تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سجال علمي بين الشيخ مختار الطيباوي والشريف حاتم بن عارف العوني حول الأشاعرة!

  1. #1

    افتراضي سجال علمي بين الشيخ مختار الطيباوي والشريف حاتم بن عارف العوني حول الأشاعرة!

    بسم الله الرحمن الرحيم



    أعده ونسقه:
    أبو الأزهر -غفر الله له-!




    أولا: ننقل مقالة الشريف العوني في دفاعه عن الأشاعرة, والرد على منتقديهم والواصفين لهم بالتناقض!

    قال الشيخ العوني –وفقه الله- في صفحته في الفيس بوك: ((عندما ينفي الأشعرية التحسين والتقبيح العقلي ، ويجعلونه شرعيا فقط ، خلافا للمعتزلة ، لا نجعل هذا دليلا على تعظيم الأشعرية النقل وتقديمهم له على العقل (حسب تعبيرنا) ، بل جعلناه دليلا على ضعف تحريرهم ؛ لأن التحسين والتقبيح عندنا (وفق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية) منه ما هو شرعي فقط ، ولا يناقضه العقل ، ومنه ما هو عقلي (يدركه العقل) وأيده الشرع .
    ورغم أن تحرير مذهب الأشعرية لا يختلف عن هذا التقرير الذيندعي التفرد به (كالعادة في ادعائنا الانفراد بالحق والتحرير) فليتنا عندما نسبنا إليهم تقديم العقل على النقل تذكرنا أننا قد نسبنا إليهم أيضا قولا مناقضا لذلك ، وهو انفراد النقل بإدراك الحسن والقبح .
    طبعا من السهل جدا أن نخرج من تناقضنا فيما ننسبه إليهم ، وفي سبيل ذمهم وانتقاصهم : أن ننسبهم إلى التناقض ، وكأنهم شخص واحد أو اثنين ، وليسوا ألوف العلماء الأفذاذ ! فكأنهم مجموعة من المجانين : يؤصلون أصلين كبيرين (لا مجرد فروع) ينقض أحدهما الآخر دون شعور منهم بهذا التناقض الواضح وضوح الشمس ، ويستمرون على ذلك قرونا ، بل أكثر من ألف سنة ، منذ أبي الحسن الأشعري إلى اليوم ، ويمر على هذا التناقض الظاهر أفذاذ علماء الأمة من الأشعرية كالباقلاني والجويني والغزالي والقاضي عياض والمازري والرازي والعز بن عبدالسلام والشاطبي إلى من جاء بعدهم ، ولا يدركون خلال ألف عام ، ورغم تشنيعنا عليهم فيه : أنهم كيف يقررون تقديم العقل على النقل مع تقرير أن التحسين والتقبيح شرعي فقط !
    ولكي نستمر في ظلم الأشعرية، وإمعانا في الحكم عليهم بالجنون ! إذا توقفنا عند كونهم يعللون الأحكام الشرعية ، وهم أجل من تحدث عن قياس العلة في كتب أصول الفقه ، بل هم أئمة فقه التعليل والنظر في مقاصد الشرع ، وهذا يناقض ما نسبناه إليهم في مسألة التقبيح والتحسين = نعود مرة إخرى لادعاء تناقضهم في ذلك أيضا ؛ فتعليل الأحكام يناقض ما نسبناه إليهم من نفي دور العقل في التحسين والتقبيح !!
    فهم متناقضون عندما نفوا التحسين العقلي مع تقديمهم العقل على النقل ، وهم أيضا متناقضون عندما عللوا الأحكام ، وكأنهم مصابون بفصام الشخصية : فلهم في كل باب أصل ينقض أصلهم في الباب الآخر .
    طيب .. هم متناقضون ، سلمنا بذلك : فلماذا ننسب إليهم تقديم العقل على النقل مطلقا ، ولا ننسب إليهم تقديم النقل على العقل مطلقا بناء على أصلهم في التحسين والتقبيح ؟!!!
    أريد جوابا على هذا السؤال فقط !))

    ثانيا: تعليق الشيخ مختار الطيباوي على المقالة بشكل مجمل وسريع.

    قال فضيلة الشيخ ناصحا: ((كلام فيه بعض الصواب ، وفيه كذلك أخطاء ظاهرة فمذهب الأشاعرة في التحسين و التقبيح العقلي المحرر والموافق لمذهب أهل السنة هو مذهب الغزالي وليس مذهبا لكل الأشاعرة فيجب أن نحرر أولا أن الأشاعرة خمسة مذاهب أو أكثر .
    أما عن تناقضاتهم فهي موجودة بكثرة في عقيدتهم، بخلاف ما يزعمه الشيخ و يمكن تعليلها وقد تكلم عنها ابن تيمية و غيره ويكفي كمثال واحد صارخ موقف الجويني وغيره من علمائهم من معجزات الأنبياء عندما زعموا أنها لا تدل على صدق الأنبياء فزعم الجويني إن تحول عصا موسى إلى حية لا يدل على صدق دعوى النبوة وهو يعلم يقينا أن ابتلاعها الحبال خاصية لا يقدر عليها غيره كما علم أن السحرة سجدوا ليقينهم بأن هذه الآية تدل على خصوصية موسى وانه مرسل من الله فيخرج الشيخ العوني ويزعم أن الأشاعرة لا يتناقضون فكأنه لم يقرأ كتبهم ولا طالع عقيدتهم المملوءة بالتناقض في إثبات صفات معدودة محصورة و في مذهبهم في كلام الله و غير ذلك من مسائل ، وقد عرفنا سبب تناقضهم وهو حسن ظنهم بشيوخهم و إلا فإن كثيرا منهم اكتشف ضعف مذهبهم وسايره و قد ذكر ابن شيخ الحزامين بعضا من هذا التناقض المبني على حسن الظن بالمذهب والشيوخ.
    في الحقيقة لقد احتوى هذا المقال على مغالطات علمية جاء ليعالجها فوقع في أشد منه))

    ثالثا: رد الشيخ العوني على تعليق الشيخ مختار الطيباوي السابق

    قال الشيخ العوني: ((لو كان صاحب ما تسميه بالنصيحة يفهم جيدا لما قال كلمة من هذه النصيحة التي في غير محلها !
    أولا : أحب إلي في سياق الاحتجاج في هذا المنشور أن يكون الأشاعرة كلهم على خطأ , لأني أحتج بإلغائهم للعقل واكتفائهم بالشرع في مسألة التحسين والتقبيح على أنهم لا يقدمون العقل على النقل . فهل فهم صاحب النصيحة هذا ؟! أم أنه ما زال يفكر خارج دائرة الفهم لها . لو فهمها لما أجاب بهذا الجواب !!
    الخلاصة أنه بنصيحته هذه يؤيد المنشور , وهو يظن نفسه يعارضه !!
    ثانيا : صاحب هذه النصيحة لا يعرف أن ممن حرر مسألة التصحيح والتحسين بما يوافق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية غير الغزالي فيما يزعم : الجويني والرازي , وهذان رأسا الأشعرية مع الغزالي !! حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية اعتبر الرازي منفردا بقوله هذا كقول ثالث دون بقية الأشعرية !! فلا كان حصر شيخ الإسلام صحيحا , ولا حصر صاحب النصيحة !!
    ثالثا : من حرر هذه المسألة على منهج السلف قبل ابن تيمية , فلو قيل لكم : إن هذا مذهب ابن تيمية خاصة ومن وافقه ممن جاء بعده , وإلا فإن شيخ الحنابلة في القرن الخامس وحامل راية الدفاع عن عقيدتهم والراد على الأشعرية وهو أبو يعلى الفراء قد صرح في كتابه المعتمد (كما نقله أحد المعلقين) بمثل رأي الأشاعرة في التحسين والتقبيح . كما تجده فيه (ص21) بتحقيق : وديع حداد , وطبع دار المشرق .
    رابعا : وكلامه عن المعجزات هو المليء بالمغالطات , كالكلام الذي كان قد أحال إلى رابطه أحد المعلقين لأحد طلبة العلم في ملتقى أهل الحديث , فهو مليء بالتعالم والبغي والمصادرات . ولو تأدبوا مع العلم لاستحقوا الصبر على تعليمهم , لكنهم يكررون كلام غيرهم , ويظنون أن هذا هو العلم !
    أخيرا : لا أقبل النقل في العادة , ولا أقبل التعالم في هذه الصفحة , والذي من مظاهره أن تأتي في مسألة علمية لتنصح فيها , وتتهم غيرك بأنه وقع في مغالطات وأخطاء , وأنه لو قرأ ما قال .))
    ((فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول)) = ((ابن تيمية))

  2. #2

    افتراضي رد: سجال علمي بين الشيخ مختار الطيباوي والشريف حاتم بن عارف العوني حول الأشاعرة!

    خامسا: زيادة أبي الأزهر على رد شيخه الطيباوي الأنور

    قلتُ: ((يستند الشيخ العوني -سدده الله- في مقارعة خصومه السلفيين ها هنا إلى أدلة زائفة جدا كدليل الكثرة, وحسن المقصد, والذكاء والنبوغ, وتطاول الزمن!!

    قال في دفاعه عن الأشاعرة: ((فكيف إذا كنا لا نتكلم عن شخص واحد وقع عنده التناقض , بل عن أئمة ذوي عدد , وهم من أشهر علماءالمسلمين في كل العصور .))
    وقال أيضا: ((لو أتعبنا أنفسنا قليلا ، ونسينا السعي للفرقة بغرض ادعاء التميز بالحق ، وتركنا التعالي على أذكى أذكياء علماء الأمة وأغيرهم على شرع الله وأفقههم = لعرفنا كيف نفهم كلامهم الصريح وغير الصريح))

    وهذا الكلام لو قلب عليه لجاء تاما غير منقوص؛ فمن ترد عليهم من السلفيين -يا شيخ حاتم- ليسوا عيال كتاتيب ولا فردا ولا اثنين من الناس بل هم أئمة ذوو عدد , وهم من أشهر علماء المسلمين في كل العصور .
    ولو أتعبت نفسك قليلا, ونسيت السعي للفرقة بغرض ادعاء التميز بالحق ، وتركت التعالي على أذكى أذكياء علماء الأمة وأغيرهم على شرع الله وأفقههم = لعرفت كيف تفهم كلامهم الصريح وغير الصريح !!

    قلتُ: تأملوا كيف أنه من السهولة بمكان أن تنقلب عليه الإنشائيات والخطابيات التي يتحلى بها فضيلة الشيخ, ولا يستحق الشيخ عليها أية براءة اختراع حتى لو كانت فخرية غير حقيقية؛ لأن هذه الشبهَ التي يتعلق بها مكرورة, وهي عند مبتكريها تكاد تكون مهجورة؛ فما زال الأشاعرة يرددون دليل الكثرة والغيرة والذكاء والنفع للأمة في بعض الأبواب!!
    وليس كل ذلك بنافع لهم ؛ لأن خصومهم يقرعونهم بالحجج الظاهرة الدامغة لا بكثرة أو قصد صالح أو كثرة تأليف أو غيرها !!

    "ولا تكاد الكثرة تذكر في كتاب الله إلا على جهة الذم، والعكس بالعكس، ومن أمثلة ذلك:
    (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) ..
    (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) ..
    (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) ..
    (وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ) ..
    (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) ..
    (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) ..
    (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً) ..
    (وقليل من عبادي الشكور) ..
    (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) .."

    وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما عليه أهل الجاهلية:

    "السابعة: الاعتماد على الكثرة، والاحتجاج بالسواد الأعظم، والاحتجاج على بطلان الشيء بقلة أهله... ثم قال:
    فالمقصود أن من له بصيرة ينظر إلى الدليل، ويأخذ ما يستنتجه البرهان وإن قل العارفون به، المنقادون له، ومن أخذ ما عليه الأكثر، وما ألِفَتْهُ العامة من غير نظر الدليل فهو مخطئ، سالك سبيل الجاهلية، مقدوح عند أهل البصائر."

    ونحن والأشاعرة نتفق أن العصمة ليست إلا في إجماع الأمة لا في أكثرها -على فرض أن الأشاعرة أكثر من السلفيين-, وهنا تسقط كل التعلقات بالكثرة والله المستعان!

    بارك الله فيكم يا شيخنا الفاضل الجليل مختار الطيباوي, وجعلكم الله سيفا من سيوف الشريعة يُستأصل بكم كل شبهة وتدليس وتلبيس في الدين والمعتقد الحق!))

    سادسا: انتظروا الحلقة الثانية من رد الشيخ مختار على شبهات الشيخ حاتم العوني -وفق الله الجميع للحق-!
    ((فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول)) = ((ابن تيمية))

  3. #3

    افتراضي رد: سجال علمي بين الشيخ مختار الطيباوي والشريف حاتم بن عارف العوني حول الأشاعرة!

    رابعا: رد الشيخ الطيباوي على مجموع مغالطات الشريف العوني

    كشف أخطاء عارف العوني في محاولاته رد الاعتبار إلى عقائد الأشاعرة - الحلقة الأولى (1)


    قال فضيلة الشيخ مختار الطيباوي في (ملتقى طلبة العلم الشرعي) –وهي مجموعة فيس بوكية خاصة بالشيخ-:

    ((الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيَّ بعده.
    أما بعد:

    الإجمال في الرد:

    كل ناظر في مسائل علمية اعتراضية على المشهور عند علماء السنة كما يفعل الشيخ العوني عليه أن يتوخى الصحة في دعواه، ويبنيها على مقدمات صحيحة لا شبهات يستلفها من المبتدعة (؟!)
    كما عليه أن يحترز في تقرير أدلته من الأمثلة المضادة ؛ فإنه متى أعترض عليه بمثال مضاد لتقريره سقط استدلاله ، ودلَّ ذلك أنه لم يقم استدلاله على استقراء تام، وأنه في بحثه عن دليل يعضد به مقاله ركب الأسهل، ولم يصبر على الاستقراء ، وانجر مع الاستقطاب والاستمالة التي تمارسها علينا قناعتنا الشخصية، وأفكارنا المركزية المهيمنة على فكرنا.
    و الشيخ العوني في بحثه عن العدل والإنصاف في حق الأشاعرة لم يقف عند نفسه وقوف المستبصر المسترشد المفرق بين اليقين وغالب الظن، وبين الاحتجاج والتقريب، بل وقف وقوف المقرر المتيقن، ولذلك صعب عليه قبول الاعتراض على مقاله الذي نقله إليه الأخ لطفي، و الذي كتبته تعليقا سريعا عليه، وأخرجته في شكل استعلام واستجمال يتصدى لتعميمه النتيجة التي انتهى إليها، ويصب كله في عدم التمكين لهذا التعميم.
    ولم أجد في تعقيبه على التعليق إنصافا ؛ بل رد على ما قدر عليه مخلطا بين القضايا، واجتنب أهم اعتراض عليه فيما يخص التناقض ، وأن المثال الواحد (النادر) لا تبنى عليه القواعد والنتائج والخلاصات.
    أما عن التعالم فهذا شعار يزيِّن به كل واحد كلامه بحسب ظنونه، ولا أدري كيف نسمي من يخالف ما قرره أئمة السنة كلهم خاصة المستقرئين منهم لمذهب الأشاعرة كابن تيمية وابن القيم والذهبي وغيرهم بمثال شاذ !! غير أنه يقدم أغلوطات على أساس أنها استنتاجات علمية، فإن كان هذا هو التعالم، فالله يلطف بنا.
    على كل سأبين بالتفصيل إن شاء الله أن الشيخ سدده الله مخطئ في هذا المقال، وموافقته على جزئية فيه لا تعني موافقته على النتيجة، وأن التعالم هو جعل الشبهة الميتة دليلا عاما، وأكثر منه تصحيح بدع الأشاعرة بالتوهيم .

    وإليك الملخص عن مجموع أغلوطاته:
    1 ـ مقاله كله مركب على شبهة ذكرها الجويني في دفاعه عن الأشاعرة ، وطعنه في أئمة السنة ، وفي النصوص الصحيحة التي نقلوها حتى خطَّأه القرطبي نفسه، ورد عليه ابن تيمية ردا حاسما، فنقل الشيخ العوني شبهة الجويني ؛ بل وزاد فيها على تقرير الجويني لها بسبب جهله بحقيقة مقالة الأشاعرة خلافا للجويني وابن تيمية دون أن يذكر في مقاله رد ابن تيمية، وينسب إليه نقل شبهة الجويني كأنها من كيسه (؟!)
    فأولا : اعتبار مذهب الأشاعرة في " التحسين و التقبيح " تقديما للنقل على العقل شبهة مركبة من جهله بمنطلقهم وبجعل الشاذ النادر عاما.
    ثانيا: ليست هذه الشبهة من جهده الفكري بل هي عبارة عن اقتباس خفي مع خلط فاحش في المفاهيم.
    ثالثا: نقل الشبهة وأغفل نقل الرد عليها وهذا خلل في الأمانة العلمية.
    رابعا: في رده على التعليقات كان خطؤه شبرا فصار ذراعا(!) .
    ومن هنا فإن مقاله هذا ليس إلا أغلوطة مبنية على استغفال عقول الناس، وليس على الحقائق العلمية الثابتة باستقراء صحيح.
    خطَّا ابن تيمية فيما نسبه للرازي في هذه المسألة وهو المخطئ من جميع الجهات، ذلك أنه شعر بأني كشفت شبهته وحيلته التي نقلها عن ابن تيمية في مناقشته للجويني دون أن يشير إلى ذلك فحاول أن يسبق انكشاف الحقيقة بتخطئة ابن تيمية في مسألة التحسين والتقبيح حتى يتسنى له تخطئته على رده على شبهة الجويني التي يروجها هو في مقاله هذا .
    والرد عليه فيما يخص مذهب الرازي يأتي في حلقة لاحقة.
    و الحقيقة هذه بوادر في فكره الذي أصبح يسير عليه مؤخرا و الذي لن يستقيم له إلا بالهجوم على ابن تيمية بالطعون الخفية (؟!)
    3 ـ أخطا في تقرير المذهب الأشعري، وكيفية نسبة الأقوال والمقالات.
    زعم أن أبا يعلى يمثل الحنابلة يعني يمثل أهل السنة ، وهذا خطا فاحش، فإن أبا يعلى لا يمثل إلا نفسه، وهو كثير الخطأ في العقائد، و فيه ميل واضح لبعض البدع، وفي هذه المسألة مذهبه النفي كمذهب أبي حامد ، وقد خالفه من الحنابلة أبو الحسن التميمي وأبو الخطاب ، ونحن هنا نتحدث عن أهل السنة وليس عن الحنابلة فإن فيهم من يميل للمعتزلة ، وفيهم من يميل للأشاعرة وفيهم مفوضة، والأولى أن نتكلم عن أحمد وأصحابه.
    وقد ذم كثير من الحنابلة القاضي أبا يعلى وقالوا قيه أقوالا شنيعة .
    5ــ في مقاله الأول قال شيئا ، وفي الثاني قال شيئا آخر فما السبب (؟).

    التفصيل في الرد :

    ما ذكره الشيخ العوني عن الأشاعرة محاولا تخطئة السلفيين بأنهم يعممون أحكاما باطلة على الأشاعرة مستشهدا بمسألة " التحسين والتقبيح" هو شبهة قديمة حاول تسويقها على أنها خلاصة علمية انتهى إليها نتيجة استقراء وبحث، يعني: من كيسه وعمله (؟!)
    وهي في الحقيقة شبهة سبقه إليها من قرون طويلة أبو المعالي الجويني، وأبطلها عليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، فجاء الشيخ العوني ونقل شبهة الجويني دون رد ابن تيمية عليها ؛ بل لم يشر إليه، وأوهمنا أنه وجد دليلا على خطأ السلفيين في تعميم أحكام الذم على الأشاعرة (؟!).
    قال الشيخ حاتم العوني : ((عندما ينفي الأشعرية التحسين والتقبيح العقلي ، ويجعلونه شرعيا فقط ، خلافا للمعتزلة ، لا نجعل هذا دليلا على تعظيم الأشعرية النقل وتقديمهم له على العقل (حسب تعبيرنا) ، بل جعلناه دليلا على ضعف تحريرهم ؛ لأن التحسين والتقبيح عندنا (وفق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية) منه ما هو شرعي فقط ، ولا يناقضه العقل ، ومنه ما هو عقلي (يدركه العقل) وأيده الشرع .
    ورغم أن تحرير مذهب الأشعرية لا يختلف عن هذا التقرير الذي ندعي التفرد به (كالعادة في ادعائنا الانفراد بالحق والتحرير) فليتنا عندما نسبنا إليهم تقديم العقل على النقل تذكرنا أننا قد نسبنا إليهم أيضا قولا مناقضا لذلك ، وهو انفراد النقل بإدراك الحسن والقبح ))
    قلت: عجيبُ الأمر الشيخُ العوني، وكيف ينساق خلف فكرة وهمية كوَّنها في نفسه، وهو أن الأشاعرة مظلمون، ويحتاجون إلى رد الاعتبار ، وأن الحق ليس حكرا علينا(؟!) وهو الأمر الذي يسعى إليه الشيخ العوني ولو بنسج الشبهات ، وضرب المنهج العلمي عرض الحائط (؟!)
    فعندما نقول بأن الأشاعرة يقدمون العقل على النقل فهذا هو الغالب عليهم في العقائد، ومن الذين قالوا بهذا القانون: الرازي وأتباعه، والجويني، والقاضي أبو بكر بن العربي، و الغزالي، و التفتازاني، و الشهرستاني، و الآمدي، و الإيجي، و الطاهر بن عاشور، وكل الأشاعرة بدون استثناء يقدمون في العقائد العقل ؛ بل المنطق الإغريقي على النقل ، وكونهم تناقضوا مع أنفسهم لأنهم في الأحكام يقولون بالكتاب و السنة و الإجماع فإن التناقض سيمتهم الرئيسة ؛ لها أسباب كثيرة لم ينتبه إليها الشيخ العوني منها وسطيتهم التلفيقية، ومحاولة مزجهم بين الاعتزال و السنة!

    وكونهم في مسألة واحدة أو حتى في خمسة مسائل في مقابل مئة مسألة يقدمون النقل على العقل لا يجعل منهم هذا أنهم ممن يقدمون النقل على العقل ؛ ذاك أن الحكم يتبع الغالب، ومن يقول عكس هذا هو مغالط ملبس للحقائق.
    وعليه نطرح السؤال التالي: ماذا قدموا في الأسماء و الصفات(؟) , وفي طرق تقرير العقائد أي في الدلائل(؟) ، وفي تعريف التوحيد(؟)
    فإن كان العقل فماذا بقي بعد ذلك(؟!)
    وأين وجه الصحة في نقض الشيخ العوني لقول السلفيين بأن الأشاعرة يقدمون العقل على النقل في أصول الدين(؟!)
    ثم هذه المسألة " التحسين والتقبيح " ليست من كبرى مسائل العقيدة ؛ بل هي ألحق بمسائل الأحكام لأن مسألة حكم الأعيان قبل ورود الشرع من فروعها، ولذلك تذكر مع رعاية الأصلح ، و اللطف، و العصمة في النبوة، و شرائط الإمامة.
    نعم لها تعلق بالقدر وإن لم تكن لازمة له ، فلا تصلح مثالا مضادا لما يقرره أهل السنة فيما يخص تقديم الأشاعرة للعقل على النقل في العقائد، وليس في شيء آخر.
    فهذا المنهج "أخذ مثال واحد لنقض عشرات الأمثلة" منهج ضائع ، ولا علاقة له بالمنهج العلمي هو هواجس نفسية ينساق خلفها صاحبها.
    وقوله : ((ورغم أن تحرير مذهب الأشعرية لا يختلف عن هذا التقرير الذي ندعي التفرد به (كالعادة في ادعائنا الانفراد بالحق والتحرير) ...))
    غير صحيح بالمرة كما سأثبته، و يدل على أن الشيخ في سبيل تقرير الأصل الذي يدعو إليه متساهل في العبارات إنشائي المنهج ؛ فأولا:
    مذهب الأشاعرة في التحسين و التقبيح مذهب باطل مخالف للأدلة العقلية و الشرعية ؛ بل مخالف للبديهة فلو كان طريق التحسين والتقبيح الشرع لمَا عرفه من ينكر الشرع ؛ فكيف عرف من لم يعرف الشرع ككثير من الثقافات التي تحرم الزنا و الخمر و الكذب و القتل و الغش و غيرها قبحها وعرفوا حسن الصدق و المعاونة و الإكرام وغيرها (؟!)
    وكون بعضهم كالغزالي مثلا يقول كما يقول أهل السنة لا يعني أنهم حرروا المذهب ، فقول الرجل الواحد أو حتى ثلاثة لا يبنى عليه مذهب الأشاعرة، و لذلك لا ينسب الناس إلى الأشاعرة مذهب الغزالي في "التحسين و التقبيح"، ومذهبه في "العادة : الاقتران و التأثير"، ولا ينسبون إليهم مذهب الرازي في "القدر أو الاستطاعة" ؛ لأنه في (المحصول) قال بقول أهل السنة (؟!)
    فهذه مغالطة بشعة: نأتي إلى قول رجل أو رجلين منهم وافقا الصواب فنزعم الصواب لكل المذهب بل هذا يكاد يكون كذبا في الدين.
    ثم إن الشيخ العوني لم يفهم جيدا مذهب الأشاعرة في " التحسين و التقبيح" فظن أنهم بردهم على مذهب المعتزلة القائلين بالعقل يقدمون النقل على العقل، و هذا يدل على سوء فهمه للمسألة فإن منطلق الشاعرة عقلي فاسد، و ليس بنقلي، فإن مذهبهم في أفعال الله هو مذهب الجهم بن صفوان أي : "القبيح في حق الله ممتنعٌ لذاته، فكلّ ما كان داخلاً في قدرة الله فهو حسنٌ، وله فعله كتعذيب الطائعين وإكرام الكافرين" !!
    فقولهم جاء طردا لهذا الأصل العقلي الفاسد، و ليس تعظيما للنقل ؛ فإن استدلوا ببعض النصوص على مذهبهم الفاسد فليس اعتمادا عليها ولكن على المعهود منهم وهو التعضيد ، وهذا يدل على تناقضهم .

    ثم إن مسألة التحسين والتقبيح شطران :
    أحدهما: كون الفعل ملائما للفاعل، نافعا له، أو كونه ضارا له منافرا فهذا قد اتفق الجميع على أنه قد يعلم بالعقل بما فيهم الأشاعرة .
    الثاني: كونه سببا للذم والعقاب، فهذا هو الذي وقع فيه الخلاف:
    فالمعتزلة قالوا قبح الظلم والشرك والكذب والفواحش معلوم بالعقل، ويستحق عليها العذاب في الآخرة وإن لم يأت رسول.
    والأشاعرة قالوا: لا حسن ولا قبح ولا شر قبل مجيء الرسول، وإنما الحسن ما قيل فيه: افعل، والقبيح ما قيل فيه: لا تفعل. ولم يجعلوا أحكام الشرع معللة، وهذا يوافق مذهبهم في التعليل المبني على نفي الحكمة لا على تعظيم الشريعة.
    أما جمهور أهل السنة فقالوا: الظلم والشرك والكذب والفواحش كل ذلك قبيح قبل مجيء الرسول، لكن العقوبة لا تستحق إلا بمجيء الرسول .
    وما فصله شيخ الإسلام هو الموافق لمذهب السلف، وهو الذي دلت عليه النصوص، أما الكلام في هذه المسألة كاصطلاح فإنما نشأ في المائة الثالثة من الهجرة، وكونه نشأ في هذه الفترة ، وكون ابن تيمية استقرا كلام السلف و علماء السنة فيه لا يجعل ما حققه مذهبا خاصا به كما يوهم الشيخ العوني !!
    ومن يعرف بناء هذا المذهب عند الأشاعرة وأنه مبني على الجبر يفهم أن الشيخ العوني جعل الجبر عقيدة شرعية وإن لم يصرح بذلك فنحن نعلم أن الأشاعرة يميلون إلى "الجبر" في القدر بل هم جبرية احتالوا بحيلة الكسب، قالوا بالتحسين والتقبيح الشرعي على أساس أصولهم العقلية و ليس الشرعية. ولذلك احتج الرازي صراحة عليه بالجبر، فإنه أثبت أن العبد مجبور على فعله القبيح، فلا يكون شيء من أفعال العباد قبيحا.
    ويرى ابن تيمية أن هذه الحجة هي في الأصل حجة المشركين المكذبين بالرسول الذين قالوا: ((لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ)) [الأنعام: 148] ؛ فإنهم نفوا قبح الشرك وتحريم ما لا يحرمه الله من الطيبات بإثبات القدر، لكن كما قال بعض الباحثين: شيخ الإسلام يستدرك - إنصافا لخصومه - فيقول: " لكن هؤلاء الذين يحتجون بالجبر على نفي الأحكام إذا أقروا بالشرع لم يكونوا مثل المشركين من كل وجه، ولهذا لم يكن المتكلمون المقرُّون بالشريعة كالمشركين وإن كان فيهم جزء من باطل المشركين.
    لكن يوجد في المتكلمين من المتصوفة طوائف يغلب عليهم الجبر حتى يكفروا حينئذ بالأمر والنهي والوعد والوعيد والثواب والعقاب، إما قولا وإما حالاً وعملا ..."

    ثم نقول للشيخ العوني : نحن لا ندعي انفرادنا بالحق و التحرير كأفراد بل هذا وصف لمجموع أهل السنة الذين لا ينتسب إليهم الأشاعرة إلا في الإمامة و بعض القضايا الفرعية أما في الأسماء و الصفات والتوحيد فهم جهمية من الطبقة الثالثة.
    وإذا كان عند الشيخ قضية أصاب فيها الأشاعرة و أخطا فيها أهل السنة فليتحفنا بها .
    إن هذا الترميم و محاولة رد الاعتبار إلى الأشاعرة بتزييف الحقائق و نسبة الباطل إلى أهل السنة و التشكيك في صحة معتقدهم لهو بدعة جديدة ومنهج منحرف .
    ولعلك أخي القاريء انتبهت إلى قوله الفاسد المتناقض لما يأتي بعده: (( جعلناه دليلا على ضعف تحريرهم ؛ لأن التحسين والتقبيح عندنا (وفق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية) منه ما هو شرعي فقط ، ولا يناقضه العقل ، ومنه ما هو عقلي (يدركه العقل) وأيده الشرع))
    فمرة قولهم في " التحسين و التقبيح" يدل على ضعف تحريرهم ، ومرة تحريرهم لا يختلف عن تحريرنا(؟!)
    ثم ينسب تحريرنا إلى تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية كأنه مذهب خاص به لأن في رده على تعليقي ذكر أن رئيس الحنابلة وممثل أهل السنة أبو يعلى على خلاف قول ابن تيمية، وهذا كله فاسد فتقرير ابن تيمية عليه أدلة نقلية وعقلية فهو الموافق للشريعة و أبو يعلى لا يمثل في العقيدة إلا نفسه.
    و العجيب كيف يجعل الشيخ العوني قول السلفيين ـ الصائب بكل أنواع الأدلة ـ بأن الأشاعرة يقدمون العقل على النقل تناقضا لأنهم يقولون عنهم في الوقت نفسه: إنهم يقدمون النقل على العقل في مسألة التحسين و التقبيح! ، ولا يجعل عقيدة الأشاعرة وقولهم في العقائد مناقضا لقولهم في الأحكام كما في الآحاد و الأصول و الفروع و تصويب المجتهدين وغيرها مع أن السلفيين لم يقل واحد منهم في مسالة التحسين و التقبيح إن الأشاعرة يقدمون النقل على العقل بل هذا قول الشيخ العوني وحده ؛ يحاجي ويفك(؟!)

    ولنفضح الآن صنيع الشيخ العوني ونبيَّن جهله بطرق تقرير المذاهب:
    ذكر ابن تيمية في ( الفتاوى الكبرى)(6/611) أن الجويني في سياق طعنه في أئمة السنة [لجهله الكبير بالتاريخ كما ذكره ابن الجوزي في (المنتظم), وبالحديث كما ذكره عنه ابن تيمية في (التسعينية) ؛ فإنه قال ما مفاده: إنه لم يسبق له مطالعة (الموطا)، وما كان يعرف إلا (سنن الدارقطني) حتى جاء فقهه كله فقها غريبا على طريقة الخراسانيين من الشافعية، وهم أشبه بالحنفية منهم بالشافعية ولذلك لا يعتد به الشافعية] !!
    المهم قال الجويني ـ طعنا في الدين وأئمة الدين ورميهم بالزندقة ـ : ((ونبغت ناشئة ضرُّوا بنقل المشكلات وتدوين المتشابهات وتبويب أبواب ورسم تراجم على ترتيب فطرة المخلوقات ورسموا بابا في ضحك الباري، وبابا في نزوله وانتقاله وعروجه ودخوله وخروجه، وبابا في إثبات الأضراس، وبابا في خلق الله آدم على صورة الرحمن، وبابا في إثبات القدم والشعر القطط، وبابا في إثبات الأصوات والنغمات، تعالى الله عن قول الزائغين.))
    وقال أيضا: ((وليس يعتمد جمع هذه الأبواب وتمهيد هذه الأنساب إلا مشبه على التحقيق، أو متلاعب زنديق.))
    فرد عليه اشعري آخر من أهل الشريعة وليس مائلا للمعتزلة بل من أشد المحاربين لهم ألا وهو أبو عبد الله القرطبي المالكي فقال ابن تيمية ناقلا كلامه : ((قال المعظم لأبي المعالي الناقل لكلامه أبو عبد الله القرطبي وهو من أكابر علماء الأشعرية: في قول أبي المعالي هذا بعض التحامل.))
    ثم رد عليه في بإثبات ما صح سنده فيما يتعلق بالأسماء والصفات وخاصة في حديث النزول الذي أنكره الجويني جاهلا بأنه موجود في (الموطأ) .
    ثم قال ابن تيمية: ((قلت: هذا الكلام فيه ما يجب رده لأمور عظيمة))
    ثم قال في رد شبهة الجويني في الدفاع عن الأشاعرة التي استلفها منه الشيخ العوني –خفية- : ((الخامس: لحجة أنهم نفوا التحسين والتقبيح العقلي وجعلوا أحكام الأفعال لا تتلقى إلا من الشرع فإنه بيَّن بذلك تعظيمهم للشرع واتباعهم له، وأنهم لا يعدلون عنه ليثبت بذلك تسننهم ...))
    هذه هي شبهة الجويني استدل على تعظيم أصحابه " الأشاعرة" للشرع ليثبت تسننهم إنكارهم التحسين و التقبيح العقلي فجاء الشيخ العوني الذي أخذ منه هذه الشبهة دون أن يشير إلى النقل ثم زادها شبرا فجعل " التحسين و التقبيح " عند الأشاعرة دليلا على تقديمهم النقل على العقل الذي لم يقل به لا الجويني و لا ابن تيمية ذلك أنهما -بخلاف الشيخ العوني- يعلمان جيدا أن منطلق الاشاعرة في إنكار التحسين و التقبيح العقلي هو جواز الأفعال على الله (مذهب جهم العقلي و ليس النقل) .

    ولندع ابن تيمية يرد على شبهات الشيخ العوني التي فاقت شبهات الأشاعرة .. قال:
    ((وهذا الأصل هو من الأصول المبتدعة في الإسلام لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها أن العقل لا يحسن ولا يقبح، أو أنه لا يعلم بالعقل حسن فعل ولا قبحه، بل النزاع في ذلك حادث في حدوث المائة الثالثة ثم النزاع في ذلك بين فقهاء الأمة، وأهل الحديث والكلام منها ؛ فما من طائفة إلا وهي متنازعة في ذلك، ولعل أكثر الأمة تخالف في ذلك، وقد كتبنا في غير هذا الموضع فصل النزاع في هذه المسألة، وبينا ما مع هؤلاء فيها من الحق وما مع هؤلاء فيها من الحق، ثم يقال: ولو كانت هذه المسألة حقا على الإطلاق، فليس لك ولا لأصحابك فيها حجة نافية، بل عمدتك وعمدة القاضي ونحوكما على مطالبة الخصم بالحجة والقدح فيما بيديه، والقدح في دليل المنازع إن صح لا يوجب العلم بانتفاء قوله إن لم يقم على النفي دليل, وعمدة إمام المتأخرين ابن الخطيب الاستدلال على ذلك بالجبر وهو من أفسد الحجج، فإن الجبر سواء كان حقا أو باطلا, كما لا يبطل الحكم الشرعي لا ينفي ثبوت أحكام معلومة بالعقل, كما لا ينفي الأحكام التي يثبتها الشارع.
    وعمدة الآمدي بعده أن الحسن والقبح عرض والعرض لا يقوم بالعرض، وهذا من المغاليط التي لا يستدل بها إلا جاهل أو مغالط، فإنه يقال في ذلك ما يقال في سائر صفات الأعراض, وغايته أن يكون كلاهما قائما بمحل العرض ونفي الحكم المعلوم بالعقل مما عده من بدع الأشعري التي أحدثها في الإسلام = علماءُ أهل الحديث والفقه والسنة كأبي نصر السجزي وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني، دع من سواهم.))
    فإذا كان مذهب الأشاعرة في التحسين و التقبيح بدعة محدثة في الإسلام فلم يقل أحد من السلف وأئمة السنة: إن العقل لا يحسن و لا يقبح. لا يمكن أن نقول إن الأشاعرة يقدمون في هذه المسألة النقل على العقل ، ولا يمكن أن نقول إن السلفيين تناقضوا حينما زعموا أن الأشاعرة يقدمون العقل على النقل(!)
    أما تناقض الأشاعرة فهو أشهر من أن يجهله الشيخ العوني لكن الانسياق مع فكرته جعله يغفل مدى ظهور تناقضهم وشهرته، و إليك بعض الأمثلة التي ذكرت له في التعليق فتغافل عنها وقفز إلى شيء آخر؛ فلعله وقع فيما وقع فيه أئمة الأشاعرة ، فإنه في نقضه لدعوى التناقض ذكر مجموعة أسماء للأشاعرة, لكنه أخطا في التمثيل بهم ؛ لان كل من ذكرهم لم يكونوا من أهل الكلام ، ولا خبراء به بل مقلدة فيه لمن سبقهم فلا يصلح التعويل عليهم في نفي وقوع التناقض في المذهب الأشعري، ولعلي أنقل لكم أكبر دليل على تناقض الأشاعرة ، وهو أنهم حوالي خمسة مذاهب متناقضة تناقضا تاما وهذا موضوع الحلقة الثانية -إن شاء الله-.)) انتهى كلام الشيخ الطيباوي.
    ((فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول)) = ((ابن تيمية))

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •