأديان لا يقبلون بالوطن بديلًا عن دينهم، بل يقبلون بوطن ينتمون إليه، ويرتبطون به ولاءً إذا استند إلى احترام شعائر دينهم.
وقد أعلن الأقباط أنهم لا يقبلون حكم القضاء الوضعي بديلًا عن حكم الإنجيل، جاء ذلك في موضوع الزواج الثاني.

وأعلن الأقباط أنهم لا يقبلون بالإسلام دينًا يدين به القبطي اختيارًا، حتى وصل الأمر إلى إقامة حد الردة؛ حيث قتل قبطيٌّ من أسلم في جريمة الزيتون، بل وقتلوا مسلمًا لأنه تزوج من قبطية أسلمت بالقليوبية؛ طبقًا لما جاء بالشروق بتاريخ 21/7/2010.
ولقد كانت ولا زالت إحدى أكبر أزمات نظم الحكم السياسية في مصر والتحدي الذي واجهها هو مطالبة المسلمين بإرساء قواعد الحكم مستندة للدين الإسلامي، والاعتراض على الحكم وفق قواعد تمثل انتهاكًا مباشرًا وواضحًا وقاطعًا للدين الإسلامي، مثل الترخيص ببيع واستيراد وتجارة الخمور، ومثل غياب قواعد تجريم الزنى ومقدماته، والعمل ضمن منظومة اقتصادية ربوية دون وضع حلول لها، والسماح بالعدوان على مقدسات الدين الإسلامي وركائزه تحت مسمى حرية الفكر والإبداع، وغيرها كثير من مظاهر التصادم مع الدين الإسلامي.
وكان الفشل عنوانًا عريضًا لخداع المواطنة الذي هلل له المهللون.

إن المواطنة حتى تنجح في الواقع تحتاج إلى الآتي:
• احترام الدولة لشرائع الأديان السماوية لرعاياها من المواطنين.
• عدم إعاقة الارتباط بين المواطنين وبين الدين الذي يدينون به، عن طريق تفعيل دور المؤسسات الرسمية الدينية؛ مما من شأنه أن يعمق الوعي الديني الذي يضمن احترام الأديان السماوية، والحقوق التي شرعتها الأديان لمن يدينون بديانات سماوية مختلفة.
• التعايش مع طبيعة التشكيل المجتمعي وخصائصه، بما يعني القبول بالشريعة العامة لغالب أفراد المجتمع واحترامها، فكما يطرح البعض فكرة قبول المسلمين في الغرب بالشريعة العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه، فيجب أيضًا قبول غير المسلمين بالشريعة العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه.

• تغليب مصلحة الوطن في الاستقرار واستقلال قراره على المصلحة الفئوية المحدودة.
• وضع ميثاق لأسس المشاركة السياسية والمجتمعية لكافة أبناء الوطن، يستند لقواعد عادلة واقعية.
• دعوة المعتدلين من المفكرين من أبناء الوطن لعقد حوار يهدف إلى تعميق وتأسيس التعايش، ووضع تصورات وبرامج له تعتمد الشفافية والمواجهة والوضوح طريقًا لتحقيق الغايات.
وبغير تلك الأسس أعتقد ستظل المواطنة خداعًا، إثمه أكبر من نفعه.