بسم الله الرحمن الرحيم
أعده ونسقه:
أبو الأزهر -غفر الله له-!
أولا: ننقل مقالة الشريف العوني في دفاعه عن الأشاعرة, والرد على منتقديهم والواصفين لهم بالتناقض!
قال الشيخ العوني –وفقه الله- في صفحته في الفيس بوك: ((عندما ينفي الأشعرية التحسين والتقبيح العقلي ، ويجعلونه شرعيا فقط ، خلافا للمعتزلة ، لا نجعل هذا دليلا على تعظيم الأشعرية النقل وتقديمهم له على العقل (حسب تعبيرنا) ، بل جعلناه دليلا على ضعف تحريرهم ؛ لأن التحسين والتقبيح عندنا (وفق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية) منه ما هو شرعي فقط ، ولا يناقضه العقل ، ومنه ما هو عقلي (يدركه العقل) وأيده الشرع .
ورغم أن تحرير مذهب الأشعرية لا يختلف عن هذا التقرير الذيندعي التفرد به (كالعادة في ادعائنا الانفراد بالحق والتحرير) فليتنا عندما نسبنا إليهم تقديم العقل على النقل تذكرنا أننا قد نسبنا إليهم أيضا قولا مناقضا لذلك ، وهو انفراد النقل بإدراك الحسن والقبح .
طبعا من السهل جدا أن نخرج من تناقضنا فيما ننسبه إليهم ، وفي سبيل ذمهم وانتقاصهم : أن ننسبهم إلى التناقض ، وكأنهم شخص واحد أو اثنين ، وليسوا ألوف العلماء الأفذاذ ! فكأنهم مجموعة من المجانين : يؤصلون أصلين كبيرين (لا مجرد فروع) ينقض أحدهما الآخر دون شعور منهم بهذا التناقض الواضح وضوح الشمس ، ويستمرون على ذلك قرونا ، بل أكثر من ألف سنة ، منذ أبي الحسن الأشعري إلى اليوم ، ويمر على هذا التناقض الظاهر أفذاذ علماء الأمة من الأشعرية كالباقلاني والجويني والغزالي والقاضي عياض والمازري والرازي والعز بن عبدالسلام والشاطبي إلى من جاء بعدهم ، ولا يدركون خلال ألف عام ، ورغم تشنيعنا عليهم فيه : أنهم كيف يقررون تقديم العقل على النقل مع تقرير أن التحسين والتقبيح شرعي فقط !
ولكي نستمر في ظلم الأشعرية، وإمعانا في الحكم عليهم بالجنون ! إذا توقفنا عند كونهم يعللون الأحكام الشرعية ، وهم أجل من تحدث عن قياس العلة في كتب أصول الفقه ، بل هم أئمة فقه التعليل والنظر في مقاصد الشرع ، وهذا يناقض ما نسبناه إليهم في مسألة التقبيح والتحسين = نعود مرة إخرى لادعاء تناقضهم في ذلك أيضا ؛ فتعليل الأحكام يناقض ما نسبناه إليهم من نفي دور العقل في التحسين والتقبيح !!
فهم متناقضون عندما نفوا التحسين العقلي مع تقديمهم العقل على النقل ، وهم أيضا متناقضون عندما عللوا الأحكام ، وكأنهم مصابون بفصام الشخصية : فلهم في كل باب أصل ينقض أصلهم في الباب الآخر .
طيب .. هم متناقضون ، سلمنا بذلك : فلماذا ننسب إليهم تقديم العقل على النقل مطلقا ، ولا ننسب إليهم تقديم النقل على العقل مطلقا بناء على أصلهم في التحسين والتقبيح ؟!!!
أريد جوابا على هذا السؤال فقط !))
ثانيا: تعليق الشيخ مختار الطيباوي على المقالة بشكل مجمل وسريع.
قال فضيلة الشيخ ناصحا: ((كلام فيه بعض الصواب ، وفيه كذلك أخطاء ظاهرة فمذهب الأشاعرة في التحسين و التقبيح العقلي المحرر والموافق لمذهب أهل السنة هو مذهب الغزالي وليس مذهبا لكل الأشاعرة فيجب أن نحرر أولا أن الأشاعرة خمسة مذاهب أو أكثر .
أما عن تناقضاتهم فهي موجودة بكثرة في عقيدتهم، بخلاف ما يزعمه الشيخ و يمكن تعليلها وقد تكلم عنها ابن تيمية و غيره ويكفي كمثال واحد صارخ موقف الجويني وغيره من علمائهم من معجزات الأنبياء عندما زعموا أنها لا تدل على صدق الأنبياء فزعم الجويني إن تحول عصا موسى إلى حية لا يدل على صدق دعوى النبوة وهو يعلم يقينا أن ابتلاعها الحبال خاصية لا يقدر عليها غيره كما علم أن السحرة سجدوا ليقينهم بأن هذه الآية تدل على خصوصية موسى وانه مرسل من الله فيخرج الشيخ العوني ويزعم أن الأشاعرة لا يتناقضون فكأنه لم يقرأ كتبهم ولا طالع عقيدتهم المملوءة بالتناقض في إثبات صفات معدودة محصورة و في مذهبهم في كلام الله و غير ذلك من مسائل ، وقد عرفنا سبب تناقضهم وهو حسن ظنهم بشيوخهم و إلا فإن كثيرا منهم اكتشف ضعف مذهبهم وسايره و قد ذكر ابن شيخ الحزامين بعضا من هذا التناقض المبني على حسن الظن بالمذهب والشيوخ.
في الحقيقة لقد احتوى هذا المقال على مغالطات علمية جاء ليعالجها فوقع في أشد منه))
ثالثا: رد الشيخ العوني على تعليق الشيخ مختار الطيباوي السابق
قال الشيخ العوني: ((لو كان صاحب ما تسميه بالنصيحة يفهم جيدا لما قال كلمة من هذه النصيحة التي في غير محلها !
أولا : أحب إلي في سياق الاحتجاج في هذا المنشور أن يكون الأشاعرة كلهم على خطأ , لأني أحتج بإلغائهم للعقل واكتفائهم بالشرع في مسألة التحسين والتقبيح على أنهم لا يقدمون العقل على النقل . فهل فهم صاحب النصيحة هذا ؟! أم أنه ما زال يفكر خارج دائرة الفهم لها . لو فهمها لما أجاب بهذا الجواب !!
الخلاصة أنه بنصيحته هذه يؤيد المنشور , وهو يظن نفسه يعارضه !!
ثانيا : صاحب هذه النصيحة لا يعرف أن ممن حرر مسألة التصحيح والتحسين بما يوافق تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية غير الغزالي فيما يزعم : الجويني والرازي , وهذان رأسا الأشعرية مع الغزالي !! حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية اعتبر الرازي منفردا بقوله هذا كقول ثالث دون بقية الأشعرية !! فلا كان حصر شيخ الإسلام صحيحا , ولا حصر صاحب النصيحة !!
ثالثا : من حرر هذه المسألة على منهج السلف قبل ابن تيمية , فلو قيل لكم : إن هذا مذهب ابن تيمية خاصة ومن وافقه ممن جاء بعده , وإلا فإن شيخ الحنابلة في القرن الخامس وحامل راية الدفاع عن عقيدتهم والراد على الأشعرية وهو أبو يعلى الفراء قد صرح في كتابه المعتمد (كما نقله أحد المعلقين) بمثل رأي الأشاعرة في التحسين والتقبيح . كما تجده فيه (ص21) بتحقيق : وديع حداد , وطبع دار المشرق .
رابعا : وكلامه عن المعجزات هو المليء بالمغالطات , كالكلام الذي كان قد أحال إلى رابطه أحد المعلقين لأحد طلبة العلم في ملتقى أهل الحديث , فهو مليء بالتعالم والبغي والمصادرات . ولو تأدبوا مع العلم لاستحقوا الصبر على تعليمهم , لكنهم يكررون كلام غيرهم , ويظنون أن هذا هو العلم !
أخيرا : لا أقبل النقل في العادة , ولا أقبل التعالم في هذه الصفحة , والذي من مظاهره أن تأتي في مسألة علمية لتنصح فيها , وتتهم غيرك بأنه وقع في مغالطات وأخطاء , وأنه لو قرأ ما قال .))