بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسولنا الكريم و على آله وصحبه الى يوم الدين .
أما بعد فإنه من المعلوم أن صحيح الامام البخاري رحمه الله هو أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل و هو كتاب تلقته الأمه بالرضا والقبول . وقد تنافس العلماء الأجلاء على مر العصور على شرحه. وتنوعت هذه الشروح منها المختصرة ومنها المطولة ولاشك أن هذه الشروح المطولة واسطة عقدها وجوهرتاجها كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني- رحمه الله- وهوكتاب نفيس لم ولن يؤلف مثله على مر العصور و مع ذلك فإن :
مؤلفه رحمه الله لم يبعه بشرط البراءة من كل عيب كيف و البشر محل النقص بلا ريب..و لا شك أن من يتدارسه بعين البصيرة و التدقيق و الامعان سيجد بعض الملاحظات التي يجب
توضيحها والتنبيه عليها . و قد جمعت بعض هذه الملاحظات خلال تدارسي لأحزاء من هذا الكتاب الجليل , و حاولت أن أوضح ما يحتاج إلى توضيح أو تعليل!!! و منها ما يتعلق بربط الاحاديث بترجمة الباب !!!. و أرجو أن لا يظن أحد أن جهدي هذا من باب التطاول على العلماء أو تجاوز حدود الأدب معهم !!حاشا لله. و لكني أرى ذلك من باب الحرص على الخير والنصيحة و التعاون على البر والتقوى .
وهذا واحد من استدراكاتي على الحافظ ابن حجر أما البقية فأفضل أن أجعلها طي الكتمان إيثارا للسلامة ...... و الله المستعان .
64 ـ باب طوافِ النساءِمع الرجال ( كتاب الحج )
1618ـ وقال عمرُو بنُ عليٍّ حدَّثَنا أبوعاصمٍ قال ابنُ جُريجٍ «أخبرني عطاءٌ ـ إذ مَنَعَ ابنُ هشام النساءَ الطوافَ معَ الرجالِ ـقال: كيفَ يَمنعُهنَّ وقد طافَ نساءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم معَ الرجال؟ قلتُ: أبعدَالحِجابِ أو قبلُ؟ قال: إي لعَمرِي لقد أدركتُهُ بعدَ الحجابِ. قلت: كيف يُخالطنَ الرجالَ؟ قال: لم يَكنَّ يُخالْطنَ، كانت عائشةُ رضيَ اللّهُ عنها تطوفُ حَجْرةًمنَ الرِّجالِ لا تُخالطُهم، فقالت امرأةٌ: انطلقي نستلمْ يا أمَّ المؤمنين، قالت انطلقي عنكِ، وأبَتْ. يَخرُجْنَ مُتنكِّراتٍ بالليلِ فيطُفْنَ معَ الرِّجال،ولكنهن َّ كنّ إذا دَخلن البيتَ قُمنَ حتى يدخُلنَ وأُخرِجَ الرجالُ، وكنتُ آتي عائشةَ أنا وعُبيدُ بنُ عُمَيرٍ وهي مُجاوِرةٌ في جوَفِ ثَبِير، قلتُ: وما حِجابُها؟ قال: هي في قُبَّةٍ تُركيَّةٍ لها غِشاءٌ، ومابينَنا وبينَها غيرُ ذلك، ورأيتُ عليها دِرعاً مُوَرِّداً».
ملاحظة : قلت( انا )سأسمي هذا الحديث حديث (طواف النساء مع الرجال ) لأميزه عن غيره.
قال الحافظ بن حجر -رحمه الله- في شرح هذاالحديث:
قوله: (باب طواف النساء مع الرجال) أي هل يختلطن بهم أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط أو ينفردن؟
قال أبو نعيم: هذاحديث عزيز ضيق المخرج. قلت: قد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج بتمامه، وكذا وجدته من وجه آخر أخرجه الفاكهي في «كتاب مكة» عن ميمون بن الحكم الصنعاني عن محمد بن جعشم وهو بجيم ومعجمة مضمومتين بينهما عين مهملة قال: أخبرني ابن جريج فذكره بتمامه أيضاً.
قوله: (إذ منع ابن هشام) هو إبراهيم ـ أوأخوه محمد ـ ابن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمربن مخزوم المخزومي وكانا خالي هشام بن عبد الملك فولى محمداً إمرة مكة وولى أخاه إبراهيم بن هشام إمرة المدينة وفوض هشام لإبراهيم إمرة الحج بالناس في خلافته فلهذا قلت: يحتمل أن يكون المراد، ثم عذبهما يوسف بن عمر الثقفي حتى ماتا في محنته في أول ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك بأمره سنة خمس وعشرين ومائة قاله خليفةبن خياط في تاريخه، وظاهر هذا أن ابن هشام أول من منع ذلك، لكن روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرة، وهذا إن صح لم يعارض الأول لأن ابن هشام منعهن أن يطفن حين يطوف الرجال مطلقاً، فلهذا أنكر عليه عطاء واحتج بصنيع عائشة وصنيعها شبيه بهذا المنقول عن عمر، قال الفاكهي: ويذكرعن ابن عيينة أن أول من فرق بين الرجال والنساء في الطواف خالد بن عبدالله القسري انتهى، وهذا إن ثبت فلعله منع ذلك وقتاً ثم تركه فإنه كان أمير مكة في زمن عبدالملك بن مروان وذلك قبل ابن هشام بمدة طويلة.
هذا شرح للحديث باختصار من الفتح ولكن استدراكي عليه يأتي عند شرحه للجزء الأخير من هذا الحديث .
فتح الباري شرح صحيح البخاري رقم الجزء: 4 رقم الصفحة: 282
يتبع