تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 22

الموضوع: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

  1. #1

    افتراضي ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟مثال ذلك من يتعلم أي علم دنيوي لأجل يحقق احترامه بين الناس ولأجل تكون له وجاهه ونحو ذلك , ومن الأمثلة أيضاً من يعمل الخير للناس ويكرمهم ليقال كريم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    555

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ " رواه مسلمأقل شئ أن يؤتى يوم القيامة وقد أخذ اجره من تلك الأعمال في الدنيا لكن يتبقى الرياء فيحاسبه الله عليه..

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    555

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    أخي عبد العزيز هذا الحديث فيه حاجتك وما تريد..إقرأ الحديث والحاشية عليه حتى تكتمل الفائدة..:43 - بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ اسْتَحَقَّ النَّارَ: - (1905) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ "،..رواه مسلم رحمه الله__________[شرح محمد فؤاد عبد الباقي](قوله صلى الله عليه وسلم في الغازي والعالم والجواد وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله وإدخالهم النار - دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال الله تعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا)]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    555

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    ففعله للخير أخذ عليه أجره في الدنيا..لكن تبقى الرياء والسمعة والوجاهة وهذا حق الله فيه أن يشاء عاقبه أو أعفاه..لكن هنا عاقبة الله..

  5. #5

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    جزاك الله خير على تفاعلك , وبالنسبة للموضوع المطروح فلا يخفى على طالب علم أن الأعمال التعبدية والأخروية كطلب العلم الشرعي هي من الأعمال التي لا يجوز صرفها لأحد إلا لله وهذا متفق عليه ولكن هنالك من الأعمال الدنيوية التي لا يجب صرفها لله , نعم الأولى والأفضل أن تحتسب كل شيء لله لكن نحن نتكلم عن أصل الجواز من عدمه , وفي الحديث الذي أشرتم إليه الجواب على المسألة المطروحة , ولكن يبقى السؤال هل لو أكرمت أهلي وعشيرتي ونحو ذلك لا لأجل التقرب لله ولكن لأجل إكرامهم ولأجل أن أحظى باحترامهم , هل يحرم ذلك ؟ أعتقد أن المسألة تحتاج إلى مزيد من التدبر , وياليت أحد الأخوة ممن يطلع على الموضوع وعنده علم في هذه المسألة أن يشاركنا .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    555

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    لا بالتأكيد فهذة الأخيرة لا تدخل في هذا الشرك..وذلك لإن عملك هذا يبتغى للمصلحة وهي الخلق الحسن والبر للأرحام..

  7. #7

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    أجابني المشرف العام على شبكة بداية المجتهد وقال :
    الجواب :
    الحمد لله :
    العمل الدنيوي نوعان رئيسان:
    النوع الاول :
    العمل الدنيوي الذي يقصد به شيء مباح يقسم الى قسمين :
    الاول : ان يكون نفعه قاصرا على الشخص فهذا حكمه الاباحة ولا اجر له في الاخرة.
    الثاني: ان يكون نفعه متعديا الى الاخرين فهذا حكمه الاباحة واما الاجر في الاخرة فهذا فيه قولان ، قيل يؤجر عليه لان العمل المتعدي نفعه لايحتاج الى نية وقيل لايؤجر لانه لابد من النية.
    النوع الثاني:
    العمل الدنيوي الذي يقصد به التوصل الى محرم او مكروه او مستحب فهذا محروم او مكروه او مستحب لان الوسائل لها احكام المقاصد.
    والله اعلم...انتهى .

  8. #8

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    هل من إضافة على ماتقدم ؟

  9. #9

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    رابط مهم قد يثري الموضوع :
    http://www.bdayt-m.com/vb/showthread.php?t=1799

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    951

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    إجابة الشيخ عبدالعزيز الراجحي :
    http://ar.labs.islamway.net/fatwa/14588
    ============================== ===
    لسؤال: هل يدخل الرياء في الأعمال الدنيوية؟ وهل يحاسب عليه؟
    الإجابة: الأعمال الدنيوية! ما يقال إنها يدخلها الرياء، يدخل في العبادات، الأعمال الدنيوية الأمور المباحة من الأكل والشرب والنوم، مثل المساكن كالمراكب الخاصة، إلا إذا قيل: إنه أراد بها المباهاة أو الإسراف، شيء آخر، المقصود أن الرياء إنما يكون في الأعمال في العبادات.

  11. #11

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    منقول من مركز الفتوى إسلام ويب :

    هل الإخلاص في طلب العلم له أجر، وهل الإخلاص في طلب العلم واجب، علما أنني أدرس الآن في الطب أول سنة لي أريد أن أبدأها بإخلاص لله تعالى بعزم مني إن شاء الله ؟
    أرجو منكم إجابتي وجزاكم الله خيرا ونفع بكم الإسلام والمسلمين .
    الإجابــة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    فلا شك أن الإخلاص في طلب العلم سواء كان علما شرعيا أو دنيويا نافعا من أعظم العبادات ويؤجر عليه المتعلم، وأما هل يجب الإخلاص في طلب العلم فإن كان العلم المطلوب علما شرعيا فيجب الإخلاص فيه لله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها . رواه أحمد وأبو داود واللفظ له . وقال صلى الله عليه وسلم: من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار . رواه الترمذي وحسنه الألباني، وانظر الفتوى رقم: 52210 ، والفتوى رقم: 72508 .
    وأما العلوم الدنيوية كالرياضيات والطب والهندسة فلا مانع للمرء من طلبها ابتداء لنيل وظيفة أو مال أو مكانة، لكنه إذا أخلص لله تعالى أثيب بقدر إخلاصه، فإن النية تجعل العمل المباح عبادة، ويجب الإخلاص لله تعالى في هذه العلوم الدنيوية في حق من صارت فرض عين عليه . وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم : 40763 ، والفتوى رقم: 68144 .
    والله أعلم .انتهى .

    قلتُ : وأما حب إبراز النفس والتفوق النفضي لاحتقار المسلمين وغمطهم فهو مذموم ولو كان في الأمور الدنيوية لأن العبد مطالب بالتواضع، وعلى قدر تواضعه تكون رفعته ومنزلته عند الله تعالى، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد.

    وقد حث الشرع على التواضع ورغب فيه وحذر من التكبر وزجر عنه، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مالٍ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. وفي المسند وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تواضع لله درجة يرفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى عليين، ومن يتكبر على الله درجة يضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل سافلين.

    وعلى هذا فالوعيد إنما جاء في من تعلم شيئا من العلوم الشرعية التي يبتغى بها وجه الله لينال بها الدنيا، أو الشهرة، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة.
    يعني ريحها.
    صححه الألباني.
    قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح رياض الصالحين: العلوم تنقسم إلى قسمين:
    قسم يراد به وجه الله: وهو العلوم الشرعية.
    وقسم آخر ـ علم الدنيا: كعلم الهندسة والبناء والميكانيكا وما أشبه ذلك.
    فأما الثاني ـ علم الدنيا ـ فلا بأس أن يطلب الإنسان به عرض الدنيا يتعلم الهندسة ليكون مهندسا يأخذ راتبا وأجرة، ويتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكيا يعمل ويكدح وينوي الدنيا، هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلم لكان ذلك خيرا له وينال بذلك الدين والدنيا.
    والله أعلم.

  12. #12

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    منقول http://www.bdayt-m.com/vb/showthread.php?t=1799
    جاء في سلسلة أعمال القلوب

    ماذا قال بعض العلماء في الإخلاص..؟

    قال إبراهيم بن أدهم: ما صدق الله عبداً أحب الشهرة.
    قال بعضهم: ينبغي للعالم أن يتحدث بنية وحسن قصد، فإن أعجبه كلامه فليصمت وإن أعجبه الصمت فلينطق. فإن خشي المدح فليصمت ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء.
    سُئِل سهل بن عبد الله التستوري : أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب. فمع الإخلاص تنسى حظوظ النفس.
    قال سفيان: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي إنها تنقلب علي. إذا أراد أن يجاهد نفسه يجد تقلبات، ولا يدري أهو في إخلاص أم رياء، وهذا طبيعي أن يشعر أنه في صراع لا تسلم له نفسه دائماً فهو يتعرض لهجمات من الشيطان ، والنفس الأمارة بالسوء، وهذا فيه خير، أما من اطمأنت نفسه بحاله فهذه هي المشكلة.
    قال ابن يحيى بن أبي كثير: تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل.
    قال الزبيد اليامي: إني أحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب.
    عن داود الطائي : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية وكفاك به خيراً وإن لم تنضب. أي حتى وإن لم تتعب فإن ما حصلته من اجتماع نفسك لله وإخراج حظوظ النفس من قلبك ، هذا أمر عظيم.
    أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما سبق الناس بأنه كان أكثرهم صلاة وصيام بل بشيء وقر في قلبه.
    قال داود: البر همة التقي، ولو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا لردته يوماً نيته إلى أصلها.
    قال يوسف بن أسباط: تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد.
    قيل لنافع بن جبير : ألا تشهد الجنازة فقال: كما أنت حتى أنوي. أي انتظر حتى أجاهد نفسي.
    قال الفضيل: إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك.
    ومن أصلح الله سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح ما بينه وما بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله في صفحات وجهه وفلتات لسانه.
    والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته ومن شاهد في إخلاصه الإخلاص فإن إخلاصه يحتاج إلى إخلاص.

    ومما قيل في الإخلاص:

    - نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
    - إفراد الحق سبحانه بالقصد والطاعة.
    - استواء عمل الظاهر والباطن.
    - من تزين للناس فيما ليس منه سقط من عين الله.
    - إنه سر بين الله والعبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده والله قد يعلم الملائكة ما يشاء من أحوال العبد.
    - الإخلاص أن لا تطلب على عملك شاهداً إلا الله، وإذا داوم عليه الإنسان رزقه الله الحكمة.
    قال مكحول: ما أخلص عبد قط أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
    قال أبو سليمان الداراني: إذا أخلص العبد انقطع عنه كثرة الوساوس والرياء.
    كان السلف يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا يعلم عنها زوجة ولا غيرها. وأعز شيء في الدنيا الإخلاص.
    يقول يوسف بن الحسين: كم أجتهد في إسقاط الرياء من قلبي فينبت لي على لون آخر.
    وكان من دعاء مطرف بن عبدالله: اللهم إني أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أفِ لك به، وأستغفرك مما زعمت أنني أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمته.

    تبيهات في مسألة الإخلاص

    1- متى يكون إظهار العمل مشروعاً؟

    قال ابن قدامة: {فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات} قال: وفي الإظهار فائدة الإقتداء، ومن الأعمال ما لا يمكن الإسرار به كالحج والجهاد، والمظهر للعمل ينبغي أن يراقب قلبه حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي بل ينوي الإقتداء به {إذاً ينبغي أن نحسن نياتنا في الأعمال المظهرة لندفع الرياء وننوي الإقتداء لنأخذ الأجر}، قال ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك، ومثل الذي يظهره وهو ضعيف كمثل إنسان سباحته ضعيفة فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم فأقبل إليهم فتشبثوا به وغرقوا جميعاً.
    المسألة فيها تفصيل:
    - الأعمال التي من السنة أن يكون عملها سرّاً يسرّ.
    - الأعمال التي من السنة أن يظهرها يظهرها.
    - الأعمال التي من الممكن أن يسرها أو يظهرها، فإن كان قوياً يتحمل مدح الناس وذمهم فإنه يظهرها وإن كان لا يقوى فيخفي، فإذا قويت نفسه فلا بأس في الإظهار لأن الترغيب في الإظهار خير.
    ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يظهرون بعض أعمالهم الشريفة ليقتدى بهم كما قال بعضهم لأهله حين الاحتضار (( لا تبكوا علي فإني ما لفظت سيئة منذ أسلمت)).
    قال أبو بكر بن عياش لولده (( يا بني إياك أن تعصي الله في هذه الغرفة فإني ختمت القرآن فيها اثنتا عشرة ألف ختمة)) من أجل موعظة الولد، فمن الممكن أن يظهر المرء أشياء لأناس معينين مع بقاء الإخلاص في عمله لقصد صالح.
    2- ترك العمل خوف الرياء، وهذا منزلق كشفه الفضيل بن عياض: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما. قال النووي: من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مرائي" لأنه ترك لأجل الناس" لكن لو ترك العمل ليفعله في الخفاء. فمن ترك العمل بالكلية وقع في الرياء، وكذلك من كان يستحب في حقه إظهار العمل فليظهره كأن يكون عاملاً يقتدى به أو أن العمل الذي يعمله المشروع فيه الإظهار.
    3- أن من دعا إلى كتم جميع الأعمال الصالحة من جميع الناس ؛ هذا إنسان خبيث وقصده إماتة الإسلام، لذلك المنافقون إذا رؤوا أمر خير وسموه بالرياء، فهدفهم تخريب نوايا المسلمين وأن لا يظهر في المجتمع عمل صالح، فهؤلاء ينكرون على أهل الدين والخير إذا رؤوا أمراً مشروعاً مظهراً خصوصاً إذا أظهر عمل خير معرض للأذى فيظهره احتسابا لإظهار الخير فيستهدفه هؤلاء المنافقون فليصبر على إظهاره ما دام لله ، قال تعالى: (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم)).

    ينبغي أن نفرق بين الرياء ومطلق التشريك في العمل، فمتى يبطل العمل ؟ إذا حصل تشريك فيه ، ومتى يأثم ؟ ومتى لا يأثم؟
    1- أن يعمل لله ولا يلتفت إلى شيء آخر ( أعلى المراتب).
    2- أن يعمل لله ويلتفت إلى أمر يجوز الالتفات إليه ، مثل رجل صام مع نية الصيام لله أراد حفظ صحته، ورجل نوى الحج والتجارة، ورجل جاهد ونظر إلى مغانم، ورجل مشى إلى المسجد وقصد الرياضة، ورجل حضر الجماعة لإثبات عدالته وأن لا يتهم، فهذا لا يبطل الأعمال ولكن ينقص من أجرهاـ والأفضل أن لا تكون موجودة ولا مشركة في العمل ولا داخلة فيه أصلاً.
    3- أن يلتفت إلى أمر لا يجوز الالتفات إليه من الرياء والسمعة وحمد الناس طلباً للثناء ونحو ذلك:
    أ*- إذا كان في أصل العمل فإنه يبطله كأن يصلي الرجل لأجل الناس.
    ب*- أن يعرض له خاطر الرياء أثناء العمل فيدافعه ويجاهده، فعمله صحيح وله أجر على جهاده.
    جـ - أن يطرأ عليه الرياء أثناء العمل ولا يدافعه و يستمر معه وهذا يبطل العمل.
    4- أن يكون عمله الصالح للدنيا فقط، فيصوم لأجل الحمية والرجيم ولا يطلب الأجر، ويحج للتجارة فقط، ويخرج زكاة أموال لتنمو، ويخرج للجهاد للغنيمة ، فهؤلاء أعمالهم باطلة (( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما يشاء لمن يريد ثم جعلنا له جهنم))، (( أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها)).
    5- أن يكون عمله رياءً محضاً، وبالرياء يحبط العمل بل ويأثم به الإنسان، لأن هناك أشياء تبطل العمل ولا يأثم صاحبها كخروج ريح أثناء الصلاة، ومن الناس من يرائي في الفتوى للأغنياء والوجهاء وقد يكون لضعفه أمامهم ، فقال بعض السلف: (( إذا رأيت العالم على أبواب الغنى والسلطان فاعلم أنه لص)) ، أما الذي يذهب لقصد الإنكار والخير فلهو ما نوى.
    هناك أشياء تظن من الرياء وليست منه :
    - إذا حمدك الناس على الخير بدون قصد فهذا عاجل بشرى المؤمنين.
    - رجل رأى العابدين فنشط للعبادة لرؤيته من هو أنشط منه.
    - تحسين وتجميل الثياب والنعل وطيب المظهر والرائحة.
    - كتم الذنوب وعدم التحدث بها ، فبعض الناس يظن أنك حتى تكون مخلصاً لابد من الإخبار بالذنوب، نحن مطالبون شرعاً بالستر، وكتم الذنوب ليس رياءً بل هو مما يحبّه الله، بل إن ظن غير ذلك تلبيس من الشيطان وإشاعة للفاحشة وفضح للنفس.
    - اكتساب شهرة بغير طلبها، كعالم اشتهر وقصده منفعة الناس و بيان الحق ومحاربة الباطل والرد على الشبهات ونشر دين الله، فإن كانت هذه الأعمال وجاءت الشهرة تبعاً لها وليست مقصداً أصلياً فليس من الرياء.
    - ليس من الرياء أن يشتهر المرء ولكن الشهرة يمكن أن توقع في الرياء!!
    علامات الإخلاص

    1- الحماس للعمل للدين.
    2- أن يكون عمل السر أكبر من عمل العلانية.
    3- المبادرة للعمل واحتساب الأجر.
    4- الصبر والتحمل وعدم التشكي.
    5- الحرص على إخفاء العمل.
    6- إتقان العمل في السر.
    7- الإكثار من العمل في السر.

  13. #13

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    إضافة :
    إخلاص النية بالتقرب لله غير واجبة في أمور المعاملات وأمور الدنيا , ولكن إذا أخلص العبد أثابه الله مثال ذلك لو درس دراسة لأحد الأقسام العلمية الدنيوية وأصبح مدرس من أجل الوظيفة والمال فلا شيء عليه , أما لو درس دراسة لأحد الأقسام العلمية الدنيوية وأصبح مدرس من أجل نفع المسلمين تقرباً لله فلا شك أنه مأجور , أما لو أراد الصلاة فلا تصح إلا بنية التقرب إلى الله ولو وقعت منه بغير هذه النية فهو عاص , وتجب التوبة عليه , وعلى هذا فالأعمال التعبدية لا تصح إلا بنية التقرب إلى الله أما الأعمال الأخرى فتصح من غير نية ولكن لو نوى العبد التقرب لله أثابه الله .
    وهذا القدر متفق عليه.
    إضافة منقولة من الأخ الفاضل محب الدين الغريب
    :
    من باب إثراء النقاش :
    من المعلوم ان النية هي القصد ، ومنه اخذت المقاصد ، والنيات لها الحظ الاوفر من مقاصد الشريعة ، وتبحث تحت عنوان : مقاصد المكلف كما تجدونه في الموافقات والتي هي احد اقسام المقاصد.
    وقد كتب الدكتور الاشقر كتابه ( مقاصد المكلفين ) وكان جل اعتماده على الموافقات وموضوعه يدور اساسا على النية وفيه تفاصيل كثيرة مهمة.
    وأيضا لدينا كتاب الامنية في احكام النية للقرافي.
    ========================
    ومن باب الاثراء ايضا :
    لدينا قاعدة مهمة جدا تحل لنا كثيرا من الاشكالات وهي قاعدة :
    التفريق بين المقاصد الاصلية والمقاصد التبعية.
    هذا من شؤون علم مقاصد الشريعة.
    وهو مبحوث بصورة مفصلة في الكتب التي تتكلم عن المقاصد.
    وقاعدة اخرى هي :
    التابع تابع.
    شرحها البورنو بصورة جيدة في كتابه القواعد الفقهية.
    وهذه القواعد تشمل الاشياء المتعلقة بالنيات.
    ومن التطبيقات الفقهية على ذلك :
    ينظر تفسير قوله تعالى : ( ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم ) وما ورد فيه بخصوص النية التبعية مع الحج وللفقهاء تفاصيل في ذلك ينظر تفسير القرطبي على سبيل المثال.
    والله اعلم.

  14. #14

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    جاء في تفسير القرطبي : (..........قوله تعالى : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين

    قوله تعالى : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فيه مسألتان :

    الأولى : قوله تعالى : جناح أي إثم ، وهو اسم ليس . أن تبتغوا في موضع نصبخبر ليس ، أي في أن تبتغوا ، وعلى قول الخليل والكسائي أنها في موضع خفض ، ولما أمر تعالى بتنزيه الحج عن الرفث والفسوق والجدال رخص في التجارة ، المعنى : لا جناح عليكم في أن تبتغوا فضل الله ، وابتغاء الفضل ورد في القرآن بمعنى التجارة ، قال الله تعالى : فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ، والدليل على صحة هذا ما رواه البخاري عن ابن عباس قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج .

    الثانية : إذا ثبت هذا ففي الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة ، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه ، خلافا للفقراء . أما إن الحج دون تجارة أفضل ، لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها . روى الدارقطني في سننه عن أبي أمامة التيمي قال قلت لابن عمر : إني رجل أكري في هذا الوجه ، وإن ناسا يقولون إنه لا حج لك ، فقال ابن عمر : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله مثل هذا الذي سألتني ، فسكت حتى نزلت هذه الآية : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لك حجا . ...انتهى)

    وأنقل لكم ما ورد من نقول مهمة في أحد فتاوي موقع إسلام ويب : (..........قال الجصاص في أحكام القرآن: باب التجارة في الحج قال الله عقيب ذكر الحج، والتزود له: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198}. يعني المخاطبين بأول الآية وهم المأمورون بالتزود للحج وأباح لهم التجارة فيه، وروى أبو يوسف عن العلاء بن السائب عن أبي أمامة قال: قلت لابن عمر: إني رجل أكري الإبل إلى مكة أفيجزي من حجتي؟ قال: ألست تلبي فتقف وترمي الجمار ؟ قلت: بلى. قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل ما سألتني، فلم يجبه حتى أنزل الله هذه الآية: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198}. فقال: أنتم حاج. وقال عمرو بن دينار: قال ابن عباس: كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما كان الإسلام تركوا حتى نزلت: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} في مواسم الحج.اهـ.
    وقال الحطاب في مواهب الجليل: واستحبوا له أيضا أن تكون يده فارغة من التجارة ليكون قلبه مشغولا بما هو بصدده فقط إلا أن ذلك لا يقدح في صحة حجه ولا يأثم به. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ. {البقرة: 198} دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادات وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه... أما الحج دون تجارة فهو أفضل لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها. انتهى. اهـ.
    وقال النووي في المجموع: قال الشافعي والأصحاب: يستحب لقاصد الحج أن يكون متخليا عن التجارة ونحوها في طريقه، فإن خرج بنية الحج والتجارة فحج واتجر صح حجه وسقط عنه فرض الحج، لكن ثوابه دون ثواب المتخلي عن التجارة، وكل هذا لا خلاف فيه. اهـ.
    وقال الخرقي: وللمحرم أن يتجر، ويصنع الصنائع،..
    وقال ابن قدامةفي المغني معلقاً على ذلك: أما التجارة والصناعة فلا نعلم في إباحتهما اختلافا. اهـ..........)

  15. #15

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    جاء في الموسوعة الكويتية :


    حُكْمُ التَّشْرِيكِ :
    3 - التَّشْرِيكُ فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ جَائِزٌ ، وَتَشْرِيكُ غَيْرِ عِبَادَةٍ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ أَوْ تَشْرِيكُ عِبَادَتَيْنِ فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزٌ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي :

    أ - تَشْرِيكُ مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ :
    4 - لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَشْرِيكِ مَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ ، كَالتِّجَارَةِ مَعَ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُل ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُل فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ . . . } (1) وَقَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْحَجِّ أَيْضًا : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ } (2) نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ مَعَ الْحَجِّ . وَالصَّوْمِ مَعَ قَصْدِ الصِّحَّةِ ، وَالْوُضُوءِ مَعَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ ، وَالصَّلاَةِ مَعَ نِيَّةِ دَفْعِ الْغَرِيمِ ؛ لأِنَّ هَذِهِ الأْشْيَاءَ
    تَحْصُل بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَشْرِيكُهَا فِي نِيَّةِ الْعِبَادَةِ ، وَكَالْجِهَادِ مَعَ قَصْدِ حُصُول الْغَنِيمَةِ . (3)
    جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل نَقْلاً عَنْ الْفُرُوقِ لِلْقَرَافِيِّ :
    مَنْ يُجَاهِدُ لِتَحْصِيل طَاعَةِ اللَّهِ بِالْجِهَادِ ، وَلِيَحْصُل لَهُ الْمَال مِنَ الْغَنِيمَةِ ، فَهَذَا لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالإْجْمَاعِ ؛ لأِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ . فَفَرَّقَ بَيْنَ جِهَادِهِ لِيَقُول النَّاسُ : هَذَا شُجَاعٌ ، أَوْ لِيُعَظِّمَهُ الإْمَامُ ، فَيُكْثِرُ عَطَاءَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَال . فَهَذَا وَنَحْوُهُ رِيَاءٌ حَرَامٌ .
    وَبَيْنَ أَنْ يُجَاهِدَ لِتَحْصِيل الْغَنَائِمِ مِنْ جِهَةِ أَمْوَال الْعَدُوِّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ شَرَّكَ .
    وَلاَ يُقَال لِهَذَا رِيَاءٌ ، بِسَبَبِ أَنَّ الرِّيَاءَ أَنْ يَعْمَل لِيَرَاهُ غَيْرُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ . وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءًا لِيَحْصُل لَهُ التَّبَرُّدُ أَوِ التَّنَظُّفُ ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الأْغْرَاضِ لاَ يَدْخُل فِيهَا تَعْظِيمُ الْخَلْقِ ، بَل هِيَ لِتَشْرِيكِ أُمُورٍ مِنَ الْمَصَالِحِ لَيْسَ لَهَا إِدْرَاكٌ ، وَلاَ تَصْلُحُ لِلإْدْرَاكِ وَلاَ لِلتَّعْظِيمِ ، ذَلِكَ لاَ يَقْدَحُ فِي الْعِبَادَاتِ ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْرِيكِ فِيهَا .
    (4)
    وَجَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ : (5) مَنْ نَوَى بِوُضُوئِهِ تَبَرُّدًا أَوْ شَيْئًا يَحْصُل بِدُونِ قَصْدٍ كَتَنَظُّفٍ ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ ( مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ ) أَيْ مُسْتَحْضِرًا عِنْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ نَحْوِهِ نِيَّةَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ ، لِحُصُول ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ ، كَمُصَلٍّ نَوَى الصَّلاَةَ وَدَفْعَ الْغَرِيمِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ ؛ لأِنَّ اشْتِغَالَهُ عَنِ الْغَرِيمِ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ . وَالْقَوْل الثَّانِي يَضُرُّ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّشْرِيكِ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَغَيْرِهَا ، فَإِنْ فَقَدَ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ ، كَأَنْ نَوَى التَّبَرُّدَ أَوْ نَحْوَهُ وَقَدْ غَفَل عَنْهَا ، لَمْ يَصِحَّ غَسْل مَا غَسَلَهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَنَحْوِهِ ، وَيَلْزَمُهُ إِعَادَتُهُ دُونَ اسْتِئْنَافِ الطَّهَارَةِ .
    قَال الزَّرْكَشِيُّ : وَهَذَا الْخِلاَفُ فِي الصِّحَّةِ .
    أَمَّا الثَّوَابُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ حُصُولِهِ ، وَقَدْ اخْتَارَ الْغَزَالِيُّ فِيمَا إِذَا شَرَّكَ فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَهَا مِنْ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ اعْتِبَارَ الْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَل ، فَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الأْغْلَبُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْرٌ ، إِنْ كَانَ الْقَصْدُ الدِّينِيُّ أَغْلَب فَلَهُ بِقَدْرِهِ ، وَإِنْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا . وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ أَنَّهُ لاَ أَجْرَ فِيهِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ أَتَسَاوَى الْقَصْدَانِ أَمِ اخْتَلَفَا .
    وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَ : ( نِيَّةٌ ) .
    __________
    (1) سورة الحج / 28 .
    (2) سورة البقرة / 198 .
    (3) مواهب الجليل 2 / 532 ، وحاشية البجيرمي على المنهج 1 / 67 ، ومغني المحتاج 1 / 49 ، 150 ، والمغني لابن قدامة 1 / 112 .
    (4) مواهب الجليل 2 / 533 .
    (5) مغني المحتاج 1 / 49 .

  16. #16

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    منقول
    هل يجوز طلب الشهرة وحب الظهور في الأمور الدنيوية ؟


    السؤال:
    أريد أن أعرف حكم طلب الشهرة في الأمور الدنيوية ، مثل أن يصفك الناس بأنك الذكي العبقري أو أنك تظهر على شاشات التلفاز ونحو ذلك . أنا أعلم أن الإنسان لا يؤجر على هذا ، ولكن هل هذه معصية أو شرك ، رغم أنها في الأمور الدنيوية ؟ وكذلك لو أنني الآن مشهور وهدفي كان الوصول إلى الشهرة بين الناس في الدنيا ، فهل أستطيع أن أغير نيتي وأجعل شهرتي خالصة لوجهه رغم أنها في البداية لم تكن لذلك ؟ وهل يمكن اعتبار الشهرة كوسيلة فقط من المباحات ، إن استعملتها لأمور دنيوية فهي مباح ، وإن أضفت إليها نية العبادة والتقرب تتحول إلى عمل صالح ؟ وجزاكم الله خيرا

    الجواب :
    الحمد لله
    أولا :

    طلب الشهرة مذموم بكل حال ، والمؤمن مخبت متواضع ، لا يحب أن يشار إليه بالأصابع ، ومن أعظم ما يفسد على المرء سعيه إلى ربه : حبه للشهرة ، والشرف في الناس ، والرئاسة عليهم .
    روى الترمذي (2376) وصححه عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ ) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (5620) .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْحِرْصَ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ فِي فَسَادِ الدِّينِ لَا يَنْقُصُ عَنْ فَسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِزَرِيبَةِ الْغَنَمِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ ؛ فَإِنَّ الدِّينَ السَّلِيمَ لَا يَكُونُ فِيهِ هَذَا الْحِرْصُ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ إذَا ذَاقَ حَلَاوَةَ عُبُودِيَّتِهِ لِلَّهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ السُّوءُ وَالْفَحْشَاءُ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 /215)

    وهذه المحبة للشرف والشهرة هي من الأمراض الخفية في النفوس ، ومهلكات القلب التي لا يكاد يتفطن إليها العبد إلا بعد أن تمضي به شوطا بعيدا ، يشق عليه استدراكه ، وإصلاح ما أفسدته منه .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " كَثِيرًا مَا يُخَالِطُ النُّفُوسَ مِنْ الشَّهَوَاتِ الْخَفِيَّةِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهَا تَحْقِيقَ مَحَبَّتِهَا لِلَّهِ وَعُبُودِيَّتِه َا لَهُ وَإِخْلَاصِ دِينِهَا لَهُ كَمَا قَالَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ : يَا بَقَايَا الْعَرَبِ إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ، قِيلَ لِأَبِي دَاوُد السجستاني : وَمَا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ ؟ قَالَ : حُبُّ الرِّئَاسَةِ "
    انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 /214-215) .

    ومن أعظم آفات حب الشهرة والشرف ، والتطلع إليها ، أن تطلب نفسه مدح الناس له ، بالحق أو بالباطل .
    روى أحمد (16460) عن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2674) .
    قال المناوي رحمه الله :
    " المدح يورث العجب والكبر وهو مهلك كالذبح فلذلك شبه به ، قال الغزالي رحمه الله : فمن صنع بك معروفا فإن كان ممن يحب الشكر والثناء فلا تمدحه ؛ لأن قضاء حقه أن لا تقره على الظلم وطلبه للشكر ظلم ، وإلا فأظهر شكره ليزداد رغبة في الخير "
    انتهى من " فيض القدير " (3 /167) .

    ولهذا قال إبراهيم بن أدهم : " ما صدق الله عبد أحب الشهرة " .
    انتهى من "العزلة والإنفراد" (ص 126)
    وقال إبراهيم النخعي والحسن البصري : " كفى فتنة للمرء أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من عصمه الله " انتهى من " الزهد " لابن السري (2 /442) .
    وكذا قال ابن محيريز كما في "تاريخ دمشق" (33 /18) .

    ثانيا :
    إذا عرفنا ذلك ، فلا شك أن سلامة المرء هي أن يؤثر الخمول والتواضع لربه ، ويترك السعي في طلب الشهرة والشرف ، حتى لو كان ذلك في أمر مباح من أمور الدنيا .
    روى مسلم (2965) عن عَامِر بْن سَعْدٍ قَالَ : كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ ، فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ : أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ : اسْكُتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ ) .
    قال النووي رحمه الله :
    " ( الْخَفِيّ ) : الْخَامِل الْمُنْقَطِع إِلَى الْعِبَادَة وَالِاشْتِغَال بِأُمُورِ نَفْسه " انتهى .
    وقال ابن الجوزي رحمه الله :
    " الإشارة بالخفي إلى خمول الذكر ، والغالب على الخامل السلامة " .
    انتهى من "كشف المشكل" (ص 167) .
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " الخفي : هو الذي لا يظهر نفسه ، ولا يهتم أن يظهر عند الناس أو يشار إليه بالبنان أو يتحدث الناس عنه ، تجده من بيته إلى المسجد ، ومن مسجده إلى بيته ، ومن بيته إلى أقاربه وإخوانه ، يخفي نفسه " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (ص 629) .
    قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " إن قدرت أن لا تُعرف فافعل ، وما عليك ألا تعرف ؟ وما عليك ألا يثنى عليك ؟ وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله عز وجل ؟ " . انتهى من "التواضع والخمول" لأبي بكر القرشي (ص 43) .

    ثالثا :
    إذا قدر أن العبد طلب الخير ، من أمر الدين أو أمر الدنيا ، ثم وقعت له الشهرة دون طلب منه لها ، وسعي في سبيلها ؛ فلا حرج عليه في ذلك ، بل عليه أن يصحح نيته في طلب الخير ، ولا يبالي بما حصل له من الشهرة بعد ذلك ، إذا لم يكن له همة في طلبها ، ولم يتعلق قلبه بها ، فلا شك أن أئمة الناس في الدين والدنيا لا بد أن يحصل لهم من الشهرة بحسب حالهم ومقامهم ، وحاجة العباد إليهم ؛ فليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء أن يترك نشر الخير الذي يطلب منه نشره ، إما وجوبا أو استحبابا ، لأجل خوف الشهرة ، أو لأجل أن من قام بهذا المقام سوف يشتهر بين الناس .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " إذا دار الأمر بين أن يلمع نفسه ويظهر نفسه ويبين نفسه ، وبين أن يخفيها ، فحينئذ يختار الخفاء ، أما إذا كان لابد من إظهار نفسه فلابد أن يظهرها وذلك عن طريق نشر علمه في الناس وإقامة دروس العلم وحلقاته في كل مكان ، وكذلك عن طريق الخطابة في يوم الجمعة والعيد وغير ذلك ، فهذا مما يحبه الله عز وجل " .
    انتهى من "شرح رياض الصالحين" (ص 629)

    رابعا :
    إذا قدر أن العبد قد حصل له شيء من الشهرة ، إما في عمل غير مشروع ، كالغناء والتمثيل ، أو في عمل مشروع في أصله ، لكن نيته خالطها شيء من الفساد ، والحرص على الشهرة والشرف والرئاسة ؛ فالواجب عليه أن يترك ما كان يعمله من المحرمات ، من الغناء الماجن ، أو الموسيقى ، أو التمثيل ، أو نحو ذلك من المحرمات ، ثم ما حصل له من الشهرة من جراء ذلك ، سعى في تسخيرها في الخير ، فإذا كان يرى أن الناس ينظرون إليه ، أو يقتدون به ، فليكن قدوة لهم في الخير ، ونشر الحق والسنة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح .
    لكن عليه أن يجتهد في مراعاة قلبه ، وتصحيح نيته ، وأن يكون عمله ذلك لوجه ربه خالصا ، ونظر الناس إليه إنما هو أمر قدر عليه ، دون طلب منه ، وسعي ، والتفات قلب ، ومحبة منه لنظر الناس ، وحديثهم ، بل يسعى أن يجعل ذلك كله في ذات ربه ، ويعالج نيته ، ولا يغفل عنها .
    قال سفيان الثوري رحمه الله : " ما عالجت شيئاً عليّ أشد من نيّتي، إنها تتقلب عليّ".
    راجع جواب السؤال رقم : (145767) .
    والله تعالى أعلم
    .

    http://islamqa.info/ar/ref/177655

    هل تدخل العلوم الدنيوية النافعة ضمن العلوم الشرعية فيشترط لها الإخلاص ؟

    السؤال: انا مقبل على مرحلة الالتحاق بالدراسات العليا ( الماجستير والدكتوراه ) تحسينا لمكانتى بين الناس ، ولكن سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من طلب العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار ) فهل علم الدنيا كالتاريخ واللغة والكيمياء والطب داخل فى نطاق هذا الحديث أم المقصود بالعلم فى الحديث هو علم الدين فقط وهل عندما اقوم بطلب العلم تحسينا لوضعى فى المجتمع فهو حرام ؟



    الجواب :

    الحمد لله

    أولا :


    الحديث المذكور : رواه ابن ماجة (253) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ ) وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

    ورواه أيضا (254) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ولفظه : ( لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

    والمقصود بالعلم في هذا الحديث وغيره العلم الشرعي ، فهو المقصود ـ أصالة ـ بالثناء والمدح في خطاب الشرع .

    وهو أصل خطاب الشارع بالتكليف ، وأصحابه ورثة الأنبياء ، كما قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( العلماء ورثة الأنبياء ) رواه أبو داود (3641) وغيره ، وصححه الألباني .

    قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

    " العلم يطلق على أشياء كثيرة , ولكن عند علماء الإسلام المراد بالعلم هو : العلم الشرعي , وهو المراد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الإطلاق " انتهى .

    "مجموع فتاوى ابن باز" (2 / 302) .

    ثانيا :

    ما ذكرناه من أن العلم المراد بالحديث هو العلم الشرعي ، لا يعني أن العلوم الدنيوية غير محمودة بالإطلاق ، ولا مطلوبة ، بل المحمود من هذه العلوم مطلوب ، لتعلق مصالح الأمة به ، واحتياجها إليه .

    قال أبو حامد الغزالي رحمه الله :

    " بيان العلم الذي هو فرض كفاية : اعلم أن الفرض لا يتميز عن غيره إلا بذكر أقسام العلوم ، والعلوم بالإضافة إلى الغرض الذي نحن بصدده تنقسم إلى شرعية وغير شرعية ، وأعني بالشرعية ما استفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب ، ولا التجربة مثل الطب ، ولا السماع مثل اللغة .

    فالعلوم التي ليست بشرعية : تنقسم إلى ما هو محمود ، وإلى ما هو مذموم ، وإلى ما هو مباح ؛ فالمحمود ما يرتبط به مصالح أمور الدنيا كالطب والحساب . وذلك ينقسم إلى ما هو فرض كفاية ، وإلى ما هو فضيلة وليس بفريضة ؛ أما فرض الكفاية فهو علمٌ لا يُستغنى عنه في قوام أمور الدنيا ، كالطب ؛ إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان . وكالحساب ؛ فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرهما . وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها حرج أهل البلد وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الآخرين .

    فلا يُتعجب من قولنا : إن الطب والحساب من فروض الكفايات ؛ فإن أصول الصناعات أيضا من فروض الكفايات ، كالفلاحة والحياكة والسياسة ، بل الحجامة والخياطة ؛ فإنه لو خلا البلد من الحجام تسارع الهلاك إليهم ، وحَرِجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاك " انتهى .

    "إحياء علوم الدين" (1/16) .

    فتبين أن من علوم الدنيا ما هو محمود مطلوب ، وأن شأنها شأن الصناعات : الفلاحة والتجارة وغيرها ، تطلب لمصالح الدنيا ، وجرى الناس على تعلمها والعمل بها لذلك ، ولا ينكر التكسب من ورائها ، لأنها ليست قربة محضة .

    ثالثا :

    من تعلم شيئا من هذه العلوم الدنيوية المباحة ـ من حيث الأصل ـ ، بإمكانه أن يحسن نيته فيه ، يطلب الخير له وللناس ، أو سد حاجة المحتاج ، أو إعانة الضعيف ، أو إغناء أمته وسد حاجتها ، أو غير ذلك من المقاصد المحمودة شرعا ، وبقدر ما عنده من القصد الحسن ، والنية الصالحة يحمد على عمله ويؤجر عليه ، إن شاء الله ، وإن كان هذا العمل مباحا من حيث الأصل ، ولو تجرد عن ذلك القصد الحسن لم يأثم على ذلك ، ولم يكن ملوما عليه .

    جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :

    " كل علم ديني مع وسائله التي تعين على إدراكه ، داخل فيما يرفع الله - من علمه وعمل به، مخلصا له - عنده درجات ، وأنه مقصود بالقصد الأول . وكل علم دنيوي تحتاجه الأمة ، وتتوقف عليه حياتها ، كالطب والزراعة والصناعة ونحوها ، داخل أيضا إذا حسنت النية ، وأراد به متعلمه والعامل به نفع الأمة الإسلامية ودعمها ، ورفع شأنها ، وإغنائها عن دول الكفر والضلال ، لكن بالقصد الثاني التابع ، ودرجات كل متفاوتة تبعا لمنزلة ذلك من الدين ، وقوته في النفع ودفع الحاجة " انتهى .

    "فتاوى اللجنة الدائمة" (12 / 77) .



    والله تعالى أعلم .

    http://islamqa.info/ar/ref/145767
    __________________

  17. #17

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    نقلاً من موقع اسلام ويب

    السؤال :

    ورد في السلسله الصحيحة للألباني حديث عن حرمة أخذ الأجر عن تعليم القرآن فما صحته وهل الأجر خبيث؟




    الإجابــة









    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

    فإن الألباني ذكر في الصحيحة حديثين في هذا الموضوع وهما حديث: من أخذ على تعليم القرآن قوساً، قلده الله قوساً من نار يوم القيامة. وحديث عبادة بن الصامت قال: علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتيته فقلت: يا رسول الله رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، قال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها. وذكر أحاديث شواهد لهذا المعنى يعضد بعضها بعضاً فأفادت عنده الثبوت وكان يفتي بحرمة الأجرة على تعليم القرآن محتجاً بهذه الأحاديث وبأن الأصل في العبادات أن تكون خالصة، ولكنه عارضه أهل العلم بما يفيد من النصوص إباحة أخذ العوض مقابل تعليم القرآن ، والمسألة مختلف فيها عند أهل العلم على أقوال:

    فذهبت طائفة من العلماء إلى منعه مطلقاً وقصر حديث الإباحة على الرقية أو الدواء وهذا هو مذهب الحنفية وهو معتمد مذهب الحنابلة، وذهبت طائفة أخرى إلى التفصيل فقالت: لا تجوز الإجارة على تعليم القرآن ولا على الأذان، ولا يقع ذلك إلا قربة لفاعله، ولكن يجوز أخذ رزق من بيت المال، أو من الوقف على عمل يتعدى نفعه، كتعليم القرآن ونحوه، لأنه من المصالح التي تفيد المسلمين، وليس المأخوذ بعوض، بل هو رزق للإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص وإلا لما استحقت الغنائم، وأسلاب القتلى وبعضهم يقول بجوازه من غير اشتراط وعدمه إن اشترط وفرق قوم بين من تعين عليه ومن لم يتعين عليه وعن بعضهم أنه يباح للمحتاج دون غيره.

    وهناك طائفة ثالثة تقول: بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم، لأنه استئجار على عمل معلوم بعوض معلوم وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والظاهرية وهو رواية عن أحمد وبه يفتي متأخرو الحنفية، وهذا المذهب الأخير هو الأرجح عند كثير من المحققين ولا سيما عند الحاجة والتفرغ ومنهم معاصرون خالفوا الألباني في المسألة ويدل له عدة أدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً، فقال: ما أجد شيئاً، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكما بما معك من القرآن. وفي رواية: قد ملكتكما بما معك من القرآن. فهذا الرجل أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها، وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز ويؤيد ذلك ما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: انطلق فقد زوجتكما فعلمها من القرآن. وفي رواية لأبي داود: علمها عشرين آية وهي امرأتك. ويدل له أيضاً ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيه لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. والحديث وإن كان سببه هو الرقية، إلا أن اللفظ هنا عام، وقد نص العلماء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

    قال الصنعاني في سبل السلام عند شرح الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. قال: وقد عارضه ما أخرجه أبو داود من حديث عبادة بن الصامت، ولفظه: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت ليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله، فأتيته فقلت: يا رسول الله رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست لي بمال فأرمي عليها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها. فاختلف العلماء في العمل بالحديثين، فذهب الجمهور ومالك والشافعي إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن سواء كان المتعلم صغيراً أو كبيراً ولو تعين تعليمه على المعلم عملاً بحديث ابن عباس ويؤيده ما يأتي في النكاح من جعله صلى الله عليه وسلم تعليم الرجل لامرأته القرآن مهراً لها، قالوا: وحديث عبادة لا يعارض حديث ابن عباس إذ حديث ابن عباس صحيح وحديث عبادة في رواية مغيرة بن زياد مختلف فيه واستنكر أحمد حديثه وفيه الأسود بن ثعلبة فيه مقال فلا يعارض الحديث الثابت. قالوا: ولو صح فإنه محمول على أن عبادة كان متبرعاً بالإحسان وبالتعليم غير قاصد لأخذ الأجرة فحذره صلى الله عليه وسلم من إبطال أجره وتوعده، وفي أخذ الأجرة من أهل الصفة بخصوصهم كراهة ودناءة لأنهم ناس فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ المال منهم مكروه، وذهب الهادوية والحنفية وغيرهما إلى تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن مستدلين بحديث عبادة وفيه ما عرفت فيه قريباً نعم استطرد البخاري ذكر أخذ الأجرة على الرقية في هذا الباب فأخرج من حديث أبي سعيد في رقية بعض الصحابة لبعض العرب وأنه لم يرقه حتى شرط عليه قطيعاً من غنم فتفل عليه وقرأ عليه (الحمد لله رب العالمين)، فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة أي علة، فأوفاه ما شرط ولما ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً.

    وذكر البخاري لهذه القصة في هذا الباب وإن لم تكن من الأجرة على التعليم وإنما فيها دلالة على جواز أخذ العوض في مقابلة قراءة القرآن لتأييد جواز أخذ الأجرة على قراءة القرآن تعليماً أو غيره إذ لا فرق بين قراءته للتعليم وقراءته للطب. انتهى.

    وقال صاحب عون المعبود في شرح حديث عبادة السابق: قال الخطابي اختلف قوم من العلماء في معنى هذا الحديث وتأويله فذهب بعضهم إلى ظاهره فرأوا أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن غير مباح وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه، وقال طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهراً زوجتكما على ما معك من القرآن وتأولوا حديث عبادة على أنه كان تبرع به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة لرجل أو استخرج له متاعاً قد غرق في بحر تبرعاً وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضاً ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزاً، وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ المال منهم مكروه ودفعه إليهم مستحب، وقال بعض العلماء أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حل له أخذ الأجرة عليه، لأن فرض ذلك لا يتعين عليه، وإذا كان في حال أو في موضع لا يقوم به غيره لم تحل له الأجرة وعلى هذا يؤول اختلاف الأخبار فيه. انتهى.

    وقال في فتح الودود: قال السيوطي: أخذ بظاهر هذا الحديث قوم وتأوله آخرون وقالوا هو معارض بحديث زوجتكها على ما معك من القرآن وحديث ابن عباس إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله... انتهى.

    وقال الإمام النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن: وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدى له قوسا فقال: له النبي إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره وبآثار كثيرة عن السلف وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين أحدهما أن في إسناده مقالاً والثاني أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئاً ثم أهدي إليه على سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم. والله أعلم. انتهى.

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: تنازع العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه وفيه ثلاثة أقوال في مذهب الإمام أحمد وغيره أعدلها أنه يباح للمحتاج، قال أحمد: أجرة التعليم خير من جوائز السلطان وجوائز السلطان خير من صلة الإخوان.

    وأصول الشريعة كلها مبنية على هذا الأصل أنه يفرق في المنهيات بين المحتاج وغيره كما في المأمورات ولهذا أبيحت المحرمات عند الضرورة لا سيما إذا قدر أنه يعدل عن ذلك إلى سؤال الناس، فالمسألة أشد تحريماً ولهذا قال العلماء يجب أداء الواجبات وإن لم تحصل إلا بالشبهات كما ذكر أبو طالب وأبو حامد أن الإمام أحمد سأله رجل قال: إن ابنا لي مات وعليه دين وله ديون اكره تقاضيها فقال له الإمام أحمد أتدع ذمة ابنك مرتهنة؟ يقول قضاء الدين واجب وترك الشبهة لأداء الواجب هو المأمور، ولهذا اتفق العلماء على أنه يرزق الحاكم وأمثاله عند الحاجة وتنازعوا في الرزق عند عدم الحاجة وأصل ذلك في كتاب الله في قوله في ولي اليتيم ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف وهكذا يقال في نظائر هذا إذ الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها والورع ترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما ودفع شر الشرين وإن حصل أدناهما... انتهى.

    وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار؟ وإذا أفتيتم بالجواز فهل للمعلم ثواب عند الله بعد أخذه للأجرة الشهرية؟ فأجابوا: تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلى الله جل وعلا، إذا صلحت النية، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم القرآن وتعليمه بقوله: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وأخذ معلمي القرآن الأجرة على تعليمه لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا إذا خلصت النية، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.

    وقال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره لسورة هود: قوله تعالى: وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ. ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيه نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه أخبر قومه أنه لا يسألهم مالاً في مقابلة ما جاءهم به من الوحي والهدى، بل يبذل لهم ذلك الخير العظيم مجاناً من غير أخذ أجرة في مقابله، وبين في آيات كثيرة: أن ذلك هو شأن الرسل عليهم صلوات الله وسلامه، كقوله في سبأ عن نبينا صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}، وقوله فيه أيضاً في آخر سورة ص: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ }، وقوله في الطور والقلم: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} وقوله في الفرقان: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}، وقوله في الأنعام: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} وقوله عن هود في سورة هود: {يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي}، وقوله في الشعراء عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وقوله تعالى في رسل القرية المذكورة في يس: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا...}، ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة: أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجاناً من غير أخذ عوض على ذلك، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام.

    ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه فمن ذلك ما رواه ابن ماجه والبيهقي والروياني في مسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى لي قوساً فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوساً من نار. فرددتها... فهذه الأدلة ونحوها تدل على أن تعليم القرآن والمسائل الدينية لا يجوز أخذ الأجرة عليه، وممن قال بهذا: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وأبو حنيفة والضحاك بن قيس وعطاء. وكره الزهري وإسحاق تعليم القرآن بأجر. وقال عبد الله بن شقيق: هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت.

    وممن كره أجرة التعليم مع الشرط: الحسن وابن سيرين، وطاوس، والشعبي، والنخعي، قاله في المغني. وقال: إن ظاهر كلام الإمام أحمد جواز أخذ المعلم ما أعطيه من غير شرط وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب مالك والشافعي. وممن رخص في أجور المعلمين: أبو قلابة، وأبو ثور، وابن المنذر. ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله تعالى بأمانات الناس، التعليم أحب إلي.

    وهذا يدل على أن منعه منه في موضع منعه للكراهة لا للتحريم، قاله ابن قدامة في المغني. واحتج أهل هذا القول بأدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال. ما عندي إلا إزاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك. فالتمس شيئاً، فقال: ما أجد شيئاً، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن. وفي رواية: قد ملكتكها بما معك من القرآن. فقالوا: هذا الرجل أباح له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها، وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز، وما رد به بعض العلماء الاستدلال بهذا الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم زوجه إياها بغير صداق إكراماً له لحفظه ذلك المقدار من القرآن، ولم يجعل التعليم صداقاً لها -مردود بما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن. وفي رواية لأبي داود: علمها عشرين آية وهي امرأتك.

    واحتجوا أيضاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. قالوا: الحديث وإن كان وارداً في الجعل على الرقيا بكتاب الله فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. واحتمال الفرق بين الجعل على الرقية وبين الأجرة على التعليم ظاهر.

    ثم ختم رحمه الله بقوله: قال مقيده -عفا الله عنه- الذي يظهر لي والله تعالى أعلم، أن الإنسان إذا لم تدعه الحاجة الضرورية فالأولى له ألا يأخذ عوضاً على تعليم القرآن، والعقائد، والحلال والحرام للأدلة الماضية، وإن دعته الحاجة أخذ بقدر الضرورة من بيت مال المسلمين، لأن الظاهر أن المأخوذ من بيت المال من قبيل الإعانة على القيام بالتعليم لا من قبيل الأجرة.. والأولى لمن أغناه الله أن يتعفف عن أخذ شيء في مقابل التعليم للقرآن والعقائد والحلال والحرام. والعلم عند الله تعالى. انتهى.

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بعض فتاواه: وأما أخذ الأجرة على إقراء القرآن أي على تعليم القرآن فهذا مختلف فيه والراجح أنه جائز لأن الإنسان يأخذه على تعبه وعمله لا على قراءته القرآن وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أفضل ما أخذتم عليه أجراً أو قال أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجل الذي لم يجد مهراً، قال: زوجتكها بما معك من القرآن أي يعلمها ما معه من القرآن فتبين بهذا أن الاستئجار لقراءة القرآن محرم وفيه إثم وليس فيه أجر ولا ينتفع به الميت وأما الأجرة على تعليم القرآن فالصحيح أنها جائزة ولا بأس بها. انتهى.

    وقال الشيخ محمد مختار الشنقيطي حفظه الله في جواب لسؤال عن حكم أخذ المال على تدريس العلوم الشرعية: مذهب المحققين من العلماء رحمهم الله وهو الذي اختاره بعض الأئمة ومنهم الإمام ابن جرير الطبري، والحافظ ابن حجر وغيرهما من المحققين أن الإنسان إذا قصد بعلمه الآخرة، ثم أخذ أجراً على ذلك العلم بسبب عدم تمكنه من طلب الرزق فذلك لا يقدح في الإخلاص، ما دام أن مقصوده هو تعليم العلم، ونفع أبناء المسلمين، فلا يقدح في الإخلاص وجود حظ من الدنيا، وقد دل على هذا القول الصحيح دليل الكتاب والسنة، أما دليل الكتاب فإن الله عز وجل يقول في كتابه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْن ِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}. وهذه الآية نزلت في أهل بدر، فأخبر الله أنهم كانوا يتمنون العير بقوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، فهم خرجوا للعير، فلما واجهوا القتال صدقوا مع الله، فلم يقدح في قتالهم وجهادهم وجود حظ أو قصد حظ الدنيا من تلك العير، ومن الأدلة على صحة هذا القول قول الحق تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ}، فإنها نزلت -كما صح- في أقوام يريدون الحج والتجارة، فالحج عبادة والتجارة دنيا، فلم يقدح في إرادة الآخرة وجود حظ الدنيا، كما دل على صحة هذا القول دليل السنة الصحيح، فإن المصطفى عليه الصلاة والسلام قال قبل القتال: من قتل قتيلاً فله سلبه. وهذا القول قاله لترغيب الناس في القتال، فأعطى على القتال الذي يراد به وجه الله حظاً من الدنيا، قال بعض العلماء: في هذا دليل على أنه لا يقدح في الإخلاص وجود حظ من الدنيا إذا لم يكن هو مقصود العبد، فإذا كان مقصودك ما عند الله عز وجل فلا يؤثر فيه وجود حظ من الدنيا، وقد جاء في حديث أبي محذورة رضي الله عنه أنه قال: ألقى النبي صلى الله عليه وسلم علي الأذان، فلما فرغت، ألقى إلي صرة من فضة. قالوا: في هذا دليل أيضاً على أن حظ الدنيا لا يؤثر إذا لم يكن هو مقصود العبد. ومن مجموع هذه الأدلة خلص هؤلاء العلماء إلى القول بأنه ينظر في الإنسان، فإذا كان مقصوده من التعليم نفع أبناء المسلمين وإسداء الخير إليهم ودلهم على طاعة الله ومرضاته ثم حصل بعد ذلك أجر أو راتب أو غير ذلك ولم يكن هو مقصوده الأساس، فإن ذلك لا يقدح في إخلاصه. والله تعالى أعلم. انتهى.

    وقال الدكتور الزحيلي وهو حنفي: أجاز العلماء بالاتفاق الاستئجار على تعليم اللغة والأدب و الحساب والخط والفقه والحديث ونحوها، وبناء المساجد والقناطر والثغور والرباطات، لتعارف الناس وللحاجة أو الضرورة الداعية لذلك، وإلا تعطلت المصالح العامة وقال الإمامان مالك والشافعي: تجوز الإجارة على تعليم القرآن، لأنه استئجار لعمل معلوم بعوض معلوم، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (زوج رجلاً بما معه من القرآن)، فجاز جعل القرآن عوضاً، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)، وقد ثبت (أن أبا سعيد الخدري رقى رجلاً بفاتحة الكتاب على جُعل فبرئ، وأخذ أصحابه الجعل فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، وسألوه فقال: لعمري من أكل برقية باطل (أي كلام باطل ) فقد أكلت برقية حق ، كلوا واضربوا لي معكم بسهم ) ثم لإتى المتأخرون من الفقهاء الآخرين كالحنفية وبعض الحنابلة بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وقراءته، والإمامة والأذان وسائر الطاعات من صلاة وصوم وحج، قياساً على الأفعال غير الواجبة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر حج صحابي عن غيره، ونظراً لانقطاع عطايا المعلمين وأرباب الشعائر الدينية من بيت المال، فلو اشتغل هؤلاء بالاكتساب من زراعة أو تجارة أو صناعة، لزم ضياع القرآن وإهمال تلك الشعائر.

    قال بعض الحنابلة: ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضاً وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، هذا مع العلم بأن فتوى هؤلاء المتأخرين مخالفة لما هو مقرر في أصل المذهب الحنفي الذي يشترط لصحة الإجارة ألا يكون العمل المأجور له فرضاً ولا واجباً على الأجير قبل الإجارة، فهذه الطاعات عبادات له، والعبادة لا تؤخذ أجرة عليها، وقد روي أن عثمان بن أبي العاص قال: (إن آخر ما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن أتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً). انتهى.

    والله أعلم.
    مُستفاد من مقاصد المكلفين لعمر الأشقر رحمه الله.

    مقاصد المكلفين في ميزان الشرع : المقصود الذي يجب أن يتوجَه إليه العبد هو الله وحده وأن هذا هو الإخلاص الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه , إلا أن المقاصد تتنوع فيما بينها ذلك أن العباد يقصدون ربهم من جوانب مختلفة فمنهم الذي يعبده تعظيماً له وتوقيراً , ومنهم الذي يقصد الدخول في طاعته وعبادته, ومنهم الذي يطلب رضوانه ورضاه ومنهم الذي يقصد الأُنس به والتلذذ بطاعته وعبادته , ومنهم من يرجو التنعم برؤيته في يوم القيامة , ومنهم من يطلب ثوابه من غير أن يستشعر ثواباً معيناً , ومنهم من يطلب ثواب معيناً , ومنهم من يخاف عقابه من حيث الجملة غير ناظر إلى عقاب معين ومنهم من يخشى عقاباً معيناً وتنوع المقاصد باب واسع , والعبد قد يقصد هذا مرة وهذا مرة وقد يقصد أكثر من واحد من هذه المقاصد وكلها تنتهي إلى غاية واحدة وتعني في النهاية شيئاً واحداً أن العبد يريد الله سبحانه ولا يريد سواه وكل مطلب محقق للإخلاص وأصحاب هذه المقاصد على الصراط المستقيم وعلى الهدى والصواب , وإن كان العبد لا ينبغي أن يُخلي قصده من الحب والخوف فإن قوام العبادة بهما ومدارها عليهما.



  18. #18

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    في الحديث التالي عندي سؤال لكل من يطلع على الموضوع :
    - بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ اسْتَحَقَّ النَّارَ: - (1905) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ "،..رواه مسلم

    وعن أبي هريرة قال : { جاء رجل فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ، قال : فلا تعطه مالك ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد ، قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار } رواه مسلم وأحمد ، وفي لفظه : يا رسول الله أرأيت إن عدا على مالي ؟ قال : " أنشد الله " ، قال : فإن أبوا علي قال : " أنشد الله " ، قال : فإن أبوا علي ؟ قال : " قاتل ، فإن قتلت ففي الجنة وإن قتلت ففي النار " فيه من الفقه أنه يدفع بالأسهل فالأسهل ) .
    ( وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قتل دون ماله فهو شهيد } متفق عليه وفي لفظ { من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد } رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه ) [ ص: 390 ]
    ( وعن سعيد بن زيد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { من قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد } رواه أبو داود والترمذي وصححه )
    السؤال : لماذا في الحديث الأول سُحب في النار من قاتل ليُقال جريء بينما في الأحاديث التالية لم يُعاقب من قاتل لأجل ماله أو عرضه أو أهله بل هؤلاء شهداء بنص الحديث؟؟؟فهل القتال من أجل طلب الشهرة محرم بإطلاق بينما القتال لأجل البواعث الأخرى الواردة في الأحاديث هي مشروعة.
    أقول الذي يظهر أن من قاتل حفاظاً على ماله وعرضه وأهله، فهي مقاصد شرعية تحافظ على الدين تبعاً، فالحفاظ على المال والعرض هو متفرع عن الحفاظ عن الدين، وهي مقاصد شرعية جعل الله لها أموراً أخرى كالحدود والتعازير للحفاظ عليها , لكن بالنسبة لمن قاتل طلباً للشهرة وتأويل دخوله النار بسبب ذلك , أعتقد والله أعلم هو أن نفس المؤمن مُلك لله ولا يجوز إلقاء النفس بالتهلكة لأجل باعث غير مشروع كطلب الشهرة , أما إزهاق النفس من أجل دفع الصائل على النفس أو المال أو العرض فهذا باعث مشروع للقتال دونه .

  19. #19

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    سؤال آخر : من المعلوم بأن الأعمال التعبدية والأخروية كطلب العلم الشرعي هي من الأعمال التي لا يجوز صرفها لأحد إلا لله وهذا متفق عليه , ولكن هل الإنفاق يجب ألا يُصرف لأحد إلا لله؟ بدليل ظاهر الحديث الأول وفيه "...وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ "،..رواه مسلم".
    فهل نقول أن الله عز وجل أدخله النار لسبب آخر لم يُذكر في الحديث أو يُقال أن الله عذبه لأنه أنفق رياءً ومخادعة لربه وللناس أن انفاقه في سبيل الله وإلا لو أنفق في وجوه الخير دون مخادعة الناس أنه في سبيل الله لما كان عليه إثم .

  20. #20

    افتراضي رد: ماحكم عمل العمل الدنيوي لأجل الدنيا ولأجل تحقيق الذات ؟

    تقرر سابقاً ما يلي :
    يجوز للمسلم أن يعمل لله ويلتفت إلى أمر يجوز الالتفات إليه ، مثل رجل صام مع نية الصيام لله أراد حفظ صحته، ورجل نوى الحج والتجارة، ورجل جاهد ونظر إلى مغانم، ورجل مشى إلى المسجد وقصد الرياضة، ورجل حضر الجماعة لإثبات عدالته وأن لا يتهم، فهذا لا يبطل الأعمال ولكن ينقص من أجرهاـ والأفضل أن لا تكون موجودة ولا مشركة في العمل ولا داخلة فيه أصلاً.


    وهنا سؤال :
    ما هو ضابط الأمر الذي يجوز الالتفات إليه ؟ وهل الأصل عدم جواز الالتفات لأي شىء آخر غير الإخلاص إلا مانص عليه الدليل أم العكس ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •