الرد على الكذبة الطاعنين في نسب بني كلب الجهنيين
كتبها : سعد الكلبي الجهني
الموافق : 22 / 2 / 1433 هـ
شاهدت خلال السنة المنصرمة ألف وأربعمائة واثنان وثلاثون للهجرة المباركة بعض أدعياء علم النسب قام بعمل مشجرة محدثة لبني كلب بن جهينة؛ أخرجهم فيها من أصلهم بجهينة؛ ونسبهم بها ظلماً وزورا إلى قبيلة كلب بن وبرة القضاعية؛ ففرح بعمله هذا بعض الجهلة والعوام؛ وهؤلاء لايؤاخذون بفرحتهم؛ إذ هي مبلغ علمهم؛ والتقليد هو محط آمالهم؛ ولمَّا خشيت أن يكون السكوت عن مثله موافقة على فعله؛ كتبت هذه السطور رداً للأكاذيب الّتي أثارها؛ وقطعاً للشجرة المكذوبة التي صنعها؛ حين نفى صلة كلب بن كبير بجده جهينة بن زيد؛ فقلب الحق باطلا؛ وجعل الكذب صدقا؛ وليس في هذا الرد إلا إحقاقاً للحق؛ فكان هذا الرد بحمد الله شافياً للعِلّة؛ راوياً للغُلّة؛ يجعل كل منهم يكاد أن يغص بريقه؛ واللهَ أسألُ أن يجعل هذه الحروف خالصةً لوجهه الكريم؛ وأن يحق الحق ويظهره؛ ويبطل الباطل ويقبره .
وقد أتى هذا الطاعن الظالم برأي محدث لم يسبقه أحد إليه؛ ولم ينقله من كتاب أو عالم يؤيده عليه؛ بل أخترعه من رأسه؛ دفعه إليه بعض الأدعياء ممن يريد أن يلتصق بنسبنا العريق؛ فأغروا هذا الجاهل بمال دفعوه إليه رشوةٍ؛ ليصنع لهم نسبا؛ وكأن الأنساب نهائب وليست وهائب؛ وله سلف في هذه الخصلة الذميمة؛ فقد قالوا عن النسابة ابن المنقذي: (كان يرتشي على النسب) فهذا نسابة عالم قديم باع أمانته بثمنٍ بخس؛ فما بالك بجويهل همل لا يرقب في الناس أمانةٍ ولا ذمه ؟! .
وتبعه بعض عوام بني كلب؛ وظنوا به خيرا وصدقوه؛ مع أن كلَّ زعمه خالي من الأدلة؛ فلم يقيم على زعمه المحدث ولو دليلاً واحدا !!؛ ولا يخفى على العقلاء أننا أمة الدليل؛ لقول الله تعالى: ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) وبطلان الدّليل يؤذن ببطلان المدلول؛ ولا شك ولا ريب عندي أنَّ هذا القول المكذوب الّذي أحدثوه باطل بجميع وجوهه؛ أومآ علم النسابون الأوائل كل هذه السنون الماضية أن بني كلب ليسوا من جهينة حتى أتى مؤرخي الإنترنت فأخبرونا بما جهل الأولون من نسبنا ؟!!؛ تالله إنَّ هذا لهو عين الظلال؛ بل أنني أتحدى هؤلاء الطاعنين أن يأتوا بشطر كلمة عبر تاريخ بني كلب الممتد لأكثر من ألف عامٍ يدل ولو بإشارة عابرة على تحالف بني كلب بن وبرة مـع جهينة؛ وأنى لهم ذلك ؟!؛ فدونه خرط القتاد؛ ولكن كما يقول أهل البادية: ( الطلقة التي لا تصيب تدوش) وهذا هو هدفه المنشود؛ أن يحدث شبهة وبلبلة حول نسب بني كلب بن جهينة؛ وأما الكلام بلا دليل فلا تعجز عنه العجائز؛ فقد يكتب المرء ألف ورقة بلا حجة؛ لكن تبقى حروفه خالية من الأدلة؛ فإذا قوبلت كل تلك الحروف بسطر من كتب التاريخ بدليل وبرهان نسفها فجعلها صفصفا .
وهذا كلام باطل؛ لم يقم عليه دليل؛ ولا رجع فيه إلى تأويل؛ ولا أيده بتحقيق ولا تعليل؛ وقد قال تعالى في محكم التنزيل: ( هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا؛ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ) وقد قالت الأمثال: ( إن كنت كذوباً.. فكن ذكوراً ) حتى لا ينكشف كذبك وتفضح نفسك بيدك؛ وما أحسن قول الحافظ المناوي في شرح البخاري حين قال: الطعن في الأنساب هو الوقوع فيهابنحو ذمٍ وعيبٍ ؛ بأن يقدح في نسب أحدٍ من الناس؛ فيقول: ليس هو من ذرية فلان !؛وذلك محرم؛ لأنه هجوم على الغيب؛ ودخول فيما لا يعني . انتهى كلامه رحمه الله .
فيا أجهل من حملت ساقٍ على قدم …… ما مثل قولك في الأقوام يحتمل
وتتميز جهينة بحمد الله بأنها نعرف أنسابها وتعد أحسابها؛ وما أهملت أمة تاريخها؛ إلا وضلت طريقها؛ فالتاريخ هو صلة الخلف ؛ بموصول السلف؛ ولكن أبتلينا في هذه الأزمنة المتأخرة بتطفل بعض الجهلة على علم النسب؛ كما قال العلامة الفيلسوف ابن خلدون رحمه الله : [ وما استكبر القدماء علم التّاريخ إلّا لذلك.. واستخفّ العوامّ ومن لا رسوخ له في المعارف بمطالعته؛ وحملـه؛ والخوض فيه؛ والتّطفّل عليه؛ فاختلط المرعيّ بالهمل؛ واللّباب بالقشر؛ والصّادق بالكاذب؛ وإلى الله عاقبة الأمور ] انتهى .
ولم نظن في يوم من الأيام أن يأتي أحد ويطعن بنسبنا؛ ويخرجنا من أصلنا؛ وينفينا عن أصلاب آبائنا؛ وذلك بإثارة الشبهات والشكوك حولنا؛ حتى قرأنا ما كتبه هذا الجويهل الإمعة؛ المسمي نفسه سليل العود؛ المدعي لعلم النسب والمعرفة؛ فشجع السفهاء والموتورين والسفلة على غمزنا؛ وتجاسروا على الطعن في نسبنا؛ وذلك لأنه اختراع خلافٍ في نسبٍ هو أصفى من الذهب؛ حيث أن نسب قومي بني كلب في جهينة يقيناً وليس ظنياً؛ وهو محفوظ ومدون بكتب التواريخ والأنساب؛ وقد أخذناه كابر عن كابر؛ وحفظناه على مدى القرون الخالية بالتواتر؛ وعرفته قبائل الحجاز من حولنا بالشهرة والاستفاضة؛ وهو ثابت بجهينة ثبوت جبال رضوى؛ وعريق كعراقة جبال الأشعر والأجرد بالثرى؛ ولا أعلم أحداً من أهل الحجاز من يبلغ في صراحة النسب؛ ووضوح المجد والحسب؛ مبلغ أعقاب بني كلب بن كبير بن جهينة؛ وجهينة معشري هي الأصل الذي نصيـر إليه؛ والجناح الذي نطيـر عليه .
وقد وجهت بعض الأسئلة لهؤلاء المفترين الذين جعلوا بني كلب بن كبير الجهنيين هي عينها قبيلة كلب بن وبرة القضاعية؛ فممَّا طرحت عليهم من أسئلة واستفسارات حول زعمهم هذا؛ فقلت لهـم:
1- متى دخلت قبيلة كلب بن وبرة القضاعية في جهينة ؟؟
2- هل دخلت في الجاهلية أو في الإسلام مع ذكر تاريخ دخولهم بجهينة من المصادر التاريخية ؟؟
3- من كان يسكن جبال الأجرد والأشعر منازل قومي بني كلب بن كبير الجهنيين قبل دخول قبيلة كلب بن وبرة في جهينة كما تزعـمون ؟؟
4- هل دخلت قبيلة كلب بن وبرة كلهم في جهينة أم جزء منهم مع ذكر المصدر والمستند التاريخي إن وجدتم لذلك سبيلا ؟؟
5- هل قبيلة كلب بن وبرة التي دخلت بجهينة على ما تزعمون هي بني كلب الذين في شمل بني مالك من جهينة وشيخهم سعود الكلبي ؟؟ أم هم بني كلب الذين في شمل بني موسى من جهينة وشيخهم سلامه بن رشدان الكلبي الجهني .
6- إن قلتم بأن قبيلة كلب بن وبرة القضاعيين الذين دخلوا في جهينة هم بني كلب الذين في شمل بني مالك فاذكروا مصدركم ومستندكم التاريخي على ذلك ؟؟
7- هل تستطيعوا أن تفرقوا بين ديار الكلبيين الجهنيين وأعني بني كلب الذين في شمل بني مالك بن جهينة وبني كلب الذين في شمل بني موسى بن جهينة ؟؟
هذه هي الأسئلة والاستفسارات التي وجهتها لهم؛ فلم ينبسوا ببنت شفه؛ وغص كلاً منهم بريقه؛ وصار كل وأحد يستفتزع بقرينه؛ فلم يجدوا جوابا ولا مخرجا؛ فبهتوا وانقطعوا عن الجواب؛ فنطق أحدهم بعد فترةٍ بجواب السكوت خير منه؛ قائلاُ: ( هذه أسئلة تعجيزية ) !! (هل تستطيع أنت أن تجيب عليها) !! وما أجد أبلغ ولا أحسن ولا أجود من أنْ أجيب بمَّا قاله الشيخ المؤرخ النسابة الزاهد ابن غنيم المرواني الجهني حفيد صحابة رسول الله وابن أمراء جهينة صاحب تاريخ جهينة الكبير؛ في رده على هذا المدعو حين تعرض لنسب قبيلة من قبائل جهينة ؛ فألجمه بقـوله : /
[ وَقَدْ سَمِعْنَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ مِنْ الْبَطَالِينَ الْفَارِغِين يَخُوضُوا فِي أَنْسَابِ الْقَوْمِ بِدُونِ مُسْتَنِدًا أَوْ دَلِيل, إلّا قَالَ وَقِيل, وَلَكِنْ هَيْهَاتَ ؛؛ هَيْهَات, وَلاَ نَقُول إلّا كَمَا قَالَ سُفْيَان اَلثَّوْرِيّ : « لمَا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةِ الْكَذِبَ اسْتَعْمَلْنَا لَهُم التَّارِيخ » , وَلِلَّهِ دَرّ حَسَّان بْنِ زَيْدٍ حِينَ قَال : « لَمْ نَسْتَعِينُ عَلَى الْكَذَّابَيْنَ بِمِثْلِ التّارِيخِ » وقال حفص بن غياث: ( إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين ) .
وَقَدْ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَك : مَاذَا نَصْنَعُ بِهَذِهِ الأَْحَادِيثَ الْمَصْنُوعَةِ ؟, فَقَال : « تَعِيشُ لَهَا الجَهابِذَةُ », وَرُوِيَ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَخَذَ زِنْدِيقًا فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقه, فَقَال لَهُ الزِّنْدِيقُ : لِمَا تُضْرَبَ عُنُقِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟, قَال : أُرِيحَ الْعِبَاد مِنْك, قَال : فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ وَضَعْتُهَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كُلُّهَا مَا فِيهَا حَرْفٍ نَطَقَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟, قَال : فَأَيْنَ أَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ أَبِي إِسْحَاق الْفَزَارِيِّ ؟, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ؟, يُنْخِلاَنِهَا فَيُخْرِجَانِهَ ا حَرْفاً حَرْفا (!!!), وَأَيِّ أَرْضٍ تَقلّ وَأَيُّ سَمَاءٍ تَظِلّ, لِمَنْ تَكَلِّمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضْلّ وأَضَلَّ, وَزَلّ وَأَزْلَّ, وَقَدْ قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : (إنَّ التَّارِيخَ فَنٌّ عَظِيمُ الْوَقْعِ, جَلِيلُ النَّفْعِ, وَضَعْنَاهُ لِنَخْتَبِرَ بِهِ مَنَ جَهِِلْنََا, لَمَّا كَثُرَ الْكَذَّابُونَ, حَتَّى ظَهَرَ بِهِ كَذِبُهُمْ, وَبَطَلَ قَوْلُهُمْ الذي يُرَوِّجُونَ بِهِ على من لَا عِلْمَ له ). وَأَخْبَارِ الْكَذَّابِينَ وَالْوَضَّاعِين َ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً, فإذا وضعت في ميزان التحقيق لم نجدها شيئا؛ وَهِيَ وَاضِحَةٌ كَالشَّمْسِ بِيَقِين .
يتبع بعون الله وتوفيقه..