بسم الله الرحمن الرحيم
توحيد المتابعة أو توحيد المرسَل ؛ وهو إفراد النبي بالطاعة والاتباع وتقديم قوله على قول غيره كائناً من كان .
ولابد فيهذا التوحيد أربعة أمور:
-
1) تصديق النبي فيما اخبر ؛ وهذا جوهر التوحيد وروحه فمن لم يصدق النبي في شيء مما جاء به فليس بموحد ومن صدقه في كل ما جاء به فهو المؤمن حقا كما قال تعالى : والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون الزمر: ٣٣ . ويدخل في ذلك تصديقه في الأمور التي يحار فيها العقل ؛ كالإسراء والمعراج وعذاب القبر ونعيمه و بعض صفات اليوم الآخر . ونظرا لأهمية هذا الأصل في تحقيق توحيد المتابعة كثرت أدلته حتى زادت على الألف ؛ فمنها البشارات والإرهاصات والآيات الحسية ومنها ما هو من المسلك الشخصي ومنها ما هو من المسلك النوعي ؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم في الرتب العليا من اليقين ؛ لأنهم شاهدوا كل أو معظم هذه الأدلة.
2) طاعة النبي فيما أمر ؛ قال تعالى : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ، وقال : ( ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) وقال ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله ) ؛ فمن خالف النبي في شيء من أمره فاته من هذا التوحيد بقدر مخالفته .
3) اجتناب ما نهى عنه الني وزجــر ؛ قال تعالى :( وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا ) ، وقال الرسول ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبــوه) ؛ فلا بد من اجتناب كل ما نهى عنه الرسول وبخاصة الكبائر .
4) ألا يعبد الله عز وجل إلا بما شرعه رسوله ؛ كماقال : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ وكما قال ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ؛ فالبدع تنافي توحيد المتابعة بل إن الإمام مالك ذكر أنها تقدح في اعتقاد كمال الدين ؛ ولهذا عظّم أهل العلم شأن البدع وذكر بعضهم أنها أكبر من الكبائر .
ومن أعظم ما ينافي توحيدالمتابعة اعتقاد أن هناك طريقا للعبادة سوى الإسلام ؛ كمن يعتقد انه يصح التدين باليهودية أوالنصرانية فإن الله يقول :( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) ، وقال : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئتبه إلا ادخله الله النار) .
ومما ينافي توحيد المتابعة تقديم قول غير الرسول
على قوله أو حكمه على حكمه ، كما قال تعالى : ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ، وقال ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ؛ فمن قدم العادة أو العرف على سنة الرسول فله نصيب من ذلك . وكذلك من فضّل تحكيم القوانين على حكمه أو قدّم قول إمامه على سنة الرسول أو قدم العقل على النقل أو الكشف على الشرع فكل واحد من هؤلاء له نصيبه من الإخلال بتوحيد المتابعة .