مُغْلَقٌ لاَ مَغْلُوقٌ:قال أبو الأسود الدُّؤَلِيّ من البسيط:
وَلاَ أَقُولُ لِقِدْرِ القَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ ... وَلاَ أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ
لَكِنْ أَقُولُ لِبَابي مُغْلَقٌ وَغَلَتْ ... قِدْرِي وَقَابَلَهَا دَنٌّ وَإبْرِيقُ
أي إنّه فصيحٌ لا يَلحَنُ.وهو كلامُ العرب،قال الفرزدق:
مَا زِلْتُ أَفْتَحُ أَبْوَاباً وَأُغْلِقها … حَتَّى أَتَيْتُ أَبا عَمْرِو بنَ عَمَّارِ
وقال أيضا: فَتَحْنَا بإِذْنِ اللَّهِ كُلَّ مَدِينَةٍ … مِنَ الهِنْدِ أَوْ بَابٍ مِنَ الرُّومِ مُغْلَقِ
وقال جرير : نَحْنُ الحُمَاةُ بِكُلِّ ثَغْرٍ يُتَّقَى … وَبِنَا يُفَرَّجُ كُلُّ بَابٍ مُغْلَقِ
وقال الشّافعيّ : الجَدُّ يُدْنِي كُلَّ أَمْرٍ شَاسِعِ ... وَالجَدُّ يَفْتَحُ كُلَّ بَابٍ مُغْلَقِ
فلا تقلْ:غَلِيَت القِدْرُ ،ولا بابٌ مَغلُوقٌ وإنْ حكاها ابنُ دُرَيْد عن أبي زيد؛لأنّه مِن لحنِ العامّة،وهو قبيحٌ كما في المزهر (1 /252)،ولُثْغَة أو لُغَيَّة رديئة في أغلقه كما في القاموس المحيط (1 /1182)،ونادرة،وردي ة متروكة كما في اللّسان (10 /291)،والصّحاح (4 /1266)،ولغةٌ قليلةٌ كما في المصباح المنير (ص269 غ ل ق)،ولثغة أو لغيّة رديئة متروكة … أو نادرة كما في تاج العروس (22 /6529 - 6530) .
بل تقولُ:غَلَتِ القِدرُ،وأغلقَ البابَ فهو مُغْلَقٌ؛لقد منعَ منه الفُحول من علماء العربيّة،والعُد ول من نَقَلَة اللّغة.
قالَ ابنُ السِّكِّيت في إصلاح المنطق (188، 190):(بابُ ما جاءَ على فَعَلْتُ بالفتح ممّا تَكسِرُهُ العامّة أو تَضُمُّهُ وقد يَجيءُ بعضُه لغة إلاّ أنّ الفصيح الفتح … ويقالُ:قد غَلَتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلْيًا وغَلَيَانًا [بفتحتين] ولا يقالُ:غَلِيَتْ).
وقالَ في باب ما يُتَكَلَّمُ بفعلة ممّا يَتَكَّلَّمُ فيه العامّة بِفَعَلْتُ (1 /227):(… وقد أَغْلَقْتُ البابَ فهو مُغْلَقٌ ولا يُقالُ: مَغْلُوقٌ،وقد أَقْفَلْتُهُ فهو مُقْفَلٌ ولا يُقالُ: مَقْفُولٌ).
وقال ثعلبٌ في الفَصيح (ص79):(باب أَفْعَل:… وأَغْلَقْتُ البابَ فهو مُغْلَقٌ،وأَقْف َلْتُهُ فهو مُقْفَلٌ).
وقال في أدب الكاتب (ص284، 286):(بابُ ما يُهمَزُ من الأفعال والأسماء والعوامُّ تُبْدِلُ الهمزةَ فيه أو تُسْقطها … وأَغْلَقْتُ البابَ،وأَقْفَل ْتُهُ،ولا يُقالُ:غَلَقْتُ ُ،ولا قَفَلْتُهُ).
وبعدُ،فتأمّلْ معي – أخي القاريء – ما خَلُصَ إليه في معجم الأخطاء الشّائعة (ص189) فقد جاء فيه ما نَصُّه:(… لذا لا أرى بأسًا في أن نقولَ:هذا البابُ مُغْلَقٌ ومُغَلَّقٌ ومَغْلُوقٌ).قال ذلك اعتمادًا على ما حكاه ابنُ دريد عن أبي زيد من أنّه جوَّزَ ذلك. وهو – سلّمه اللّه – لم يُوردُ شاهدا واحدا يُؤيِّدُ ما ذهب إليه من كلام اللّه أو رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم،أو لغة العرب ؟!،سوى نقولاتٍ عن بعضِ أعلام اللّغة،وعلماء العربيّة.وهي كما علمتَ عاريةٌ عمّا يشهد لها من كلام العرب سماعًا،وقياسًا .
ويُراجع:
1. الجامع لأحكام القرآن (3 /413) و (5 /107).
2. حاشية السّنديّ على البخاريّ (59 كتاب بدء الوحي).
3. عمدة القاري بشرح صحيح البخاري (15 /167).
4. لسان العرب (15 /134).
5. معجم الأخطاء الشّائعة (ص188 - 189).
6. معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص489 رقم 1415).
7. معجم المقاييس في اللّغة (4 /390 - 391 غلق).
8. المعجم الوسيط (ص659).
9. المغرب في ترتيب المعرب (2 /108).
10. مفردات الرّاغب (كتاب الغين – غلق).
11. نقعة الصّديان فيما جاء على الفَعلان (1 /73 - 74).
يتبع / وكتب : محمد تبركان