تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    الحمد لله
    والصلاة والسلام على رسول الله
    وعلى آله وصحبه ومن والاه ,,,, أما بعد


    إن هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوءٍ ؛ ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين .
    توقيع / إمام دار الهجرة مالك بن أنس
    الصارم المسلول ص 580

    تتسارع الأيام , وتتوالى الحوادث , فما نُفيق من صدمةٍ إلا وتتلوها أخرى ! حتى صار أهل السنة كالغنم الشاتية , في وادي سباعٍ ضارية ؛ قلّ دَلِيلُهم , وإن كَثُر المدّعون لذلك , ولم يُسمع لناصحهم , لكثرة المنادين للفتن والمهالك , فلا سيفٌ حاصدٌ تُؤمّن به سُبُل المؤمنين إلى ربهم , ولا إيمانٌ رادعٌ لمن يسوّق الضلالة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم , والله المستعان .

    أيها المباركون
    نَعَقَ قبل أيامٍ غرابُ بَيْنٍ , نبّاشٍ عن الجيف , قائلا لأصحابه : هلمّوا إلى الطعام المرذول , يا عديمي الدينِ العقول ! فترازحت حوله قطعانٌ أشبه ما تكون في جِرمها إلى البشر عند الناظر من بعيد , فإذا قَرُبَ الناظر خَشِي على نفسه التصديق بقول إمام الملحدين دارون في أصل خلقة الإنسان !

    أيها المباركون
    إن المدافع عن السنة المطهرة يضيق وقته بأن يُدافع عنها في كل قولٍ شاذٍ وفاذّ , شارد ووارد , لكثرة المتربصين الحاقدين من مثيري الفتن بين الناس , لكن الحمل ثقيل على أهل العلم وطلبته في تبيين الحقائق للناس " مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " , ومن أعظم سُبل الدفاع : الذب عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بل هذا من أوجب الواجبات وأعظم القربات , ولو قسّمنا خطوط الدفاع الأُول في ديننا الإسلامي إلى ثلاثة خطوط والتي يحاول الأعداء بجميع فصائلهم الوصول إليها لهدمها لما بعُد :
    أولها : الله عز وجل
    وثانيها : رسوله صلى الله عليه وسلم
    وثالثها : الصحابة الكرام رضي الله عنهم .


    ولو أخذنا بقاعدة الأصوليين في الإلزام المُطّرد , لقلنا بأن المُتنقّص للصحابة يلزمه التنقُّص للنبي صلى الله عليه وسلم ودليله العقلي قول الإمام مالك رحمه الله الذي صدرتُ به المقال , فإذا ساغ لهم تنقُّص الصحابة كان ذلك مدخلا للتنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم فإذا وُجِدَ المدخل -عقليا -على النبي صلى الله عليه وسلم لحِقَ الله تبارك وتعالى النقص ! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
    فانظر إلى عظيم خطرهم على أديان الناس وعقائدهم !

    وفي دون هذا تُبرى الأقلام , ويُشرع الجهاد بالكلمة نصرة لله ورسوله وصحابة رسوله صلى الله عليه وسلم , فإن لم يُحمل القلم دفاعا عن هؤلاء العُصبة فو الله إن كسره متعيّن , والهرب من ميدان المعركة متقرر ؛ وحينئذ فناء الأمة خيرٌ من بقاءها , وباطن الأرض أستر من ظاهرها , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

    أيها المباركون
    سأستعرض على عجل بعض مآثر هذا الصحابي الجليل , ليُعرف قدره , وتتبيّن منزلته , فهو السيد ابن السيد , عظيم النسب , رفيع الحسب , أحد دهاة العرب المعدودين , وملوكهم العادلين , رضي الله عنه وعن أبيه , وجمعنا بهم في الجنان مع المصطفى صلى الله عليه وسلم .
    معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أميّة القرشي , أول ملوك هذه الأمة , وقد جاء عند الدارمي من حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه " أول دينكم نبوة ورحمة ، ثم ملك ورحمة ، ثم ملك أعفر ، ثم ملك وجبروت يُستحل فيها الخمر والحرير " .
    (2/1334) وله شواهد وحديث الباب فيه انقطاع !
    وقد جاء عنه رضي الله عنه قوله : " أنا أول الملوك " .
    ( مصنف ابن أبي شيبة 6/207 )

    وقد أسلم رضي الله عنه قبل أبيه وقبل الفتح وقيل في وقت عمرة القضاء (السير 3/120) لذا فهو ليس من الطلقاء ولا من المؤلفة قلوبهم وإن زعم كثيرٌ ذلك , بل أصبح القول لشهرته كالمُسلّمة عند بعضهم !

    فقد جاء عنه رضي الله عنه قوله : " أسلمتُ يوم القضيّة وكتمتُ إسلامي خوفا من أبي " أي يوم عمرة القضاء .
    (ابن عساكر 5/19) .

    وجاء عنه رضي الله عنه قوله : " لما كان عام الحديبية ، وصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت ، وكتبوا بينهم القضيّة ، وقع الإسلام في قلبي ، فذكرتُ لأمي ، فقالت : إياك أن تخالف أباك ، فأخفيت إسلامي ، فو الله لقد رحل رسول الله من الحديبية وإني مصدقٌ به ، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم . وعلم أبو سفيان بإسلامي ، فقال لي يوما : لكن أخوك خيرٌ منك وهو على ديني ، فقلت : لم آل نفسي خيرا ، وأظهرت إسلامي يوم الفتح ، فرحّب بي النبي صلى الله عليه وسلم وكتبت له "
    (ابن سعد 7/406) .

    قال الذهبي رحمه الله بعد أن ساق هذا الأثر : قال الواقدي : " وشهد معه حنينا , فأعطاه من الغنائم مائة من الإبل ، وأربعين أوقية ."

    قلت " أي الذهبي " : الواقدي لا يعي ما يقول ، فإن كان معاوية كما نُقل قديمُ الإسلام ، فلماذا يتألّفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ولو كان أعطاه ، لما قال عندما خَطَبَ فاطمة بنت قيس : أما معاوية فصعلوك لا مال له "
    (السير 3/122)

    وقد ثبَتَ أن معاوية رضي الله عنه كان كاتبا للوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , ففي صحيح مسلم أن أبا سفيان رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال ذكر منها " وأن تجعل معاوية كاتبا بين يديك , قال نعم " (4/1945)
    وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنهما " أدع لي معاوية " وكان كاتبه . (5/217)

    وأصله في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب ، قال فجاء فحطأني حطأة ، وقال : «اذهب وادع لي معاوية» قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، قال : ثم قال لي : «اذهب فادع لي معاوية» قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : «لا أشبع الله بطنه». (4/2010)
    وقد تمسّك بهذا الحديث بعض المفتونين للقدح في معاوية رضي الله عنه , ولا ممسك لهم في ذلك !

    وتخريج هذا الحديث واضح كما بوّب عليه النووي رحمه الله بقوله " باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبّه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك , كان زكاة وأجرا ورحمة " !
    وقال الذهبي رحمه الله : " أشبه منه _أي الحديث_ قوله عليه السلام اللهم من سببته أو شتمته من الأمة فاجعلها له رحمة "
    ( السير 3/124)

    وقد جاء في فضائله كثير من الأحاديث لكن عامتها ضعيف الإسناد , والثابت قوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه : " اللهم أجعله هاديا مهديا وأهد به " كما عند ( الترمذي 5/687 ) , و( أحمد 29/426) وغيرهما من طرق كثيرة يدل مجموعها على ثبوت الخبر .
    أما ثناء الصحابة عليه فكثير جدا يحتاج لكراريس وكراريس , منها :

    قول عمر رضي الله عنه : " هذا كسرى العرب "
    ( أسد الغابة 4/145)

    وقال علي رضي الله عنه : " لا تكرهوا إمارة معاوية , فو الذي نفسي بيده ما بينكم وبين أن تنظروا إلى جماجم الرجال تندر عن كواهلها كأنها الحنظل إلا أن يفارقكم معاوية " .
    ( مصنف ابن أبي شيبة 7/548 )

    وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكان ممن اعتزل الفتنة : " ما رأيت أحدا بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب . يعني معاوية " .
    ( تاريخ الإسلام 2/544)

    وقال ابن عمر رضي الله عنهما : " ما رأيت أحدا بعد رسول الله أسود من معاوية» ، قيل : ولا أبو بكر ؟ قال : «ولا أبو بكر ، قد كان أبو بكر خيرا منه ، وكان أسود منه» قيل : ولا عمر ؟ قال : «والله لقد كان عمر خيرا منه ولكنه كان أسود منه» . قيل : ولا عثمان ؟ قال : «والله إن كان عثمان لسيدا ولكنه كان أسود منه "
    ( الآحاد والمثاني 1/379 )

    وقال ابن عباس رضي الله عنهما : " ليس أحدٌ منا أعلم من معاوية "
    ( مصنف عبد الرزاق 3/20 )

    وقال كعب بن مالك رضي الله عنه : " لن يملك أحد هذه الأمة ما ملك معاوية " .
    ( الطبقات الكبرى 4/111 ) .

    وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه : " احذروا قرم قريش وابن كريمها من يضحك عند الغضب ، ولا ينام إلا على الرضا ، ويتناول ما فوقه من تحته " .
    ( العقد الفريد 5/111 )

    وقال أبو الدرداء رضي الله عنه _وكان بينه وبين معاوية شيء_ : " ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا يعني معاوية "
    ( مسند الشاميين 1/168 )

    وقد كان مُحسنا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , وقد سارت بهذا الركبان , وتواتر حتى كاد أن يستقيم بلا برهان ومن ذلك :
    قال سعيد بن عبد العزيز : " قضى معاوية عن عائشة ثمانية عشر ألف دينار " .
    ( البداية والنهاية 8/136 )

    وقال عروة رحمة الله : " بعث معاوية مرة إلى عائشة بمائة ألف فو الله ما أمست حتى فرقتها " .
    ( سير أعلام النبلاء 3/154 )

    وقال قتادة رحمه الله : " قال معاوية لابن عباس رضي الله عنهم : " لا يسوؤك الله ولا يحزنك في الحسن . قال : أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسوؤني الله , ولن يحزنني !
    قال : فأعطاه ألف ألف من بين عروض وعين , وقال : أقسمه في أهلك
    .
    ( سير أعلام النبلاء 3/156 )

    وأصل هذا البحث هو لدفع الشبه المثارة على معاوية رضي الله عنه , وإلا لو كان لتعديد مآثره لضاق بياض الورق بسواده , وسأستعرض بعض ما يذكره المخالفين عن معاوية رضي الله عنه لدفع شبه المدلسين على عوام المسلمين :

    الشبهة الأولى : قالوا أنه كان يسبّ النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه وأنه أسلم نفاقا !

    وهذه الفرية يدندن حولها الرافضة وبعض المترفضين ممن تلبس لبوس أهل السنة زورا كحسن فرحان المالكي " قيّض الله له يدا من الحق حاصدة " .
    والعجيب أن في هذه الفرية الدويّة لا يقدمون لها نقلا ولا عقلا ؛ سوى بعض القصص التي يدور قطب رحاها على وضّاع أو متهم بالكذب ؛ والرد عليها من وجوه :

    أولا : كان إسلام معاوية رضي الله عنه في مكة قبل الفتح كما جاء مقررا في أول البحث .
    ثانيا : لم يثبت عن معاوية سبٌ لعلي رضي الله عنهما فضلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم !

    ويدل لذلك أنه مات رضي الله عنه وعمره 77 سنة , عام 60 للهجرة , ولو عملنا حسبة يسيرة لقلنا أنه ولد قبل البعثة بثلاث سنين وقد جاء أن أمه هند بنت عتبة رضي الله عنها كانت ترقصه وهو صغير أيام بعثته صلى الله عليه وسلم , فيصبح عمره حين أسلم بعد ذلك قبيل البلوغ أو بعده بيسير على ما تقرر من أن إسلامه كان قبل الفتح , وبهذا انتفت سُبته للنبي صلى الله عليه وسلم لصغر سنّه وعدم ورود الدليل على ذلك .

    ثالثا : مسألة نفاقه وهي مسألة تنادي على نفسها وقائلها بالخذلان ومع ذلك وجدت من عديمي العقل والدين من يتشبّث بها وينتصر لها !
    ولا يوجد أحد من السلف قال بهذا القول , حتى من أُتهم بالكذب في السيرة والتاريخ كالواقدي والكلبي وغيرهما !

    وعليه فحقوق هذا القول موسومة للرافضة والمترفّضين كالسّابق ذكره نسأل الله العافية في الدين والدنيا !
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ومعاوية وعمرو بن العاص وأمثالهم من المؤمنين ؛ لم يتهمهم أحد من السلف بنفاق " .
    ( الفتاوى 3/449)

    الشبهة الثانية : قتاله لعلي رضي الله عنه :

    وقبل الشروع في جر ذيول هذه المسألة , يجب أن نعرف أن أنداد الهاشميين في الشرف والعز والسؤدد هم بنو أمية , ولذا لما سُئل المنصور العباسي عن أكفائهم من العرب فقال : أكفاؤنا أعداؤنا بنو أمية " .
    ( الطبري 5/554 )

    ولأجل هذا التسابق على الرياسة والعز والشرف بين بني هاشم وبني أمية تكثر الحزازات بين النفوس وهذا أمر طبعي جبلي .
    ولعلي أضرب مثالين في هذا الباب يبين بوضوح أثر هذا الأمر على المتنافسين على الزعامة القرشية :

    المثال الأول :
    فهذا أبو جهل بن هشام الأموي منعه من الدخول في الإسلام منافسته لبني هاشم على السؤدد والشرف , قال المغيرة بن شعبة : إن أول يوم عرفت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أني كنت أمشي مع أبي جهل بمكة ، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا أبا الحكم ، هلم إلى الله وإلى رسوله وإلى كتابه أدعوك إلى الله ، فقال : يا محمد ، ما أنت بمنته عن سب آلهتنا ، هل تريد إلا أن نشهد أن قد بلغت ، فنحن نشهد أن قد بلغت ، قال : فانصرف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علي فقال : والله إني لأعلم أن ما يقول حق ولكن بني قصي قالوا : فينا الحجابة ، فقلنا : نعم ، ثم قالوا : فينا القِرى ، فقلنا : نعم ، ثم قالوا : فينا الندوة ، فقلنا : نعم ، ثم قالوا : فينا السقاية ، فقلنا نعم ، ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا : منا نبي ! والله لا أفعل .
    ( مصنف ابن أبي شيبة 7/255 )

    المثال الثاني :
    وهذا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه دخل في الإسلام حمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم , قال محمد بن كعب القرظي : كان إسلام حمزة بن عبد المطلب رحمه الله حمية، وكان رجلا راميا ، وكان يخرج من الحرم فيصطاد ، فإذا رجع مر بمجلس قريش ، وكانوا يجلسون عند الصفا والمروة ، فيمر بهم فيقول : رميت كذا ، وصنعت كذا وكذا ، ثم ينطلق إلى منزله ، وأقبل من رميه ذات يوم ، فلقيته امرأة ، فقالت : يا أبا عمارة ، ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل بن هشام ؟ تناوله وفعل به وفعل . فقال : هل رآه أحد؟ قالت : إي والله لقد رآه ناس . فأقبل حتى انتهى إلى ذلك المجلس عند الصفا والمروة ، فإذا هم جلوس وأبو جهل فيهم ، فاتكأ على قوسه ، فقال : رميت كذا وفعلت كذا ، ثم جمع يده بالقوس ، فضرب بها بين أذني أبي جهل ، فدق سيتها ، ثم قال : خذها بالقوس ، وأخرى بالسيف , أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه جاء بالحق من عند الله " .
    ( المعجم الكبير 3/139 )

    وبعد هذين المثالين يُعلم ما كان بين الحيين من المنافسة , وعلي رضي الله عنه من هاشم , ومعاوية رضي الله عنه من أمية كما هو معلوم , فلا يحق لأحد الكلام في هذه المسائل المفصلية إلا بعد أن يعلم واقعهم .

    أما مسألة قتال معاوية لعلي رضي الله عنهما , فيُخطئ كثير من المؤرخين بإرجاع سببها إلى الملك والمنازعة عليه , وللأسف تجد كثيرا ممن يُنسب إلى العلم لم يحقق في هذه المسألة!

    ومعاوية رضي الله عنه لا يقول بأنه أحق بالخلافة من علي رضي الله عنه ؛ بل كان يصرّح بأن عليّا رضي الله عنه أفضل منه , فقد جاء أبو موسى الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له : أنت تنازع عليّاً أم أنت مثله؟ فقال معاوية : لا والله ! إني لأعلم أن علياً أفضل مني ، وإنه لأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قُتل مظلوماً وأنا ابن عمه ؟ وإنما أطلب بدم عثمان ؛ فأتوه فقولوا له ، فليدفع إليّ قتلة عثمان ، وأُسلم له "
    ( ابن عساكر 4/223 )

    فكان مطلب معاوية رضي الله عنه هو القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه وبعدها يُسلّم الأمر لعلي رضي الله عنه !
    وقد جاء في مصنف أبن أبي شيبة عن أبي بردة قال : قال معاوية رضي الله عنه : " ما قاتلت عليا إلا في أمر عثمان " . (6/187) .

    وهذا حق كفله الشارع له فهو ابن عمه وزعيم قومه من بني أمية , وقد فهم هذا الصحابة رضي الله عنهم فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : "لو أن الناس لم يطلبوا بدم عثمان لرجموا بالحجارة من السماء "
    ( المعجم الكبير 1/84)

    ولذا كان في عسكر معاوية رضي الله عنه كثير من الصحابة يدعون بدعواه في طلب القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه , وكان عامة من حاصر عثمان وقتله قد دخل في معسكر علي رضي الله عنه ؛ قال معاوية رضي الله عنه : " إنه قد شهد معي صفين ثلاث مائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ما بقي أحد من جميع من شهدها معي " .
    ( مسند الشاميين 3/268 )

    أيها المباركون
    يجهل كثير من الناس ما دار من فتن عظام في تلك الحقبة , ويحسب أن الأمر سهل لدرجة أن بعضهم تبلُغ به السذاجة إلى القول مباشرة بأن معاوية رضي الله عنه ومن معه من الصحابة على خطأ لا لبس فيه ترديدا لما يسمع !

    والأمر ليس بهذه السهولة فقد كانت الفتن تموج موجا , فأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قُتل في داره وبين يدي زوجته قتلة بشعة , لو قُتلها أحد من أهل البيت لنسي الرافضة مناحتهم على الحسين رضي الله عنه وتعلّقوا بها لشناعتها !

    ثم لجئ القتلة لصفوف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وهو لا يستطيع القصاص منهم لأنهم أبناء قبائل شرسة بل بعضهم زعماء في أقوامهم , فنسِئ عليٌّ رضوان الله عليه أمرهم حتى يستتب له الحكم , لكن معاوية رضي الله عنه طالب بدم ابن عمّه الذي لم يجف بعد , وفي صف هذا وهذا من يُضرم النار بينهما خصوصا قتلة عثمان خوفا على مصيرهم إذا تم الأمر !
    وعلي رضي الله عنه ومن معه يستدلون بحديث " عمّار تقتله الفئة الباغية "
    ( البخاري 1/97 , ومسلم 4/223 )

    ومعاوية رضي الله عنه ومن معه يستدلون بحديث كعب بن مُرّة الذي قاله أمَامَ الجيش حيث قال رضي الله عنه : " لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت , ذكر _ النبي صلى الله عليه وسلم_ الفتن فقرّبها ، فمر رجل مقنع في ثوب فقال : «هذا يومئذ على الهدى» ، فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان قال : فأقبلت عليه بوجهه ، فقلت : هذا؟ قال : «نعم» .
    ( سنن الترمذي 5/628 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح .

    وفي زيادة عند ابن أبي شيبة : " هذا وأصحابه يومئذ على الحق " يعني عثمان رضي الله عنه . ( 6/360 ) .

    ولما عُرض على معاوية رضي الله عنه حديث " عمار تقتله الفئة الباغية " قال متأولا : " إنما قتله الذين جاءوا به " .
    ( المسند 11/42 )

    وهنا لفتة لطيفة : لو كان معاوية رضي الله عنه خرج بطرا وحبا في الملك لما أتم الله له أمر الخلافة , هذا إذا علمنا أن عليّا رضي الله عنه أفضل وأولى من معاوية ومن أبيه رضوان الله عليهم باتفاق السادة العلماء , ولكن لما كان أمره للقصاص من قتلة ابن عمّه مكّن الله له ؛ قال الله تعالى : " وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا " .

    والعجيب أن بعضهم يأخذون حديث عمار رضي الله عنه للتشنيع وربما لتكفير من قاتل عليّا رضي الله عنه ! ويتركون الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق " ( 2/745 ) وفي لفظ آخر : " تكون في أمتي فرقتان ، فتخرج من بينهما مارقة ، يلي قتلهم أولاهم بالحق " !

    وهذا فيه دليل على أن الطائفتين مُريدتين للحق أو على الأقل قادتهما , ولكن عليّا رضي الله عنه ومن معه أقرب وأولى وأعدل من معاوية رضي الله عنه ومن معه , وأنظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " أولى الطائفتين بالحق " , وفي بعض الألفاظ : " أقرب الطائفتين للحق " ! فلم يقل أن الحق معها كله !

    ولذا قال بعض سادتنا من العلماء أن الحق كل الحق في هذه المسألة مع من قعد من الصحابة كسعد بن أبي وقاص , وعبد الله بن عمر , ومحمد بن مسلمة , وأسامة بن زيد وغيرهم رضي الله عنهم , واستدلوا بحديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ستكون فتنة ، وفرقة ، واختلاف ، فإذا كان ذلك فأتِ بسيفك أحدا ، فاضرب به عرضه ، واكسر نبلك ، واقطع وترك ، واجلس في بيتك "
    ( المسند 25/413 , وابن أبي شيبة 7/457 ) وسنده ليّن .

    وله شاهد من حديث أهبان بن صيفي الغفاري رضي الله عنه عند ( الترمذي 4/490 , وابن ماجه 2/1309 , والمسند 34/270 ) .

    فلم يُشر له صلى الله عليه وسلم بأحد الفريقين بل دلّ على اعتزال الفتنة .
    قال شيخ الإسلام : " إن أكثر الأكابر من الصحابة كانوا على هذا الرأي " _ أي الاعتزال –( الفتاوى 35/77 ) .

    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان فيكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة " ( البخاري 4/200 , ومسلم 4/2214 ) .
    وصدق بنفسي وأهلي صلى الله عليه وسلم , نعم دعواهما واحدة فعليٌّ يقول : بايع بالخلافة , ومعاوية يقول : لا أبايع حتى تسلم لي قتلة عثمان رضي الله عنهم أجمعين , فالدعوى واحدة : الخلافة لعلي وحق ولاية الدم لمعاوية لكن الفتنة إذا أطلت بقرنها حار فيها الناس والله المستعان .

    الشبهة الثالثة : سب معاوية لعلي رضي الله عنهما .
    ويتمسكون بما أخرجه مسلم في صحيحه أن معاوية قال لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما : " ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم " الحديث (4/1871 ) .
    وهو ما تمسّك به من فُتن بالتنقص من معاوية رضي الله عنه واعتبروه حجة ودليلا على أن معاوية كان يأمر بسب علي رضي الله عنهما !

    وفي هذا الحديث كلام لأهل العلم مطوّل سأختصره في ثلاث نقاط :
    1-أن معاوية لم يأمر سعدا بسبّ علي رضي الله عنهم بل أستفسره عن ذلك ولم يشنّع عليه عدم سبّه , ولو أراد ذلك لصرّح بأمر سعد بالسبّ فهو أمير المؤمنين ولن يحاسبه أحد إلا الله .
    2-أن السبّ وقع من جماعة عند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كما في المطالب العالية لابن حجر رحمه الله وسأسوق الأثر ليعلم القادح أن الصحابة رضي الله عنهم يقع منهم ما يقع من عامة الناس لأنهم ليسوا بمعصومين قال خيثمة : كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في نفر، فذكروا عليا رضي الله عنه فشتموه ، فقال سعد رضي الله عنه : مهلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا أصبنا ذنبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل : {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} وأرجو أن تكون رحمة من الله تعالى سبقت لنا ، فقال بعضهم : إن كان والله يبغضك ويسميك الأخينس ، فضحك سعد رضي الله عنه حتى استعلاه الضحك ، ثم قال : أو ليس الرجل قد يجد على أخيه في الأمر ، يكون بينه وبينه ، ثم لا يبلغ ذلك أمانته ، وذكر كلمة أخرى .
    قال ابن حجر : هذا إسناد صحيح ( 17/94 ) .

    قال النووي رحمه الله : " قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبّه وإنما سأله عن السبب المانع له من السب كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب فأنت مصيب ومحسن وإن كان غير ذلك فله جواب آخر "
    ( شرح صحيح مسلم 15/175 )

    3-ولو قيل تنزلا أن معاوية سب عليّا رضي الله عنهما فهذه معصية لا تصل لدرجة البراءة منه أو توجب لعنه وتكفيره والحكم بنفاقه ؛ قال شيخ الإسلام : " وحديث عمار تقتله الفئة الباغية " لا يبيح لعن أحد من الصحابة ولا يوجب فسقه " ( الفتاوى 35/79 )
    وقد أقتتلوا فيما بينهم ولم يثبت أن أحدا من السلف أتهمه بذلك فتأمل !
    وكيف يصحّ عقلا أن يسب معاوية عليّا رضي الله عنه وهو عندما جاءه نعي علي رضي الله عنه بكى واسترجع على ما فيه من ألم الطعنة ؛ فقالت له امرأته تبكي عليه وقد كنت تقاتله ! فقال لها : ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم "
    ( البداية والنهاية 11/429 )

    ولكن أهل الزيغ لا يحبون مثل هذه الآثار التي تأتي على باطلهم فتُدكدكه ! وهذا الأمر قد سُبقوا إليه فقد قيل لمعاوية رضي الله عنه : " أسرع إليك الشيب ؟ قال : كيف لا يسرع إلي الشيب ولا أعدم رجلا من العرب قائما على رأسي يكلمني كلاما يلزمني جوابه ، فإن أنا أصبت لم أُحمد ، وإن أخطأتُ سارت به البُرْد ؟
    ( المجالسة وجواهر العلم 5/367 )

    أيها المباركون
    وبعد هذه الجولة في سيرة هذا الرجل العظيم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم نختم بآخر أعماله رضي الله عنه , فعن عطية بن قيس قال : " خطبنا معاوية فقال : " إن في بيت مالكم فضلا عن أعطياتكم ، وأنا قاسم بينكم ذلك ، فإن كان فيه في قابل فضل ، قسمناه بينكم ، وإلا فلا عتيبة علينا فيه ، فإنه ليس بمالنا ، إنما هو فيء الله الذي أفاءه عليكم " .
    ( الأموال لابن زنجويه 2/565 ) .

    ولما جاء المدينة في آخر عهده رضي الله عنه قال : " إني لست بخيركم ، وإن فيكم من هو خير مني : ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو وغيرهما . ولكني عسيت أن أكون أنكأكم في عدوكم ، وأنعمكم لكم ولاية ، وأحسنكم خلقا "
    ( سير أعلام النبلاء 3/150 )

    وخطب في أخريات أيامه رضي الله عنه فقال : " إني من زرع قد استُحصد , وقد طالت إمرتي عليكم حتى مللتكم ومللتموني , وتمنيتُ فراقكم وتمنيتم فراقي , ولا يأتيكم بعدي خير مني , كما أن من كان قبلي خير مني , وقد قيل من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه , اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي "
    ( الطبقات الكبرى 4/81 )

    ولما أحتضر قال رضي الله عنه : " إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ، وإني دعوت بمشقص ، فأخذت من شعره ، وهو في موضع كذا وكذا ، فإذا أنا مت ، فخذوا ذلك الشعر ، فاحشوا به فمي ومنخري "
    ( سير أعلام النبلاء 3/159 )

    ولمّا نازعه الموت قيل له رضوان ربي عليه : " ألا توصي ؟ فقال : اللهم أقل العثرة ، واعف عن الزلة ، وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرجُ غيرك ، فما وراءك مذهب " .
    ( سير أعلام النبلاء 3/160 )

    وبهذا يُعرف كذب من زعم أن معاوية قال لابن عمر رضي الله عنهم يا عبد الله هل لي من توبة : فقال هيهات هيهات ! ثم قال معاوية : اللهم إن عبدك هذا يؤيسني من رحمتك فارحمني !
    وهذه القصة لا تحتاج لنظرٍ في ثبوتها لمن شم رائحة علم الحديث والأثر !
    ومع هذا فقد بحثتُ عن هذه الجائحة العلمية المكذوبة فلم أجد لها سندا لا صحيحا ولا ضعيفا بل ولا مختلق موضوع !

    وأظنها من تخريفاته العلمية التي أُصيب بها بأخرة !
    أضف لذلك أن معاوية رضي الله عنه مات بالشام وكان ابن عمر رضي الله عنهما في المدينة ؛ حتى إنه رفض بيعة يزيد حتى يبايعه الناس جميعا .
    نسأل الله أن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا .
    فائدة :
    لمعاوية رضي الله عنه مئة وثلاثة وستون حديثا , في الصحيحين منها ثلاثة عشر حديثا .
    أخوكم / موسى الغنامي
    .
    بريدي الإلكتروني
    mgsa2006@hotmail.com
    ومؤخرا صفحتي في تويتر
    https://twitter.com/#!/mgsa2006
    وفي الفيس بوك
    http://www.facebook.com/profile.
    قال ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ :
    ( ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية ( 1/355 ) . للتواصل mgsa2006@hotmail.com

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    الرمادي
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    جزا? الله خیرا
    ما رأی? حول بعض من إخواننا الذین لا یقولون عند ذ?ر معاویة ?لمة رضی الله عنه-قصدا و لا نسیانا- و حجتهم فی هذا أن هذا الصحابی لا یشمله آیة و السابقون الأوّلون من المهاجرین و الأنصار و الذین اتّبعوهم بإحسان رضی الله عنهم و رضوا عنهالآیة. وهم یقولون بأنه ما ?ان من السابقین و ما اتبعهم بإحسان ؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    الرمادي
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    جزا? الله خیرا
    ما رأی? حول بعض من إخواننا الذین لا یقولون عند ذ?ر معاویة ?لمة رضی الله عنه-قصدا و لا نسیانا- و حجتهم فی هذا أن هذا الصحابی لا یشمله آیة و السابقون الأوّلون من المهاجرین و الأنصار و الذین اتّبعوهم بإحسان رضی الله عنهم و رضوا عنهالآیة. وهم یقولون بأنه ما ?ان من السابقین و ما اتبعهم بإحسان ؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    حياك ربي أخي الفاضل ناصر صلاح
    هذا الأخ إما أن يُقرّ بأن معاوية رضي الله عنه صحابي فيشمله وعد الله لهم الوارد في قوله تعالى
    ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .
    أو يقول بأن معاوية رضي الله عنه ليس صحابيا أصلا وهذا لم يقل به أحد من السلف بل حتى الرافضة يقرون له بالصحبة !أما قوله بأنه رضي الله عنه ليس من التابعين لهم بإحسان فيظهر والله أعلم إما أنه رافضي يتمسح بأهل السنة أو أنه جاهل جهلا مطبق .
    قال ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ :
    ( ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية ( 1/355 ) . للتواصل mgsa2006@hotmail.com

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    الرمادي
    المشاركات
    107

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    حیا? الله أخی من جدید
    هذا الشخص الذی یقول هذا ال?لام هو ?ان شیعیا من قبل و أصبح سنیا و الحمدلله، و دلیل قوله فی مسألة الاتباع بإحسان حیادته رضی الله عنه عن قضیة الشوری و أیضا حدیث رسول الله صلی الله علیه وسلم عن قاتلي عمار رضی الله عنه.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    أما مسألة عدم جعل الأمر شورى فهذه خطيئة لا تستوجب سبه ولعنه والله يغفر لهأما مسألة حديث عمار وقاتليه فقد أجبتُ على ذلك في البحث فراجعه بوركت .
    قال ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ :
    ( ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية ( 1/355 ) . للتواصل mgsa2006@hotmail.com

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    كثر الكلام في بعض المواقع الحوارية على عدة مسائل بشأن معاوية رضي الله عنه

    وتم ولله الحمد بحثها بحثا مختصرا توصل الفائدة بإذن الله وسأدرجها هنا تباعا لتعم الفائدة .

    أولى المسائل التي كثر حولها اللغط هي مسألة قتل معاوية رضي الله عنه لحجر بن عدي رحمه الله

    وهل هو صحابي أو تابعي , ولماذا قتله معاوية رضي الله عنه وغير ذلك من الإشكالات ! وإليكم نص الرد :

    هو حجر بن عدي بن جبلة الكندي , قيل أنه صحابي و وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله : ابن سعد ( الطبقات 6/217 ) , والحاكم ( المستدرك 3/468 ) , وابن عبد البر ( الاستيعاب 1/239 ) , والذهبي ( السير 3/463 ) .

    وقيل أنه تابعي وليس له صحبة قاله : " ابن معين ( الإصابة 2/34 ) , والبخاري ( التاريخ الكبير 1/258 ) , وابن سعد أيضا ( الطبقات 6/151 ) , وخليفة خياط ( التاريخ 2/445 ) , وأبو حاتم ( 3/446 ) , وابن حبان ( علماء الأمصار 1/648 ) , وابن العربي ( العواصم 1/220 ) ,

    قال أبو أحمد العسكري : " أكثر المحدثين لا يصححون له صحبة"

    ( البداية والنهاية 8/50 )

    وهو الراجح لعدة أمور :

    أنه لم يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء , مع أن القائلين بصحبته قالوا بأنه وفد عليه , إلا حديثا واحدا في المستدرك وهو ضعيف الإسناد إليه .
    أن القائلين بعدم صحبته هم أئمة الشأن في علم الرجال , ووزن واحد منهم كيحيى بن معين أو البخاري أو أبو حاتم يرجح بكفة المخالفين مجتمعين , كيف وقد اجتمعوا ؟!
    أن معرفة الرجال موكولة بالمحدثين لا المؤرخين والقُصّاص وقد جاء بأن أكثرهم على عدم الصحبة .

    كان حجر بن عدي رحمه الله يتشيّع لعلي رضي الله عنه ( وفرق عظيم بين تشيّع بعض التابعين ورافضة اليوم ) , وكان تجاوز الله عنه يحمل على عثمان رضي الله عنه , وكان أمير المصر في تلك الحِقبة هو المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وفيه من الحلم ولين الجانب ما لا يُنكره مؤرخ , فقام مرة يخطب في الناس فقال :

    " اللهم ارحم عثمان بن عفان , وتجاوز عنه وأجزه بأحسن عمله فإنه عمل بكتابك واتبع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم , وجمع كلمتنا وحقن دماءنا وقُتل مظلوما , اللهم فارحم أنصاره وأولياءه ومحبيه والطالبين بدمه , ثم دعا على قتلته . فقام حجر بن عدي فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجا منه ؛ وقال : إنك لا تدري بمن تُولع من هَرَمِك ؛ أيها الإنسان : مُر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنك قد حبستها عنا وليس ذلك لك ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك ؛ وقد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين ( يعني عليا رضي الله عنه ) وتقريظ المجرمين ! فقام معه أكثر من ثلثي الناس يقولون صدق والله حجر وبرَّ , مُر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنا لا ننتفع بقولك هذا , ولا يجدي علينا شيئا وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه ؛ فنزل المغيرة فدخل واستأذن عليه قومه فأذن لهم فقالوا : علام تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة ويجترئ عليك في سلطانك هذه الجرأة ؟ إنك تجمع على نفسك بهذا خصلتين أما أولهما فتهوين سلطانك وأما الأخرى فإن ذلك إن بلغ معاوية كان أسخط له عليه , فقال لهم المغيرة : إني قد قتلته ! إنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شر قتلة ؛ إنه قد اقترب أجلي وضعف عملي ولا أحب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم فيسعدوا بذلك وأشقى , ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة , ولكني قابل من محسنهم وعاف عن مسيئهم وحامد حليمهم وواعظ سفيههم حتى يفرق بيني وبينهم الموت سيذكرونني لو قد جربوا العمال بعدي"

    ( البداية والنهاية 3/219 ) .

    فلما مات المغيرة رضي الله عنه نصّب معاوية رضي الله عنه زياد بن أبي سفيان على العراقين ( الكوفة والبصرة ) , فكان أول أمره أن دعا حجر بن عدي رحمه الله وقال له :

    " تعلم أني أعرفك وقد كنت أنا و أباك على أمر قد علمت يعني من حب علي وأنه قد جاء ذلك ، و إني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فاستفرغه كله ، أملك عليك لسانك ، و ليسعك منزلك ، وهذا سريري فهو مجلسك ، و حوائجك مقضيّة لدي ، فاكفني نفسك فإني أعرف عجلتك ، فأنشدك الله في نفسك ، و إياك و هذه السَقَطة وهؤلاء السفهاء أن يستنزلوك عن رأيك . فقال حجر : قد فهمت ، ثم انصرف إلى منزله .

    ( الطبقات 6/218 ) .

    ثم ما لبث الشيعة يتوافدون على حجر في منزله ويؤلبونه على الخروج ؛ فلما سمع زياد بذلك بعث لحجر بن عدي مولاه ليأتي إليه فأبى أن يأتيه ، ثم أعاده الثانية فأبى أن يأتيه قال : فأرسل إليه ، «إني أحذرك أن تركب أعجاز أمور هلك من ركب صدورها "

    ( المستدرك 3/530 )

    وكان زياد يُقسّم ولايته في العام على البصرة والكوفة فلمّا خرج للبصرة قام الشيعة بتأليب حجر بن عدي رحمه الله على الخروج ونزع الطاعة , فما زالوا به حتى خرج ولعن معاوية وخرج معه قرابة ثلاثة آلاف , وحصبوا نائب زياد وهو على المنبر وكان عمرو بن حريث فكتب عمرو من حينه إلى زياد

    " إن كان لك حاجة بالكوفة فالعجل العجل , فقفل راجعا من ساعته , فبعث لحجرٍ وجهاء الصحابة في الكوفة عدي بن حاتم ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وخالد بن عرفطة رضي الله عنهم وأرضاهم لينهوه ، فأتوه فجعلوا يحدثونه ولا يرد عليهم شيئا ، بل جعل يقول : يا غلام أعَلَفْت البكر ؟ لبكر مربط في الدار ! فقال له عدي بن حاتم رضي الله عنه : أمجنون أنت ؟ نكلمك وأنت تقول : أعلفت البكر ! ثم قال عدي لأصحابه : ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى . ثم نهضوا فأخبروا زيادا ببعض الخبر و كتموه بعضا ، و حسّنوا أمره وسألوه الرفق به فلم يقبل ، بل بعث إليه الشرط والمحاربة فأتي به وبأصحابه ، فقال له : مالك ويلك ؟ قال : إني على بيعتي لمعاوية ، فجمع زياد سبعين من أهل الكوفة (ممن يشهد بأن حجرا نكث البيعة) فقال : اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ، ففعلوا ، ثم أوفدهم إلى معاوية .

    ( البداية والنهاية 3/230 )

    فلما دخل على معاوية رضي الله عنه وكلّمه قال :

    " هذه بيعتي لا أقيلها ولا استقيلها سماع الله والناس "

    ( المعجم الكبير 4/34 ) .

    فاحتار معاوية في أمرهم واستشار الناس في كلام يطول جدا ثم أمر بقتل حجر وأصحابه رحمهم الله في مرج عذراء , فساروا بهم إلى المكان , فرأى معاوية رضي الله عنه أن يخلّي عنهم وينفيهم من الكوفة فأرسل مرسوله بذلك , لكن سبق السيف العذل فقد قتل نصفهم وكانوا أربعة عشر رجلا , فقتل سبعة وفيهم حجر بن عدي رحمه الله .

    ( الطبقات الكبرى 6/218 ) .

    فرحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جنانه .

    وكان حجر بن عدي رحمه الله ذا مكانة ووجاهة وصلاح وتنسُك وعبادة حتى قيل أنه راهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المستدرك 3/531 ) .

    ولمَّ عتبت عائشة على معاوية رضي الله عنهما في مقتل حجر قال :

    " يا أم المؤمنين إني وجدت قتل رجل واحد في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم "

    ( ابن عساكر 14 / 229 ) .

    وكان معاوية رضي الله عنه يكثر من ذكره لحجر بن عدي رحمه الله حتى جاء في المستدرك قول أبي زرعة بن عمرو بن جرير :

    " ما وفد جرير قط إلا وفدت معه ، وما دخل على معاوية إلا دخلت معه ، وما دخلنا معه عليه إلا ذكر قتل حجر بن عدي "

    ( 3/532 ) .

    وكان معاوية ذا ورع رضي الله عنه فلو كان خلاف ذلك كما يثيره الرافضة والمترفضين كحسن فرحان المالكي وبعض الجهلة لما طرفت له عين في مقتل رجلٍ واحد كحجر وغيره , بل جاء عند الطبراني أن عائشة لما أكثرت على معاوية رضي الله عنهما في أمر حجر رحمه الله قال :

    " دعيني وحجرا حتى نلتقي عند الله "

    ( المعجم الكبير 9/319 )

    وكثير من الأخوة أحق بهذه الكلمة فيقال لهم " دعوهم حتى يلتقوا عند العدل سبحانه وتعالى " .

    هذا ما وسع الوقت لتحريره في هذه المسألة على كثرة الروايات وغالبها مكذوب مختلق من روايات الوضاعين والقصاص الجهلة , ولكن للمخالفين كما قال ابن المبارك رحمه الله :

    " بيننا وبينكم القوائم " أي الأسانيد . رواه مسلم .
    قال ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ :
    ( ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية ( 1/355 ) . للتواصل mgsa2006@hotmail.com

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: المآثرُ الحِسان لخير ملوك الأمة معاوية بن أبي سفيان

    وصلتني هذه الرسالة عبر البريد من أخ أحسبه مسترشدا
    طرح عليّ عدة مسائل وسأذكر مسألته بلون مغاير ثم الرد عليها
    فقال هداني الله وإياه للحق

    أريد أن أسألك عن موضوع بحثك عن معاوية بن أبي سفيان

    أولاً /. موضوع عدم الأخذ بثأر عثمان بعد أن تمكن له الأمر ما دام أنه بسبب هذه الثأر قتل ما لا يقل عن ٧٠ الف صحابي ؟

    معاوية رضي الله عنه صحابي جليل وكاتب وحي الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم وهذه لابد أن نتفق عليها جميعا معاشر المسلمين .
    ثم إن عليّا رضوان ربي عليه لم يكن راضيا على قتلة عثمان وقد كانوا في جنده وكانوا بالعدد والرياسات بين أقوامهم الأمر الذي يصعب على خليفة كعلي رضي الله عنه أن يأخذ بالقصاص لعثمان وهو لم يستتب له الأمر , وهذا ما جعله يؤخر القصاص وهذه من حكمته رضوان ربي عليه .
    لكن في المقابل لا يلام معاوية رضي الله عنه بمطالبته بدم ابن عمّه عثمان رضي الله عنه .
    ثم إن معاوية رضي الله عنه بعد خلافته تتبع قتلة عثمان واقتص منهم وفرّ البقية واحتموا بقبائلهم وكانوا في الغالب بعيدا عن مركز الخلافة " دمشق " .
    وتقول بأن الفتنة قتل فيها ما لا يقل عن 70 ألف صحابي !!!
    ولم أسمع بهذا في حياتي كلها مع أني قرأت في التاريخ من عهد آدم عليه السلام حتى وقتنا المعاصر !!!
    فأكثر ما قيل أنه قتل فيها 70 ألف من الطرفين وكان فيهم صحابة وتابعين ,فتأمل

    أما العدد فمبالغ فيه جدا , فأكثر الصحابة كانوا معتزلين للفتنة , ثم قد ذكرت في البحث أن موقعة القادسية مع الفرس واليرموك مع الروم جمع لها المسلمون كل مجمع فلم يتجاوز معسكر المسلمين كاملا 40 ألف في كلا الوقعتين ؛ فكيف يقال بأن موقعة صفين خلّفت 70 ألفا وهي بين معسكرين عسكر الشام وعسكر العراق !!!

    ثانياً/. موضوع لعن معاوية لعلي عليه السلام على المنابر الى عهد عمر بن عبدالعزيز ؟

    موضوع لعن معاوية لعلي رضي الله عنهما , كذبة تنادي على نفسها وراوي هذه الفِرى رجل رافضي أكثر عن الطبري في تاريخه يقال له أبو مخنف يحيى بن لوط وهو شيعي محترق بل كان يرى بأن عليّا رضي الله عنه رفع للسماء كما رفع عيسى عليه السلام , ويقول بأن الرعد هو صوت علي والبرق ضحكته , فكيف يُأخذ من مثل هذا المجنون كلام !!!

    ثالثاً/. عدم استجابته لدعاء الرسول له حتى دعى عليه الرسول صلى الله عليه و سلم ؟

    أما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يشبع بطنه فقد تكلمت عنه في البحث ونقض كلامك نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمعاوية بأن يجعله هاديا مهديا ويهدي به !
    وعلى قاعدتك يقال : بأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على معاذ رضي الله عنه بالموت ! فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ! ودعا على أم المؤمنين بالهلاك فقال : عقرا حلقا ! وتبرأ من خالد حينما قال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد !

    رابعاً/. نسبته زياد الى ابيه ابي سفيان مع أنه ابن زنا و توليته على الجيوش ؟

    أما استلحاق زياد بن أبي سفيان فهذا اجتهاد منه وقد وافقه كثير من الصحابة وخالفه كثير , وخلاصة الأمر أن أبا سفيان رضي الله عنه أقرّ بنسب زياد لنفسه في حادثة مشهورة في التاريخ , فشهد خمسين رجلا من قريش عند معاوية رضي الله عنه بذلك فأخذ بشهادتهم , فلمّا ليم على ذلك قال : " والله لقد علمت العرب أنى كنت أعزها في الجاهلية وإن الاسلام لم يزدني إلا عزا وإني لم أتكثر بزياد من قلة ولم أتعزز به من ذلة ولكن عرفت حقا له فوضعته موضعه " .
    ( الطبري 4/163 )

    خامساً/ لماذا يقول أحد الصحابة عندما ذهب للشام في أيام معاوية و الله مابقي مما كان على عهد الرسول الا هذه الصلاة أو عبارة هكذا ؟

    كان بعض الصحابة ينكر على معاوية رضي الله عنهم بعض الأمور كما كانوا ينكرون على أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى بعضهم رضي الله عنهم أجمين وكان فيهم من الغيرة ما يجعلهم يحتاطون لكل شيء فيه مخالفة ولو يسيرة , وهذا معروف من حالهم , فلمَ تثار مخالفاتهم على معاوية وتترك مخالفتهم على عليّ رضوان الله عليهم أجمعين ؟

    سادساً/ لماذا لم يناصر ابن عمه في الفتنة و تركه للغوغاء ؟

    هذه المسألة كان حِملها على عليّ رضي الله عنه أكبر !
    فقد كان في المدينة مع عثمان رضي الله عنهما ومعاوية في الشام !

    وقد حاصر الخوارج المدينة 20 يوما وكان معظم جند المدينة في الحج ومن كان في المدينة لم تكن لهم مقدرة في دفع هؤلاء الخوارج , فلمّا رأى عثمان رضي الله عنه الوضع أقسم على الناس بأن لا يدافعوا عنه وكان يقول :
    " والله لا أكون أول من خلف محمدا صلى الله عليه وسلم في أمته بالسيف " .
    ( منهاج السنة 2/39 )

    ولمّا أُتهم عليّا رضي الله عنه بما هو براء منه في دم عثمان كان يقول :
    " اللهم إني ابرأ إليك من دم عثمان "
    ( البداية والنهاية 4/333 )

    سابعاً/ إذا كان أسلم قبل فتح مكة و لم يكن من الطلقاء لماذا يتألفه الرسول ؟

    معاوية رضي الله عنه لم يكن من مسلمة الفتح ولا الطلقاء ولا أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ليتألفه على الإسلام !
    ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة مئة من الإبل ؛ ولو كان أعطاه لما قال لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها حينما أتته تستشيره فيمن تقبل ممن خطبها : " أما معاوية فصعلوك لا مال له " !
    فكيف يكون صعلوكا " وهو الفقير المحتاج " وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم مئة من الإبل يوم حنين , ومعلوم أن مئة من الأبل تجعل الإنسان في ذلك الوقت من أثرى الأثرياء !!!

    وهذا ما أنتصر له الذهبي رحمه الله تعالى في السير فراجعه إن شئت .

    أرجو الإجابة بما يقنع من الأدلة و الروايات

    وليس بغضاً في الشيعة نساوي معاوية الطليق ابن الطليق بعلي بن أبي طالب ولي الله السابق في الإسلام
    !
    والله ما ساويته قط بعليٍ رضي الله عنه فعليٌ أفضل منه ومن أبيه , بل الحسن والحسين أفضل من معاوية وأبيه رضي الله عنهما أجمعين وهذا قول جماهير أهل السنة والجماعة إن لم يكن إجماعا عندهم , فتأمل !
    لكن بعض الأخوة يحسب أن ذكرنا لفضائل معاوية رضي الله عنه يعني بالضرورة تنقصنا لعلي رضي الله عنه وهذا من متلازمة الرافضة !

    وفضل عليٍ لا ينكره إلا حاقد أو ملعون بلعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضلية الأمة من أولها إلى آخرها خامسا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الثلاثة لا يقول غير هذا إلا رافضي أو ناصبي زائغ عن الحق .
    قال ابن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ :
    ( ما تحلى طالب العلم بشيء أحسن من الإنصاف وترك التعصب ) نصب الراية ( 1/355 ) . للتواصل mgsa2006@hotmail.com

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •