تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: القذاذة للسيوطي ( حكم قول " بعد أعوذ بالله " )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    469

    افتراضي القذاذة للسيوطي ( حكم قول " بعد أعوذ بالله " )

    القذاذة للسيوطي ( حكم قول " بعد أعوذ بالله " )

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ، وبعد :
    فقد وجدت على الشبكة العنكبوتية ( النت ) رسالة مخطوطة للسيوطي رحمه الله في مسألة قلّ أن ينتبه لها طلبة العلم ، وهي قول بعضهم إذا أراد أن يقرأ آية : " بعد أعوذ بالله " ، وقد سماها " القُذاذة ([1]) في تحقيق محل الاستعاذة " ، والظاهر أنها جواب لسؤال ورد إليه ، وقد طبعت ضمن الحاوي للفتاوى للسيوطي ، فأحببت إفرادها مضيفا إليها علامات الترقيم وعزو الآيات والأحاديث . ثم علمت أنها طبعت ضمن ثلاث رسائل بتحقيق : أبي عبدالرحمن محمود . المكتب الإسلامي - بيروت 1410 هـ كما في أرشيف ملتقى أهل التفسير 4 (ص: 3056) ، وفي الملتقى مزيد فائدة على ما ذكره السيوطي رحمه الله ، وقد نفع الله بهذه المنتديات والملتقيات نفعا عظيما ، ولاشك أن أول من سن ذلك له أجر عظيم ؛ لأن له أجره وأجر من عمل به بعده ، وأسأل الله أن يبارك في جهود كل من شارك فيها ويعصمهم من الزلل ، وأشهر من وفقه الله لاستغلال هذه الوسائل الحديثة لخدمة الإسلام ، وأشهر موقع له هو " الإسلام سؤال وجواب " .
    كتبه / عبد الباسط بن محمد .
    نص المخطوطة :
    القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة ([2])
    للسيوطي رحمه الله
    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى .
    وقع السؤال عما يقع من الناس كثيرا إذا أرادوا إيراد آية قالوا " قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ويذكرون الآية ، هل "بعد" هذه جايز ([3]) مثل الاستعاذة أم لا ؟ وهل أصاب القاري في ذلك أو أخطأ وهل عليه شيء ؟
    فأقول : الذي ظهر لي من حيث النقل والاستدلال أن الصواب أن يقول " قال الله تعالى " ويذكر الآية ولا يذكر الاستعاذة ، فهذا هو الثابت في الأحاديث والآثار من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين فمن بعدهم . أخرج الشيخان وأحمد والنسائي عن أنس قال : ((قال أبو طلحة : يا رسول الله إن الله يقول {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } ([4]) وإن أحب أموالي إلي بيرحا )) ([5]) الحديث . وأخرج عبد بن حميد والبزار عن حمزة بن عبد الله بن عمير قال : قال عبد الله حضرتني هذه الآية { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد أحب إلي من جارية لي رومية فأعتقتها ([6]) .
    وأخرج ابن المنذر عن نافع قال كان ابن عمر يشتري السكر فيتصدق به فيقال له لو اشتريت بثمنه طعاما كان أنفع لهم فيقول إني أعرف الذي يقولون ولكن سمعت الله يقول { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } وإن ابن عمر يحب السكر ([7]) .
    وأخرج الترمذي وغيره عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ملك زادا وراحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره مات يهوديا أو نصرانيا وذلك بأن الله قال {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} ([8]) [سورة آل عمران 3/97] . وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله قضى على نفسه أن من آمن به هداه ، ومن وثق به أنجاه " قال الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله {وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ([9]) [سورة آل عمران 3/101] .
    وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك بن الوليد أنه سأل ابن عباس : " ما تقول في سلطان علينا يظلمونا ويعتدون علينا في صدقاتنا أفلا نمنعهم ؟ قال : لا ، الجماعة الجماعة إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها ، أما سمعت قول الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [سورة آل عمران 3/103] " ([10]) .
    وأخرج أبو يعلى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تستضيئوا بنار المشركين)) قال الحسن وتصديق ذلك في كتاب الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} [سورة آل عمران 3/118] " ([11]) . وأخرج ابن أبي حاتم ([12]) عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الجمعة : ((هي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك لأن الله يقول {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [سورة الأنعام 6/160] )) ([13]) .
    والأحاديث والآثار في ذلك أكثر من أن تحصر فالصواب الاقتصار على إيراد الآية من غير استعاذة اتباعا للوارد في ذلك فإن الباب باب اتباع، والاستعاذة المأمور بها في قوله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [سورة النحل 16/98] ([14]) للتلاوة أما إيراد آية منه للاحتجاج والاستدلال على حكم فلا، وأيضا فإن قوله " ([15]) بعد أعوذ بالله" تركيب لا معنى له وليس فيه متعلق للظرف وإن قدر تعلقه بقال ففيه الفساد الآتي، وإن قال: قال [ الله تعالى ] ([16]) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وذكر الآية ففيه من الفساد جعل الاستعاذة مقولا لله ([17]) وليست من قوله، وإن قدم الاستعاذة ثم عقبها بقوله " قال الله وذكر الآية " فهو أنسب من الصورتين غير أنه خلاف الوارد وخلاف المعهود من وصل آخر الاستعاذة بأول المقروء من غير تخلل فاصل ، ولا شك أن الفرق بين قراءة القرآن للتلاوة وبين إيراد آية منه للاحتجاج جلي واضح.
    والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب . نجز القذاذة في تحقيق محل الاستعاذة .
    انتهى كلام السيوطي رحمه الله
    الخاتمة :
    يُنهى الخطيب ونحوه أن يقول " قال الله بعد أعوذ بالله .. " ، وإنما الصواب أن يقول : " قال الله ، ويذكر الآية مباشرة " . هذا ما ذكره السيوطي .
    قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 148): " تنبيه جرت العادة إذا قرأ الخطيب الآية أنه يقول قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً } [سورة النحل 16/97] الجاثية 15 الخ وفيه إيهام أن أعوذ بالله من مقول الله تعالى وبعضهم يتباعد عن ذلك فيقول قال الله تعالى كلاما أتلوه بعد قولي أعوذ بالله الخ ولكن في حصول سنة الاستعاذة بذلك نظر لأن المطلوب إنشاء الاستعاذة ولم تبق كذلك بل صارت محكية مقصودا بها لفظها وذلك ينافي الإنشاء كما لا يخفى فالأولى أن لا يقول قال الله تعالى ولشيخ مشايخنا العلامة إسماعيل الجراحي شارح البخاري في رسالة في هذه المسألة لا يحضرني الآن ما قاله فيها فراجعها " .
    فرّق العلماء بين التلاوة وبين الاستشهاد بالقرآن أثناء الخطبة أو الكلام ، فتشرع الاستعاذة قبل التلاوة ، أما عند الاستشهاد وقول القائل " قال الله تعالى " فلا تشرع الاستعاذة قبل ذكر الآية ، ويدل عليه الأدلة التي ذكرها السيوطي .
    قال في التحرير والتنوير (13/ 224): " وعلى الأقوال كلها فالاستعاذة مشروعة للشروع في القراءة أو لإرادته وليست مشروعة عند كل تلفظ بألفاظ القرآن كالنطق بآية أو آيات من القرآن في التعليم أو الموعظة أو شبههما، خلافا لما يفعله بعض المتحذقين إذا ساق آية من القرآن في غير مقام القراءة أن يقول كقوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسوق آية " .
    أرشيف ملتقى أهل التفسير 4 (ص: 3059): " جاء في كتاب المقدمات الأساسية لعلوم القرآن لعبدالله الجديع : ( وهي [ أي الاستعاذة ] مستحبة لكل قارئ ، قرأ وحده ، أو قرأ في جماعة ؛ ولكنها لا تستحب للآية أو الآيات في ثنايا الخطب والمواعظ وأجوبة فتاوي الناس ؛ فإن السنن قد استفاضت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر الاستعاذة عند الاستدلال أو اللإستشهاد بآية من القرآن ، وهذا خلاف ما يفعله بعض الوعاظ اليوم " انتهى .
    وفي شرح سنن أبي داود ـ لعبد المحسن العباد (6/ 365): " السؤال: هل يصح أن يقول الخطيب في الخطبة: (قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ثم يذكر الآية التي يريدها؟ الجواب: هذا غير جيد، وكذلك كونه يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) إذا قال: (قال الله تعالى) فلا حاجة إلى ذلك؛ لأنه يستشهد وليس قارئاً " .
    وجدت رسالة بعنوان " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، معان وفوائد وأحكام " تأليف : إسلام منصور عبد الحميد ، في أرشيف ملتقى أهل التفسير 7 (ص: 1144) . وقد نبه في نهايته على هذا الخطأ . كما ذكر ابن عابدين في حاشيته رسالة أخرى تقدم ذكرها .
    كنت أظن المسألة - الاستعاذة عند الاستشهاد أو أثناء الكلام - محلها كتب التجويد لكن لم أجد لها ذكرا عند المتقدمين ، وإنما ذكروا أن الاستعاذة قبل القراءة إجماعاً كما في النشر ، والله أعلم .
    والحمد لله رب العالمين .

    ([1])تاج العروس (9/ 458) " والقُذَاذة، بالضمّ: مَا قُطِعَ من أَطْرَافِ الذَّهَب وغيرِه) ، والجُذَاذَة: مَا قُطِع من أَطرافِ الفِضَّةِ " . المعجم الوسيط (2/ 721) " (القذاذة) من كل شَيْء مَا قذ مِنْهُ وَسقط كالريش وأطراف الذَّهَب وَالْفِضَّة وَغير ذَلِك (ج) قذاذات " .

    ([2]) قال في كشف الظنون (2/ 1316) : " ذكرها - أي السيوطي - في ( حاويه ) تماما وفي ( فهرس مؤلفاته ) في فن الفقه " .

    ([3]) في الفتاوى : " جائزة " .

    ([4]) سورة آل عمران 3/92

    ([5])صحيح البخاري (1461) ، صحيح مسلم (998) .

    ([6])كشف الأستار عن زوائد البزار (2194) . المستدرك للحاكم (6375) . قال في مجمع الزوائد (6/ 326) : " رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ " . قال في " تنبيه الهاجد " (1/ 571) : " وردت هذه القصة من غير وجه عن ابن عمر . فأخرج أبو نعيم فى " الحلية " ( 1 / 295 ) ... ثم رأيته فى " الزهد " ( ص193 -194 ) لأحمد .....و أخرج ابن سعيد فى " الطبقات " ( 4 / 167 ) ... و أخرج أبو داود فى " الزهد .." انتهى بتصرف .


    ([7]) لم أجده .

    ([8])رواه الترمذي (812) وقال : " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي إسناده مقال و هلال بن عبد الله مجهول و الحارث يضعف في الحديث ". وذكر الحافظ في التلخيص الحبير نحوه وقال ( 2 / 222 ) : " ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال العقيلي والدارقطني لا يصح فيه شيء قلت وله طرق أحدها أخرجه سعيد بن منصور في السنن وأحمد وأبو يعلى والبيهقي ... " ثم قال : " قلت وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل بن سابط علم أن لهذا الحديث أصلا ومحمله على من استحل الترك وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع والله أعلم " .

    ([9])تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل - مخرجا (3902) قال : " ذَكَرَهُ أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، رَفَعَ الْحَدِيثَ " .
    والأثر المقطوع - أي كلام الربيع - قابل للتحسين عند بعض العلماء لكن المرفوع مرسل وهو من أقسام الضعيف على الراجح ، والله أعلم .

    ([10])تفسير ابن أبي حاتم - محققا (3920) : " حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْراً، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ:

    ([11])السنن الكبرى للبيهقي (20408)، الأحاديث المختارة للضياء (1546) . وفي إسناده أزهر بن راشد ، ذكر ابن حجر في التقريب عن البصري أنه مجهول ، وعن الكاهلي أنه ضعيف . لكن قال في تهذيب التهذيب (1/ 201) : " أخشى أن يكونا واحدا لكن فرق بينهما ابن معين " انتهى . قلت : وعلى كلٍّ فالسند ضعيف.

    ([12]) في الفتاوى زيادة " وابن مردويه " .

    ([13])مسند أحمد ط الرسالة (7002)، سنن أبي داود (1113) قال محققو مسند أحمد ط الرسالة (11/ 581) " ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/219 عن مسدد وأبي كامل، وابن خزيمة (1813) عن محمد بن عبد الله بن بزيع، وابنُ أبي حاتم -فيما نقله ابن كثير في "التفسير" [الأنعام: 160]- من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، أربعتهم عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وقد سقط من مطبوع ابن خزيمة: "حدثنا يزيد"، واستدركناه من "إتحاف المهرة" 3/ورقة 287. وأخرجه مختصراً ابنُ عدي 4/1566 من طريق عبد الله بن بزيع، عن سعيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، به. وقال: عبد الله بن بزيع ليس هو عندي ممن يحتج به. وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" 3/64 إلى ابن مردويه. وانظر (6701) .وله شاهد ضعيف من حديث علي سلف برقم (719) " انتهى . وحسنه محققو المسند والألباني في صحيح أبي داود .

    ([14]) في الفتاوى زيادة : " فاستعذ) إنما هي عند قراءة القرآن "

    ([15]) في الفتاوى زيادة : " قال الله تعالى " .

    ([16]) ليست في الفتاوى .

    ([17]) في الفتاوى : " الله " .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي رد: القذاذة للسيوطي ( حكم قول " بعد أعوذ بالله " )

    جزاك الله خيرًا.
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    32

    افتراضي

    أحسن الله إليكم، جهد مشكور

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •