سوريا الجهاد
أحمد عبدالله الهلالي

1 يَا وَيْحَ شَوْقِي! كَانَ لِلشِّعْرِ الوَتَدْ = يَبْكِي دِمَشْقَ[1] وَلاَ نَصِيرَ وَلاَ سَنَدْ
2 مَا كَفْكَفَ الدَّمْعَ الغَزِيرَ، وَقَالَهَا: = يَا قَوْمِ إِنَّ "الكَلْبَ حَافِظٌ"[2] الأَسَدْ
3 هُوَ حَافِظٌ لِخِيَانَةٍ وَعَمَالَةٍ = وَعَلَى الْخُطَى قَدْ سَارَ بَشَّارُ الوَلَدْ
4 يَا ضَيْعَةَ الأَسْمَاءِ فِي حُكَّامِنَا = قَدْ نَجَّسُوا مَا كَانَ مِنْهَا قَدْ حُمِدْ
5 هَلْ صَارَ بَشَّارٌ بِمَعْنَى جَازِرٍ = أَمْ صَارَ مَاهِرُ مَاكِرًا طُولَ الأَبَدْ
6 وَالْحِفْظُ بَاتَ خِيَانَةً وَالعَدْلُ مَعْـ = ـنَاهُ هُوَ القَتْلُ الشَّنِيعُ لِمَنْ سَجَدْ
7 أَسَدٌ عَلَى الشَّعْبِ الْمُطَالِبِ حَقَّهُ = وَمُسَالِمٌ عِنْدَ الَّذِي احْتَلَّ البَلَدْ
¯¯¯
8 تَارِيخَنَا أَمِطِ اللِّثَامَ عَنِ الوَغَى = وَانْظُرْ إِلَى الخَصْمَيْنِ وَاكْتُبْ فِي جَلَدْ
9 فَتِّشْ وَقَلِّبْ فِي الصَّحَائِفِ جَاهِدًا = وَاكْشِفْ لَنَا سَبَبَ العَدَاوَةِ وَاللَّدَدْ
10 وَأَجِبْ سُؤَالاً قَدْ أَقَضَّ مَنَامَنَا = وَتَحَيَّرَتْ فِيهِ العُقُولُ بِلاَ رَشَدْ
11 وتَسَاؤُلاتٍ مُرَّةً لاَ تَنْتَهِي = فِي عَقْلِنَا وَالذِّهْنُ مِنَّا قَدْ شَرَدْ
12 مَا سِرُّ هَذَا الظُّلْمِ مِنْ جَزَّارِهِمْ = وَمَنِ الأُلَى جَعَلُوهُ بِالْحُكْمِ انْفَرَدْ
13 هَلْ مَنْ يُقَتِّلُ شَعْبَهُ مِنْ شَعْبِهِ = وَهَلِ الَّذِي نَهَبَ البِلاَدَ مِنَ البَلَدْ
14 يَا كَلْبَ سُورِيَّا ارْتَحِلْ عَنْ شَعْبِنَا = نَحْنُ الأَحَقُّ بِهِمْ وَأَنْتَ الْمُزْدَرَدْ
¯¯¯
15 القَتْلُ يَسْتَشْرِي لَدَى سُورِيَّةٍ = كَالنَّارِ تَسْرِي فِي الْهَشِيمِ الْمُتَّقِدْ
16 وَالشَّعْبُ يُطْلِقُ صَرْخَةً مِنْ قَلْبِهِ: = أَيْنَ الْمُلُوكُ الْمُسْلِمُونَ؟ أَلاَ أَحَدْ!
17 يَزْدَادُ جُنْدُ الكَافِرِينَ ضَرَاوَةً = وَيَضِنُّ جُنْدُكَ يَا بْنَ دِينِي بِالسَّنَدْ
18 بَشَّارُ يَقْتُلُ بِالْمَدَافِعِ شَعْبَهُ = وَالشَّعْبُ أَعْزَلُ لاَ عَتَادَ مَعَ العَدَدْ
19 نَامَ الرَّئِيسُ وَنَامَ حُكَّامُ الدُّنَى = النَّافِثُونَ بِكُلِّ سِحْرٍ فِي العُقَدْ
20 وَشُعُوبُنَا لا تَسْتَسِيغُ مَنَامَها = مِمَّا تُشَاهِدُ مِنْ فَظَائِعِ مَا تَجِدْ
21 أسَنَكْتَفِي بِالشِّعْرِ نُنْشِدُهُ وَهَلْ = يُغْنِي البُكَاءُ عَنِ الْمُرَاقِ مِنَ الْجَسَدْ
22 يَبْكِي عَلَى شَامِ الْهَوَى بِكُوَيْتِهِ = وَأَنَا هُنَا أَبْكِي بِشِعْرِي فِي رَغَدْ
23 وَخَلِيجُنَا مَعَ مِصْرِنَا فِي تُونُسٍ = يَتَشَاوَرُونَ: نُرِيدُ إِنْقَاذَ الأَسَدْ
24 وَخُرُوجَهُ مِنْ سُورِيَا فِي مَأْمَنٍ = إِنَّا نَخَافُ إِذَا حَصَدْنَا مَا حَصَدْ
25 وَالكَلْبُ يَغْتَصِبُ العَذَارَى جُنْدُهُ = وَيُقَتِّلُ العَجْزَى وَيَمْضُغُ فِي الكَبِدْ
26 وَتَفَنَّنُوا فِي قَتْلِ أَطْفَالٍ لَهُمْ = فَبِأَيِّ ذَنْبٍ أَحْرَقُوا هَذَا الوَلَدْ
¯¯¯
27 قَدْ سِيمَ جِيلِي بِالعَذَابِ لأَنَّهُ = تَرَكَ الجِهَادَ وَمَاتَ عَنْهُ مَنِ اجْتَهَدْ
28 يَا شَعْبَ سُورِيَّا اثْبُتُوا بِجِهَادِكُمْ = لاَ تَعْجَلُوا فَالله آتٍ بِالْمَدَدْ
29 مَهْمَا تَعَالَى الظَّالِمُونَ عَلَيْكُمُ = فَمَصِيرُ جُنْدِ الظَّالِمِينَ إِلَى بَدَدْ
30 سَيَقُومُ مِنْ بَيْنِ الرُّفَاتِ مَعَاشِرٌ = لاَ يَرْهَبُونَ سِوَى إِلَهِهِمُ الصَّمَدْ
31 لَسْنَا نُدَعِّمُ حَازِمًا مِنْ كَوْنِهِ = هُوَ شَيْخَنَا.. لَكِنْ لأَجْلِ المُعْتَقَدْ
32 يَا حَازِمٌ سِرْ فِي طَرِيقِكَ رَاشِدًا = لا تَلْتَفِتْ لِمُخَذِّلٍ مَهْمَا حَقَدْ
33 سَنَسِيرُ خَلْفَكَ وَالإِلَهُ يُعِينُنَا = لِتَعُودَ مِصْرُ أَبِيَّةً رُغْمَ الحَسَدْ
34 وَإِذَا اسْتَقَرَّتْ مِصْرُ قُمْنَا بَعْدَهَا = لِنُحَرِّرَ الأَقْصَى وَسُورْيَا لِلأَبَدْ
35 لاَ صَوْتَ يَعْلُو فَوْقَ صَوْتِ الْحَقِّ إِلاَّ = مِثْلَمَا يَعْلُو عَلَى الْمَاءِ الزَّبَدْ
أحمد عبدالله الهلالي
الأحد 4 من ربيع الآخر 1433 هـ = 26/ 2/ 2012 م


[1]وذلك في قصيدته الشهيرة إبَّان الاستعمار الفرنسي على بلاد الشام: "سلامٌ مِن صَبا برَدى أرَقُّ".

[2]وكانت هذه ممازحة بينه وبين قرينه شاعر النيل "حافظ إبراهيم".