أين قبلتك؟؟
استقبل القبلة بوجهك، واستقبل الله بقلبك، لتنسلخ مما كنت فيه من التولي والإعراض، واصرف نفسك عن كل شيء سوى الله، والوجه يتبع القلب في التوجه، ويأتمر بأمره، ثم قم بين يدي الله مقام المتذلل الخاضع المسكين المستعطف لسيِّده عليه، وارفع يديك للتكبير عاليًا إلى حذو منكبيك بل إلى شحمة أذنيك على هيئة المستسلم، وكما ألقيت بظاهر كفيك إلى ما استدبرت من الدنيا فألقها من قلبك هذه الساعة، وكما استقبلت بباطنها الكعبة فأقبل بقلبك على رب الكعبة، وكن عندها ناكسَ الرأس، خاشع القلب مُطرق الطرف، وإياك أن تلتفت بعينك في الصلاة، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، ولا يزال الله مقبلًا على عبده ما دام العبد مقبلًا على صلاته فإذا التفت بقلبه أو بصره أعرض الله تعالى عنه، وإنما هي سرقة الشيطان من إيمانك وأنت لا تشعر كما حذَّرك حبيبك صلى الله عليه وسلم من الالتفات في الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد» [صحيح البخاري (751)].
ومن باب أولى أن لا يلتفت قلبك عن الله، لا يمنة ولا يسرة، فغمِّض عين قلبك عن الالتفات إلى سواه، واحرس سريرتك أن تتطلع إلى غيره، خاشعًا له قد توجهت بقلبك كلِّه إليه، وإلا وجبت عليك العقوبة وإن صليت، ونزل البلاء وإن ناجيت. قال الحسن: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع.
أيها الساهون في صلاتكم.. أيها التائهون عن أجمل لحظات قلوبكم وأشهى وجبات أرواحكم.. يا غارقون في سكر الشهوة وخمر الغفلة، نصيحتي لكم: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43].
خالد أبو شادي
من كتاب (أول مرة أصلي)