عَبر مَسِيرةِ حَياتِنا نَشهَدُ بعضِ التَجَارُبِ المُختلِفةِ ، والتِي نَظْمنُ فِي بعضٍ منهَا لأنفُسِنا المزْجُ الدقِيقُ بين عَناصِرهَا/ تَفَاصِيلِها، بل وَالتثَبُتُ من المُوازنةِ بين المُركبات / المُجرياتِ المُحدَثةِ خِلالهَا ،وَقبل القِراءةِ لِنتائِجِ تَفَاعُلاتِهَا نَرْسِمُ خُطوطاً عَرِيضةً لِحَقِيقةِ تِلكَ التفاعُلات ،وَماإن تتجسَدُ الحَقائِقُ / الوَقَائِعُ المُضَادةُ لِتنَبُؤاتِنا إلا وأن أحدثْنا تَفاعُلا ًسِلبِياً مَعَ تِلك النتَائِجُ السِلبِيةُ ظَاهِراً لِتِلكُم التَجرُبةُ مُتَجاهِلِين الحَقِيقة الفِعلِية / الباطنة لِكُلِ التجَارُبِ الكونِيةِ والبشَرِيةِ: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).
وَهَذَا حَالُنَا إلا مَنْ رَحِمَ اللهُ مِنْا نَكرهُ ظَوَاَهِرُ الأمُورِ وَمَافِي بَواطِنُهَا إلا خَيرٌ وَحدَهُ جَلَّ شأنُهُ منْ يَعْلَمُهَا فَحقِيقٌ بِالمُؤمِنِ أنْ يَرْضَى وَيُسلِمُ بِما قُدِرَ لهُ من المَنانِ الرْحمن،غَيرَ أنهُ يَجْتَهِدُ معْ ذلكَ بأخْذِ الأسْبَابِ،مُتي قِناً عَارِفَاً بِأنْهُ لنْ يَضِيرَهُ بِإذنِ اللهِ شِئءٌ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمْ فِي الحَدِيثِ الذِي يَرْوِيْهُ عنهُ أَبِي سَعِيٌد أنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمْ قَالَ لابْنِ عَبَاسٍ: {
يَا غُلامْ ، أَوْ يَا غُلَيم ، احْفَظْ عَنِي كَلِمَاتٍ ، لَعَلْ الله أنْ يَنْفَعَكَ بِهِنْ : احْفَظِ الله يَحْفَظْكَ ، احِفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، احْفَظِ الله فِي الَرخَاءِ يَحْفَظُكَ فِي الشِّدَةِ ،وَإذَا سَأَلْتَ فَاسْألِ الله ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله ، جَفْ القَلَمْ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، فَلَوْ جَهِدَ الخَلائِقُلَمْ يُعْطُوْكَ شَيئَاً لَمْ يُقَدِرْهُ الله - عَزّوَجَلَّ - لَكَ مَا اسْتَطَاعُوا، أوْ يَمْنَعُوْكَ شَيئَاً قَدْرَهُ الله لَكَ ، مَا اسْتَطَاعُوا ذَلِكَ ، اعْمَلَّ بِاليَقِينِ مَعَ الرِضَا ، وَاعْلَمْ أنْ مَعَ العُسْرِ يُسْراً ، وَاعْلَمْ أنْ مَعَ العُسْرِ يُسْراً }.

وقد قَالَ ابنْ القَيَّم رَحِمهُ الله: "أنَّهُ يُريحُهُ مِن الأفكَارِ المُتعِبةِ في أنْوَاعِ لاخْتِيارَاتِ، ويُفرِّغُ قلبَه من التَّقْديراتِ والتَّدبيراتِ التي يَصعدُ منهافي عَقَبةٍ وينزِلُ في أُخرى، وَمَعْ هذا: فلاخُرُوْجَ لهُ عمَّا قُدِّر عليه، فلو رَضِيَ باختِيارِ الله؛ أصَابَه القدَرُوَهُو مَحْمُودٌ مَشْكُورٌ مَلْطوفٌبه فيه، وإلا: جرَى عليه القَدَرُ وَهُوَ مَذْمُومٌ غيرُ مَلْطوفٍ به فِيه؛ لأنَّه مَعْ اختِيارِهْ لِنَفْسِهِ".فَممَنْ أرَادَ أنْ يَبْلُغَ الرِضَاَ فلْيَلْزَمْ مَاجَعَلْ اللهُ رِضَاهُ فِيه،وَالرِضَا ليس بِتَرْكِ التَدْبِيرِوَال أسْبَاب وَمن ظَنْ ذلكَ فقَد طَعَنَ فِي الشَرِيعَةِ التِي جَاءَ بِها مُحَمْدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم.
كَمَا أنْ ثَمْةَ هُنَاكَ خَاصِيةٌ أخْرَى يُدْرِكُهَا الإنْسانُ بعد خوضِهِ لِتِيكَ التَجَارُبُ،فَه ُو يَتَعَلْمُ مِنْهَا فَتَكُونُ لهُ بِمَثَابَةِ دَوافِعُ يَتَجَاوزُ بِها،ومُثل ٌيَتَفَادَى بِهَن.


بقلم:
حسام محمد حسن.