وفقكم الرحمان تبارك وتعالى سبحانه ،،
من باب المدارسة وليس هو اعتراض على فتوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله تبارك وتعالى سبحانه :
النصيحة من الطبيب الكافر للمريض المسلم تنقسم لقسمين :
* نصيحة تختص بالأمور الدنيوية ( مصلحة البدن ) : جواز أو عدم جواز المشى على القدمين أو الوقوف فترات بسيطة أو قليلة وهكذا
* نصيحة تختص بالأمور الإسلامية : جواز الصلاة أو الصيام أو الحج أو غير ذلك .
ففي الحالة الأولى وعلى فرض أن الطبيب الكافر هو مؤتمن فعلاً فيؤخذ بنصائحه لأنها أمور دنيوية بحتة ، وهذا الذي يقال فيه أنه لن يضرك بنصائحه من أجل سمعته بين الناس ، لأنه لو قال لك : امشي على قدميك وحدث لك سوء بقدر الله تبارك وتعالى سبحانه فهذا يسىء إلى سمعته المهنية ، فلن يغشك في نصائحه الخاصة بمصلحة البدن .
أما الحالة الثانية فهل يؤخذ بنصائحه لأداء فرائض الإسلام مع وجود الطبيب المسلم حتى ولو كان أقل منه كفاءة ؟
لأنه في هذه الحالة تخرج العدواة الأصلية عنده لأنه كافر ولأنك سألته في أمور تخص الإسلام الذي يكرهه ويبغضه ، فهو بطبيعة الحال لا يحب لك آداء فروض الإسلام ، وفي نفس الوقت لن يتضرر في سمعته المهنية ، فلو قال لك مثلاً : " لا تصلى " فهذا لن يضر سمعته الطبية في شىء ، لأن نصيحته هذه غير مترتب عليها ضرر صحيًا عليك .
وفي قصة استشهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى سبحانه عنه :
" قال عمر إلي طبيبا ينظر إلى جرحي هذا قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقى عمر نبيذا فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة قال فدعوت طبيبا آخر من الأنصار من بني معاوية فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطعنة صلدا أبيض فقال له الطبيب يا أمير المؤمنين اعهد فقال عمر صدقني أخو بني معاوية ولو قلت غير ذلك كذبتك " قال أحمد شاكر اسناده صحيح .
فلو كانت الأمور المترتب عليها مصلحة المسلمين يصح فيها استشارة الطبيب الغير مسلم ( فقط ) ، لكان اكتفى عمر بن الخطاب بنصيحة الطبيب من العرب فقط ، ولكنه أرسل إلى طبيب آخر من الأنصار ليأخذ برأيه في الأمر الذي يترتب عليه أمر المسلمين ، فالأمور الخارجة عن مصلحة البدن والتي هي متعلقة بأمر المسلمين " العهد والوصية والخلافة " يؤخذ فيها بنصيحة الأطباء المسلمين لتأكيد الأمر بعد نصيحة الآخرين .
واستدلال بعض العلماء باتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أريقط دليلاً في الطريق فيه أمور :
(1)أنه لم يكن موجود البديل المسلم سواء كان أقل كفاءة أو أكثر كفاءة ، فلم يكن وقتها تفاضل بين شخص مسلم وآخر كافر في المعرفة بالطرق حتى يتم الاختيار بينهما ، فكان اتخاذ عبد الله بن أريقط دليلاً في الطريق هو ضرورة كبيرة .
(2)أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستشيره في أمور خاصة تترتب عليها أحكام اسلامية بل في أمور دنيوية بحتة.
(3)أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سيعرف عن طريق الوحي إن كان عبد الله بن أريقط خائنًا له أم لا ، كما عرف رسالة حاطب بن أبي بلتعة " ، ونحن ليس عندنا وحي الآن الذي نعرف من خلاله أن الشخص الفلاني الكافر هو خائن أم لا؟
والأصل في الطبيب المسلم هو الأمانة والنصيحة ، ومن الصعب أن ينصح طبيب مسلم مريض بشىء هو لا يعرفه أو بشىء يضره! فإن كانت مهارة الطبيب المسلم لا تؤهله لكي يعرف إن كان الصيام أو القيام فيه ضرر على المريض أو لا ؟ فإما أن يستشير الطبيب المسلم من هو اعلم منه لكي ينصح المريض النصيحة الصحيحة ، وإما أن ينصحه بالأحوط صحيًا بعدم الصيام والقيام .
أما الكافر : فنصيحته من المتوقع جدًا أن تكون نصيحة كيدية من أجل بغضه لفرائض الإسلام ، فهو أصلاً لا يريدك أن تقوم بفرائض الإسلام ويبغض الإسلام فكيف سينصحك بالصلاة والصيام ؟
وإن لم يوجد إلا الطبيب الكافر فمن الممكن أن يحتال المريض عليه بعدم سؤاله عن آداء فرائض الإسلام مباشرة ، ولكن بسؤاله بوجه عام ، فلو قال له : هل أستطيع الوقوف على قدمي أو المشي والجلوس والتحرك أم ارتاح ولا اتحرك مطلقا ؟ ويكون قصده بذلك آداء الصلوات ، يعني يحاول التحايل عليه بقدر الإمكان .