تَجْرْبَتِي فِي سُطُوْرٍ .. رِسَالَةٌ إلى طُلَّابِي الَّذِيْنَ دّرَّسْتُهُمْ خَمْسَ سَنَوَاتِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ... أما بعد :
إخواني الطلبة الأعزاء :
كلامي معكم في هذه الوريقات قد سمعتم ـــ فيما مضى ـــ بعضه ، غير أني أجد من الضروري أن أكتبه لعله يكون من باب : " الإنتفـاع بالتجارب " ، فأنا منذ نعومة أظفاري ، ومنذ عرفت يميني من شمالي ، نشأت في بيت يحب التدين والإلتزام ... ، و سأوجـز لكم ـــ قدر المستطاع ـــ مجمل حياتي ، فكانت حياتي في : " المرحلة الإبتدائيــة والمتوسـطة " في بيئة تخالف معتقدي ومنهجي ومذهبي !! ـــ وأن قســم منكم يعــرفها ـــ ، ولأن الله ـــ تعالى ـــ قدّر علي العيش في تلك البيئة ؛ أصبح لزاما عليّ أن أدخل في عمق مع هذا الصنف من البشر ! ، وكانت لي معهم ـــ رغم صغر سني آنذاك !!! ـــ جولات كلامية وحوارات كثيرة وطويلة ، ممـــا دعاني ـــ إضطراراً ـــ لشراء الكتب وقراءتها بتمعن ، ومحــاولة محاورتهم والرد عليهم بـــ " الحجة والبيان ، لا بالسيف والسنان " ، وكل هذا وأنا صغير السن !! ، فكان ذلك بداية توجهي للقراءة والمطالعة ، قال الله ـــ تعالى ـــ : (( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ )) ( سورة البقرة / 216 ) ، وقال : (( فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً )) ( سورة النساء / 19 ) ، وكمــــا قال القــــائل : " ربّ ضارّة نافعة " ، مع مراعاة قراءة الكتب المدرسية إلى جانب ذلك وعدم إغفالها ، وكان جوابي إذا ما سؤلت : " ماذا ستكون عندما تكبر ؟ " ، أجيب قائلاً : " أكون مهندساً !! " ، ولكن الله ـــ تعالى ـــ قدّر غير ما أردت ـــ وكل تقديره خير ـــ ؛ فبعد إكمالي الصـــف " الرابع العام " إخترت التوجــه إلى " الفرع الأدبي " ، وبعد إكمـــالي الصف " السادس الأدبي " توجهـــت مباشرة ـــ وبإختياري ـــ إلى الدراسات الإسلامية ، مع العلم أن " الفرع الأدبي " له إختصاصاته وكلياته ـــ كما تعلمون ـــ ، وكان معدلي عالياً ، ورسمت الخط الذي أردت ، ولي فيه غايات ، وقد لا يراها البعض غايات تستحق السير إليها! ، وكانت مسيرتي الدراسية الأخيرة ، وكانت في : " الجامعة الإسلامية "، وأكملت فيها السنوات الأربع ، وبعدها عرض عليّ أن أتعين إماماً وخطيباً في أحد المساجد ، لكني رفضت هذا الأمر ـــ لا زهداً فيه ، لا والله ـــ لأنني أردت أمراً آخراً ، وكنت أرى أن النفع يكون في التدريس أكثر من غيره ، ولم أكن مهتماً بمسألة " الراتب والأموال " بقدر إهتمامي بالغاية التي أريد ، وبعدها قدّر الله ـــ تعالى ـــ أن يصدر تعييني مدرساً في : " ثانوية الطارمية للبنين " ، وكانت هذه الخطوة هـي التي أوصلتني إلى غايتـي ، وهذه الغاية هـي : " إيصال العلــم الشرعي الصحـيح إلى الطلاب عن طريق المــدرسة " ، قــال الله ـــ تعالى ـــ : (( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ( سورة يوسف / 108 ) ، وعملا بقول القائل : " التـعلم في الصغر كالنقش على الحجر " ؛ لذلك إرتأيت أن أباشر مهمتي مع الصف : " الثاني المتوسط " ، صعودا معهم مرحلةً بعد مرحلةً حتى نهاية الصف : " السادس العلمي " ، ولي في ذلك مقصد ـــ وأغلب الطلاب يعرفون ذلك ـــ ، وبدأت ـــ بفضل الله تعالى أولاً وآخراً ـــ منهج التغيير ، والتدريج مع الطلاب في العلم الذي أعلمه ، وحسب إدراك عقولهم ، ولا أدعي ولا أزعم أنّي " عالم " ، ولم يسمعها منّي أحد، وإن ـــ أنا ـــ قلتها في يوم من الأيام ؛ فلقد كذبت على نفسي وعلى الناس ، فهذه منزلة لا ينالها أمثالي ! ، ولكن حسبي ـــ وأرجو ـــ أنني " طالب علم " ؛ فلا بد لطلاب العلم ـــ فضلاً عن العلماء ـــ من أن يزكوا العلم ، وزكاته ـــ كما قال أهل العلم ـــ هو نشـره للناس ، قال النبي محمد " صلى الله عليه وسلم " : " بلغوا عني ولو آية " ، مع مراعاة أحوالهم ومداركهم ؛ إذ مراعاة حال المخاطب من الأولويات التي يجب أن يراعيها الداعية ، ويكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة ، قال الله تعالى : (( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ )) ( سورة النحل / 125 ) ... . وهذه وقفة قصيرة لا تخلو من فائدة : " أنّني لم أقتصر على تعلمي الجامعي فحسب ، بل لقد درست بعض العلوم الشرعية ـــ خارج نطاق الجامعة ـــ على يد أخ فاضل من طلاب العلم ، وهو أكبر مني سنا ، وكان يدرس في الجامعة المستنصرية / الهندسة !، ومنّ الله ـــ تعالى ـــ عليه بالعلم الشرعي مع ذلك ، فطلب العلم الشرعي فريضة " واجب " ، قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، والمقصود به هو " العلم الشرعي " الذي هو الأصل ، وبه نجاة العبد ، وهو العلم الذي من أخذ به وتعلمه فهو في عبادة ، أما العلوم الدنيوية فهي بحسب الحاجة إليها ، غير أني لا أقلل من شأنها ، ولكن لا نريد جيلاً لا يحمل من دينه إلا الأسم والرسم !! ، وفي باقي العلوم إسـماً ومسمىً !! ، لا بل ينافس أقرانه فيه ، أما العلم الــواجب والمــفروض عليه ـــ شرعاً ـــ تعلمه ؛ فهو مقصر فيه أيما تقصير ، وبضــاعته فيه مزجاة !! ، إن لم أقل خاسرة وكاسدة ، لا ياشباب ، نحن نريد منكم النجاح على كل المستويات الدنيوية " المشروعة والمباحة " ، لكن نريد مقابل ذلك نجاحات أكثر وأكثر في تعلم دينكم الذي به حياتكم ونجاتكم وسعادتكم وفلاحكم ، فتدبروا هذا ـــ رحمكم الله ـــ . ... ومن خلال تدريسـي لمـادة : " التربية الإسلامية " لخمس مراحل ، فلا بد لم كان هذا حاله أن تكون له تجارب مع طلابه ، غير أنّي لا أستطيع حصرها ولكن لا بأس بالإشارات ... فقد رأيت أصنافا من الطلاب ، أستطيع أن أصنفهم إلى أصناف ثلاثة ، ولكل صنف منهم طلابه ، وكأنّي أراهم رأي العين ـــ وهم يعرفون أنفسهم ـــ ، غير أني لا أصـرح بذكر الأسماء ؛ فـعدم التصريح بالأسماء ـــ في بعـض الحالات ـــ قد يكـون من الحـكمة !! . الصنف الأول :من إذا نظرت إليه تعاظمته كأنه جبل ـــ لا .. بل هو كذلك ـــ وما ذاك إلا لأنه ثابت الأصل والفرع ، ذا " خلق ودين " ، وهذا الذي يفرحني فيهم ، وما لبس المرء لباس " الخلــق والدين " ؛ إلا أحبه الله والملائكة والناس أجمــعين ويوضع له القبول في الأرض ، روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريره ـــ رضي الله عنه ـــ أنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : " إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحببه ؛ فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه ؛ فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض " ومعنى يوضع له القبول في الأرض : " أي : المحبة في قلوب من يعرفه من المؤمنين ، وميلهم إليه ورضاهم عنه ، ويبقى له ذكر صالح وثناء حسن ، " ، ومن خلع رداء " الخلق والدين " فماذا بقي له ؟؟!! ، وهذا الصنف قليل رجاله ، وأنا سأبقى ـــ ما حييت ـــ أجلهم وأحترمهم وأعرف قدرهم وفضلهم ، فقد ثبتوا بوجه الفتن " الشبهات والشهوات " ـــ زادهم الله ثباتاً ـــ ، فهم تيجان على رأسي ، وهم رفقاء الدرب ، وهم إخواني وأحبابي ، أسأل الله أن يعزهم ويرفع قدرهم ويثبتهم على الحق " إعتقاداً وقولاً وعملاً " ... " اللهم آمين " . الصنف الثاني :من يحب الإستقامة وسلوك الصراط المستقيم ، إلا أن العقبات التي تعيقه كثيرة منها " النفس الأمارة بالسوء ، الشيطان ، الرفقة السيئة ، والمغريات ... ، وغيرها " ، فهذا الصنف ينهض مرة ويكبو مرة ومرات ، وقد سعيت معهم جاهدا ـــ وأنا مقصر ـــ لكي لا أجعلهم يحيدون أو يزلون ، ولقد كنت ـــ أنا وبعضا من إخوانهم الطلاب ـــ عوناً لهم على أنفسهم ، بالكلمة والكلمات ، والعبارة والعبارات ، واللقـاء واللقاءات ، وكذا المناصحات ، روى الإمام البخاري في صحيحه من حديث أنس ـــ رضي الله عنه ـــ أنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " . فقال رجل يا رسول الله : أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟ قال " تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره " ، ومن ظلم العبد لنفسه أن يرتكب المعاصي وما نهى الله عنه ورسوله " صلى الله عليه وسلم " ، أسأل الله ـــ تعالى ـــ أن يعفو عنهم الزلات ، وأن يرجعهم لطريق الطاعات ، ويثبتهم عليه حتى الممات " اللهم آمين " ، وأذكرهم بقـول الله ـــ تعالى ـــ : (( قُلْ يَا عِبـَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطــُوا مِن رَّحْمـَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِـرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) ( سورة الزمر / 53 ) ، وباب التوبة مفتوح ولا يغلق إلا في ساعة الإحتظار ، أو عندما تطلع الشمس من مغربها ، فإستثمروا الوقت وتوبوا قبل فوات الأوان . الصنف الثالث :من لا يحب التدين والإستقامة والإلتزام ، ولا يحب ـــ كذلك ـــ أهل التدين والإستقامة والإلتزام ، وما ذاك ؛ إلا لفساد قلوبهم ، وخبث سريرتهم ، فهذا صنف عجيب أمره ، غريبة أطواره ، فهم لا يحبون الطباع السليمة المستقيمة ولا يألفون ولا يأنسون بأهلها ، فهم قطّاع طرق ،لا بل أشد ؛ فقاطع الطريق يرد الدنيا ، وهم يريدون من الرجل " الملتزم المستقيم " يريدون دينه ، فـــكل همّه أن يوقفك !! ، وإن إستطاع أرجعك !! ، وإن عجز عن هذه وتلك ؛ فلا أقل من أ يعيق سيرك !! ، ويؤخــــر وصولك !! ، وهم شوك وأحجــــار في دروب السائرين إلى الله ـــ تعالى ـــ ، أسأل الله ـــ تعـــالى ـــ أن يهديهم ... أسأل الله ـــ تعـــالى ـــ أن يهديهم ... أسأل الله ـــ تعـــالى ـــ أن يهديهم ... " اللهم آمين " . وصاحب الحق ـــ الذي أرجو أن أكون أنا وإياكم من أهله ـــ لا بد له من أن يعادى ، ولابد أن يكون له شانئين ومبغضين وحاسدين ؛ فهذا حال كل من سار على درب الأنبياء في الدعوة إلى الله ـــ تعالى ـــ ، فــالنبي " صلى الله عليه وسلم " ـــ الذي نرجوا جميعاً أن نكون من أتباعه ـــ لاقى من الكفار ما لاقى من أصــناف الأذى المعنوي والمادي ، وهذا ما أخــبر به " ورقة بن نــوفل " النبي " صلى الله عليه وسلم " ، عنـــدما نــزل عليه الوحي ـــ والحديث طويل ـــ " . .. ثم انطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل ابن عم خديجة . فقالت له : يا إبن عم إسمع من إبن أخيك . فقال له ورقة : يا إبن أخي ما ذا ترى ؟ فأخبره رسول الله " صلى الله عليه وسلم " خبر ما رأى . فقال ورقة : هذا هو الناموس الذي أنزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : " أو مخرجي هم ؟! " قال : نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي " . ( متفق عليه )، ولا بد لورّاث علم النبي " صلى الله عليه وسلم " لا بد لهم من الصبر فهو عدّة الداعية ـــ كما تعلمون ـــ ، وأنا ـــ العبد الفقير إلى الله ـــ لاقيت من الأذى ما الله به عليم من المجتمع الذي أعيش فيه ، وكذلك من بعض الطلاب !! ـــ هداهم الله ـــ ، نعم من بعض الطلاب ولا أريد الإطالة في هذا الموضوع ، وكانت إساءتهم لي إما لبغض لي من غير سبب ، أو أنهم إتهموني بإتهامات باطلة وأنا بريء منها ـــ والله يعلم ذلك ـــ براءة الذئب من دم يوسف " صلى الله عليه وسلم " ، غير أني أقول لهم : " إتقوا الله ـــ تعالى ـــ وأنزلوا الناس منازلهم ، وإعرفوا لأهل الفضل فضلهم ، فلا أعلم أني قصّرت ـــ يوما ـــ في حقكم ، ولا تجاوزت ـــ بإساءة ـــ عليكم ، وكم صبرت عليكم وعفوت عنكم ، وهذا من أخلاقي وما تربيت عليه ، ولكنكم قابلتم كثير إحساني لكم بإساءات متوالية ، فإن كنت مخطئاً ـــ في تقديري ـــ فلا أكثر من أن تقوموني إذا إعوججت !! ، وإن كنــت مصيباً ـــ في تقديري ــــ فلا أحلى من رجوعكم إلى الحق ، وهو أليق بكم ، " والعود محمود " ؛ فأنتم إخوتي مهما قلتم وتعديتم وأسأتم ، ولكن يبقى في النفس ـــ منكم ــــ شيء ، " غفر الله لكم " ، وكان هدفي وغايتي ومقصدي مع جميع الطلاب ــــ وبدون إستثناء ـــ هو : " تنشئتهم وتربيتهم وتثقيفهم دينيا وأخلاقيا ، لا غير " ؛ فرأس مال المرء " دينه وأخلاقه " ؛ فإذا خسرهما خسر نفسه وأضاعها أيما ضياع . إخواني الطلبة الأعزاء :
أعطيتكم ورقتين من الوصايا ، واحدة عندما كنتم في الصف : " الرابع العام " ، والثانية عندما كنتم في الصف : " السادس العلمي " وفيما أظن ـــ أنا ـــ أنها تنفعكم ؛ فأرجو أن تتدبروا ما فيهما من كلام ، فالذي كتبهما لكم ـــ والله ـــ مشفق عليكم ، حريص عليكم ، أما هذه الورقه فهي ـــ قد تكون ـــ الأخيرة ! ، ولعلي لا أبقى في هذه الديار فترة طويلة ! ، وإنّي راحل عنها قريباً ـــ بإذن الله ـــ إلى ديار هي ـــ عنكم ـــ ليست ببعيدة ، ولكن لولا الإضطرار لما تركت دياراً أنتم فيها ، وأشهد الله ـــ تعالى ـــ أنّي أحبكم في الله ، وما أردت لكم إلا الخير ، وهذه هي غايتي ومناي ، أن أنشيء جيلاً من الرجال قد عرفوا الحق ، وخالط الحق قلوبهم ودماءهم ، وإن كانوا قلّة ! ، فلا يعرف الحق ـــ وأهله ـــ بالكثرة ! ، ولا ينصر ـــ كذلك ـــ بالكثرة ! ، فحسبي أن يكون من بعدي " أنفاراً من الرجال " على الحق ثابتين ، لا تهزهم الفتن ، ولا تحنيهم المحن ، للحق ناشرين ، للشر مجتنبين ، للخير فاعلين ، مفاتيح للخير ، مغاليق للشر . إخواني الطلبة الأعزاء :
أوصيكم ـــ أحبابي في الله ـــ بالثبات .. الثبات ، والعمل بالكتاب والسنة ، وعلى فهم السلف الصالح ، وطلب العلم الشرعي ، وأوصيكم بالدعاء لي بظهر الغيب ، وأســـــأل الله ـــ تعالى ـــ أن يوفقكم فيما تبقى لكم من حياتكم الدراسية وهي : " المرحلة الجامعية " ، وأن يتمم عليكم بخير ونجاح ، فقد نحتاجكم يوماً ما ، وأنتم منكم أطباء ومهندسين وغير ذلك ، وقد أكتب لكم ما تحتاجونه من توجيهات في حياتكم الجامعية ، إن أبقانا الله ـــ تعالى ــ لتلك الأيام ....، أظن أنك ـــ الآن ـــ قد إستفدت من تجربتي من خلال ماقرأت ، وأظن أنك إستفدت أكثر وأكثر من خلال المعايشة العملية خلال خمــس سنوات مضت ، ولا أخفيكم سراً ، أنّني ـــ كذلك والله ـــ إستفدت منكم ، وتعلمت منكم الكثير ، وليس هذا من باب التواضع ـــ لا والله ـــ وإنما هي الحقيقة المجردة ، وأرجو من الله ـــ تعالى ـــ أن يحفظكم من كيد الكائدين ، وحقد الحاقدين ، وأن يكفيكم شر أنفسكم وشر أعدائكم " شياطين الإنـس والجـن " ، إنه سميع مجيب ... " اللهم آمين " ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين . أخوكم : أبو عبد الرحمن