(1)
تقول "الموسوعة العربية العالمية" عن الحبكة: (الحبكة أو ما يسمى عقدة القصة، تروي ما يحدث لشخصيات القصة، وتبنى حول سلسة من الأحداث التي تجري خلال فترة معينة من الزمن.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد قوانين معينة لترتيب الطريقة التي تقدَّم بها تلك الأحداث.
وللحبكة الموحدة بداية ووسط ونهاية، أي أن الكاتب يقودنا من موقع ما شخصية تواجه مشكلة معينة، عبر مسار ما الشخصية وهي تواجه تلك المشكلة، إلى موقع آخر الشخصية وهي تتغلب على، أو تغلبها تلك المشكلة.
أما بالتعبير الأدبي فيمكننا القول: إن القصة تبدأ بعرض جوانب القصة، ويتلو ذلك تصاعد الحدث، ثم وصوله إلى الذروة وحل عقدة الحدث أو النتيجة النهائية. والكشف هو سرد لخلفية القصة ووضعيتها.
أما تصاعد الحدث فهو يبنى على أساس المادة المطروحة وهو الذي يولد عناصر التشويق، أو ما يمكن أن يوصف بأنه رغبة القارئ في معرفة ما سيتلو من أحداث.
أما الذروة فهي قمة مواضع الإثارة والتشويق، بينما يمثل حل عقدة الحدث نهاية القصة).
وتقول عن الموضوع: (الموضوع هو الفكرة الأساسية أو الرئيسة التي يُعبر عنها عمل أدبي ما، وهو يتطور بالتفاعل بين شخصيات القصة وحبكتها).
(2)
والحبكات تختلف باختلاف نوع الأدب اجتماعيا أو علميا أو سياسيا أو ... إلخ، ويمكن حصرها بالاستقراء. وقد حصر الدكتور أحمد خالد توفيق حبكات الخيال العلمي في 23 تصنيفا، منها:
1- غرباء بيننا: علم الفضائيين: قصص الغزو إذا كانوا واضحين، وقصص الرعب إذا كانوا مجهولين.
2- العوالم البديلة: مجرات أخرى عليها أرضين أخر.
3- الانتقال الجزيئي: تحول الإنسان إلى جزئيات تنتقل من مكان إلى مكان تتجمع فيه.
4- مدن الغد: مدن الفضائيين وبشر الغد.
5- السايبر بانك cyber bunk : عالم المتسللين إلى الأنظمة والكمبيوترات ذات الذكاء الصناعي "*******"، والسايبورج.
6- اليوتوبيا: المدينة الفاضلة.
7- نقيض اليوتوبيا: حيث نرى المستقبل كابوسا.
8- الإدراك الفائق للحواس: مثل قارئ الأفكار والمحركين عن بعد و... إلخ.
9- الخيال العلمي الصعب: المرتبط بنظريات العلم ولا يتحمله إلا المتخصصون.
10- البحث عن الخلود : كالإحياء المؤقت.
11- أوبرات الفضاء: التي يستخدم فيها سيوف الليزر، ومعارك مكوكات الفضاء.
12- ما بعد المحرقة: الأرض بعد حرب نووية أو وباء أو نفاد الطاقة .
13- العلم ينفلت عياره : التجارب الخاطئة التي تصنع مسوخا أو طفرات وراثية.
(3)
ومن الحبكات الاجتماعية ارتباط رجل وامرأة خارج الأسرة، ثم يطلب الرجل المرأة من الأسرة التي تكون لها مشروعها في هذه المسألة، فترفض الأسرة، وينشأ الصراع، ويستمر إلى أن تحل العقدة حلا ينتصر للحب على ما عداه إما بتحقيق رغبة المرأة والرجل وإما بتحقيق رغبة الأسرة لكن مع رفض القارئ ذلك؛ لأنه تشبع أولا بالعلاقة بين الرجل والمرأة وبسيطرة الحب.
ومن الحبكة السابقة تتفرع حبكة التقاء رجل وامرأة مع عدم وجود الكفاءة بينهما ويركز الأدب العلماني في الفارق المادي، وترفض الأسرة، وينشأ الصراع ويستمر إلى أن تحل العقدة حلا ينتصر للحب على ما عداه ... إلى آخر ما ورد في الفقرة السابقة.
ومن الحبكات العاداتية حبكة الثأر والانتقام، ومن الحبكات السياسية حبكة المطاردة والتخفي، ومن الحبكات النفسية حبكة الأمراض المؤثرة في السلوك، ومن الحبكات البوليسية حبكة الغموض وانجلائه شيئا فشيئا، ومن الحبكات الحضارية حبكة المفاضلة والموازنة بين واقع في مكان ما وواقع آخر في مكان آخر يختلف معه في المنطلق الفكري "الأيديولوجية" ، و... إلخ.
(4)
والآن لنا أن نسأل: ما علاقة الحبكة بالموضوع؟ هل يتأثر الموضوع بالحبكة؟ وهل يؤثر فيها؟ أم هل العلاقة بينهما منفكة فلا تاثير ولا تأثر؟
يحدث التأثير والتأثر بينهما، فهل يجدد الأديب المسلم الملتزم بالإسلام في الموضوع فتتأثر الحبكة؟ أم هل يجدد في الحبكة فيتأثر الموضوع؟
والجواب: له أن يجدد فيهما، وهذا هو الأفضل الذي يحدث فارقا. لكن إذا لم يتح ذلك فالأولى والمهم أن يجدد في الموضوع، وبالتراكم ستنشأ حبكات خاصة بالأدب الإسلامي بعد كثرة موضوعاته وتفرع معالجاتها.