كثيرا ما نسمع الخوارج محتجين :ب (( أفضل الجهاد كلمة حقٍ عند سلطان جائر... )) مستدلين بهذا على تشنيعهم على الحكام في المنابر و التشهير بهم بين الناس في المجامع و المحافل أو في المجالس الخاصة. وفي هذا الاستشهاد مغالطة كبيرة من الخوارج لجهلهم باللغة العربية.
هذه المغالطة هي: استدلالهم بهذا الحديث مع جهلهم معناه، ولوكانوا لهم أدنى معرفة باللغة العربية لعلموا أن هذا الاستدلال عليهم لا لهم وضدهم لا معهم، لأن ظرف المكان (( عند )) لا يصغر كبقية ظروف المكان (( قبل ، وبعد )) ، فنقول : محمد قبيل المسجد. أي قبله بقليل. ونقول: محمد بُعيد االمسجد. أي: بعده بقليل. فالتصغير في هذه الظروف المكانية يفيد القرب من المضاف إليه.
و ظرف المكان (( عند )) فلا يُصَغَّر، لأنه يفيد الملازمة والملاصقة، فلا داعي لتصغيره.
فهذا الظرف يحمل على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( .... ولكن يأخذ بيده فيخلو به ... ))في الحديث الصحيح الذي جاء ليبين كيفية النصيحة للحاكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه)).
ففي هذا الحديث السرية التامة في مناصحة السلطان وفيه دليل أن النصح يكون عن قرب كما أفده ظرف المكان ( عند) في الحديث الذي إستدل به الجهال كما هو حالهم دائما ليحمل ما لم يتحمل ويدل على ما لا يدل فينصروا باطلهم بالحق فيلبسوا على الجهال أمثالهم ليكثروا سوادهم والله المستعان وعليه التكلان.