الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. (1/155)
الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. (1/155)
النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْعُمُومِ
فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ، قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ : «لَا حَرَجَ»، قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ : «لَا حَرَجَ»، وَالْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ. وَهِيَ تَدُلُّ دَلَالَةً لَا لَبْسَ فِيهَا عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إِثْمٍ وَلَا فِدْيَةٍ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : «لَا حَرَجَ» نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ رُكِّبَتْ مَعَ لَا فَبُنِيَتْ عَلَى الْفَتْحِ، وَالنَّكِرَةُ إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْعُمُومِ، فَالْأَحَادِيثُ إِذَنْ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي عُمُومِ النَّفْيِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَرَجِ مِنْ إِثْمٍ وَفِدْيَةٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (1/164)
هلا تفضلت بجمعهم في ملف pdf عندما تنتهي منه حتى يعم النفع أكثر من أن يكون في صفحات متناثرة على النت ؟
بارك الله فيك، وأحسن إليك.
سأفعل إن شاء الله عندما أنتهي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
جزى الله خيرا أخانا الفاضل على هذا المجهود الطيب، وبارك فيك.
وأود أن ألفت نظر الإخوة الكرام أن هناك بحثا لشيخنا عبد الرحمن السديس في استخراج المباحث والفوائد الأصولية من تفسير أضواء البيان سماه "سلالة الفوائد الأصولية"، إضافة إلى بحوث أخرى في هذا الباب.
وقد أشار إلى ذلك بعض إخواننا في ملتقى أهل التفسير على الرابط الآتي:
http://www.tafsir.net/vb/tafsir16332/#ixzz2SXEwDyTC
والله أعلم.
بارك الله فيكمالموضوع - والله يا أخي - طويل ويحتاج إلى صبر.ويا ليتك - لو كنت تعلم - تخبرنا بالتقريب كم يتبقى لك هل صفحات كثيرة أم شارفت على الإنتهاء ؟
والله المستعان
جَوَابُ الْمَسْئُولِ لِمَنْ سَأَلَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ جَوَابَ الْمَسْئُولِ لِمَنْ سَأَلَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ; لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْمَنْطُوقِ بِالذِّكْرِ لِمُطَابَقَةِ الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ لِإِخْرَاجِ الْمَفْهُومِ عَنْ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» فِي مَبْحَثِ مَوَانِعِ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَهُ : [الرَّجَزِ]
أَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَوِ النُّطْقُ انْجَلَبْ ... لِلسُّؤْلِ أَوْ جَرْىٍ عَلَى الَّذِي غَلَبْ
الْخِلَافُ فِي مسألةِ النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ هُوَ أَمْرٌ بِضِدِّهِ
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَى قَوْلِهِ : مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، أَيْ : مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَجَنُّبِهِ; لِعَارِضِ الْأَذَى وَهُوَ الْفَرْجُ وَلَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ : مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ يُبَيِّنُهُ : قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ الْآيَةَ; لِأَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَحَلَّ الْأَذَى الَّذِي هُوَ الْحَيْضُ إِنَّمَا هُوَ الْقُبُلُ، وَهَذَا الْقَوْلُ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إِلَى مَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ; لِأَنَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ أَمَرَ بِضِدِّهِ، وَلِذَا تَصِحُّ الْإِحَالَةُ فِي قَوْلِهِ : أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَلَى النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ : وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَالْخِلَافُ فِي النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ هُوَ أَمْرٌ بِضِدِّهِ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ فِي « مَرَاقِي السُّعُودِ » بِقَوْلِهِ : [الرَّجَزِ]
وَالنَّهْيُ فِيهِ غَابِرُ الْخِلَافِ ... أَوْ أَنَّهُ أَمْرٌ على ائْتِلَافِ
وَقِيلَ لَا قَطْعًا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرْ ... وَهْوَ لَدَى السُّبْكِيِّ رَأْيٌ مَا انْتَصَرْ
وَمُرَادُهُ بِغَابِرِ الْخِلَافِ : هُوَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا مِنَ الْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ، هَلْ هُوَ عَيْنُ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ، أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ أَوْ لَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ ؟ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ هَلْ هُوَ عَيْنُ الْأَمْرِ بِضِدِّهِ ؟ أَوْ ضِدٌّ مِنْ أَضْدَادِهِ إِنْ تَعَدَّدَتْ ؟ أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ ؟ أَوْ لَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ ؟ وَزَادَ فِي النَّهْيِ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَمَرَ بِالضِّدِّ اتِّفَاقًا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ قَطْعًا، وَعَزَا الْأَخِيرَ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي « مُخْتَصَرِهِ »، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ السُّبْكِيَّ فِي « جَمْعِ الْجَوَامِعِ » ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ.
الْمَرْفُوعُ لَا يُعَارَضُ بِالْمَوْقُوفِ
الصَّحَابِيُّ إِذَا خَالَفَ مَا رَوَى (أي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-)، فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ قَوْلَانِ: وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ; لِأَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِهِ رَاوِيهِ وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ عَارِفٌ.
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرِوَايَتِهِ لَا بِقَوْلِهِ. فَإِنَّهُ لَا تُقَدَّمُ رِوَايَتُهُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ صَرِيحَةَ الْمَعْنَى، أَوْ ظَاهِرَةً فِيهِ ظُهُورًا يَضْعُفُ مَعَهُ احْتِمَالُ مُقَابِلِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُحْتَمِلَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى احْتِمَالًا قَوِيًّا فَإِنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي لِمَا رَوَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُحْتَمِلَ الَّذِي تُرِكَ لَيْسَ هُوَ مَعْنَى مَا رَوَى.
مسألةٌ متعلِّقةٌ بحديثِ الآحاد
إِنَّ خَبَرَ الْآحَادِ إِذَا كَانَتِ الدَّوَاعِي مُتَوَفِّرَةً إِلَى نَقْلِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ إِلَّا وَاحِدٌ وَنَحْوُهُ، أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ تَوَفُّرَ الدَّوَاعِي يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّقْلَ تَوَاتُرًا وَالِاشْتِهَارَ ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُقَرَّرَةٌ فِي الْأُصُولِ، أَشَارَ إِلَيْهَا فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا يُحْكَمُ فِيهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْخَبَرِ: [الرَجَزِ]
........................وَخَبَرَ الْآحَادِ فِي السَّنِيِّ
حَيْثُ دَوَاعِي نَقْلِهِ تَوَاتُرًا...نَرَى لَهَا لَوْ قَالَهُ تَقَرُّرَا
وَجَزَمَ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأُصُولِيِّين َ، وَقَالَ صَاحِبُ «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» عَاطِفًا عَلَى مَا يُجْزَمُ فِيهِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْخَبَرِ. وَالْمَنْقُولُ آحَادًا فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي إِلَى نَقْلِهِ خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ. اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.وَمُرَادُهُ أَنَّ مِمَّا يُجْزَمُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ الْخَبَرُ الْمَنْقُولُ آحَادًا مَعَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي إِلَى نَقْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي «مُخْتَصَرِهِ الْأُصُولِيِّ» مَسْأَلَةٌ: إِذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا يَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي إِلَى نَقْلِهِ، وَقَدْ شَارَكَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. كَمَا لَوِ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِقَتْلِ خَطِيبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي مَدِينَةٍ فَهُوَ كَاذِبٌ قَطْعًا خِلَافًا لِلشِّيعَةِ. اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ مُنَاقَشَاتٌ وَأَجْوِبَةٌ عَنْهَا مَعْرُوفَةٌ فِي الْأُصُولِ.
فائدة:
جَمَاهِيرُ الْمُحَدِّثِينَ ، وَالْأُصولِيين عَلَى أَنَّ مَا أَسْنَدَهُ الصَّحَابِيُّ إِلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ. (1-133)
(حمل المطلق على المقيد)
وَالْمُقَرَّرُ فِي الْأُصُولِ هُوَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا اتَّحَدَ الْحُكْمُ وَالسَّبَبُ، قَالَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» : [الرَّجَزِ]
وَحَمْلُ مُطْلَقٍ عَلَى ذَاكَ وَجَبْ... إِنْ فِيهِمَا اتَّحَدَ حُكْمٌ وَالسَّبَبْ
فوائد نافعة، نفع الله بك ، واصل وصلك الله برضوانه.