يدعوني البحر إليه : زرقة بلا أمداء ، وأوائل أشعة شمس تبزغ باستحياء ، ولذع برد خفيف .
أمشي على طول الشاطئ بحماس نائم ، بلا هدف .
أرى قوارب الصيد العائدة من عمل مثمر :_ السلام عليكم يا شباب .. الله يعطيكم العافية .
فيقول أحدهم : _ أهلا وسهلا .. تفضل ، تفضل .( ويسكب شايا في كأس قذر ، مرثوم الشفة ).
:_ الله يسلم يديك .
وأشرب لونا أسود باردا ، وسكرا كثيرا ، وطعم تبغ حاد يدير رأسي :_ تمام .. تمام .
وأطلب كأسا ثانية ، ورابعة ، وأنا أكاد أتقيأ ، لكنني أشعر بفرح أسطوري .
يدندن الشاب بعفوية وحبور :_ يا مارية يا مسوسحة القبطان .
أتابعه مبتسما ، وأنا أدندن معه ، فيعلو غناؤه الأجش كدوران حجر طاحونة قديمة قديمة :_ يا مسوسحة القبطان والبحرية ..
ويسعل ، ويسيل أنفه ، فيمسح بأصابع متشققة مدببة ، فأزداد حماسا ، وأعاود الغناء معه بصدق وحرارة .
.. .. .. ..
نعم ، باستطاعتنا صنع سعادتنا بأيدينا وتشكيلها قدر الوسع كما نريد ، فتتغير الصورة وأنماطها ، وتتسع فضاءات
النفس والكون .