تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تزببت وأنت حصرم!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    2,172

    افتراضي تزببت وأنت حصرم!

    السلام عليكنَّ ورحمة الله وبركاته,,
    مقال أعجبني للشيخ خالد الرفاعي - حفظه الله - فأحببت نقله, نفعنا الله وكل من يقرأ به.

    الحمد لله الذي بدَّد ظلماتِ الجهل ببَعْثَة محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم، وأَمَرَهُ في مُحْكَمِ التَّنْزِيل بقوله: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، والقائل: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]. والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: ((إنَّ من أشراط السَّاعة أن يُرفعَ العلمُ، ويَثبُتَ الجهلُ، ويُشربَ الخمرُ، ويظهرَ الزِّنَا))، والقائل: ((إنَّ الله لا يَقْبِضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يَقْبِضُ العلم بقَبْضِ العُلَماءِ، حتَّى إذا لم يُبْقِ عالمًا؛ اتَّخذ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْر عِلمٍ؛ فضَلُّوا وأَضَلُّوا)).

    وقد تعلَّم الصحابة الكرام - رضيَ الله عنهم - من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثمَّ علَّموا التَّابعينَ، وعلَّم التَّابعون أتباعَ التَّابعين، وحمل هذا العلمَ من كلِّ خَلفٍ عُدُولُه، فنَفَوْا عنه تحريفَ الغالين، وانتحالَ المُبطلِين، وتأويل الجاهلين، وما بلغوا ذلك إلا بنَفْيِ الاعتماد، والسَّيْر في البلاد، وصبرٍ كصبر الجماد، وبُكورٍ كبُكُور الغراب، كما وَرَدَ عن الشَّعْبِيِّ - رحمه الله تعالى - وكابدوا المشاقَّ الكِبار، وصارعوا الأهوال العظام، ولسانُ حالهم:
    دَبَبْتَ لِلْمَجْدِ وَالسَّاعُونَ قَدْ بَلَغُوا
    جَهْدَ النُّفُوسِ وَأَلْقَوْا دُونَه الأُزُرَا
    فَكَابَدُوا الْمَجْدَ حَتَّى مَلَّ أَكْثَرُهُمْ
    وَعَانَقَ الْمَجْدَ مَنْ أَوْفَى وَمَنْ صَبَرَا
    لا تَحْسَبِ الْمَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ
    لَنْ تَبْلُغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا
    وعَمِلوا بنصيحة الشافعيِّ - رحمه الله تعالى - إذْ يقول:
    أَخِي، لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إِلاَّ بِسِتَّةٍ
    سَأُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهَا بِبَيَانِ
    ذَكَاءٌ وَحِرْصٌ وَاجْتِهَادٌ وَبُلْغَةٌ
    وَصُحْبَةُ أُسْتَاذٍ وَطُولُ زَمَانِ
    وزاحمهم في ذلك أغمارٌ أصاغرُ، تَزَبَّبوا قبل أن يَتَحَصْرَمُوا، ورامُوا الطَّيران بغير ريشٍ، وأقحموا أنفسهم فيما لا يُحسنون، فأُسْمِعوا ما يكرهون، وكانوا عن هذا في غِنًى وعافية، لكنَّ حبَّ الظُّهور يقصِم الظُّهور، والجزاء من جنس العمل.

    وزيَّنَتْ لهم أنفسُهم التلقُّبَ بِعظيم الألقاب، والتَّكنِّي ببديع الكُنَى؛ عسى أن تَرفعَ من خَسيسَتِهم، فَما أَغْنَتْ عَنْهُم شيئًا، وكانوا كمَن قيل فيه:
    أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْر مَوْضِعِهَا
    كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الأَسَدِ
    ثُمَّ صار أمْرُهُمْ ضِغْثًا على إبَّالةٍ، فَلَمْ يَقْتَصِرُوا على ما سَبَقَ؛ بَلْ رمَوْا غَيْرَهُمْ بِدَائِهِم، ونازَلوهم في ساحات المناظرة، منازلةَ العالِم للجاهل، والصَّبور على الجهول، وأَخْلِقْ بهم أن يكونوا على الضّدِّ من ذلك، وأن يُنْشِدَ رائيهم قولَ خلف الأحمر:
    لَنَا صَاحِبٌ مُولَعٌ بِالْخِلافِ
    كَثِيرُ الْخَطَاءِ قَلِيلُ الصَّوَابِ
    أَلَجُّ لَجَاجًا مِنَ الْخُنْفُسَاءِ
    وَأَزْهَى إِذَا مَا مَشَى مِنْ غُرَابِ!
    وأن يتأسَّف على إفساح المجال لأمثالهم؛ ليقولوا في دين الله بغير علمٍ، في ظلِّ غياب - أو تغييب - الكفاءات المعتبَرة للحِسْبة الشَّرعيَّة، دون أن يؤخَذ على أيديهم، وأن يؤطَروا على الحقِّ أطْرًا.

    ورحمة الله على القاضي عبدالوهَّاب المالكي، القائل:
    مَتَى يَصِلُ العِطَاشُ إلى ارْتِوَاءٍ
    إِذَا اسْتَقَتِ البِحَارُ مِنَ الرَّكَايَا؟!
    وَمَنْ يُثْنِي الأَصَاغِرَ عَنْ مُرَادٍ
    إِذَا جَلَسَ الأَكَابِرُ في الزَّوَايَا؟!
    وَإِنَّ تَرَفُّعَ الْوُضَعَاءِ يَوْمًا
    عَلَى الرُّفَعَاءِ مِنْ إِحْدَى الرَّزَايَا
    إِذَا اسْتَوَتِ الأَسَافِلُ وَالأَعَالِي
    فَقَدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ الْمَنَايا!!
    ويا ليتهم إذْ خاضوا تلك اللُّجَّة خاضوها بمروءة الأحرار:
    وَمِنْ مُبْكِيَاتِ الدَّهْرِ أَوْ مُضْحِكَاتِهِ
    لَدَى النَّاسِ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ خَصْمُهُ حُرَّا
    فنعوذ بالله من أناس تشيَّخوا قبل أن يشيخوا، ولعلَّهم لن يشَيَّخوا وإن شاخوا!!

    وتراهم يتكلَّمون في كلِّ مسألةٍ كيفما اتَّفَق؛ فتجد قلَّة العلم، وقلة التأني والتأمل والنظر - أو عدمه – فليس عنده إلا الرَّغبة في اللجاجة والردِّ على الغَيْر! كما قال الشَّاعر:
    تَرَاهُ مُعَدًّا لِلْخِلافِ كَأَنَّهُ
    بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
    وقال الآخر:
    رَقِيعٌ خَصِيمٌ فِي الصَّوَابِ كَأَنَّهُ
    بِرَدٍّ عَلَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
    فالواجب على طلاب العلم فمن فوقهم إذا نَصحوا، فقوبلوا بأمثال هؤلاء؛ أن يسعهم الصمت والإعراض والصفح الجميل؛ وليتمثَّلوا قول الشافعي:
    أَأَنْثُرُ دُرًّا بَيْنَ رَاعِيَةِ الْغَنَمْ
    وَأَنْشُرُ مَنْظُومًا لِرَاعِيَةِ النَّعَمْ
    لَئِنْ كُنْتُ قَدْ ضُيِّعْتُ فِي شَرِّ بَلْدَةٍ
    فَلَسْتُ مُضِيعًا بَيْنَهُمْ غُرَرَ الْكَلِمْ
    فَإِنْ فَرَّجَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِلُطْفِهِ
    وَأَدْرَكْتُ أَهْلاً لِلْعُلُومِ وَلِلْحِكَمْ
    بَثَثْتُ مُفِيدًا وَاسْتَفَدْتُ وِدَادَهُمْ
    وَإِلاَّ فَمَخْزُونٌ لَدَيَّ وَمُكْتَتَمْ
    وَمَنْ مَنَحَ الجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ
    وَمَنْ مَنَعَ المُسْتَوْجِبِي نَ فَقَدْ ظَلَمْ
    وَقَالَ أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ:

    قَالُوا نَرَاكَ تُطِيلُ الصَّمْتَ قُلْتُ لَهُمْ
    مَا طُولُ صَمْتِيَ مِنْ عِيٍّ وَلا خَرَسِ
    لَكِنَّهُ أَجْمَلُ الأَمْرَيْنِ مَنْزِلَةً
    عِنْدِي وَأَحْسَنُ لِي مِنْ مَنْطِقٍ شَكِسِ
    قَالُوا نَرَاكَ أَدِيبًا لَسْتَ ذَا خَطَلٍ
    فَقُلْتُ هَاتُوا أَرُونِي وَجْهَ مُقْتَبِسِ
    لَوْ شِئْتُ قُلْتُ وَلَكِنْ لا أَرَى أَحَدًا
    سَاوَى الْكَلامَ فَأُعْطِيهِ مَدَى النَّفَسِ
    أَأَنْشُرُ البَزَّ فِيمَنْ لَيْسَ يَعْرِفُهُ
    وَأَنْثُرُ الدُّرَّ لِلْعُمْيَاِنِ فِي الْغَلَسِ؟!
    وقال الشاعر:
    فَمَنْ حَوَى الْعِلْمَ ثُمَّ أَوْدَعَهُ
    بِجَهْلِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ ظَلَمَهْ
    وَكَانَ كَالْمُبْتَنِي الْبِنَاءَ إِذَا
    تَمَّ لَهُ مَا أَرَادَهُ هَدَمَهْ
    وقال آخر:
    أَقُولُ وَسِتْرُ الدُّجَى مُسْبَلٌ
    كَمَا قَالَ حِينَ شَكَا الضِّفْدَعُ
    كَلامِيَ إِنْ قُلْتُهُ ضَائِعٌ
    وَفِي الصَّمْتِ حَتْفِي فَمَا أَصْنَعُ
    لكنَّنا نسأل الله - تعالى - أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن يزيدنا علمًا، وأن يقِيَنا شرَّ أنفسنا، وشرَّ الأشرار، وشرَّ كلِّ دابةٍ هو آخِذٌ بِنَاصِيتِها، وأن يُجَنِّبنا التقوُّلَ عليه - سبحانه - بغيْرِ عِلْم؛ فإنَّه من كبائر الذنوب، وأعْيَبِ العُيوب، وأمْوَتِ الأشياء لِلْقُلوب.

    ويا لَيْتَ الْمَرْء منَّا يتأنَّى في تسطير كلِّ كلمةٍ يكتبها؛ لئلا يندم حين لا ينفع الندم؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13-14].

    وأن يَحْذَر من أن يرى تَقَوُّلَه على ربِّه في كتابٍ لا يغادرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، ولاتَ حين مَنْدَم.

    قال الجاحظ:
    وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إلاَّ سَتَبْقَى
    كِتَابَتُهُ وَإِنْ فَنِيَتْ يَدَاهُ
    فَلا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ
    يَسُرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ

    هذا؛ وَقَدْ يظنّ ظانّ أنّي قسوتُ في العِبارة فِي النُّصْحِ، فَأَقُولُ ما قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى 28/53":

    "إنَّ المُؤْمِنَ للمؤمِن كاليَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْداهُما الأُخْرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة؛ لكنَّ ذلك يوجب من النظافة والنُّعومة ما نحمَد معه ذلك التخشين".
    أرجو من أخواتي الفاضلات قبول عذري عن استقبال الاستشارات على الخاص.
    ونرحب بكن في قسم الاستشارات على شبكة ( الألوكة )
    انسخي الرابط:
    http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/Counsels/PostQuestion.aspx

  2. #2
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: تزببت وأنت حصرم!

    فائدة من ملتقى أهل الحديث للأخ أبي همام البرقاوي نقلا عن الشيخ الشنقيطي من شرح عمدة الأحكام
    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
    وبعد .

    كان الشيخ العالم الشنقطي يتكلم وينصح طالبَ العلم الذي يفتي بغير علم :
    فقال :
    ولذا قالوا في المثل : تزبَّـب قبل أن يتحصرم
    تزبب : صار زبيبا ولم يصل حصرما
    الحصرم : المرحلة التبي تسبق العنب قبل أن يصير زبيبا...
    ولي إضافة
    أن الحصرم هو العنب الصغير المر أو الشديد الحموضة في اللهجة العامية أيضا

    وجاء في لسان العرب: لحِصْرِمُ: أَولُ العِنَب، ولا يزال العنبُ ما دام أَخضر حِصْرِماً.

    في حين أن الزبيب هو آخر مراحل العنب فبعد نضجه وصلاحه للأكل يكون في حالة متوسطة قد يتغير فيها فيتخمر أو يفسد
    فإذا تم تجفيفه صار زبيبا فيثبت حاله ولا يتغير ويبقى سنوات لا يحمض ولا يتخمر

    فوجه الشبه قوي جدا وواضح

    ولكن ما كان الحصرم ليتصدر ويشتريه الناس ويأكلونه بولع غريب.... لولا أن الزبيب استتر وشح في الأسواق (ابتسامة)

    أسأل الله لي ولك ولجميع الأخوات ألا نكون من هؤلاء
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  3. #3
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: تزببت وأنت حصرم!

    إضافة من الأخ عبد المولى الجلاد في نفس الموضوع

    وقد راقَ لي موضوع كنتُ قرأته في الشبكة :

    تزبب قبل أن يتحصرم

    ومعنى تزبب: أصبح زبيبا، ومعنى تحصرم: أصبح حصرما.
    ومعلوم ان العنب أول ما يخرج يكون حصرما حامضا، ثم ينقلب إلى عنب حلو، ثم اذا ترك بعد ذلك مدة جف الماء الذي في حباته وذبلت قشرتها، وتحول إلى زبيب يدخر إلى حين.
    وهذا هو التطور الطبيعي لثمرة شجرة الكرم والعنب: حصرم ثم عنب ثم زبيب.
    وكذلك الإنسان لا بد له من ان يمر بالمراحل الأولى حتى يصل إلى الأخرى، ولا بد له من بدايات حتى يتدرج إلى النهايات، واذا ما أراد القفز فوق المراحل وتخطى البدايات، فيقال له: تزبب قبل ان يتحصرم، ومع هذا المثل الطريف نسوق هذه القصة اللطيفة:
    كان من عادة العلماء السابقين ان يبتدئ الطالب بين أيديهم فيحفظ المتون ويدرس شروحها، ويترقى شيئا فشيئا من طالب إلى طالب مقرب إلى عريف حلقة إلى نائب عن الشيخ، حتى اذا ما تمكن من العلم وتضلع منه وشهد له شيخه بذلك، أمره أو سمح له ان ينفرد لنفسه بحلقة خاصة به، ليدرس فيها ما برع في دراسته، وقد يلجأ الشيخ قبل ذلك إلى أسلوب المناظرة، في امتحان الطالب وإظهار نجابته، فاذا ما تخطى ذلك سمح له بالتدريس واتخاذ التلاميذ.
    يقول أبو علي القالي صاحب الأمالي في اللغة: درست على شيخ لي، حتى اذا مضت مدة من الزمن ظننت بعدها أني قد ألممت بأطراف العلوم، سولت لي نفسي باتخاذ حلقة، والانفراد بتلاميذ، فلم استأذن شيخي، بل لبست لباس المشيخة، وجمعت حولي في المسجد عددا من الطلبة، وأخذت ألقي عليهم درسا، بعد ان نفشت ريشي وتمشيخت عليهم.
    ويشاء الله ان يدخل المسجد استاذي وأنا في الدرس، فلما رآني اقبل نحوي مستغربا، ووقف خلف الحلقة واستولت علي الدهشة، وأخذ يلقي عليّ بالاسئلة المحرجة تباعا، حتى أعييت وانعقد لساني، وانكشف جهلي وصغرت في عيون تلاميذي، فلما كان ذلك قال غاضبا زاجرا: يا هذا.. تزببت قبل ان تتحصرم.. قم من هنا يا كيت وكيت، ورماني بنعله، فعدوت هاربا لا ألوي على شيء تلاحقني ضحكات التلاميذ.
    هذه القصة احفظها منذ زمن بعيد عن شيخي، ولكنها بين الحين والحين ترتسم صورتها أمامي كلما نظرت حولي فرأيت شبابا طريا عودهم، قليل من العلم تزودهم، ضحل رقراق علمهم، غزير بحر جهلهم، لا يكادون يحفظون من العلم طرفا، ولا من فنونه أحرفا، لم يدرسوا نحوا ولا بلاغة ولا صرفا، ولا أصولا ولا علة ولا عرفا، يستترون باسم الكتاب والسنة، وديدنهم الدائم إثارة الفتنة، عظيمة جرأتهم على الناس، لأخذهم من الحديث بلا اجتهاد ولا قياس، يتطاولون على العلماء الذين سبقوا، دون ان يكونوا بركبهم قد لحقوا، غرهم ان تجمع حولهم من الناس جهلة، مع ان كل هؤلاء أعداد مهملة، فلمثل هؤلاء يقال بلا مندم: تزببت يا هذا قبل ان تتحصرم.
    ان من العيب ان يتولى أمثال هؤلاء إلقاء الدروس أحيانا في المساجد أو الدواوين أو الصحف، مع علمهم المؤكد ان في المساجد من الحاضرين أو في الدواوين من الجالسين أو لدى الصحف من القراء من لا يصلح هؤلاء حتى للتلمذة على أيديهم والجلوس للأخذ عنهم، فكيف لهم ان يتكلموا دون حياء ولا خجل من جهلهم الفاضح وبضاعتهم القليلة.
    هل من الحكمة ان يترك دين الله لعبة في يد من شاء من الجهلة والبلهاء؟
    إن لم يكن هناك قانون يمنع، فلتكن هناك أخلاق تردع..!
    إن لم يكن هناك حياء من النفس، فليكن ثمة خوف من معرفة العارفين وخبرة العالمين..!
    صحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أناسا حديثي الإسلام ليعلموا أقوامهم، ولكنه بعثهم إلى من هم أجهل منهم، وأمرهم بأشياء محددة كانت كافية لتصحيح مسار حياة من البساطة بمكان.
    اما الأحاديث التي وردت عنه صلوات الله عليه في هذا المجال، فهي من باب الحث على نشر العلم وافشائه، لا من باب تصدي الجهلة، ومن لا يحسن قراءة القرآن للتعليم والنصح في الوقت الذي هو أحوج الناس إلى من يقوم لسانه ويصحح فهمه،
    وإلى الذين لا يريدون استماع النصيحة نقول: سامحكم الله، لقد أصبحتم في أيدي أعداء الإسلام سلاحا فتاكا.


    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

  4. #4
    سارة بنت محمد غير متواجد حالياً مشرفة سابقة بمجالس طالبات العلم
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    3,129

    افتراضي رد: تزببت وأنت حصرم!

    إضافة من أبي سليمان الخليلي
    كان أهل العلم يقولون : من تصدر قبل آوانه ضاع عليه علم كثير .
    طالب العلم يشبه الثمرة إذا نبتت في أرض صالحة وسقيت بأطيب ماء ولبثت مدة زمنية طويلة فإن كل آكل منها يذوق طعماً لن ينسى . يا طالب العلم كن مثل تلك الثمرة الناضجة .
    عن جعفر بن برقان: قال لي ميمون بن مهران: يا جعفر قل لي في وجهي ما أكره، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره.

    السير 5/75

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •