(وماذا لو كُنَّا في عهد الصحابة والتابعين)
لو تخيلنا سويًّا أننا نعيش في عهد الصحابة والتابعين،ماذا سيكون وصف هذا المجتمع:
إنه مجتمع الأخوة الإيمانية،مجتمع الترابط والتآلف. مجتمع الحاكم العادل،الذي يقيم شرع الله وحدوده. مجتمع العلم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
مجتمع يظهر فيه العالم وطالب العلم ويحترم الحكام والناس منزلتهما. مجتمع الجهاد ونشر الإسلام في كل مكان. مجتمع ينصر فيه الحاكمُ المظلومَ على الظالم. مجتمع قال فيه أحد حُكَّامه:((أطيعوني ما أطعت الله ورسوله،فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)). وهو مجتمع قيل فيه عن أحد حُكَّامه: (أرسل قيصر ملك الروم رسولاً إلى عمر بن الخطاب لينظر أحواله ويشاهد فعاله،فلما دخل المدينة سأل أهلها وقال:أين ملككم؟قالوا: ليس لنا ملك،بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة.فخرج الرسول في طلبه فوجده نائماً في الشمس على الأرض فوق الرمل الحار وقد وضع درته كالوسادة تحت رأسه والعرق يسقط منه إلى أن بل الأرض،فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال:رجل تكون جميع ملوك الأرض لا يقر لهم قرار من هيبته،وتكون هذه حالته،ولكنك يا عمر عدلت فأمنت فنمت، وَمَلِكنا يَجُور،لا جَرَمَ أنه لا يزال ساهراً خائفاً.أشهد أن دينكم لدين الحق ولولا أني أتيت رسولاً لأسلمت،ولكن سأعود بعد هذا وأسلم..).[1]
وأين نحن من هذا المجتمع الآن؟
فما الذي نستطيع فعله؟
(1) ـ الدعاء أن يعيد الله للأمة مجدها من جديد. (2) ـ النصيحة لكل راع أن يتقي الله في نفسه وفي من يعولهم،وأن من وَلِيَ من أهل الخير والصلاح أمرًا أن يحسن فيه. (3) ـ الأمر بالمعروف بمعروف،والنهي عن المنكر بغير منكر،كُلٌّ بحسب مقدرته. (4) ـ الاعتراف بالخطأ من جميع هؤلاء القادة إذا أخطئوا ومحاولة إصلاحه. (وأن يتخذوا عيسى ابن مريملهم قدوة في عدم محاولة التبرؤ من الخطأ ـ وإن لم يكن قد فعله ـ حين قال الله تعالى له:(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).

[1]التبر المسبوك في نصيحة الملوك لأبي حامد الغزالي(ص4).