يقول الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي رحمه
نشكر الله سبحانه على ما ألهمنا ، ونسأله التوفيق للعمل بما علمنا فإن الخير لا يدرك إلا بتوفيقه ومعونته ، ومن يضلل الله فلا هادي له من خليقته ، وصلى الله على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين ، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين ، وعلى من اتبع النور الذي أنزل معه إلى يوم الدين ، ثم إني موصيك يا طالب العلم بإخلاص النية في طلبه ، وإجهاد النفس على العمل بموجبه ، فإن العلم شجرة والعمل ثمرة ، وليس يعد عالما من لم يكن بعلمه عاملا ، وقيل : العلم والد والعمل مولود ، والعلم مع العمل ، والرواية مع الدراية فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم ، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرا في العمل ولكن اجمع بينهما ، وإن قل نصيبك منهما ، وما شيء أضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته ، وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته .والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجى في العاقبة إذا تفضل الله بالرحمة ، وتمم على عبده النعمة ، فأما المدافعة والإهمال وحب الهوينى والاسترسال ، وإيثار الخفض والدعة والميل مع الراحة والسعة ، فإن خواتم هذه الخصال ذميمة ، وعقباها كريهة وخيمة ، والعلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة ، فإذا كان العمل قاصرا عن العلم ، كان العلم كلا على العالم ، ونعوذ بالله من علم عاد كلا ، وأورث ذلا ، وصار في رقبة صاحبه غلا