الوطءُ والنفقةُ واجبتانِ على الرجلِ في أصحِّ أقوال العلماءِ - عليهم رحمةُ اللهِ أجمعينَ -، واختارُ شيخُ الإسلام ابنُ تيميّةَ - رحمه اللهُ - أنَّ الوطءَ أعظمُ من الإطعامِ والنفقةِ، كما نصَّ على ذلك في مجموعِ الفتاوى 32/271، ومن العلماءِ من يرى أنَّ الوطءَ حقُّ الزوجِ، ومنهم من يرى أنّهُ ليسَ بواجبٍ، إلا إن تركهُ إضراراً بالمرأةِ، والصوابُ - والعلمُ عندَ اللهِ - وجوبهُ، ومن ثمَّ اختلفوا في مدتهِ، فقيل مرّةً واحدةً، والباقي من حسن المعاشرةِ، وقيل مرّةً كلَّ أربعةِ أشهر.
واختارُ شيخُ الإسلام ابن تيميّةَ - رحمهُ اللهُ - أنَّ الوطءَ واجبٌ على الزوجِ بالمعروفِ، وعليه أن يسدَّ حاجةَ زوجهِ فيها، ويكون ذلك يحسب قدرته أيضاً، فلها هي ما يسدُّ حاجتها ويقضي نهمتها، وعليه هو ما لا يشغلهُ عن أموره أو يُنهك بدنهُ.
وعليهِ فإن قلنا بوجوبِ الوطءِ صارَ الوطءُ حقاً مُشتركاً بين الزوجين، فلها أن تُطالبَ بهِ شرعاً، فعلى الزوجِ أن يأخذها معهُ ليتحقّقَ لها الحقُّ الشرعيُّ، أو يثبتُ لها حقُّ الفسخِ، وقد وقع في سنن البيهقي أنَّ عمرَ بنَ الخطّابِ - رضي الله عنهُ - كتبَ إلى أمراءِ الأجنادِ في رجالٍ غابوا عن نسائهم: " أن يأخذوهم بأن يُنفقوا أو يُطلّقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقةِ ما حبسوا" ، وهذا وإن كان في النفقةِ فإن الوطءَ يلحقهُ بجامع كون كلٍّ من الواجباتِ على الزوج.
وعلى ما سبقَ: فإنَّ لها الحقَّ بمطالبتهِ بحقّها الشرعيِّ نفقةً ووطءً إن كانَ سوف يغيبُ مدّةً تزيدُ عن المقررةِ شرعاً - سواءً قلنا أنها أربعة أشهرٍ أو أنها بحسب حاجتها إليه -، وعليه أن يأخذها معهُ في سفرهِ إن كان سوف يغيبُ غيبةً يؤدي طولها إلى الإضرارِ بالمرأةِ في حرمانها من حقّها الشرعيِّ، ويأثمُ بتفريطهِ في ذلكَ، فإن لم يمكنه ذلك لضيق ذاتِ اليدِ فالزوجةُ بالخيارِ في الصبرِ أو المُطالبةِ بفسخِ النكاحِ، والأولى هو الصبرُ، مالم يصل الأمر إلى الحرام لعدم القدرةِ على الصبرِ ولقوّةِ الحاجةِ إلى المعاشرةِ.
*
---------------
* الكاتب : فتى الأدغال - وفقه الله -.
الموضوع : زوج سافر للخارج للعمل فهل لزوجته مطالبته بحقها الشرعي؟ وهل له منعها من السفر معه؟
المجلس : مجلس الفقه وأصوله.