وهم الحافظ ابن دقيق العيد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته :
- وهم الشيخ فهد بن عبد الله السنيد حفظه الله وغفر ذنبه :
في الحديث الذي اخرجه احمد (5/165) : ثنا يزيد والدارقطني في سننه (1/424/6) والبيهقي (2/461) من طريق محمد بن ادريس الشافعي والبيهقي ايضا والطبراني في ( الاوسط ) (1/468/851) عن سنيد بن سليمان ثلاثتهم عن عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد عن ابي ذر : أنه اخذ بحلقة باب الكعبة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمس , إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة ))
قال الطبراني رحمه الله :
(( لم يروه عن قيس بن سعد إلا حميد بن قيس الأعرج تفرد به عبد الله بن المؤمل المخزومي )) !!
قال الألباني رحمه الله :
(( وخالف هؤلاء الثلاثة سعيد بن بن سالم القداح فقال : عن عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد به لم يذكر قيس بن سعد .
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ( 4/226/2748) وابن عدي في الكامل (4/137)
قال ابن خزيمة رحمه الله :
(( أنا اشك في سماع مجاهد من أبي ذر))
قال الألباني رحمه الله :
(( لعل مستند هذا الشك ما اخرجه ابن عدي (7/289) ومن طريقه البيهقي قال : حدثنا محمد بن يونس العصفري : حدثنا محمد بن موسى الحرشي : حدثني اليسع بن طلحة القرشي : سمعت مجاهداًً يقول : بلغنا أن أبا ذر قال :..فذكر الحديث مختصرا جدا بلفظ (( لا صلاة بعد العصر إلا بمكة ))
- لكن اليسع بن طلحة هذا ضعيف جدا
- قال البخاري وابو زرعة رحمهم الله : ( منكر الحديث )
- قال البيهقي رحمه الله عقبه : ( اليسع بن طلحة ضعفوه والحديث منقطع مجاهد لم يدرك ابا ذر والله أعلم )
- قال الألباني رحمه الله : ( نفيه الإدراك قد سبق إليه من غير ما واحد من الحفاظ . وقد جاء في ( نصب الراية ) للحافظ الزيلعي (1/254) عقب النفي المذكور : (( قال الشيخ ( يعني : ابن دقيق العيد ) في (( ( الإمام )) : وحديث ابي ذر هذا معلول بأربعة أشياء :
1- انقطاع ما بين مجاهد وأبي ذر ....( ثم ذكر كلام البيهقي )
2- اختلاف في غسناده فرواه سعيد بن سالم عن ابن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد عن ابي ذر لم يذكر فيه قيس بن سعد .أخرجه كذلك ابن عدي في ( الكامل ) قال البيهقي : (( وكذلك رواه عبد الله بن محمد الشامي عن ابن المؤمل عن حميد الاعرج عن مجاهد ))
3- ضعف ابن المؤمل قال النسائي رحمه الله وابن معين رحمه الله : (( ضعيف )) وقال احمد رحمه الله : (( احاديثه مناكير )) وقال ابن عدي رحمه الله : (( عامة حديثه الضعف عليه بين ))
4- ضعف حميد مولى عفراء . قال البيهقي : (( ليس بالقوي )) وقال ابو عمر بن عبد البر : (( هو ضعيف )) انتهى ) !
قال الألباني رحمه الله :
- هذه العلل عندي واهية جدا باستثناء الأولى والثالثة ففيهما نظر يأتي بيانه . واوهاها رابعها فإن حميدا هذا – وهو ابن قيس الأعرج المكي القاري – قد وثقه جمهور الأئمة المتقدمين ومنهم البخاري ولم يضعفه احد منهم إلا احمد في رواية فإنه قال ما قاله البيهقي وهذا وإن كان لا يعني انه (( ضعيف )) كما أطلق ابن عبد البر لما هو معلوم من الفرق بين هذا وبين ما لو قال : (( ليس بقوي )) ولا سيما وقد قال : احمد في رواية اخرى عنه : (( ثقة )) وقال ابن معين فيه : (( ثبت ) وقد اخرج له الشيخان في (( الصحيحين )) فقد جاوز القنطرة يقينا .
قلت : ومما تبين فيما سبق يبين على وهاء العلة الرابعة الأ وهي ( ضعف حميد مولى عفراء ) وتوثيق الأئمة له وأخرج له الشيخان .
- ونحوه في الضعف الوجه الثاني لان مثل هذا الاختلاف لا قيمة له بل لا ينبغي لن يذكر لان سعيد بن سالم – لو كان ثقة – فلا ينبغي ان يلتفت الى مخالفته للثلاثة الثقات الذين تقدم ذكرهم وبخاصة منهم الإمام الشافعي رحمه الله فكيف وهو مضعف من قبل حفظه ؟؟ ومثله يقال – ومن باب اولى – في متابعة ( عبد الله بن محمد الشامي ) وفي ( سنن البيهقي ) : ( الشافعي ) – فإنه غير معروف في كتب الرجال مع احتمال ان يكون الذي في ( الميزان ) : (( عبد الله بن محمد بن حجر الشامي نزيل رأس العين ضعفه الأزدي )) وزاد عليه الحافظ في (( اللسان )) انه ذكره ابن حبان في (( الثقات )) وانه قال : (( يغرب وينفرد )) وقد ذكره في الطبقة الرابعة منه (8/349) .
ثم لو سلمنا جدلا ان لمثل هذه المخالفة قيمة تذكر فيمكن الترجيح من جهة أخرى – غير الأكثر والاوثق – بان يقال : إن هؤلاء معهم زيادة وزيادة الثقة مقبولة وفي الجواب التالي ما يؤكد ذلك .
- الجواب عن الوجه الثالث :فهو عند البيهقي نفسه فانه بعد ان ساق رواية عبد الله بن المؤمل وضعفه قال معقبا عليه : (( إلا ان ابراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد واقام إسناده ))
ثم ساقه عنه : ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال ( جاءنا ابو ذر فأخذ حلقة الباب ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين ....فذكر الحديث بالزيادة .
ثم اعله بضعف (( حميد )) – وسبق الجواب عنه – بالانقطاع وبقوله : ( ومجاهد لا يثبت له سماع من ابي ذر وقوله : ( جاءنا ) يعني : جاء بلدنا . والله اعلم )!!!
لقد صرح مجاهد بقوله : (( جاءنا ابو ذر ) فهذا تصريح منه بلقياه اياه وسماعه منه في مكة ومجاهد مكي كما هو معروف والسند اليه بذلك صحيح والتأويل الذي ذكره البيهقي غنما يصح المصير إليه إذا ثبت بإسناد صحيح أيضا ولا يقبل التأويل كما لو ثبت أنه ولد بعد وفاة أبي ذر او كان صغيرا او نحو ذلك من المور التي يصلح الاعتماد عليها بعد ثبوتها ففي هذه الحالة يمكن القول بالتأويل المذكور . والله اعلم .
ومع ذلك فمن المسلم عند العلماء ان مراسيل مجاهد خير من مراسيل غيره من التابعين كعطاء وغيره فإن لم يثبت سماعه للحديث من ابي ذر فهو مرسل صحيح يمكن تقويته ببعض الشواهد :
فمنها : ما رواه عبد الله بن باباه عن ابي الدرداء : انه طاف بعد العصر عند مغارب الشمس فصلى ركعتين قبل غروب الشمس فقيل له : ياابا الدرداء ! انتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تقولون : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ؟ فقال : ( إن هذه البلدة بلدة ليست كغيرها . أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/396) والبيهقي (2/463) وإسناده صحيح ولذلك لم يسعه إلا ان يقول بصحة الاستثناء المذكور من حديث الترجمة فقال رحمه الله :
(( وهذا القول من ابي الدرداء يوجب تخصيص المكان بذلك . والله اعلم ))
- وهناك آثار اخرى تشهد لصحة الاستثناء ولذلك رأيت الحافظ ابن عبد البر – مع تضعيفه لسند الحديث وإعلاله إياه بما تقدم – مع الرد عليه – قال في التمهيد (13/45) : (( وهذا حديث وغن لم يكن بالقوي – لضعف حميد مولى عفراء ولان مجاهدا لم يسمع من ابي ذر ففي حديث جبير بن مطعم ما يقويه مع قول جمهور علماء المسلمين به ...)
- وحديث جبير بن مطعم الذي أشار إليه كاف في إقامة الحجة على المخالفين إذا وقفوا عليه وانصفوا ولم يقلدوا ونصه : (( يا بني عبد مناف ! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار )) وقد صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي وهو مخرج في ( الارواء ) ( 2/238)
- واعلم ان الباعث على تخريج حديث الترجمة في هذه السلسلة : انني كنت علقت عليه في ( المشكاة ) (1/331) من رواية احمد بأن : (( إسناده ضعيف , ولكن يشهد له الحديث المتقدم (1041) وفاتني ان اعطف عليه بحديث آخر وهو برقم ( 1045)
وقال الألباني رحمه الله :
- فرد علي بعض المعاصرين** بأدب ولطف في رسالة له أسماها (( الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام )) بان الحديث المشار اليه (1041) ليس فيه ما يشهد للاستثناء : ( إلا بمكة ) ولقد صدق
- قال الشيخ فهد بن عبد الله السنيد صاحب ( الإعلام ) : (( وهو استثناء ضعيف سندا ومتنا والصحيح القول بالعموم والله اعلم وانظر نصب الراية (1/254) والبيهقي (2/461) !
- قال الألباني رحمه الله :
(( فعجبت من غضه نظره من حديث جبير بن مطعم الؤيد ( للاستثناء ) الذي عليه جمهور العلماء كما تقدم ومن أمره بالنظر في المصدرين المذكورين وفيهما حديث جبير بن مطعم وغيره من الطرق والشواهد .
والله اعلم .
قال مقيده عفا الله عنه :
- ترجمة مختصرة للحافظ الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله وكتابه ( الإمام في معرفة أحاديث الأحكام ) تحقيق الشيخ الدكتور / سعد الحميد حفظه الله .
- قال الشيخ حفظه الله ( ص: 4-9) :
- لما تعاقبت العصور وتوجهت همة العلماء الى خدمة كتب السنة التى الفها الأئمة وذلك بالجمع بينها او اختصارها او الانتقاء منها ونحو ذلك كان القصد الى جمع احاديث الأحكام من دواوين السنة وتقريبها للطالبين وتيسيرها للمتفقهين عملا نفرت له طائفة من الحفاظ وتعاقبت فيه الجهود وكثرت من المؤلفات فألف الحافظ ابو محمد عبد الحق الاشبيلي كتبه ( الأحكام الكبرى ) و ( والوسطى ) و ( الصغرى ) والف ابو البركات المجد ابن تيمية كتابه ( منتقى الخبار ) والف الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي كتابه ( عمدة الأحكام ) وغيرهم .
- وكان لكل منهم في كتابه نهج قصده وطريقة سلكها حتى جاء الإمام الحافظ المحقق المدقق ابو الفتح ابن دقيق العيد فألف كتابه ( الإمام في معرفة أحاديث الأحكام ) قاصدا فيه الجمع المستفيض للاحاديث والنقد المستوفي للاسانيد فجاءا كتابه بحرا ذاخرا لا مثيل له في حشد النصوص وتتبع العلل وتحرير الاحكام بحيث صار كتابه هذا معلمة شاملة لاحاديث الأحكام صحيحها وسقيمها مع النقد الدقيق غالبا للاسانيد والكشف عن احوال الرواة وتحرير الاحكام على الاحاديث .
- وهناك دراسات عن الامام ابن دقيق العيد :
- مقدمة كتاب الاقتراح في بيان الاصطلاح . تحقيق قحطان الدوري .
2 / مقدمة كتاب الإلمام بأحاديث الأحكام . تحقيق حسين الجمل .
3 / ابن دقيق العيد . تاليف علي الرصافي حسين .
4 / مقدمة كتاب إحكام الأحكام للشيخ أحمد شاكر رحمه الله .
5 .
ويمكنك الاستفادة مما كتب عنه في رسائل علمية ومن ذلك :
1 / شرح الإلمام لابن دقيق العيد : تحقيق عبد العزيز بن محمد السعيد ( رسالة ماجستير في قسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )
2 / تحقيق كتاب الاقتراح في بيان الاصطلاح : عامر حسن صبري ( رسالة ماجستير في جامعة أم القرى )
3 / تحقيق كتاب الاقتراح في بيان الاصطلاح : علي بن إبراهيم اليحيى ( رسالة ماجستير قسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية )
وقد حقق شرح الإلمام _ أي قُسِّم شرح الكتاب _ بخمس رسائل ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
وبحث آراء ابن دقيق العيد الأصولية في جامعة أم القرى