وجدت في "ذيل تاريخ بغداد" عند ترجمة عبيد الله بن أحمد بن يعقوب بن نصر بن طالب، المعروف بابن أبي زيد
قال أحمد بن المعدل البصري: كنت جالسا عند عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون فجاءه بعض جلسائه فقال: يا أبا مروان ! أعجوبة .
قال: وماهي ؟
قال: خرجت إلى حائطي بالغابة فلما أن صحرت وبعدت عن البيوت بيوت المدينة ، تَعَرّض إليّ رجلٌ فقال : اخلع ثيابك !
قلت: وما يدعوني إلى خلع ثيابي ؟
قال: أنا أولى بها منك .
قلت: ومن أين ؟
قال: لأني أخوك ، وأنا عريان وأنت مكسو .
قلت: فالمؤاساة .
قال: كلا قد لبستَها برهة ، وأنا أريدُ أن ألبسَها كما لبستها.
قلت: فَتُعَرّيني وتبدي عورتي .
قال: لا بأس بذلك، قد رُويّنا عن مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانا .
قلت: فيلقاني - يعني الناس - فيرون عورتي ؟!
قال: لو كان الناس يلقونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها.
قال: فقلت: أراك طريقا فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك .
قال: كلا، أردتَ أن توجه إلي أربعة من عبيدك فيقيموا علي ويحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد .
قلت: كلا، أحلف أيمانا أَفِي لك بما وعدتك ولا أسوءك .
قال: لا إنا رُويّنا عن مالك أنه قال: لا تلزم الأيمان التي يحلف بها اللصوص .
قلت: فأحلف ألا أحتال في أيماني هذه .
قال: هذه يمين مركبة على أيمان اللصوص .
قلت: فدع المناظرة بيننا، فوالله لأوجهن لك بهذه الثياب طيبة بها نفسي، فأطرق ، ثم رفع رأسه وقال: تدري فيما فكرت ؟
قلت: لا .
قال: تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصا أُخذ بنسيئه، وأكره أن ابتدع في الإسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة، اخلع ثيابك .
قال: فخلعتها ودفعتها إليه فأخذها وانصرف.