المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الرحمن بنت مصطفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته,,
- ما هو الخط الأحمر الذي لا يجب على الأهل تعديه مع أولادهم بعد الزواج فكثيرون منهم يستمروا في معاملة أبنائهم على أنهم أطفال ويصروا على التدخل في حياتهم وقراراتهم حتى بعد أن يتزوجوا
وأحيانا يكون أحد الزوجين هو السبب في تدخل الآباء
لا تستطيع الفتاة وضع خط أحمر لوالديها أو لأهل زوجها؛ لأن وضع الخطوط الحمراء إنما يكون لمن هو في منزلتها وليس لمن وجب عليها خفض الجناح له ومن أُمرت بالطاعة التامة, إلا في المعصية كالوالدين.
ويختلف الحديث باختلاف من نخاطب؛ فعند مخاطبة الوالدة أو الوالد, نحاول توضيح الصورة لهم باللين ونعظهم بالحسنى ونُبين لهم أن الطفل أو الطفلة قد شق الشرنقة التي حبس فيها وخرج كالفراش الجميل بعد أن قوي جناحه واشتد عوده, فلتكن حمايتكِ أيتها الأم مجرد إشارات لطيفة وملاحظات خفيفة غير إلزامية أو قهرية, فلا يخفى عليكِ أن ابنتكِ أو ابنكِ قد غادر العش بعد أن نهل من عذب نصائحكِ وجميل توجيهكِ ما أهلَّه الآن ليواجه الحياة ويعتمد على نفسه ويحيا حياته بالكيفية التي يشاء, فقد أممدتِه بنصائح وعلمتِه كيف يعتمد على نفسه بما يكفيكِ الآن للراحة واستشعار الهدوء والبعد عن المشكلات.
لا مانع من تدخلكِ بشكل متقطع ولطيف
لا مانع من بعض النصائح التي لن يستغني عنها أبنائكِ
لا مانع من متابعتهم وملاحظتهم بعين العطف وقلب الحب, لكن تذكري أن الكثير من الأمور قد نفعلها بحسن نيّة ثم لا نحصل إلا على نتائج عكسية, والسبب أننا نسيء من حيث نرى أننا نُحسن ونُفسد من حيث نعتقد الإصلاح.. فتفهمي الموقف وأغدقي عليهمم بحنانكِ دون محاصرتهم به..
- كيف يجب أن يكون تعامل الزوجين مع أبائهم إن زاد تدخلهم في حياتهم بما ترتب عليه بعض المفاسد
الحديث عام؛ مما يُصعّب الإحاطة بالأمر!
لكن تختلف المفاسد باختلاف شدة التدخل, والكثير منها يكون محتمل, لكن قلة صبر الأبناء وعطشهم للتحرر يحول دون استيعاب الصورة على نحو صحيح؛ بعض الأبناء يتبرم إن سألت والدته عن حدوث حمل, والأمر أيسر مما يظن؛ فلا تسعد الأم بعد زواج ابنها أو ابنتها إلا كما تسعد بخبر قدوم الأحفاد!
فلا ينبغي تضخيم الأمور وتهويل المواقف العادية وتحويلها إلا مشكلات كبيرة تحتاج لحلول, والأم بقلبها الكبير وعاطفتها الجياشة لا تدرك, بل لا يخطر لها ببال أن مثل تلك الأسئلة تولد شعورًا بالضيق لدى أعز الناس على قلبها, وليتذكر الابن والابنة أن كثيرًا من الأمور تنعكس صورتها بما يدعو للدهشة متى ما قلبنا المنظار وشاهدنا بعين من يخالفنا, فكيف لو شعرنا بقلبه؟!
إن زاد التدخل عن الحد المعقول, فلن يعجز شباب في عمر الأبناء - غالبًا - عن احتواء المشكلة وتسيير الأمور في الجهة الأقل شدة, فانفصاله في المسكن مع استمراره في التودد إليهم, وكثرة الاتصال عليهم, وسؤالهم عن أحوالهم, وحجب بعض ما يريد حجبه عنهم بلطف قد يحل الكثير من أثر المشكلة, ومن أكثر ما يؤلمني أن تخلط الفتاة أو الشاب بين أمر تدخل الأهل وبين حقهم في البر, وهذا مما يزيد المشكلة صعوبة والموقف تأزمًا, فشعور الوالدة بأن حقها في البر يضيع يجعلها تتمسك أكثر بالتدخل كنوع من استعادة الحق المسلوب, أما وأن أشبعناها عاطفيًا ونفسيًا واجتماعيًا, فقد يترسخ لديها شعور طيب وجميل يقلل رغبتها في التدخل بشكل يدهش الأبناء, لكن الكثير منهم يتسرعون ويُفضلون السير في الطريق الأقصر ولو كان أعسر.
- كيف يجب ان تكون الزوجة الصالحة مع أهلها من حيث البر وعدم التقصير مع الزوج أو اضاعة حقوقه
لن تشعر الزوجة بصعوبة الموقف إلا عند تعارض الحقين, ولن أناقش الأمر من الناحية الشرعية, ولكن قلَّ أن تعجز الزوجة عن بر أهلها دون التقصير في حق زوجها, إلا أن تبالغ في برهم بما يوغر صدره ويُشعره بالضيق من تصرفاتها, والزوجة العاقلة الحكيمة توازن بين الحقوق بما تراه مناسبًا؛ فلتحرص على نقل كل كلمة طيّبة للأهل عن الزوج؛ كقولها مثلا: مازالت أمي توصيني بك, ذكرتني أمي اليوم بطاعتكِ والاهتمام بأمرك, وهكذا, ولتحمل زوجها على بره بأهله حتى لا يحمله برها بأهلها على النفور منهم, والأمر شرحه يطول.
- كيف يجب أن تكون الزوجة الصالحة مع أهل زوجها سواء كانوا طيبين أو ممن يتربصون بزوجة الابن ويكيدون لها المشاكل
لن تواجه الزوجة مشكلة إن كانوا من أهل الخير والصلاح, وأما من ابتليتْ بأهل زوج لا يتقون الله ولا يراعون لها حقًا ولا حرمة, فعليها إحسان الظن مع تجنب السذاجة؛ فهذه الوالدة التي تكيل لها وتغار منها ما هي إلا امرأة فنيتْ زهرة شبابها وانقضى عمرها, وترى أن من ربته وسهرتْ على راحته وبذلتْ من نفسها لأجله قد فارقها إلى عش جديد وصار يخفق قلبه بحب زوجة شابة صغيرة تتمتع بكل ما كانت تتمتع به..
بكل تأكيد لا أوافق والدة الزوج على تلك النظرة القاصرة, لكن أنصح الزوجة فقط أن تضع في عقلها هذا التصور مضيفة له أن والدة زوجها - وهي أكثر من يصنع المشكلات - تمر بمرحلة عمرية حساسة وخطيرة, تطرأ عليها من التغيرات الفسيولوجية والنفسية ما يجعلها في حالة يرثى لها, بيد أنها لا تفصح عن شيء من مكنون نفسها ولا تبوح لأحد بما يجول في قلبها..
بالفعل هي تعاني, ولا تجد إلا تلك المشكلات تتلهى بها عن حالها تارة وتعيد بها ثقتها إلى نفسها تارة وتحاول استشعار قوتها تارة أخرى, فلو أعطيناها بعض ما تريد دون أن تستدره منّا لاختلفت ردة فعلها ولرأينا منها غير الذي نرى, لكن يصعب على الإنسان أن يضع نفسه في مكان وزمان لم يكن ليوضع فيه إلا بعد سنوات..
أتدرين أني رأيت من النساء في هذا العمر وكأنها طفلة صغيرة تُسعدها دمية لطيفة وتفرحها هدية طفولية جميلة؟ بالفعل تؤثر في نفسها تلك الأمور بقدر لا تتخيله زوجة الابن, فلو أحسنتْ الزوجة استغلال هذا المدخل ولو علمتْ كيف تستعمل هذا المفتاح لدخلتْ إلى قلب تلك المرأة المُسنّة وكسبته بكل سهولة.
- كيف تتصرف الزوجة اذا وضعت في موقف خلاف بين زوجها وأهلها فهي إن اتخذت جانب الحق وبالتأكيد سيكون جانب واحد، فالطرف الآخر سيأخذ موقف منها
وان وقفت في موقف محايد بين الاثنين فربما تتهم بعدم اهتمامها بهم
وغيره كثير من الامور التي تحدث وقليل من لديه الحكمة ليتعامل معها
نعم, قليل من لديه الحكمة ويحسن التعامل مع تلك المواقف.
أولا: الدنيا لا تخلو من ابتلاءات, وعلى كل عاقل أن يوطن نفسه على ذلك, فلا يفزع ولا يهلع عند حدوث كل أمر صغير ولا يتعجل أمره, ففي العجلة النادمة.
ثانيًا: دخل رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه قال: ((بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة)).
فلما جلس الرجل تطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه وانبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت عائشة - رضي الله عنها - يا رسول الله: حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه!, فعلل لها - صلى الله عليه وسلم - ذلك بأن مِن الناس من يتقي المرءُ شرهم ببسط الكلام لهم, أفلا يكون الوالدين - إن كانا على شاكلة ذلك الرجل - أحق بحسن المعاملة من هذا؟
ولا يُعد هذا من النفاق أو تلون الوجوه, وإنما يفعله المرء اتقاء المشاكل وتهدئة الأمور.
فالذي أعني: أن هناك طرف مخطئ وآخر على صواب, ولا مانع من تبيين الحق لصاحب الحق, ولكن لا يكون على حساب إغلاظ القول للطرف الآخر أو الخوض في غيبته, وكل من الزوج والوالدين يستحق خفض الجناح ولين الجانب, وليكن توضيح الحق للمخطئ بأسلوب غير مباشر وفي وقت آخر غير وقت حدوث المشكلة وثورات الغضب.
ثالثًا: قد ورد أن من حالات الكذب المباح الإصلاح بين المتخاصمين, ولست أتعجب قدر تعجبي من امرأة لا تستحضر التورع وخطورة الكذب إلا في حالة كهذه!
ما المانع أن تكذب على زوجها وتخبره أن أهلها يذكرونه بخير؟ وما المانع أن تخبر أهلها بعكس ذلك؟ وقد سمعنا في قصص واقعية كثيرة عن أثر ذلك على النفوس وإزالة شواحن القلوب وسخيمة الصدور وتغيير الموقف على عكس ماكان, ومثل هذا الأمر يحتاج لبعض المهارة والحكمة لئلا تقع الزوجة في مواقف تزيد الأمر سوءً وتُظهر ما لم تكن تسعى لإظهاره.
رابعًا: إن بدا للزوجة أن زوجها وأهلها لا يتفقان في غالب الأحوال, فلتعمل على التقليل من عدد مرات اجتماعهما, وليكن ذلك في المناسبات ولتحرص على ذلك قدر المستطاع على ألا توضح للأهل حقيقة الأمر, وكثير من الزوجات تتعلل بانشغال زوجها وكثرة أعبائه, وتخبرهم أنه يوصل لهم السلام وكان يود لو يراهم وهكذا..
فأرجوا أن لا تحرمونني من تعقيباتكن ومداخلاتكن المثرية