أهمية الشعر المعاصر \
بقلم الشاعر فالح الحجية الكيلاني




الشعر العربي منذ ان وجد على الارض العربية وقالوه الشعراء وتغنوا به شق له طريقا واسعا من الريادة وكانت له الاولوية في تمثيل الحياة العربية في جزيرة العرب اوفي كل البلدان التي تكلمت اللغة العربية في ظل الاسلام بعد انتشاره على ايدى المسلمين الذين يعتبرون العرب نواة الحركة الاسلامية في تطورها وشموخها .
فللشعر كان دوره البارز والكبير في حياة الامة العربية وإن لم تبق له تلك المساحة التي كان يحتلها في عصوره المتقدمة وذلك لأن العرب بتطور حياتهم تخلوا عن الشعر أو أن الشعر لم يعد ممتعا لهم كما كان في العهود الماضية وذلك بسبب تغيير ظروف الحياة وما آلت اليه الحياة وتطوراتها ومدياتها وسبل ايجاد متعة افضل منه للنفوس العربية الا بعضا منهم وهم الشعراء ومستسيغوا الشعر والكلمة الفاضلة حيث دخلت إلى حياتنا أمور كثيرة قللت من اهمية الشعر وضيقت مساحته على ساحة الحياة الواسعة والتي قلصتها كثيرا .
كان العرب في الجاهلية يقضون اوقاتهم في السعي في طلب الرزق ورعي انعامهم وابلهم نهارا اما في الليل فيتجمعون للتسامر والتحدث والاستماع للشعر باعتباره الفن الوحيد الذي كان سائدا في بلادهم تقريبا لذا فقد كان العرب يعلمون أولادهم الشعر حفظه وقولهم له اضافة الى تعليمهم الأنساب لاعتزاز العرب بانسابهم وهي الامة الوحيدة من بين الامم العالمية التي لازالت تحتفظ بانسابها لحد الان وكذلك وأخبار العرب
اما عند مجيئ الإسلام فقد أصبحوا يعلمونهم ايات القرآن الكريم والأحاديث النبوية وحفظها فكان العرب في مجالسهم يحفظون ايات القران الكريم ويتداولون في امورها وتفسيرها وكذلك الاحاديث النبوية
اما في العصر الاموي وما بعده من العصور فقد اهتم العرب باللغة العربية واسسها فأخذوا يتعلمون و يعلمون اولادهم : النحو والصرف والبلاغة والبيان والشعر وفنونه التي كثرت والعروض وبعض العلوم المستحدثة كالرياضيات والفلسفة والطب وغيرها .
اما في الوقت الحاضر فنتعلم العلوم التي ترتاح اليها نفسية أي منا سواء كانت علمية بحتة او فنية كالشعر او الموسيقى ونعلم ابناءنا كل العلوم الفنية والتطبيقية والعلمية البحتة مثل الكيمياء والفيزياء والمراسلات والحاسوب والضرب على الحاسوب والبث والنشر او الاستقبال من خلاله او نعلمهم العلوم التي يرغبون تعلمها
بعد انهاء المراحل الدراسية الاولية وقد تظهر طفرات نوعية في الحياة الثقافية وتجديدها تبعا لتطور الحياة مع مرور الزمن وما يخبؤه هذا الزمن المستحدث من علوم وفنون ربما لم نرها او نسمع بها لحد الان ولا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل في تقدم لكل هذه العلوم والابحاث وقد تصبح الاجيال القادمة غير قانعة بما نحن رضينا فيه من الفنون والعلوم وشموليتها وتشعبها الواسع وما استحدث منها ويستحدث مع مرور الزمن
ومن المعلوم أن الشعر لم يعد الفن الوحيد الذي يستمتع به الناس في الوقت الحاضر فهناك الكثير من الفنون المختلفة والعلوم الكثيرة مثل السينما والمسرح و التلفزيون وكذلك المطالعة مثل القصص والروايات والخاطرة والمقالة وكل هذه الامور تدخل في اضعاف اهمية الشعر وتوزيع ساحة المتعة بين الناس بحيث اصبحت فرص التمتع والمؤانسة كثيرة حيث لم يبق للشعر الحصة الواسعة التي كان يحتلها في الماضي وهذه الامور طبيعية فاذا تشعبت وكثرة روافد المتعة النفسية في عدة امور فالناس تتوزع عليها كل حسبما يشعر به ازاء هذه الحالة او الفن و كل حسب رغبته وما ترتاح اليه هذه النفوس .
واستطيع القول ان الشعر بحد ذاته قد تطور و اصبح اشكالا عدة في العالم العربي فاذا كان الشعر العمودي هو الاساس والمرجع فقد واستحدث الشعر الحر وهو شعر موزون حر شعر التفعيلة تحرر من القافية حيث ينظم على بحور ثابته في تفعيلة معينة وقد حددت هذه البحور بسبعة بحور كذلك وجد الشعر المنثور او وجدت قصيدة النثر وهذه القصيدة تكون مفتوحة من دون تقييد بالوزن او القافية او بمعنى اخر ان موسيقاها تكاد تكون تضرب في كل الاتجاهاة الفنية بحيث اصبح كل من يكتب كلمات مرتبة تحت بعضها ربما يقول أنه كتب شعرا نثريا فقد ضاعت كل مقاييس الشعر حيث للشعر مقاييس خاصة حسب تذوق الشاعر أو المتلقيى الا ان هذه القصائد – قصائد النثر - لاتخلو من مقطوعات غاية في الروعة والفنية والجمالية وفقا لثقافة الشاعر وقوة شاعريته فالقصيدة الشعرية سواء كانت عمودية او قصيدة تفعيلة او قصيدة نثر فقد تبقى حاضرة ومهمة ومفضلة لجمالتها ولرقتها او لقربها من قلب المتلقي .
شعراء العصر الحديث او الشعراء المعاصرون انشدوا للحياة العربية في كل عناصرها واحتياجاتهم مرورا بالشعر الوطني او السياسي الذي انشد الوطنية وما يعتمل في نفسية الشاعر او نفسية المتلقي وغرس روح المواطنة وتفعيل القضية العربية وتحرير الاجزاء التي لازالت تحت ظلم الاستعمار الاجنبي او الحكام المستبدين وبعث القضية العربية في النفوس والافئدة وشحذ الهمم في هذه القضية وكثر هم الشعراء الذين كتبوا او انشدوا في هذه الامور تطغى على قصائدهم الثورية والوطنية وتحتل المكانة الاولى في الشعر العربي في الوقت الحاضر او المعاصر وفي المستقبل وهناك منها هذه الامو ر يتفرع شعر النكبة والمقصود بها الشعر الذي قيل في نكبة فلسطين منذ بداية القرن العشرين وحتى الان واستطيق القول ان كل الشعراء العرب قالوا في هذه القضية لقربها من القلوب والنفوس العربية المناهضة للغزاة والطامعين .
ولا نخرج عن الموضوع ان قلنا ان الشعر يمثل الحياة الانسانية في هذا الوقت افضل تمثيل وما يقوله الشعراء هو ما ينفعل في نفوسهم و قلوبهم وقلوب المتلقين لهذا الشعر بمختلف فنونه فيتأثرون بما يقرأون من شعر بما في ذلك الغزل او شعر الحب وهو الاغلب وياتي من بعده الشعر السياسي او شعر الاحداث اليومية ولو اطلع احدنا على الصحف او المجلات او شاشات التلفاز او الانترنيت او الفيسبوك لشاهد آلاف من القصائد العمودية التي هي اساسا للشعر العربي وقصائد في الشعر الحر التي استحدثت في منتصف القرن الماضي وقصائد في النثر او ما يسمى الشعر المنثور والتي وجدت في نهاية القرن العشرين وبالتحديد في الثمانينات منه والتي انتشرت انتشارا واسعا لسهولة نظم القصيدة بسبب تخلصها من الوزن والقافية او البحر والموسيقى الشعرية في السنوات الاخيرة بين الشعراء الشباب واخذ يكتب فيها كل من هب ود ب منهم ويسمي نفسه شاعرا وخاصة بعد ظهور وسائل الاعلام المرئية ووسائل النشر السريعة وكثرتها .
ومن هنا يتضح اهمية الشعر المعاصر من انه شغل مسافات واسعة ومستحدثة من اهتمامات الشباب سواء الكتاب او المتلقين ومن بين هذه النتاجات وجدت نتاجات ذات قيمة ادبية عالية لشعراء هم قمة في الانتاج الشعري كمثل الشاعر بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وامل دنقل في الشعر الحر و نزار قباني محمود دورويش وفالح الحجية وسعاد الصباح وغيرهم الذين جمعوا بين الحداثة والمعاصرة وجملة من شعراء المعاصرة اذكر منهم : محمد الحافظ ووهاب شريف وعبد الهادي المظفر من العراق وفوزية العلوي من تونس وايمان الونطدي ونعيمة خليفي وعبد العاطي وفوزية امين من المغرب واسماء صقر القاسمي من الامارات و غيرهم كثير في كل الاقطار العربية ممن برزت ادواتهم الفنية ظاهرة بينة وتأثروا بما حولهم وربما بالثقافات الاجنبية وتأثر بعضهم ببعض ثقافيا وادبيا وحضاريا. ممن تجد في شعرهم مسحة من الجمال والخيال التي هي أهم عناصر القصيدة الشعرية مهما كان نوعها وهذا هو الشعر الذي يحمل في طياته أكثر المضامين الإنسانية روعة وجمالا وائتلاقا .


الشاعر
فالح نصيف الحجية
دراسات في الشعرالمعاصر
أ