جاء في كتاب (فصول في الثقافة والأدب) للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله هذه القصيدة الرائعة والتي جعلها بعنوان ( صوت من وراء القرون) ص 255 وما بعدها :
صوت من وراء القرون
.............................. ............................ نشرت عام 1955
قال لقيط بن يعمر الإيّادي ينذر قومه غزو كسرى إيّاهم (وكان كاتبا في ديوانه) وكأنّ هذه القصيدة صوت من وراء الغيب قطع إلينا ثلاثة عشر قرنا لينذرنا خطر إسرائيل
أبلغ إيادا وخلّل في سراتهم
................... إنّي ارى الرأي - إن لم أعص - قد نصعا
يا لهف نفسي إن كانت أموركم
................... شتى وأبرم أمر النّاس فاجتمعا
في كلّ يوم تخافون قوما - لا أبا لكم -
................... أمسوا إليكم كأمثال الدّبا سرعا
في كلّ يوم يسنّون الحراب لكم
................... لا يهجعون إذا ما غافل هجعا
ما لي أراكم نياما في بلهنية
................... وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
فاقنوا جيادكم واحموا ذماركم
................... واستشعروا الصبر لا تستشعروا الجزعا
أذكروا العيون وراء الشرع واحترسوا
................... حتى ترى الخيل من تعدائها رجعا
لا تثمروا المال للأعداء إنهم
................... إن يظهروا يحتووكم والتلاد معا
هيهات لا مال من زرع ولا إبل
................... يرجى لغابركم إن أنفكم جدعا
ماذا يراد عليكم عزّ أوّلكم
................... إن ضاع آخركم أو ذلّ واتّضعا ؟
يا قوم لا تأمنوا إن كنتم غيرا
................... على نسائكم كسرى وما جمعا
هو الجلاء الذي تبقى مذلّته
................... إن طار طائركم يوما وإن وقعا
هو الفناء الذي يجتث أوصلكم
................... فمن يرى رأيا مثل ذا رأيا ومن سمعا
قوموا قياما على أمشاط أرجلكم
................... ثمّ افزعوا قد ينال الأمن من فزعا
وقلّدوا أمركم - لله درّكم -
................... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده
................... ولا عض مكروه به خشعا
لا يطعم النّوم إلاّ ريث يبعثه
................... همّ يكاد حشاه يقطع الضّلعا
مسهّد النوم تعنيه أموركم
................... يروم منها إلى الأعداء مطّلعا
وليس يشغله مال يثمّره
................... عنكم ولا ولد يبغي له الرّفعا
لقد بذلت لكم نصحى بلا دخل
................... فاستيقظوا إنّ خير العلم ما نفع
هذا كتابي إليكم والنذير لكم
................... لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا
.............................. .........
في (الشعر والشعراء) لابن قتيبة أن اسمه لقيط بن معمر وفي القصّة فيه بعض اختلاف لا يضرّ فالعبرة ظاهرة فيها في كلّ حال وفي (الأغاني) أن لقيطا لمّا أرسل إلى قومه ينذرهم غزو كسرى جعل عنوان الكتاب :
كتاب في الصّحيفة من لقيط ... إلى من بالجزيرة من إيّاد
بأنّ الايث كسرى قد أتاكم ... فلا يشغلكم سوق النقاد
والنقاد هي صغار الغنم (جمع نقد) أراد : لا تشتغلوا بالمال عن الإستعداد للعدوّ قال صاحب (الأغاني) : وبعث كسرى جيشا فيه أربعة آلاف حتى لقيهم وهم غافلون لم يلتفتوا إلى تحذير لقيط فاقتتل الطرفان قتالا شديدا فظفر جيش كسرى بهم وهزمهم (انظر للتفصيل) الأغاني 22/393-398 (مجاهد) /ومجاهد هو مأمون ديرانية حفيد الشيخ علي رحمه الله