تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: خنساء هذا العصر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    17

    افتراضي خنساء هذا العصر

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يقول:
    سافرت إلى مدينة جدة في مهمة رسمية .. وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة .. يبدو أنه وقع لحينه .. كنت أول من وصل إليه .. أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمة ..
    تحسستها في حذر .. نظرت إلى داخلها .. حدّقتُ النظر .. خفقات قلبي تنبض بشدة .. ارتعشت يداي .. تسمَّرت قدماي .. خنقتني العبرة ..
    ترقرقت عيناي بالدموع .. ثم أجهشت بالبكاء ..
    منظر عجيب .. وصورة تبعث الشجن ..
    كان قائد السيارة ملقىً على مقودها .. جثة هامدة .. وقد شبص بصره إلى السماء .. رافعاً سبابته .. وقد أفتر ثغره عن ابتسامة جميلة .. ووجهه تحيط به لحية كثيفة .. كأنه الشمس في ضحاها .. والبدر في سناه ..
    العجيب .. أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره .. محيطة بيديها على عنقه .. ولقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ..
    لا إله إلا الله ..
    لم أر ميتة كمثل هذه الميتة .. طهر وسكينة ووقار .. صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه .. منظر سبابته التي ماتت توحّد الله .. جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة .. حلّقت بي بعيداً بعيداً ..
    تفكرت في هذه الخاتمة الحسنة .. ازدحمت الأفكار في رأسي .. سؤال يتردد صداه في أعماقي .. يطرق بشدة .. كيف سيكون رحيلي !! .. على أي حال ستكون خاتمتي ؟!
    يطرق بشدة .. يمزّق حجب الغفلة .. تنهمر دموع الخشية .. ويعلو صوت النحيب .. من رآني هناك ضن أني أعرف الرجل .. أو أن لي به قرابة ..
    كنت أبكي بكاء الثكلى .. لم أكن أشعر بمن حولي !! ..
    ازداد عجبي .. حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين .. لامس سمعي وردَّني إلى شعوري ..
    يا أخي لا تبك عليه إنه رجل صالح .. هيا هيا .. أخرجنا من هناك وجزاك الله خيرا
    إلتفتُ إليها فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة .. تضم إلى صدرها طفلين صغيرين لم يُمسا بسوء ، ولم يصابا بأذى ..
    كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال .. هادئة في مصابها منذ أن حدث لهم الحدث !!
    لا بكاء ولا صياح و لا عويل .. أخرجناهم جميعاً من السيارة .. من رآني ورآها ضن أني صاحب المصيبة دونها ..
    قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها .. في ثباتٍ راضٍ بقضاء الله وقدره
    " لو سمحتم أحضروا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى .. وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن .. واحملوني وطفليَّ إلى منزلنا جزاكم الله خير الجزاء " ..
    بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى .. ومن ثم إلى أقرب مقبرة بعد إخبار ذويهم ..
    وأما هي فلقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها .. فردّت في حياء وثبات " لا والله .. لا أركب إلا في سيارة فيها نساء " .. ثم انزوت عنا جانباً .. وقد أمسكت بطفليها الصغيرين .. ريثما نجلب بغيتها .. وتتحقق أمنيتها ..
    استجبنا لرغبتها .. وأكبرنا موقفها ..
    مرَّ الوقت طويلاً .. ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة .. في تلك الأرض الخلاء .. وهي ثابتة ثبات الجبال .. ساعتان كاملتان .. حتى مرّت بنا سيارة فيها رجل وأسرته .. أوقفناهم .. أخبرناه خبر هذه المرأة .. وسألناه أن يحملها إلى منزلها .. فلم يمانع ..
    عدت إلى سيارتي .. وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ..
    ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة .. وأول طريق الآخرة ..
    وثبات المرأة على حجابها وعفافها في أصعب المواقف .. وأحلك الظروف .. ثم صبرها صبر الجبال ..
    إنه الإيمان .. إنه الإيمان ..
    {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } إبراهيم27

    تعليق :

    الله أكبر .. هل نفروا في هذه المرأة صبرها وثباتها .. أم نفروا فيها حشمتها وعفافها .. والله لقد جمعت هذه المرأة المجد من أطرافه ..
    إنه موقف يعجز عنه أشداء الرجال .. ولكنه نور الإيمان واليقين ..
    أي ثباتٍ .. وأي صبرٍ .. وأي يقين أعظم من هذا !!!
    وإنني لأرجو أن يتحقق فيها قول الله تعالى : { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة

    أسأل الله_عز وجل_ أن يرزقنا الصبر والرضا بما قسم الله لنا، وأن يرزقنا حلاوة الإيمان
    اللهم آمين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    المشاركات
    2,172

    افتراضي رد: خنساء هذا العصر

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,

    ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء!
    أخلف الله عليها وأثابها على صبرها الجنّة
    ما أروع الصبر وما أعظم ثوابه!
    اللهم اجعلنا من الشاكرين الصابرين
    وشكر لكِ أختنا أم يقين هذه التذكرة الطيّبة, نفع الله بكِ.
    أرجو من أخواتي الفاضلات قبول عذري عن استقبال الاستشارات على الخاص.
    ونرحب بكن في قسم الاستشارات على شبكة ( الألوكة )
    انسخي الرابط:
    http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/Counsels/PostQuestion.aspx

  3. #3

    افتراضي رد: خنساء هذا العصر

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    لا إله إلا الله
    اللهم ارزقنا الصبر والثبات يا رب العالمين.

    إنا لله وإنا إليه راجعون.

    جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ وفي نقلكِ.

    اللهم اغفر لأبي عبد الرحمن (محمد خالد) المعروف ب (الوراق) وأسكنه فردوسك الأعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب.
    واصلح ذريتي ووفقهم لكل خير.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2012
    الدولة
    تونس
    المشاركات
    324

    افتراضي رد: خنساء هذا العصر

    جزاك الله خيرا و راوي الحادثة لا إله إلا الله اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: خنساء هذا العصر

    ( يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) .. في مثل هذه المواقف يظهر المؤمن الحق...سبحان الله العظيم
    اسأل الله ان يغفر لنا ويرحمنا و يميتنا ميتة حسنة ..آمين
    نظرت في دواوين السنة والأثر فلا أعلم امرأة صحابية ولا تابعية حُرّة ذكرت باسمها فلانة بنت فلان ثبت السند عنها صريحا أنها تَكشف وجهها للأجانبد.عبد العزيز الطريفي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •