الطريق الرابعة وهي ما روي عن ابن عبد ربه عن عاصم بن حميد عن أبي ذر .
فقد أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/442) قال : قال لنا إسحاق بن إبراهيم , أرنا عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي , قال نا عبد الله بن سالم , عن الزبيدي قال نا حميد بن عبد الله أن عبد الرحمن بن ابي عوف حدثه أنه سمع ابن عبد ربه أنه سمع عاصم بن حميد قال كان أبو ذر ....الحديث
و الخطيب في المتفق والمفترق (3/1662 حد 1150) من طريق إسحاق بن إبراهيم , أرنا عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي , قال نا عبد الله بن سالم , عن الزبيدي قال , نا حميد بن عبد الله أن عبد الرحمن بن ابي عوف حدثه , أنه سمع عاصم بن حميد , يقول أن أبا ذر ...الحديث
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (39/118) فقال أنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم , أنا أبي , أنا عمرو بن الحارث نا عبد الله بن سالم , عن الزبيدي قال نا حميد بن عبد الله أن عبد الرحمن بن ابي عوف حدثه أنه سمع ابن عبد ربه أنه سمع عاصم بن حميد كان يقول ان أبو ذر
قلت وقد تابع إسحاق بن إبراهيم , عبد الحميد بن إبراهيم الحمصي لكن هذه المتابعة لا تثبت بحال ـــ كما سيأتي إن شاء الله ـــ وذلك فيما أخرجه أبوعاصم في السنة ( الألباني ظلال الجنة 543-544 - الجوابرة 2/770-772 ) من طريق محمد بن عوف ثنا عبد الحميد بن إبراهيم ثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي حدثني حميد أن عبد الرحمن بن أبي عوف حدثه أنه سمع عبد ربه أنه سمع عاصم بن حميد....الحديث
قلت أما رواية إسحاق بن إبراهيم فهي ضعيفة جدا إسنادها تالف
وعمرو بن إسحاق الذي روي عنهابن عساكر الحديث هو ابن وإسحاق بن إبراهيم بن العلاء زبريق قال الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفه " : " لم أعرفه ولم يورده ابن عساكر في " تاريخه " مع أنه على شرطه ". أ.هـ
اما إسحاق بن إبراهيم بن العلاء زبريق فهو ضعيف جدا وثقه يحيى بن معين ، و قال النسائي : " ليس بثقة " وقال أبو داود : " ليس بشيء " وروى الآجري أن أبو داود قال : قال لي ابن عوف : ما أشك أن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق يكذب " , قلت : وابن عوف هذا هو محدث حمص محمد بن عوف الطائي , وقال الحافظ : " صدوق يهم كثيرا ، و أطلق محمد بن عوف أنه يكذب " , وذكره ابن حبان في الثقات , قلت وقد علق البخاري في قيام الليل حديثا للزبيدي هو من رواية اسحاق هذا عن عمرو بن الحارث الحمصي وصله الطبراني وغيره , وقال الألباني رحمه الله " كذبه محدث حمص محمد بن عوف الطائي وهو أعرف بأهل بلده ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) .
وقد إضطراب إسحاق في بيان طريقة تحمله فقد قال كما هو عند الخطيب وابن عساكر " حدثنا عمرو بن الحارث " وقال في الرواية التي أوردها البخاري في التاريخ الكبير " أرنا عمرو" , وأسقط عند الخطيب " ابن عبدربه " فجعله " عن عبد الرحمن بن ابي عوف عن عاصم بن حميد يقول أن أبا ذر " .
أما عمرو بن الحارث بن الضحاك ، فقد أشار الذهبي إلى أنه مجهول ؛ فقال في " الميزان " : " تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم بن زبريق ، و مولاة له اسمها " علوة " ، فهو غير معروف العدالة " ,وقال ابن حجر في " التقريب " : مقبول .
قال الألباني في الضعيفة , لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , إلا أن يكون ( العلاء ) من أجداده ، و هذا مما لم يذكروه .
و حميد بن عبد الله ترجم له الشيخ حمدي السلفي في كلامه علي الحديث في تحقيقه علي مسند الشاميين ( 3/79 ) فقال " ذكره ابن حبان في الثقات وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكروا فيه جرح ولا تعديلا , وذكروا ثلاثة رواة عنه , فهو مجهول الحال علي أقل تقدير ".
قلت : والقول قول الشيخ حفظه الله فقد قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل 3/244/ ترجمة 986 ) حميد بن عبد الله المدني , روى عن: عبد الرحمن بن أبي عوف، ومالك بن أبي رشيد , روى عنه: صفوان بن عمرو، ومحمد بن الوليد الزبيدي، والأحموسي , قال أبوعبدالرحمن : سمعت أبي يقول ذلك " .
عبد الرحمن بن أبي عوف قال المزى فى "تهذيب الكمال" عبد الرحمن بن أبى عوف الجرشى الحمصى ، قاضيها . اهـ .
و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " ، روى له أبو داود ، و النسائى .
قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 6/246 : قال آدم بن أبى إياس فى كتاب " الثواب " له : أخبرنا حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبى عوف ، و كان قد أدرك النبى صلى الله عليه وآله وسلم . فذكر حديثا .
و ذكره ابن مندة فى " الصحابة " ، و قال أبو نعيم : هو من تابعى أهل الشام ، و قال العجلى : شامى تابعى ثقة ، و قال ابن القطان : مجهول الحال . اهـ .
وقال الحافظ فى "تقريب التهذيب" ص / 348 : يقال : أدرك النبى صلى الله عليه وسلم . اهـ .
أما عن " ابن عبدربه " فقد قال فيه ابن أبي حاتم ( الجرح والتعديل 3/244/ ترجمة 986 ) ابن عبدربه الشامي (السلمي) روى عن عاصم بن حميد عن ابى ذر روى عنه عبد الرحمن بن ابى عوف سمعت ابى يقول ذلك .أ.هـ
والبخاري في التاريخ الكبير ( 8/442/3635 ) عندما ترجم له قال "ابن عبد ربه" : " قال لنا اسحاق بن ابراهيم , ارنا عمر و ابن الحارث بن الضحاك الزبيدي قال , نا عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال , نا حميد بن عبد الله , ان عبد الرحمن بن أبي عوف حدثه انه سمع , ابن عبد ربه انه سمع , عاصم بن حميد قال كان أبو ذر يقول التمست "... الحديث .
أماعاصم بن حميد هذا فهو مجهول لا يعلم , لكن هناك رجلان إسمهم (عاصم بن حميد) فقد قال المزى فى "تهذيب الكمال" : عاصم بن حميد السكونى الحمصى ، من أصحاب معاذ بن جبل , قال الدارقطنى : ثقة , و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " , روى له أبو داود ، و الترمذى فى " الشمائل " ، و النسائى ، و ابن ماجة . أ.هـ
قال الحافظ فى " تهذيب التهذيب " : و قال البزار : روى عن معاذ و لا أعلمه سمع منه ، و عن عوف بن مالك ، و لم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه , و قال ابن القطان : لا نعرف أنه ثقة . انتهى .
والثاني هو عاصم بن حميد الحناط , قال أبو زرعة : ثقة , و قال عنه أبو حاتم : شيخ , وقال الحافظ صدوق . قلت : وليس يترجح أنه واحد منهم بل في القلب أنه ملفق وإسحاق متهم بالكذب . والله أعلم .
أما رواية عبد الحميد بن إبراهيم فهى ضعيفة جدا
فهذا أسناد ضعيف , وعبد الحميد بن ابراهيم الحضرمي هو الحمصى أبو تقى روى عن عبد الله بن سالم صاحب محمد بن الوليد الزبيدى روى عنه محمد بن عوف .
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ( ص 8 / ج 6 / مصورة دار الكتب العلمية ) " سألت محمد بن عوف الحمصى عنه فقال : كان شيخا ضريرا لا يحفظ وكنا نكتب من نسخه الذى كان عند إسحاق ابن زبريق لإبن سالم فنحمله إليه ونلقنه فكان لا يحفظ الإسناد ويحفظ بعض المتن فيحدثنا وانما حملنا الكتاب عنه شهوة الحديث، وكان إذا حدث عنه محمد بن عوف قال وجدت في كتاب ابن سالم ثنا به أبو تقى" ، ثم قال ابن أبي حاتم "سمعت أبى ذكرلى أبو تقى عبد الحميد بن ابراهيم فقال كان في بعض قرى حمص فلم اخرج إليه وكان ذكر أنه سمع كتب عبد الله بن سالم عن الزبيدى الا انها ذهبت كتبه فقال لا احفظها فارادوا ان يعرضوا عليه فقال لا احفظفلم يزالوا به حتى لان ثم قدمت حمص بعد ذلك باكثر من ثلاثين سنة فإذا قوم يروون عنه هذا الكتاب وقالوا عرض عليه كتاب ابن زبريق ولقنوه فحدثهم بهذا وليس هذا عندي بشئ رجل لا يحفظ وليس عنده كتب" . اهــ
قال البرزعي " ذاكرت أبا ذرعة بشئ عن محمد بن عوف عن عبد الحميد بن إبراهيم أبي التقي عن عبدالله بن سالم عن الزبيدي فنسبه إلي أمر غليظ ثم قال لي : محمد بن عوف يحدث عنه ؟ قلت نعم , فاستعظم ذاك جدا ثم قال : هو نهاني عنه ولم يدعني أقربه ونسبه إلي ما أعلمتك ثم هو يحدث عنه , ما هذا بحسن " . ( سؤالات البرزعي تحقيق الدكتور سعدي الهاشمي المجلد الثانى صــ 705 ،706 )
قلت : وبه فلا تصلح رواية عبد الحميد بن إبراهيم الحمصى هذه كمتابعة لرواية إسحاق بن إبراهيم فإنها هي عينها رواية إسحاق ولم يسمع عبد الحميد من عبد الله بن سالم هذا الحديث بل أدخلت عليه كما روي ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن محمد بن عوف ــ قد سبق النقل قريبا ــ وإسحاق إضطرب فيه فحدث به بإسنادين هذا أحدهما والثاني قال "عن الوليد بن عبد الرحمن , عن جبير بن نفير , عن أبي ذر " وهو عند البزار في مسنده " البحر الزخار" وقد سبق الكلام عنه , من هذا يتضح أن إسحاق إختلق هذا الإسناد إختلاقا وصدق فيه قول محدث حمص محمد بن عوف الطائي - وهو أعرف به فهو بلديه كما قال الشيخ الألباني - رحمه الله , والله أعلم .
وقد صحح الحديث بهذا الإسناد في ظلال الجنة ــ وقد نسب تخرج كل أحاديثه للألباني رحمه الله وهو تدليس كما سيأتي بيانه إن شاء الله ــ (2/543-544 ط الأولي) .
فقال : (( حديث صحيح ورجال إسناده ثقات غير عبد الحميد بن إبراهيم وهو أبو تقي فيه ضعف من قبل حفظه , ولكنه قد توبع . وعبد ربه : الظاهر أنه ابن سعيد الأنصاري المدني مات سنة (140) , فإن كان كذلك فهو من رواية الأكابرعن الأصاغر فإن حميد بن عبد الرحمن بن أبي عوف ــ وهو أبو عثمان المدني ــ مات سنة (95) وقيل (105) .
والحديث أورده الهيثمي (5/179) من حديث أبي ذر أيضا وزاد في أخره :
"قال الزهري : هي الخلافة التي أعطاها الله أبا بكر وعمر وعثمان " . وقال : " ورواه الطبراني في "الأوسط" وفيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف وله طريق أحسن من هذا في " علامات النبوة" وإسناده صحيح , وليس فيها قول الزهري في الخلافة" .
وأورده في المكان الذي أشار إليه (8/298-299) من طريق سويد بن يزيد عن أبي ذر به أتم منه وقال: "رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما ثقات وفي بعضهم ضعف , وزاد في أحد طريقيه : يسمع تسبيحهن من في الحلقة في كل واحد , ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا " .)) أ.هــ
قلت : وأورده جازما بصحته الشيخ محمد بن عبد الملك الزغبي في (صحيح معجزات النبي صلي الله عليه وسلم ص 62) ناقلا تصحيح الحديث عن (ظلال الجنة) ونسبا تصحيحه للشيخ الألباني رحمه الله .
قال الشيخ حمدي السلفي في كلامه علي الحديث في تحقيقه علي مسند الشاميين ( 3/79 ) " ووهم شيخنا ( الشيخ الألبانى رحمه الله ) في تخريج أحاديث السنة حينما قال : فإن حميد بن عبد الرحمن أبي عوف – وهو أبوعثمان المدني – إلي أخر ما قال , فإنه أشتبه عليه حميد ابن عبدالله بحميد بن عبدالرحمن حيث في السنة حدثني حميد أن عبدالرحمن ابن أبي عوف وفي المخطوطتين " ابن عبد ربه " . أ.هــ
قلت : أما قول الشيخ حمدي حفظه الله أنه وهم فهو كذلك فقد وهم المحقق والتبس عليه " حميد أن عبد الرحمن " فظنها " حميد بن عبد الرحمن " , وحميد هو ابن عبد الله المدني كما بينا , وقد صرح بإسم أبيه في رواية الطبراني في " مسند الشاميين " و البخاري قي " التاريخ الكبير " حيث قالا " حميد بن عبد الله " وهناك وهم أخر في إسناد الظلال في إسم " ابن عبد ربه " , فقد جعله " عبد ربه " فجاء الوهم في نسبته كما سبق النقل في تخريج الظلال ، وتابعه علي ذلك الشيخ الجوابرة حفظه الله ــ قلت ولا أدري أكان الوهم من من قام بإتمام تحقيق الظلال وتابعه الشيخ الجوابرة عليه أم انه كذلك في مخطوط السنة لابن أبي عاصم فعليه يكون الوهم من الناسخ أو المصنف , والعلم عند الله .
وقد ترجم البخاري لإبن عبد ربه في (التاريخ الكبير) , وكذا ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) , وقال الشيخ حمدي السلفي في تحقيقه علي مسند الشاميين " إنه (في المخطوطتين) ابن عبد ربه " قلت : يعني الشيخ المخطوطتين اللتين أعتمدهن في تحقيقه لمسند الشاميين .
لكن فرية إلصاق هذا الوهم بالشيخ الألباني ــ طيب الله ثراه ــ لا تقبل فقد صرح الشيخ محمد بن عيد العباسي حفظه الله وهو أحد تلامذة الشيخ الألباني الملازمين له ( إن لم يكن أكثرهم ملازمة وصحبة له رحمه الله ) , في كلامه عن تحقيقات شيخه حيث قال " كما خرج جزءا من كتاب "السنة لابن أبي عاصم" في موضوع العقيدة وعدد الأحاديث التي خرجها منه (1208) وحدثت معوقات لم تيسر تحقيق باقي الكتاب" . أ.هــ
وهو الحق الذي لا مرية فيه , فالناظر بعين الإنصاف لهذا التحقيق ليجد أن بعض تخريجات أحاديث الكتاب هزيلة ولا تشبه كلام الشيخ رحمه الله وهو المعروف عنه طول نفسه ورسوخ قدمه في هذا الفن وتوسعه في تخريجاته التي يجد بها طلاب العلم منجم فوائد لا ينضب, وإنني لا أقف هنا موقف المادح للشيخ رحمه الله المثني علي علمه وجلال قدره في فن ندر أهله بل والمنتسبين له علي غير علم , وقد أثني عليه عيون فضلاء هذا الزمان أمثال الشيخ ابن باز والشيخ ابن العثيمين رحم الله الجميع وسواهم كثير فإن الشيخ الألباني فوق محل الشمس رتبته , وهذه التخريجات الهزيلة والتي لا تشبه كلامه رحمه الله بل إنها تنافيه ــ فيسميه البطالون تعارض في كلامه ــ قام بعض طلاب العلم والمشايخ الفضلاء بحسن نية وبغرض النصيحة في الله أمثال الشيخ حمدى السلفي في " مسند الشاميين " و الشيخ الدكتور باسم الجوابرة في تحقيقه " للسنة لابن أبي عاصم " , بتتبع هذه التخريجات المنسوبه للشيخ كما علمنا من كلام تلميذ الشيخ ظنا منهم أنها من كلامه رحمه الله , هذا وترى غير هؤلاء الأفاضل من من هم دونهم في العلم والفضل يخرجون ما في صدورهم علي الإمام من الحسدوالبغض يقتاتون علي فتات مائدته فينظرون في تلك الأخطاء وأمثالها فيهولنها فيها وإن أعطوها قدرها ما اضطررت لتسويد تلك السطور , و أتمثل مقالة الشيخ رحمه الله تعالى حيث قال " لكن هذا يوافق لدي المبتدعة شهوة يعالجون بها كمد الحسرة من ظهور أهل السنة ولهم فى الإيذاء وقائع مشهوده على مرالتاريخ لكنها تنتهي بخذلانهم والله الموفق ( الصحيحة 6/ 5،6 ) , فها هو أبو مروان السوداني في " الجهر والأعلان ص 25 " يهرف بما لا يعرف ويصول ويجول حيث يقول بعد أن ذكر إسنادا مثل إسنادنا هذا وقد صححه من أكمل تحقيق الألباني في الظلال " فهذا من أوهامه ـــ يقصد الشيخ الألباني رحمه الله ــ وأغلاطه المنثورة في مصنفاته ’ ثم قال معقبا في الحاشية , وقد تتبعها كثير من الباحثين وصنفوا فيها , ولم يبلغوا أخرها , وبعضهم قد تحمل شيئا , ولا يخلو كتاب من فائدة " .أ.هــ
قلت : عفا الله عنك, أما خطئ الألباني فوارد فهو بشر فلا نقول أنه معصوم لايخطئ ولكن ليست تلك التي نسبتها إليه من صنعه كما بينا ثم أن أخطائه رحمه في مصنفاته ليست بالكم الذي وصفت , فإن لم يكن قولك هذا تهويلا ونفخا فكيف هو التهويل إذا ؟ فالكل يعلم أن الألباني رحمه الله قد قدم لنا كم هائل من الأثار وقام بتحقيق الكثيرمن متون السنة المطهره ففرق الله به بين الصحيح والضعيف فلا تكاد تري كتاب عني بهذا الفن الا كان فيه أثرة من كلامه أو نقلا عنه تصحيحا وتضعيفا وبيان وتعريفا , فتلك الأخطاء التي وقعت للشيخ مغمورة في بحر علمه ولا تمثل في مصنفاته الا كما تمثل القطرة من البحر وذرة الرمل في الفلاة وكما قيل كفي بالمرء نبلا ان تعد معايبه ، لكن الإنصاف عزيز .
و كما قلت فإن الذي يعرف الشيخ ويخبر أسلوبه في تخريجه ليري ذلك واضحا جليا كالشمس في وضح النهار , وإن قال قائل ما دليلك علي ما تقول غير كلام الشيخ محمد عيد العباسي ؟ قلت : لسوف ألقمك الأن حجرا وأرميك بثالثة الأثافي فدليلي من كلام الشيخ الألباني نفسه وهو الكلام المبثوث في كتبه و مصنفاته ونظرا لان المجال هنا لايسمح لنا بالتوسع وذلك لمتابعة كلامنا عل الحديث موضع البحث فقد جعلت هذا الجمع لنماذج وأمثلة من صنيع الشيخ وأتخذت من حديث "إسحاق بن إبراهيم عن عمرو بن الحارث" أنموذجا لسبر ومعرفة حكم الإمام علي إسناد فيه هذين الرجلين , كما أنهم رجال الإسناد الذي تتبعه فيه الشيخيين الجليلين حمدي السلفي وباسم الجوابرة أثابهم الله , و في مثله تتبعه الشيخ أبو مروان السوداني عفا الله عنه , فجعلت ذلك في ملحق خاص علي هذا البحث فأنظره لزاما .
وإنني وإن كنت أذب عن الشيخ رحمه الله , فإني لا أنفي عنه مطلق الخطأ فإن الخطأ صفة ملازمة للبشر وقد صرح الشيخ نفسه بذلك في مقدمات بعض مصنفاته , وهو الحق , وقد تتبع الشيخ رحمه الله وخالفه ورد عليه أشد تلامذته إجلالا له وأكثرهم معرفة لقدره وإنتهاجا لنهجه , فأعلم يا رعاك الله .
وإن المطالع للكلام السابق من محقق الحديث في الظلال ومحاولاته إقامة أسناده ولا ساق له وتصحيحه دون أثرة من دليل إلا الظن "وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتبِعُونَ إِلاالظن وَإِن الظن لَا يُغْنِيمِنَ الْحَق شَيْئا" (النجم:2 وليس في ساحة هذا الفن مجالا للظن بل أن المحقق النحرير يطلب العلة في الآثر ما أستطاع فإن لم يجد علة ظاهرة كأنقطاع أو ما شابه نظر في وجود علة خفية إذا فالاصل التأكد من خلوه من العله لا محاوله إقامته وتكلف ذلك وتعنيه وتكبد مشقة التأويل والأفتراض والظن وكما سبق ليس لهذا كله علاقة بهذا الفن .
و غريب قول الشيخ الدكتور باسم بن فيصل الجوابرة حفظه الله , في تخريجه علي السنه (2/770-772) فقد علق علي الحديث قائلا : " حديث صحيح , إسناده ضعيف . فيه عبد الحميد بن إبراهيم أبوتقي فيه ضعف من قبل حفظه .
وحميد هو ابن عبدالله كما جاء به مصرحا في مسند الشاميين مجهول , قال الشيخ حمدي السلفي في تعليقه علي مسند الشاميين : عبد الرحمن يقال أدرك النبي ( صلي الله عليه وسلم ) , وعبد ربه بن سعيد مات سنة 139هــ فيبعد أن يكون عبد الرحمن روي عنه وإن لم نكن نعلم تاريخ ولادة عبد ربه بن سعيد ووفاة عبد الرحمن ابن أبي عوف " أ.هــ
ثم قال بعد تخريج الحديث من طريق قريش بن أنس , عن صالح بن أبي الأخضر , قال " قلت : فيه صالح بن أبي الأخضر ضعيف , وفيه قريش بن أنس مجهول ". أ.هــ
قلت : أما الحديث فقد ضعفه كبار الحفاظ كالبخاري والدارقطني والعراقي وابن حجر كما قد سلف من كلامهم رحمهم الله , كذلك ضعفه ابن الجوزي رحمه الله في العلل , فأني له الصحة ؟ .
أما قوله : " و حميد هو ابن عبدالله كما جاء به مصرحا في مسند الشاميين مجهول " . – كذا قال الشيخ عفا الله عنه ــ قلت بل هو مجهول حال فقط كما قال الشيخ حمدي السلفي حفظه الله أما جهالة عينه فلا وهو المراد عند إطلاق لفظة الجهاله , فقد خرج عن حدها برواية أولئك الذين ذكرهم ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/244/ ت 986) حيث قال حميد بن عبد الله المدني , روى عن: عبد الرحمن بن أبي عوف، ومالك بن أبي رشيد , روى عنه: صفوان بن عمرو، ومحمد بن الوليد الزبيدي، والأحموسي , قال أبوعبدالرحمن : سمعت أبي يقول ذلك " .
وقال الشيخ حمدي السلفي حفظه الله في كلامه علي الحديث في تحقيقه علي مسند الشاميين ( 3/79 ) فقال " ذكره ابن حبان في الثقات وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكروا فيه جرح ولا تعديلا , وذكروا ثلاثة رواة عنه , فهو مجهول الحال علي أقل تقدير ".
وأما عن تجهيل الشيخ حفظه الله لقريش فعجيب فقريش بن أنس هو الأنصاري قال البخاري " أختلط ست سنين في البيت" , أبو أنس، بصري.
يقال إنه تغير عقله وكان سنة ثنتين ومئتين صحيح العقل، ومات سنة ثمان ومئتين , وقال ابن أبي حاتم رحمهما الله تعالى : سمعت أبي يقول: قال علي بن المديني: كان قريش بن أنس ثقة , وقال: سئل أبي عن قريش بن أنس فقال لا بأس به" , وقال أبو داود كما في ( سؤالات الأجري ) : " قريش تغير" , و قال النسائى : ثقة , قال ابن حبان " قريش أختلط ، فظهر فى حديثه مناكير فلم يجز الاحتجاج بأفراده "أ.هـ قلت وهو عين الإنصاف, قال الحافظ في التقريب "صدوق تغير بأخره قدر ست سنين " ,وقد روى له الجماعة سوى ابن ماجة .
قلت : كيف يكون " مجهولا " مع كل ما سبق من كلام الأئمة عنه ؟ لو قال الشيخ " لم أجد له ترجمة " أو " لا أعرفه " , والله أعلم . (2)
============================== ==================== ====
(1) وأحب أن أنوه بأنني قد راسلت الشيخ محمد عيد العباسي حفظه الله وقد أستحسن البحث وصدق كلام العبد وأشار بالإذاعه
(2) مع ملاحظة أن الطبعة التي بين يدي هي الطبعة الأولي وقد صدر من الكتاب غيرها طبعتان فعسي الشيخ أن يكون قد تراجع عن كلامه هذا في إحداهن